أعلنت وكالة الفضاء الاتحادية الروسية “روسكوزموس”، أن التاسع من شهر آب/أغسطس الجاري هو موعد إطلاق القمر الصناعي، الذي أطلق عليه اسم “الخيام” نسبة إلى عالم رياضيات فارسي يعود إلى القرن الثاني عشر، تنفيذا لاتفاق تم التفاوض عليه مع إيران على مدار ما يقارب من أربعة أعوام. ووافقت روسيا على بناء وإطلاق نظام Kanopus-V الذي سيشمل كاميرات عالية الدقة من شأنها منح طهران قدرات غير مسبوقة، بما في ذلك المراقبة شبه المستمرة للمنشآت الهامة في إسرائيل والخليج العربي.

يمكن لمركبة الاستشعار عن بعد هذه أن تمنح طهران كفاءات غير مسبوقة، إلا أن إيران قد تضطر إلى انتظار دورها. فالقمر الصناعي الجديد الذي تستعد روسيا لإطلاقه الأسبوع المقبل نيابة عن إيران سوف يعزز قدرة طهران بشكل كبير على التجسس على أهداف عسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. لكن موسكو تعتزم استخدام المركبة الفضائية لتعزيز جهودها الحربية في أوكرانيا أولا، بحسب مسؤولين غربيين مطلعين على الأمر.

إلا أن إيران قد لا تكون قادرة على السيطرة على القمر الصناعي في الوقت الحالي. فقد أخبرت روسيا، التي كافحت من أجل تحقيق أهدافها العسكرية في هجومها المستمر على أوكرانيا منذ خمسة أشهر، طهران بأنها تخطط لاستخدام القمر الصناعي لأشهر أو أكثر، من أجل تعزيز مراقبتها للأهداف العسكرية في ذلك الصراع، بحسب ما صرح به مسؤولان طلبا عدم الكشف عن هويتيهما نظرا للحساسية المحيطة بجمع المعلومات الاستخباراتية. فيما رفضت السفارة الروسية في واشنطن التعليق.

وتتابع إدارة بايدن عن كثب جهود الأقمار الصناعية الإيرانية، والتي تتقدم بالتوازي مع تطوير إيران لأسطول صواريخ أكثر كفاءة. وقد رفض مسؤولو الإدارة التعليق على الإطلاق الروسي المعلق للقمر الصناعي، أو على نوايا موسكو التي تم ذكرها لاستخدامه كجزء من المراقبة المستمرة لساحة المعركة في أوكرانيا.

وتأتي هذه التطورات مع استئناف المحادثات في العاصمة النمساوية، فيما وصفه بعض المسؤولون بأنه محاولة أخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني للعام 2015. وتضغط إدارة بايدن على إيران لتعود وتمتثل للاتفاق الذي تخلت عنه طهران بعد انسحاب إدارة ترامب من جانب واحد من الاتفاق في العام 2018.

ويعتبر الإطلاق المنتظر للمركبة أحدث مؤشر للتعاون العسكري والسياسي بين موسكو وطهران، حيث يأتي إعلانها بعد أسبوعين من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران. وكشف مسؤولون أمريكيون الشهر الماضي أن إيران عرضت على روسيا تزويدها بأحدث طائرات الاستطلاع المسيرة.

وسوف يتم إطلاق “الخيام” من محطة “بايكونور” الفضائية في كازاخستان بواسطة صاروخ سويوز الروسي. وأكد بيان روسكوزموس أن “الإطلاق الذي سيتم يوم الثلاثاء سوف يضع أداة الاستشعار عن بعد في المدار بناء على طلب جمهورية إيران”.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست” قد ذكرت العام الماضي أن اتفاق روسيا، الذي تم التفاوض عليه سرا مع مسؤولين من “الحرس الثوري” الإيراني، لبناء وإطلاق قمر صناعي للاستشعار عن بعد من شأنه منح إيران كفاءات واسعة لإجراء مراقبة لأغراض عسكرية ومدنية. فدقة كاميرا المراقبة الفضائية ستكون 1.2 متر، بحسب مسؤولين أمنيين غربيين. وهذا وإن كان أقل بكثير من الجودة التي حققتها أقمار التجسس الصناعية الأمريكية، أو مزودي صور الأقمار الصناعية التجارية المتطورة، إلا أنه يشكل تحسنا كبيرا مقارنة بقدرات إيران الحالية.

ويقول المسؤولون الغربيون أن الاستفادة الأكثر أهمية التي ستحققها إيران من هذا القمر الصناعي الجديد هو قدرتها على تكليفه بإجراء مراقبة مستمرة على المواقع التي تحددها، بما في ذلك المنشآت العسكرية في إسرائيل ومصافي النفط والبنى التحتية الحيوية الأخرى في دول الخليج المجاورة.

وقوبلت محاولات إيران الخاصة لإطلاق قمر صناعي للاستطلاع العسكري إلى المدار بخيبة أمل، في حين نجحت في العام 2020 بإطلاق قمرا صناعيا عسكريا إلى الفضاء يحمل اسم نور1. وواجهت المركبة الفضائية مشاكل تقنية وسخر منها “البنتاغون” معتبرا إياها “كاميرا ويب بهلوانية”. وفي حزيران/يونيو الماضي، أعلنت إيران عن الإطلاق الثاني الناجح لصاروخ جديد، اسمته “زلجانا(المجنح)”، وتقول أنه صمم لوضع الأقمار الصناعية المستقبلية في المدار.

وأدت إمكانية تحسين قمر صناعي إيراني إلى تفاقم مخاوف جيران إيران وخصومها، وكذلك بين المسؤولين العسكريين والإستخباراتيين في الولايات المتحدة. وبحسب خبراء، فإنه يمكن لإيران مشاركة الصور مع الميليشيات الموالية لإيران في جميع أنحاء المنطقة إلى جانب إجراءات المراقبة العسكرية لغاياتها الخاصة. ومن بين هؤلاء المتمردين الحوثيين، الذين يقاتلون القوات الحكومية المدعومة من السعودية في اليمن، ومقاتلي حزب الله في جنوب لبنان، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا. وقد تم ربط الميليشيات الموالية لإيران بهجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة على القواعد العسكرية العراقية التي تستضيف القوات الأميركية والمدربين العسكريين.

وتخضع إيران للمراقبة المستمرة بكاميرات الأقمار الصناعية الأمريكية والإسرائيلية عالية الدقة منذ فترة طويلة. “من الواضح أن هذا يمثل خطرا واضحا وقائما على الولايات المتحدة وحلفائنا في الشرق الأوسط وفي الخارج”، يقول ريتشارد غولدبرغ، المحلل البارز في مجلس الأمن القومي وهو كذلك كبير مستشاري “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن.

ويختتم غولدبرغ حديثه بالقول: “بينما تسعى إيران إلى تحسين ترسانتها الصاروخية، من الصواريخ القصيرة والمتوسطة إلى بعيدة المدى، إلى جانب قدرتها المتزايدة على الطائرات بدون طيار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فإن القدرة على مزامنة هذه القدرات مع قدرات الأقمار الصناعية والمراقبة لن تؤدي إلا إلى زيادة فتك التهديد الإيراني”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة