وفقًا لمعظم التقارير الدولية، تعد مقاطعة سيستان، وبلوشستان الذي ينشط فيهما “الحرس الثوري” الإيراني من أفقر المناطق وأكثرها حرمانا في إيران. الأمر الذي أثّر على الأطفال هناك خصوصا على مستوى التعليم في المقاطعة، إذ إن نسبة كبيرة من الأطفال في سن المدرسة في سيستان، وبلوشستان ليس لديهم دعم مادي للالتحاق بالفصول الدراسية، وبدلا من ذلك، يتلقون تعليما شفهيا في الهواء الطلق تحت مظلة، إذا كانت هناك شجرة في قريتهم توفر ظلا مناسبا.

ومع ذلك، فحتى هذه الفرصة الضئيلة للتعلم بعيدة عن متناول العديد من الشباب. ينتهي الأمر بالعديد من المتسربين من المدرسة لكسب لقمة العيش لعائلاتهم، الذين يعتمدون عادة على تهريب الوقود، وهو نشاط محفوف بالمخاطر وسوء التنظيم يضعهم في مواجهة مباشرة مع “الحرس الثوري” الإيراني.

أطفال بلا تعليم

يعيش أكثر من 50 بالمئة من سكان سيستان، وبلوشستان ونسبتهم 25 بالمئة من سكان البلاد في القرى. وتفتقر معظم هذه القرى إلى المرافق الأساسية مثل الأنابيب والمياه الصالحة للشرب والكهرباء. وفي ظل هذه الظروف، ليس من المفاجئ أن تكون المدارس بالمعنى التقليدي قليلة ومتباعدة.

قال عبد الله عارف، مدير حملة النشطاء البلوشيين ومقرها لندن، لموقع “إيران واير”، أمس الجمعة، إن “الحكومة الإيرانية ترتكب جريمة كبرى هنا. المعلمون الذين يرسلون من قبلها إلى هذه المناطق يحملون شهادة الثانوية فقط، هؤلاء الأفراد موجودون هناك فقط حتى تتمكن وزارة التعليم المحلية من تقديم تقرير إيجابي”.

وتابع عارف، “وعلى هذا النحو، لا يزال الكثير من الأطفال غير قادرين على القراءة والكتابة، نتلقى الكثير من التقارير من الآباء الذين يقولون إن أطفالهم لا يتعلمون شيئا”.

كما وجد الإحصاء السكاني لعام 2016 أن معدلات الأمية في سيستان، وبلوشستان كانت الأعلى في البلاد، حيث بلغت 18.7 بالمئة للرجال، و29.1 بالمئة للنساء. وذكر عارف، أن الوضع كان أقسى على الفتيات كما هو الحال في المناطق الريفية، حيث لا تسمح العديد من العائلات لبناتها بالذهاب إلى المدرسة في المقام الأول. وبدلا من ذلك، غالبا ما يتم تزويجهم في أعمار مبكرة، مما يعيق آفاقهم المستقبلية.

حرمان متعمد

يوجد داخل بلوشستان الكثير من المنظمات غير الحكومية، والمنظمات الخيرية الأخرى التي ترغب بنشاط في بناء التعليم في المقاطعة، وخاصة للفتيات. لكن بحسب عارف، “عندما يتعلق الأمر بالتعليم، تظهر العديد من الذرائع أماهم، لإن الحكومة لها هدف هو الحفاظ على معدلات بسيطة في القراءة والكتابة للأطفال في هذه المقاطعة”.

ويشير عارف، إلى أن الوظائف الحساسة في حكومة المقاطعة وحكومات المدن، وأماكن أخرى لا تُمنح أبدا لمواطني سيستان وبلوشستان. مضيفا “في الواقع، لم يمنحوا هذه الوظائف إلا للأشخاص المرتبطين بالفعل بالنظام”.

كما حاول مشاهير إيرانيون في الرياضة والفنون التدخل، إلا أن النظام الإيراني روج على مدى 40 عام، أن المقاطعة مكان غير آمن يُقتل فيه الناس ويقتَلون.

مواجهة مع “الحرس الثوري”

ظاهرة عمالة الأطفال المنتشرة في سيستان، وبلوشستان لها عدد من الأسباب، ووفقا لمدير حملة النشطاء البلوشيين، فإن المشكلة الأكبر هي الفقر. فبحسب الإحصاءات الرسمية فإن المحافظة لديها أعلى معدل فقر في إيران. وبحسب النائب عن عاصمة المقاطعة، يعيش أكثر من 60 بالمئة تحت خط الفقر.

في كل عام يقتل المئات من مهربي الوقود، وعندما يموت أولياء أمور الأسر، يتعين على الأطفال الذهاب إلى العمل. يعمل البعض في المزارع وتربية الحيوانات، ولا يتم احتسابهم ضمن الأرقام الرسمية حول عمالة الأطفال.

وطبقا لحديث عارف، فإن لدى “الحرس الثوري” مستودعات وأرصفة في بلوشستان، يستخدمونها لتهريب الوقود من إيران. مبينا أنهم يستغلون شعب بلوشستان لتجاوز العقوبات. وفي الوقت نفسه، يقتلون البلوش، الذين يهربون الوقود، بينما هم أنفسهم ينقلون صهاريج الوقود عبر الحدود.

الجدير ذكره، أنه على الصعيد الداخلي فالأوضاع السياسية متأزمة في ظل حراك شعبي رافض لسياسة طهران الداخلية، لاسيما وأن الأوضاع الاقتصادية تزداد تدهورا بمقابل عجز حكومي واضح عن مواجهة تراجع قيمة العملة الإيرانية، وازدياد التضخم وارتفاع الأسعار في مختلف السلع والخدمات.

لم يشعر الشارع الإيراني، الذي يشكل الاقتصاد أولويته الأساسية على خلفية الأزمة الاقتصادية منذ سنوات بسبب العقوبات الأميركية المشددة بعد الممارسات السلبية من قبل طهران إزاء البرنامج النووي، بأن أي تحسن قد طرأ على وضعه المعيشي خلال العام الأخير. بل زاد الأمر سوءا مع ارتفاع متزايد للأسعار ونسب التضخم، رغم الوعود التي أطلقها الرئيس الإيراني خلال حملته الانتخابية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة