من جديد يعود ارتفاع الأسعار إلى الواجهة في سوريا، ولكن هذه المرة عبر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، نفسها التي كانت تدعي خلال الفترة السابقة على لسان مسؤوليها القيام بكل ما يلزم لضبط الأسعار والعمل على تخفيضها، ليتحول رفع الأسعار من فوضوي إلى حكومي ممنهج.

ما قصة لجنة التسعيرة؟

تقرير لموقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس الثلاثاء، أشار إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تقوم بدراسة تكلفة أكثر من 10 مواد بينها الزيت والمتة والرز.

ونقل التقرير عن مصدر في الوزارة، أن لجنة التسعير التابعة للوزارة، تدرس بيانات التكلفة المقدمة من المستوردين لمواد الشاي والأرز والحليب المجفف، والتونا وكبسة فول الصويا، والفول والمتة والسردين، وألواح الطاقة الشمسية، والأنفيرترات وغيرها تمهيدا لرفع أسعارها وفق بيان التكلفة الجديد.

وتتألف اللجنة من مندوبين من وزارات التجارة الداخلية، والاقتصاد والتجارة الخارجية، والصناعة، والجمارك، وغرف التجارة والصناعة والزراعة والمصرف المركزي.

وبحسب مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية، نضال مقصود، “تجري دراسة بيانات التكلفة المقدمة بدقة مع الأطراف المعنية حتى نصل إلى الكلفة الحقيقية ومنحها هامش الربح اللازم الذي يحدد وفق السلعة ودورانها في الأسواق، وهل هي سلعة معمرة أم سلعة استهلاكية في الأسواق”.

مقصود، اعتبر أنه لا يوجد أي مبرر للفوضى في التسعيرة الموجودة حاليا في الأسواق، وعلى المواطن أن يقدم شكوى بحق أي تاجر يتقاضى سعرا أعلى من الأسعار المحددة، لافتا إلى أنه يجري العمل على الإعلان عن منصة إلكترونية خاصة بالأسعار سيتمكن المواطن عبرها من معرفة أسعار جميع المواد.

وأوضح مقصود، أن هامش الربح المحدد تم بعد اجتماعات موسّعة مع النقابات والغرف التجارية والاتفاق على هامش الربح، لافتا إلى قيام الوزارة منذ عام 2019، بإضافة نسبة 5بالمئة، نفقات متنوعة دون تقديم وثيقة من قيمة الفاتورة لضمان الوصول إلى سعر حقيقي يضمن تدفق السلع في الأسواق، ولا يحق لأي تاجر أو مستورد زيادة نسبة هامش الربح دون تقديم المبررات، والحصول على موافقة من الوزارة.

إقرأ:أسعار كاوية لمكونات “المكدوس”.. الجوز بـ40 ألف ليرة سورية

ما هي المنصة الإلكترونية؟

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أنه سيتم إطلاق مشروع منصة إلكترونية للأسعار ومنصة للشكاوى قريبا، ونظام الفوترة، التي سيتم إطلاقه سيكشف مصدر الخلل، وتتم من خلاله الملاحظة من الضبوط أن هناك من يقوم بحجب السلع ورفع السعر، وذلك نقلا عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

وفي هذا السياق، فإن المنصة تعمل وفق مبدأ الشكاوى الشفهية بحق التجار الذين يقومون برفع الأسعار، حيث وجهت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إنذارا عبر صفحتها على “فيسبوك”، يوم الخميس الماضي، إلى جميع المستوردين وتجار الجملة الذين يصدرون فواتير وهمية وهم بالأساس يتقاضون أسعارا مرتفعة، بأن يتوقفوا عن ذلك فورا ويتقيدوا بالأسعار التموينية الموضوعة من الوزارة بناء على بيانات التكلفة التي هي بالأساس مقدمة من قبلهم.

وأوضحت الوزارة، أنه من تاريخ نشر هذا الإنذار لن تعتمد الرقابة التموينية على التصريح الخطي ضدهم كشكوى فقط، بل على الشكاوى الشفهية أيضا، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق المرسوم التشريعي رقم 8 عام 2021 مع إحالتهم إلى القضاء موجودا، وشددت على ضرورة الالتزام التام بتسعيرة الوزارة من جميع الفعاليات الاقتصادية، قائلة: “على من لديه إثبات بأن كلفته أعلى من تسعيرة الوزارة فليتقدم ببيانات كلفة إلى مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”.

