مع استمرار ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للسوريين، ازداد هذا العام غياب كميات “المونة” الغذائية، التي اعتاد السوريون تخزينها خلال فصل الصيف، بهدف استهلاكها في الشتاء، لتنخفض النسبة إلى النصف فيما غابت بشكل كلي عن بعض المنازل، حيث وصل سعر الملوخية التي تخزّن عادة في مثل هذه الأوقات إلى 5 آلاف ليرة للكيلو.

الملوخية غائبة

الملوخية التي تعد من أبرز الأكلات الشتوية في سوريا، اعتاد السوريون على تخزينها بكميات جيدة خلال موسم قطافها في الصيف، لكن سعر الكيلو منها لم يكن يتجاوز 75 ليرة سورية، قبل عام 2011، فيما بلغ هذا العام بين 4 إلى 6 آلاف ليرة.

موقع “أثر برس” المحلي، تحدث الأربعاء، عن عزوف معظم السوريين عن شرائها، مع بدء عرضها في الأسواق، بأسعار وصفها تقرير الموقع، أنها “لاذعة على جيوب المستهلكين“.

ونتيجة لانخفاض نسب البيع في الأسواق، لجأ التجار إلى تجفيف الملوخية، لبيعها لاحقا خلال فصل الشتاء، إلا أن أحد الباعة أكد أن تلك العملية ستؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع أسعار المادة أكثر خلال الشتاء، بسبب تكاليف التجفيف والتخزين على التجار.

من جانبه، اعتبر عضو لجنة تجار ومصدّري الخضار والفواكه بدمشق أسامة قزيز، أن سعر الملوخية لا يعتبر مرتفع مقارنة بمواد أخرى، مشيرا إلى أن “موسم الملوخية هذا العام كان جيدا“.

قد يهمك: زيادة مرتقبة على أسعار خدمات المطاعم في سوريا

وأضاف في تصريحات نقلها الموقع المحلي: “هذه المادة غير معدّة للتصدير لأنها لا تحتمل بعد قطفها أكثر من 4 ساعات، وتذبل بعد ذلك، فالبعض من التجار يأخذونها ويعملون على تنظيفها وتيبيسها وتخزينها للشتاء“.

ولفت إلى أن ارتفاع سعرها هذا العام يعود لارتفاع تكاليف الزراعة من أسمدة ومياه ومعقمات وغيرها، إضافة إلى الظروف الجوية التي تتحكم بالمواسم، “فدرجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة تتلف الموسم ما يجعل المزارع مضطرا لإعادة الزراعة مرة أخرى“.

الزيت والمكدوس

بعيدا عن الملوخية، ساهم ارتفاع أسعار مواد المونة، بعزوف السوريين عن فكرة المونة، أو التخزين بكميات قليلة جدا، فالزيت مثلا وصل سعره إلى حدود الـ300 ألف ليرة لصفيحة الـ20 ليترا.

كذلك غلاء المواد المستخدمة في صنع المكدوس كالزيت والجوز والباذنجان، تسبب بخفض العائلات السورية للكمية السنوية إلى النصف أو أكثر.

ياسين صباغ، وهو أب في عائلة مكونة من ستة أفراد، يؤكد أن الكثير من مواد المونة لم تدخل منزله هذا العام، في حين عمد إلى تموين كميات قليلة من الملوخية، والفليفلة، والزيت للاستهلاك الشتوي.

ويقول صباغ في اتصال هاتفي مع “الحل نت“: “إذا أردتُ تموين الكميات المعتادة ربما أحتاج لملايين الليرات، أنا موظف حكومي، وقبل أكثر من 10 سنوات، كنا معتادين على تموين الزيت، والمكدوس والجبنة ودبس البندورة، بكميات تكفينا فصل الشتاء، معظم هذه المواد لم تدخل المنزل هذا الموسم“.

ويضيف: “لا يمكن التفكير بالمونة نهائيا في ظل الظروف الراهنة، حياتنا المعيشية تعتمد الآن على تلبية الاحتياجات يوما بيوم وبأقل التكاليف الممكنة، لا سيما في ظل انعدام الحلول البديلة“.

ويبدو أن ارتفاع الأسعار على هذا النحو، وسط تراجع القوة الشرائية في عموم الأسواق السورية، نتيجة عدم تناسب الرواتب والمداخيل مع الواقع المعيشي في البلاد، يطرح تساؤل عن حصة المونة التي تراجعت إلى حدودها الدنيا خلال السنوات الأخيرة لدى أغلب العائلات السورية، أمّا بسبب ارتفاع أسعار خضار وفواكه المونة أو بسبب ساعات التقنين الكهربائية الطويلة.

ومن جانبها، أكدت صحيفة “الثورة” المحلية، في تقرير سابق، على هذا الكلام إذ قالت: “تكلفة المونة هذا العام تضاعفت عن الأعوام السابقة، بسبب ضعف القدرة الشرائية، وارتفاع الأسعار وكذلك المخاوف من ساعات التقنين الكهربائي خلال أوقات الذروة في فصل الصيف“.

وهكذا يتجنب الكثير من السوريين صنع المونة خلال الموسم الحالي، مثل المكدوس والفاصوليا والبازلاء وغيرها من الخضار، بسبب عدم قدرتهم على شرائها، نظرا لارتفاع الأسعار، ونقص التمويل الذي تسببت به الأزمة الاقتصادية.

قد يهمك: حكومة عاجزة وتجار حائرون..  والراتب لا يكاد يكفي يوم واحد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.