تطور جديد حملته الساعات الماضية إزاء ملف التقارب السياسي المحتمل بين دمشق وأنقرة، هذا التقارب الذي تزداد حوله عوامل التسخين لتصل قريبا إلى أعلى درجة ممكنة قد تدفع بحصول لقاء قريب قد يكون قبل نهاية العام بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوري بشار الأسد.

رغم استبعاد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حضور الأسد لقمة “منظمة شنغهاي” المقررة انعقادها في أوزبكستان، الشهر المقبل، على اعتبار أن سوريا غير منضمة أو مشاركة ضمن أعمال هذه المنظمة، إلا أن جاويش أوغلو أكد أن أنقرة ليس لديها شروط مسبقة لإجراء حوار مع دمشق، مشيرا إلى أن المحادثات مع دمشق لا بد أن يكون لها أهداف.

تصريحات جاويش أوغلو جاءت يوم أمس متزامنة مع تصريحات نظيره السوري، فيصل المقداد، الذي قال بدوره إن دمشق لا تضع شروطا لعودة علاقاته مع تركيا، مقدما مطالب لأنقرة وصفها بـ”المقدمة” لعودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل عام 2011.

تصريحات الطرفين تعكس تطورا لافتا في مواقفهما من التقارب بينهما على الصعيد السياسي بشكل أساس، بعد صراع استمر أكثر من عقد دعمت خلاله تركيا مقاتلي المعارضة الذين سعوا لإطاحة حكومة دمشق.

اتفاق محدود ومؤقت؟

جاويش أوغلو أضاف متسائلا خلال تصريحاته “لا يمكن أن يكون هناك شرط للحوار لكن ما الهدف من هذه الاتصالات؟ البلاد تحتاج إلى التطهير من الإرهابيين… الناس بحاجة للعودة”.

وإذ أكد على وجود تواصل بين استخبارات بلاده واستخبارات دمشق، شدّد على “ضرورة اتخاذ خطوات من أجل تحقيق سلام دائم (في سوريا)، وعدم نظر دمشق للمعارضة على أنها تنظيم إرهابي”.

تصريحات جاويش أوغلو تأتي أيضا بعد أيام من تصريحات للرئيس التركي، قال فيها إنه “يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا، يمكننا من خلالها إفساد العديد من المخططات في هذه المنطقة من العالم الإسلامي”. كما أكد أردوغان يوم الأحد الفائت، أن هدف تركيا هو “إقامة حزام سلام وتعاون” في محيطها بدءا من “الجيران الأقربين”. وتابع أردوغان: “لا نكن العداء لأي بلد، بل إننا نريد إقامة أفضل العلاقات مع كافة البلدان”.

وكان جاويش أوغلو كشف أنه أجرى محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بالعاصمة الصربية بلغراد.

ضمن هذا السياق، يعتقد الكاتب والباحث في الشؤون التركية، فراس رضوان أوغلو، خلال حديثه لـ”الحل نت” أن “التقارب بين الطرفين سيصل إلى مرحلة معينة وليس أكثر من ذلك، لأنه مرهون بعدة أمور، أولها؛ ربما ما ستؤول إليه الانتخابات التركية المقبلة في الصيف القادم، والثاني هو ما ستؤول إليه المباحثات بين الحكومة السورية والمعارضة السورية والتي ستتم برعاية تركيا”.

والأمر الثالث، بحسب اعتقاد أوغلو، هو الوضع الإقليمي والدولي، أي إذا كانت للولايات المتحدة الأميركية شروطا وخططا أخرى، الأمر الذي سيغير من معادلة هذا التقارب، نظرا لأن هذا التقارب التركي- السوري ليس مستقلا تماما بين دمشق وأنقرة، بل هناك عوامل خارجية وأطراف أخرى تؤثر على مجريات هذا التقارب، وفق قوله.

قد يهمك: موقف واشنطن من الاستدارة التركية نحو دمشق.. ما التأثيرات على “الإدارة الذاتية”؟

لا لقاء بين أردوغان والأسد

في المقابل، قال المقداد، إن دمشق ليس لديها شروط لعودة العلاقات مع تركيا، مؤكدا ضرورة خروج قوات الجيش التركي من الأراضي السورية، و”وقف دعم أنقرة للتنظيمات الإرهابية”، إضافة إلى عدم تدخل تركيا في الشؤون الداخلية للبلاد، في إشارة إلى دعم تركيا لفصائل “الجيش الوطني” المعارض في شمال سوريا.

أما وزير الخارجية الروسي، فقد قال أن بلاده تعمل على التقريب بين سوريا وتركيا بما في ذلك في إطار مسار “أستانا” على أساس قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد الحفاظ على سيادة البلاد ووحدة أراضيها.

وأضاف: “فيما يتعلق بالوضع في شمال غرب سوريا فالأمر الأساسي هو منع اندلاع أعمال عسكرية جديدة وضرورة التباحث عبر القنوات الدبلوماسية على أساس المبادئ السياسية الموجودة في العلاقات بين سوريا وتركيا.

وبالعودة إلى الكاتب والباحث في الشأن التركي فراس رضوان أوغلو، فقد استبعد عقد لقاء بين أردوغان والأسد قبل نهاية العام الجاري، وأرجع ذلك إلى حجم الخلافات الكبيرة بين تركيا والحكومة السورية، بالإضافة إلى الأمور الداخلية في تركيا، والانتخابات التركية التي اقتربت جدا من إجراءها، على حد تعبيره لـ”الحل نت”.

العديد من المراقبين خمّنوا خطوات تركيا في الوقت الحالي تجاه الأسد، بأنها تعود لما تم التوافق عليه بين قادة مسار “أستانا”، خلال القمة الثلاثية الماضية في طهران، حيث توافق القادة الثلاث هناك على بدء مرحلة جديدة مختلفة فيما يخص الوضع السوري، روسيا قالت إن هذه المرحلة ستغير وجه سوريا والمنطقة، وهذا ما يحدث حقيقة.

لكن هذه الاستدارة التركية حتما سيصطدم مع قناعات الأطراف الأخرى، خاصة وأن الولايات المتحدة لم تعد تربط نفوذها في سوريا بالنفوذ التركي، كما كانت قبل معركة كوباني/عين العرب، كما أنها لم تشارك في المغامرات التركية مع روسيا، وإيران في مساري “سوتشي” و”أستانا”.

وبالتالي، فإنه ووفقا لمراقبين، فإن واشنطن غير معنية بالاتفاقات التركية مع أي جهة كانت، لا بوصفها حليفا ولا حتى بوصفها ذات توجه سياسي مماثل.

وعليه، فإن هذا التقارب التركي-السوري يُرجح أن يكون “مرحليا-مصالحيا”، وما يُعزز من هذا الترجيح هو الانعطافة التركية المفاجئة تجاه دمشق وتحديدا التخفيف في موقف أنقرة تجاه الأسد بعد عقد من العداء، ما يكشف مدى حاجة تركيا لهذا التقارب في سبيل كسب الأصوات التركية قبل حلول موعد الانتخابات التركية القادمة.

قد يهمك: الأسد يلتقي أردوغان في دولة ثالثة.. رسائل روسية إلى وزير الخارجية السورية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.