يعاني النظام التعليمي في سوريا من أزمات متراكمة تسببت بها الحرب من جهة، ومن جهة أخرى كان الإهمال الحكومي للنهوض بالقطاع سببا آخر في عدم سير العملية التعليمية داخل البلاد، حتى وصل الأمر لاستخدام الطلاب داخل العاصمة عربات القمامة من أجل الوصول إلى مدارسهم.

وزير التعليم يقترح إلغاء مراحل أساسية

استنكر وزير التربية والتعليم، دارم الطباع، اقتراح إلغاء الصف العاشر وهو المرحلة الأولى من التعليم الثانوي، قائلا في تصريح لـصحيفة “البعث” المحلية، إن مثل هذا الاقتراح يستحيل قبوله لأنه يتعارض مع أصول التربية والتعليم، خاصة وأن التربية تتبع خطة دراسة منهجية معترف بها عالميا. والتسلسل الهرمي للصفوف هو سلسلة متصلة لا يمكن فصلها من مرحلة إلى أخرى.

تم تقديم اقتراح “إلغاء الصف العاشر وحصره بالصفين الثاني والثالث ثانوي لأنه غير مفيد”، خلال اجتماع المجلس المركزي السابع لنقابة المعلمين، أمس الاثنين، من قبل أحد أعضاء المجلس المركزي لنقابة المعلمين بالمحافظات.

ووسط اندهاش الحاضرين، لا سيما أن من قدمه أحد أعضاء المجلس المركزي، استقبل وزير التربية هذا الاقتراح، قائلا “ما رأيك أن نلغي صفوفاً أخرى”.

في سياق متصل، نقلت الصحيفة عن مصدر وصفته بالموثوق داخل نقابة المعلمين، أن اليوم الثاني لاجتماع المجلس سيشهد تصويتا على مقترحات لتحسين المستوى المعيشي للمعلمين. لا سيما من حيث زيادة قيمة الوصفات الطبية وتعديل التأمين الصحي. واقتراح زيادة قرض خزانة التقاعد من 500 ألف إلى مليون ليرة.

للقراءة أو الاستماع: انتهاكات حقوق الأطفال السوريين: هل العنف والحرمان من التعليم صارا الوضع الطبيعي؟

انتقادات لمستوى التعليم

رغم التحذيرات المتكررة من تداعيات تدهور الواقع التعليمي في سوريا، لا سيما خلال السنوات الماضية، لا يبدو أن الحكومة السورية، عازمة على اتخاذ إجراءات من شأنها انتشال التعليم، الذي يرى بعض المختصين أنه وصل إلى القاع مؤخرا.

كانت مناسبة عيد المعلّم في سوريا، توقيتا ملائما لتسليط الضوء على تدني مستوى التعليم السوري. فكتب أستاذ القانون في سوريا عصام التكروري، منشورا عبر صفحته الشخصية بفيسبوك، يصف فيها التعليم في البلاد بـ“البائس“.

في منشوره الذي حمل عنوان: “أعيدونا عشـرة قرون إلى الوراء حتى يستعيد العلم عافيته”. يقول التكروري: “أن تكون معلما، وتتلقى التهنئة في يوم المعلم هو أمر يدخل البهجة إلى القلب. كما ويجعله يعتصر وجعا للحال الذي آل إليه العلم و المُعلمون في بلدنا سوريا والنظام التعليمي“.

وتابع التكروري: “عشر سنوات من التدريس و التدريب أوصلتني إلى قناعة بأن العلم لدينا ـ و تحديدا في مجال العلوم الإنسانية ـ أصبح بائساً لسببين : الأول بسبب البؤس الذي آلت إليه أحوال المعلمين، و الثاني بسبب غياب ـ أو تغييب ـ الفكر النقدي الذي هو أساس تطور العلوم الإنسانية ونهضة مؤسسات الدولة على اختلاف أنواعها و لاسيما الفكرية، مع التأكيد على أنَّ من جرّب كلفة الجهل ـ أي نحن بعد 11 سنة حرب ـ لا يحقّ له أن يستغلي كلفة العِلم”.

وختم حديثه بالقول: “هذان السببان جعلا من الإبداع ظاهرة فردية لا يلبث أصحابها إلا أن يلتحقوا بجامعات أجنبية بحثا عن فضاء فكري رحب ووضع مادي جيد ( التطفيش المنهجي)، أو أنهم يلتحقون بالرفيق الأعلى كمدا”.

للقراءة أو الاستماع: مناهج التعليم في سوريا.. لعبة سياسية بأيدي جهات متعددة

هروب إلى الخارج

قطاع التعليم العالي في سوريا، هو الآخر يشهد تدنيا في المستوى الأكاديمي. فضلا عن الفساد المنتشر في الجامعات الحكومية في سوريا، ما يدفع الطلاب إلى الاتجاه في بعض الأحيان إلى الجامعات الخاصة ذات الرسوم المرتفعة.

كذلك سمحت الحكومة السورية لإيران مؤخرا، بزيادة توغلها في قطاع التعليم السوري، بتوقيع اتفاق بين “المركز الأكاديمي للتربية والثقافة والبحوث” في طهران وجامعة دمشق.

وأعلنت وزارة التعليم العالي السورية مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي، أنه بحضور الوزير بسام إبراهيم، وقع رئيس جامعة دمشق محمد يسار عابدين ومدير “المركز الأكاديمي للتربية والثقافة والبحوث” الإيراني حميد رضا طيبي، اتفاق تعاون لـ“تبادل قاعدة البيانات العلمية والإنجازات البحثية والمشاركة في إنشاء حاضنة للأعمال وحديقة للعلوم والتكنولوجيا في جامعة دمشق“.

وجاء ذلك، بعد نحو شهر من توقيع جامعة دمشق مع جامعة “مالك الأشتر” الإيرانية مذكرة تفاهم. كما تضمنت مجال الأبحاث والدراسات، والنظام التعليمي في سوريا.

وفي سوريا، فروع لست جامعات إيرانية، منها “الفارابي للدراسات العليا” و“الجامعة الإسلامية الحرة الإيرانية” (آزاد). و“كلية المذاهب الإسلامية الإيرانية” في دمشق، و“جامعة تربية مدرس”. و“جامعة المصطفى العالمية” التي تعد أكبر جامعة إيرانية تأسست عام 1972، وافتتح فرعها في سوريا عام 2013. ويضم ثلاث شعب في محافظات حلب واللاذقية ودمشق، علما بأن خمس جامعات إيرانية افتتحت فروعا في سوريا بعد عام 2011.

للقراءة أو الاستماع: التعليم في محافظة حمص: ماذا تبقى بعد عشر سنوات من الحرب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.