قد يهمك:لتخفيض أسعار الفروج.. نوع علف جديد بسوريا

حل غير قانوني

في معرض الرد على قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حول قرار المنصة الإلكترونية للشكاوى الشفهية، بين عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، ياسر اكريم، بأن التسعيرة التموينية التي توضع من قِبل وزارة التجارة الداخلية غير صحيحة وبعيدة عن الواقع ولا يعمل بها، وعلى سبيل المثال فإن التسعيرة التموينية الصادرة بالنسبة للفروج تقارب الـ 70 بالمئة، تقريبا من واقع السعر الحقيقي، بحسب “الحل نت”.

وطالب اكريم، بضرورة حل معضلة أن تكون التسعيرة التموينية صحيحة ومن ثم يتم اعتمادها وفرضها على التجار، إما أنه لا يعمل بها كما يجري اليوم، ومن ثم يتم وضع قوانين بأنها المعتمدة والأساسية فهذا يدل على وجود خلل، موضحا أن هناك فارقا بين التسعيرة المتداولة في السوق وبين التسعيرة التموينية.

أما فيما يتعلق بالشكوى الشفهية، فأشار اكريم، إلى أن الاعتماد على الشكاوى الشفهية أمر غير منطقي وغير قانوني باعتبارها غير موثقة دائما بالقوانين، لذا يجب أن تكون موثقة وصحيحة، لافتا إلى أنه يجب الاعتماد على التصريح الخطي، إضافة لطرق أخرى للشكوى التي من الممكن أن تكون عن طريق التصوير، والتوثيق عن طريق الموبايل على سبيل المثال عند وجود مخالفة باعتبار أن التوثيق بالصورة أصبح متاحا، وأصدق من الشكوى الشفهية.

أما عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق، أيمن مولوي، فيرى أن الاعتماد على الشكاوى الشفهية أمر غير مقبول أبدا وممكن أن تكون هذه الشكاوى كيدية أو من أجل ابتزاز التاجر من قبل الشاكي، لافتا إلى أن هذا الأمر يعتبر مخالفا للقانون.

ومن جهته، رئيس جمعية حماية المستهلك، عبد العزيز المعقالي، يرى أن هذا الإجراء يعتبر ايجابيا وضروريا وخاصة في ظل فوضى الأسعار التي تشهدها الأسواق، وعدم الالتزام من قبل بعض التجار بالتسعيرة التموينية الصادرة، مبينا أن ظاهرة الفواتير الوهمية منتشرة وتتحمل مسؤوليتها الجهة المصدرة لهذا الفواتير لذا يتوجب على الوزارة متابعة هذا الأمر، ومحاسبة التاجر أو المستورد الذي لا يلتزم بالتسعيرة التموينية، أو يتداول فواتير وهمية.

إقرأ:“أسعار كاوية” في الأسواق السورية.. الخضار تنافس الفروج؟

تناقض حكومي واضح

وزارة التجارة الداخلية تناقض نفسها من خلال القرارات المضطربة التي تصدرها، حيث دراسة رفع الأسعار التي تعكف عليها الوزارة، ما أعلنته مطلع الشهر الحالي بتحديد الربح.

حيث حدّدت الحد الأقصى للربح في إنتاج أو استيراد عدد من المواد ولكافة حلقات الوساطة التجارية، حيث تم تحديد هامش الربح لحوالي 50 مادة، وتراوح الحد المسموح به بالربح بين 4 – 10بالمئة للمستورد وتاجر الجملة، وبين 5 – 13بالمئة لبائع المفرق.

تم تحديد الحد الأقصى للربح بـ9 بالمئة، لتاجر الجملة في حال أنتج أو استورد هذه المواد، (السمن والزبدة الحيوانية والزيت النباتي وزيت الزيتون، والملح والنشاء واللحوم والحليب المجفف كامل الدسم وخالي الدسم وحليب الأطفال ومستحضرات أغذية الأطفال، والمتة والمشروبات الغازية والكحولية والطحين المنتج والخبز السياحي والصمون والكعك والبقوليات والبرغل والفريكة ومكعبات الثلج والمخللات وأنواع من الأسمدة والبذور الزراعية، والمستورد من الألبسة المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 13بالمئة.

أما المواد التي كان هامش ربحها أقل من ذلك، فهي (الأرز والسكر ومعلبات اللحوم، والسمسم والطحينة والحلاوة والشاي المستورد والبن بأنواعه، والطحين المستورد والدفاتر المدرسية)، ويكون هامش الربح لبائع المفرق بهذه المواد بين 5 إلى 9بالمئة.

قد يهمك:أسباب مختلفة لارتفاعات أسعار الألبان والأجبان المتكررة في سوريا

وكانت الوزارة حذرت نهاية الشهر الماضي، كل فئات التجار الذين يتعاملون بالمواد الغذائية، بأن البيع بسعر زائد سوف يعرضهم لضبوط وفق المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021، الذي يتضمن الحبس وإغلاق منشآتهم لمدة لا تقل عن شهرين، بحسب “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.