تتواصل الحملات الأردنية ضد المخدرات، في مناطق البادية الشمالية الشرقية على الحدود السورية، للقبض على تجار المخدرات ومروّجيها والخارجين عن القانون. بالتوازي مع تشديد الرقابة على الحدود والمعابر.

وتهدف حملة المخدرات في الداخل الأردني إلى قطع التواصل بين مجموعات التهريب، التي تنشط على جانبي الحدود السورية والأردنية، وتصعيب مهمة عبور المخدرات، مرورا بالأردن، إلى البلدان الخليجية، حيث السوق المستهدفة بالدرجة الأولى.

ومنذ إطلاق الحملات الأردنية ضد المخدرات والأنباء لا تتوقف عن تنفيذ مداهمات، والقبض على أفراد ينتمون لشبكات تهريب المخدرات. وآخرها تأكيد الناطق الاعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردني، أن “إدارة مكافحة المخدرات نفذت عملية جديدة، ضمن عملياتها النوعية المتواصلة للقضاء على تجارة المخدرات، ضبطت خلالها كمية ضخمة من الحبوب ومادة الحشيش المخدرة، في البادية الشمالية”.

وأضاف، أن “محققي الإدارة تتبعوا، وعلى مدار أيام، مجموعة من تجار ومهربي المواد المخدرة، وجمعوا معلومات، بيّنت قيامهم بنقل كميات كبيرة من المواد المخدرة من منطقة الرويشد، باتجاه محافظة المفرق، بعد بدء الحملة الامنية هناك”.

وأكد الناطق الأمني، أن “التحقيقات مكّنت الفريق من تحديد الموقع الذي لاذ إليه المهربون، وبحوزتهم المواد المخدرة، التي حاولوا اخفاءها في إحدى مناطق البادية الشمالية، وجرت مداهمة المكان، وضبط أحد المتورطين هناك”. مشيرا، إلى أنه “بالتفتيش في الموقع، عُثر على 303 كفوف، من مادة الحشيش المخدرة، إضافة الى مئة ألف حبة مخدرة”.

ما حظوظ نجاح الحملات الأردنية ضد المخدرات؟

د. كمال الزغول، الكاتب الأردني والمراقب الدولي السابق لدى الأمم المتحدة، يصف الحملات الأردنية ضد “المخدرات” بـ”القوية”، ويقول لـ”الحل نت”: “هذه الحملة لن تنجح إلا اذا تم منع التجار في الخارج من ايجاد مصدر لمبيعاتهم في الداخل، أو متابعة صفقاتهم لحين خروجها الى بلد ثالث”.

واعتبر أن “الحملة ناجحة بامتياز، وتحتاج إلى دعم إقليمي لمتابعتها، لأن المنطقة بالكامل مرتبطة بالحدود الأردنية السورية الطويلة، ومنع مادة “المخدرات” في الأردن يقلل من حجم الجريمة في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، ويسهم في تماسك النسيج الاجتماعي، ويحد أيضا من مداخيل الإرهاب، إذ تستخدم هذه الأموال لشراء الاسلحة ضد دول المنطقة”.

بدوره، يقول الكاتب والباحث الأردني، حسن أبو هنية، إن “المخاطر التي تشكلها عمليات تهريب المخدرات على الأردن باتت كبيرة، شأنها شأن الجريمة المنظمة والإرهاب، وغيرها من القضايا العابرة للحدود”.

ويضيف، لـ”الحل نت” أن “الحملات الأردنية ضد المخدرات تركز على القضاء على المتعاونين في الداخل مع الشبكات التي تنشط في الجنوب السوري”، مبينا، أن “الأردن لم ُينظر له تاريخياً على أنه من بين الدول التي تشكل ممرا للمخدرات، لكن الآن الوضع اختلف، وتعدّى ذلك إلى وجود مقرات لإنتاج الحبوب المخدرة على أراضيه، وتشكّل طبقة من تجار مخدرات”.

وحسب أبو هنية، فإن” كل ذلك دفع الأردن إلى التحرك العاجل عند الحدود، وفي الداخل ضد شبكات التهريب”، مؤكدا أن “الأردن يخوض حربا مستمرة وغير منتهية، لأن شبكات التهريب تطوّر قدراتها وأساليبها، ولذلك تحتاج مكافحتها لحملات مستدامة”.

في المقابل، تتحدث مصادر أردنية، عن انشغال الحكومة بالتحديات الاقتصادية، التي تعد من أولويات الدولة، وخاصة في ظل غلاء المواد الغذائية، والمشتقات النفطية، وصعوبة استيرادها، فضلا عن التحديات على صعيد تأمين الاحتياجات الأساسية والمياه، ما يعني أن ملف “المخدرات” قد لا يعدّ من أولويات عمّان حاليا.

هل تتم الحملات الأردنية بتعاون أمني مع حكومة دمشق؟

وفي الغالب تستند الحملات الأردنية ضد “المخدرات” على معلومات أمنية، بعضها يأتي من حكومة دمشق، إذ سبق وأن كشفت مواقع أردنية، نقلا عن مصادر حكومية، عن تنسيق أمني مع دمشق بما يخص ضبط الحدود، ومكافحة تهريب “المخدرات” والأسلحة تجاه أراضيها. ولفت موقع “خبرني” الأردني، إلى أنباء غير رسمية عن “تعاون أمني مفاجئ، بما يخص تبادل المعلومات مع الجانب السوري”.

ويعتقد د. كمال الزغول، أن “ما يجري نتيجة الضغط الاقليمي على الحكومة السورية، في سبيل منع تجارة المخدرات”.

ويستدرك بالقول: “لكن القناة الدبلوماسية للأردن مع سوريا، هي فقط لتسيير أعمال الشعب السوري، أي الإبقاء على خيط رفيع لخدمة المواطنين السوريين”، مضيفا: “ما زال قانون قيصر مؤثرا على التجارة الحرة، وعلى شركات الحكومة السورية، وهذا الملف ما زال قيد الانتظار، ويعتمد على مدى تقارب المجتمع الدولي مع حكومة دمشق، والأمور حتى الآن ما زالت غامضة”.


وحسب تصريحات سابقة لوزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية، فإن “الأردن ينطلق، في علاقاته مع حكومة دمشق، من بعدين: أولهما أن سوريا بلد مجاور، يحوي 306 كلم من الحدود، لذلك كان تأثير تلك الأزمة علينا ضخما؛ إضافة إلى تحمّل عبء توفير حياة ملائمة للاجئين”.

وأضاف: “هناك جانب آخر، علينا أن نعمل تجاه حل سياسي، ونتفق جميعا على أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة، وأنها جلبت كثيرا من الدمار والمعاناة، اللذين لا يمكنهما الاستمرار مع ‘السياسة. وما يحاول الأردن فعله، هو فتح أفق من أجل التوصل لحل سياسي”.

ويريد الأردن بناء علاقات اقتصادية مع حكومة دمشق، حتى تكون بديلا عن التجارة غير المشروعة، ويرسل الوفود الاقتصادية تباعا لزيارة دمشق، وآخرها زيارة نائل الكباريتي، رئيس غرفة تجارة الأردن، في مطلع آب/أغسطس الماضي، لمقر وزارة الاقتصاد في حكومة دمشق، واجتماعه بوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري محمد سامر الخليل.

وأشار بيان مشترك الى أن الجانبين، “بحثا عقد منتدى اقتصادي أردني سوري مشترك، يصاحبه عرض إمكانية الشركات والصناعات الأردنية في دمشق، خلال الأسبوع الأول من شهر تشرين أول/أكتوبر المقبل”.

ماذا عن إيران؟

يجيب الزغول، بالإشارة إلى الشكوك الأردنية في إيران، ونواياها التي قد تهدد أمن المنطقة. ويردف بقوله: “تتعامل إيران مع الفرص الاقتصادية بغض النظر عن مصدرها، سواء كان من النفط في السوق السوداء، أو من تجارة الأسلحة والمخدرات”.

وتُلخص تصريحات العاهل الأردني عبد الله الثاني، التي أدلى بها لصحيفة “الرأي” المحلية، في أواخر تموز/يوليو الماضي، مقاربة الأردن للعلاقة مع إيران، عندما قال، إن بلاده “تواجه هجمات على حدودها، وبصورة منتظمة، من ميليشيات لها علاقة بإيران”. لكنه أضاف: “لا نريد توترا في المنطقة، وإن الأردن وكل الدول العربية تريد علاقات طيبة مع إيران، مبنية على الاحترام المتبادل، وحسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها”. وهو ما رحّبت به وزارة الخارجية الإيرانية، مؤكدة، على لسان المتحدث باسمها ناصر كنعاني، أن “بلاده إذ ترحب بتصريحات العاهل الأردني، فإنها تنتظر خطوات فعلية من دول المنطقة لتعزيز العلاقات الإقليمية”.

ويمكن القول، إن الأردن يريد تجنّب التصعيد مع إيران، وبدلا من ذلك يتودد لها على أمل التوصّل إلى توافقات مشتركة، سياسية واقتصادية، تخدم مصالح الجانبين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.