كانت تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس الخميس، الشرارة التي أشعلت غضب السوريين في الشمال السوري، بعدما كشف الأخير عن محادثات أجراها مع وزير الخارجية السوري، داعيا للصلح بين المعارضة ودمشق.

مظاهرات شمالي سوريا

العديد من المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة “الجيش الوطني” الموالي لأنقرة، شهدت ليلة الجمعة بحسب مصادر محلية، خروج محتجين رفضا لتصريحات الخارجية التركية، الداعية لتصالح المعارضة مع الحكومة السورية.

وشهدت مدن اعزاز والباب وجرابلس والراعي، خروج مئات الأهالي في مظاهرات، تنديدا بالموقف التركي، كما دعا ناشطون لاستكمال التظاهرات ظهر اليوم الجمعة، كذلك شملت التظاهرات مدينة سلقين في ريف إدلب وتل أبيض في الرقة.

وفي بلدة الراعي، منع المحتجون دورية تركية من المرور بأحد الطرقات الرئيسية، وأشعلوا إطارات، وأغلقوا الطريق بالحجارة، كما ردّدوا شعارات رافضة للتصريحات التركية، وأحرق محتجون آخرون العلم التركي، وشطبوا أسماء بعض المرافق التي تحمل دلالات تركية.

دعوة للصلح؟

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو كشف مساء الخميس، عن إجرائه محادثة “قصيرة”، مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بالعاصمة الصربية بلغراد.

وبحسب ما نقلت وكالة “الأناضول” التركية فإن الوزير التركي، شدد على ضرورة وجوب تحقيق “مصالحة” بين المعارضة وحكومة دمشق في سوريا بطريقة ما، مبينا أنه لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك.

قد يهمك: اتصال يتبعه لقاء.. أردوغان بين أحضان الأسد؟

وعقب الجدل الذي رافق تصريحات وزير الخارجية التركية، عدلت وكالة “الأناضول” كلمة “مصالحة” لتصبح “اتفاق”، وذلك في إطار نقلها لتصريحات الوزير التي أشعلت غضب السوريين.

ناشطون وشخصيات معارضة عبروا عن رفضهم القاطع لدعوة تركيا، بالتصالح مع حكومة دمشق، حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة رفض لأي من أشكال التصالح مع دمشق.

وقال الصحفي السوري عقيل حسين، في منشور عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “اذا كملت بهالطريق بتكون تركيا خسرت كل الشعب السوري، المؤيد والمعارض والعربي والكردي والسني وغير السني، حتى قصة سياسي محنك وداهية وعم يشتغل لمصلحة بلدو ما عادت زابطة”.

بدوره أضاف الناشط المعارض سامر قربي: “لا يوجد جديد في تصريحات تشاويش أوغلو، لأن ما قاله شغال منذ زمن واللجنة الدستوري وهيئة التفاوض هي أكبر مثال، وكلامه لا يعنينا”.

لم يعد من المفاجئ الحديث عن قرب تواصل بين أردوغان والأسد، وذلك في ظل كثرة التقارير التي أشارت إلى الانتقال من مستوى التنسيق الأمني بين الطرفين إلى ما هو أعلى من ذلك بفضل جهود تحركات بعض الدول. لكن المثير للتساؤل هو عن الفائدة التي سيحققها أردوغان من التقارب مع الأسد بعد قطيعة وعداء استمر أكثر من 10 سنوات، شهدت فيها تلك المرحلة توتر كبير وعداء معلن بين الطرفين.  فما الذي يريده أردوغان من الأسد، وكذلك ماذا سيتحقق للأخير من فائدة إذا ما تم هذا الاتصال وتبعه لقاء يجمع الطرفين، قد يكون برعاية خليجية أو أفريقية أو حتى روسية.

اتصال بين أردوغان والأسد

صحيفة “تركيا” التركية، كشفت الثلاثاء الماضي عن حراك من دولة خليجية وأخرى أفريقية، لترتيب لقاء بين أردوغان والأسد. مشيرة إلى أن محادثات طهران وسوتشي دفعتا إلى اتخاذ قرارات مهمة ستنعكس على الملف السوري.

وبحسب ما اطلع عليه “الحل نت” فإن دولة خليجية، بالإضافة إلى دولة إسلامية أفريقية، دون الكشف عن اسمهما، تقومان بتحركات دبلوماسية لترتيب لقاء بين أردوغان والأسد.

الصحفي والمحلل السياسي عقيل حسين يصف هذه المحاولات بالـ “جديّة“، من أجل تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، حيث يعود السبب الرئيسي وراء ذلك وفق حسين إلى ضغط الرأي العام في تركيا.

وقال حسين في حديث سابق لـ“الحل نت“: “الرأي العام التركي يضغط باتجاه عودة العلاقات مع دمشق، فهو يريد بأي شكل إنهاء الانخراط التركي في المشكلة السورية على النحو الذي يجري الآن“.

وأضاف: “يرى كثير من الأتراك أنهم تضرروا بهذا الانخراط ولم يجنوا أي مكاسب، رغم أن الحكومة التركية تقول إن تدخلها لحماية الأمن القومي التركي. بدأ الرأي العام بظل الأزمة الاقتصادية يضغط بهذا الاتجاه، بالتالي أحزاب المعارضة التقطت هذه النقطة وبدأت العمل عليها بشكل كبير، الأمر الذي جعل الحكومة التركية تفكر بأخذ هذه الورقة من المعارضة والاستفادة منها“.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال في تصريحات لمجموعة صحافيين رافقوه، خلال عودته من سوتشي، قبل أيام، إن بوتين أخبره بأن حل الأزمة السورية سيكون أفضل بالتعاون مع دمشق ، وأنه رد بأن جهاز المخابرات التركية يتعامل بالفعل مع هذه القضايا مع المخابرات السورية “لكن بيت القصيد هو الحصول على نتائج“.

وأضاف أردوغان بحسب ما نقلت وسائل إعلام أن “بوتين يحافظ على نهج عادل تجاه تركيا بشأن هذه القضية، ويذكر، على وجه التحديد، أنه سيكون معنا دائماً في الحرب ضد الإرهاب، وأنه ما دامت مخابراتنا تعمل على الأمر مع المخابرات السورية، فإننا نحتاج إلى دعم روسيا، وهناك اتفاقيات وتفاهمات بين البلدين في هذا الصدد“.

اقرأ أيضا: بنود حول سوريا في قمة بوتين-أردوغان.. ما احتمالات تنفيذها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.