رسالة سياسية نارية وجّهها مقتدى الصدر في تغريدة على “تويتر” عبر وزيره صالح محمد العراقي، اليوم الأربعاء، إلى “الإطار التنسيقي” وإيران، فما الذي جاء بها؟

في الرسالة، قال صالح العراقي التالي: “لم استغرب ولا طرفة عين من مواقف (الإطار التنسيقي الوقح) ولا من (ميليشياته الوقحة) حينما يعلنون وبكل وقاحة متحدين الشعب برمته وبمرجعيته وطوائفه، بأنهم ماضون بعقد البرلمان لتشكيل (حكومتهم الوقحة) وما زال دم (المعدومين) غدرا من المتظاهرين السلميين وبطلقات ميليشياتهم القذرة لم يجف، وكأن المقتول إهابي أو صهيوني ولا يمت إلى (المذهب) بصلة أو إلى (الوطن) بصلة”.

وزير الصدر أردف، أن تلك وقاحة ما بعدها وقاحة، “فلا دين لهم ولا أخلاق ولا يتحلون بقليل من (شرف الخصومة) فيا له من (ثالوث وقح) لا يعرف معنى الإصلاح ولا الثورة ولا السلمية ولا معاناة الناس على الإطلاق”.

“تلك ثلة عشقت الفساد والمال والرذيلة وتغذت عليها كالدابة التي تغذت على العذرة، فما عادت صالحة حتى للأكل، عشِقت الفساد الذي تتغذى وتنمو قوتها منه، ولم تحاول ولو لمرة واحدة كشف ملف فساد واحد وكأنهم معصومون”.

اقرأ/ي أيضا: الأزمة السياسية العراقية.. البداية من البرلمان والنهاية بالقصر الجمهوري

وزاد وزير الصدر من حدة رسالته تجاه “الإطار” الموالي لإيران بقوله: “إنهم لا يعشقون الفساد فحسب، بل يبغضون الإصلاح والمصلحين ويرقصون على (شهدائهم) مرة وعلى (انسحابهم) من البرلمان مرة ومن المظاهرات مرة أخرى، وكأن الشهداء والمنسحبين من جنسية ليست عراقية، ومن أقلية لا تملك الملايين من المحبين والمنتمين في هذا الوطن. إنها الوقاحة يا سادة”.

“عدوكم الأول”

وزير الصد أوضح، أنه “راع الوجود.. وجودهم في السلطة والطغمة الفاسدة المقيتة التي حانت بشائر زوالها، ولتعلموا إنني لم ولن آتردد في كتابة هذه المقالة، فإنها وإن كانت شديدة أو يعتبرها البعض خارجة عن سياقات السياسة، إلا أنها الحقيقة المرة التي يجب أن ينطق بها الناطقون ويلهج بها اللاهجون، وإلا كان الساكت شيطانا أخرس لا يحب الوطن”.

وتابع وزير الصدر: “من هنا إذا لم يعلنوا الحداد، فليعتبروني والتيار من اليوم عدوهم الأول بكل السبل المتاحة وبعيدا عن العنف والاغتيالات التي قرر الفاسدون أن يصفوا خصومهم بها”.

واختتم وزير الصدر، صالح العراقي رسالته بتوجيهه نداء إلى إيران، بقوله: “وهذا ندائي للجارة إيران.. أن تكبح جماح بعيرها في العراق وألا فلات حين مندم”، على حد تعبيره.

تأتي رسالة وزير الصدر الحادة، بعد أن قرر “الإطار” الإسراع في تشكيل حكومة جديدة عقب انتهاء تظاهرات واعتصام “التيار الصدري” في المنطقة الخضراء، وما زاد من حدة الرسالة، هو اكتشاف جثث 7 متظاهرين صدريين جرى إعدامهم جماعيا قرب القصر الجمهوري، واتهم صالح العراقي ميليشيات “الإطار” بتلك الجريمة.

وشهدت بغداد أول أمس الاثنين، ومعها محافظات الجنوب العراقي تصعيدا صدريا على إثر إعلان الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحامهم لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

أعدام جماعي

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل الاثنين، وحتى ظهر الثلاثاء، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

يجدر بالذكر، أن الأزمة السياسية العراقية، اشتدّت في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

إخفاق مشروع الصدر

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

اقرأ/ي أيضا: الانهيار التدريجي للنظام السياسي في العراق؟

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.