لا شك، أن الكل متوجس وقلق من التصعيد الأخير لزعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، عبر اعتصام أنصاره الوقتي أمام السلطة القضائية في العراق، ورد الأخيرة بتعليق عمل القضاء والمحاكم، ومما ستؤول إليه الأمور التي لا أحد يمكنه التكهن بها.

الخوف كل الخوف لدى القوى السياسية هو من انهيار النظام السياسي الحالي، وهو ما تنبأ به السفير الأميركي الأسبق لدى سوريا، روبرت فورد، الذي كان يعمل سابقا في سفارة واشنطن لدى بغداد، بقوله إن ما يحدث في العراق، ملامح لنهاية هذا النظام.

اليوم، وبعد اعتصام أنصار الصدر الوقتي أمام “مجلس القضاء الأعلى” واعتصامهم المستمر منذ 3 أسابيع أمام البرلمان العراقي، بات العراق بلا سلطة قضائية ولا تشريعية، إضافة إلى حكومة منتهية الصلاحية، فالقضاء معطل والبرلمان معطل، والحكومة هي حكومة تصريف أعمال لا غير.

أمام هذا الوضع، وإصرار الصدر على عدم التراجع لحين تحقيق مطلبه بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، وعناد خصمه “الإطار” الموالي لإيران وطموحه بتشكيل حكومة انتقالية تدير عملية الانتخابات الجديدة، ومع استمرار الأزمة السياسية، لا سؤال غير الآتي: كيف سيكون المشهد المقبل؟

يقول الباحث السياسي، هيثم الهيتي، إن النظام السياسي العراقي قائم على أساس قضائي وتشريعي وتنفيذي، وتعطل عمل السلطتين القضائية والتشريعية، يعني انهيار جزء رئيسي من النظام السياسي العراقي.

الحل النهائي

الهيتي يضيف لـ “الحل نت”، أن المشكلة الحالية كبيرة ولا يمكن حلها بانتصار لطرف ما وخسارة طرف آخر؛ لأن “الإطار” مدعوم من إيران بشكل كبير، ومقتدى الصدر يملك كتلة جماهيرية كبيرة، بالتالي فإن الطرفين أقوياء.

وبحسب الأكاديمي العراقي، فإن المشهد يشير إلى انهيار تدريجي في النظام السياسي الحالي، لكن لحظة الانهيار الكلي ستطول؛ لأن الصراع بين الصدر و”الإطار” سيستمر لفترة طويلة، على حد تعبيره.

ويعتقد الهيتي، أن المشهد المقبل سيكون عبر تأجيل الانهيار بوساطة الاتفاق على إبقاء حكومة الكاظمي الحالية ومنحها الإشراف على إجراء انتخابات مبكرة جديدة، كمخرج لمنع الصدام بين “التيار” و”الإطار”، لكن ذلك لن يكون حلا نهائيا.

الحل النهائي، على حد قول الهيتي، سيكمن بانهيار النظام السياسي الحالي الذي بدأ انهياره التدريجي منذ “انتفاضة تشرين”، ولحظة الانهيار الحاسمة ستكون بخروج أغلبية الشارع العراقي ضد هذه الطبقة السياسية، وبدعم دولي وإقليمي.

واشتدّت الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

انسداد مستمر

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

أصر “إنقاذ وطن”، بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حجومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا”، التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية، البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.