مع استمرار الأزمة السياسية في البلاد، حذر رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، من أنه في نهاية العام الجاري ستكون الحكومة عاجزة عن صرف أي تمويل، منها رواتب الموظفين.

الحلبوسي أكد خلال مؤتمر إسلامي أقامه رئيس “تيار الحكمة” عمار الحكيم لمناقشة مناهضة العنف ضد المرأة في بغداد، أنه “بانتهاء السنة المالية لا يمكن صرف مبالغ مالية لجميع المفاصل، ومنها الرواتب”، مشيرا إلى أن “الدستور لا يتيح تعطيل مؤسسات الدولة”.

رئيس مجلس النواب، لفت إلى أن ما يحدث هو “فريق سياسي يعطل مؤسسات الدولة بتظاهرات سلمية، وفريقا سياسيا تمكن من إيقاف العملية السياسية بمبدأ الثلث وتعطيل العملية السياسية”.

الحلبوسي عبر عن موقفه مما يجري بضرورة الركون إلى مبدأ الحوار والجلوس على طاولة واحدة لتوصل إلى حلول، معربا عن تأييده لمبادرة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بشأن الأحداث والأزمة الخانقة التي يجب أن تحل من خلال الحوار.

كما شدد على أن وضع البلد لا يمكن أن يستمر على هذه الحالة، معتبرا أن “ما وصلنا إليه اليوم يمثل تراجعا عما كنا عليه”. 

اقرأ/ي أيضا: العراق.. رؤية حكومية لإعادة توحيد رواتب الموظفين 

ما علاقة رواتب الموظفين بالصراع السياسي؟

رواتب الموظفين العراقيين تعتمد على قانون الموازنة العامة، والتي لا يمكن من دونها صرف أي مستحقات، في حين لم يتم إقرار موازنة 2022 حتى اللحظة بسبب استمرار صراع القوى السياسية وتعطل تشكيل الحكومة.

وتسبب الجمود السياسي الذي يعاني منه العراق نتيجة التدافع السياسي بين القوى السياسية في تأخير إقرار الموازنة رغم أن البلاد تعاني العديد من المشاكل الاقتصادية، كذلك يتواصل الجدل السياسي حول آلية إرسال الموازنة من قبل حكومة تصريف الأعمال إلى مجلس النواب لإقرارها.

وتحدد الموازنة بنود مصروفات الدولة خلال عام، خاصة المخصصة للرواتب والدعم وسداد أعباء الديون، كما تحدد المستهدف من إيرادات الدولة.

على الرغم من نجاح الحكومة في الحصول على نحو 18 مليار دولار ضمن قانون “الدعم الطارئ” الذي أقره البرلمان أخيرا لتأمين استيراد الطاقة وتمويل المشاريع الخدمية المهمة وتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية، إلا أن مسؤولين يؤكدون استمرار حاجة البلاد للموازنة التي أعدت مسودتها بوقت سابق عند قرابة 90 مليار دولار.

لكن مع استمرار تعطل تشكيل الحكومة العراقية، وفي ظل استمرار عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات للخروج من الأزمة الراهنة، لا يبدوا واضحا أنه بإمكان حكومة تصريف الأعمال الحالية، تقديم مشروع قانون الموازنة للعام الحالي، ما يعني أنه قد ينتهي العام من دون موازنة.

اقرأ/ي أيضا: منها رواتب الموظفين العراقيين.. إليك أبرز الآثار في حال تغير سعر الدولار

مقترح يضمن رواتب الموظفين

إذ أن المحكمة الاتحادية العليا جردت حكومة مصطفى الكاظمي من كافة الصلاحيات، باعتبارها حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، ولا يحق لها اقتراح مشاريع القوانين المهمة مع إبطال كافة أوامر التعيين بالدرجات العليا التي صدرت خلال فترة تصريف الأعمال.

مع استمرار الارباك الاقتصادي في العراق بسبب تلكؤ إقرار الموازنة الاتحادية العامة، قدم اقتصاديون عراقيون مقترحا لإقرار موازنة لأكثر من عام لتجاوز الإشكالات التي تحصل في تصويت مجلس النواب ونظام عمل وزارة المالية المتأخر والبالي، على حد وصفهم.

المقترح الذي قدم يسعى لمعالجة الاختلالات التي يتسبب بها تأخر إقرار الموازنة العامة في الاقتصادي والتي تساهم في تفاقم معاناة المواطنين والبلاد، فضلا عما تساهم به بتأخر تنفيذ العشرات من المشاريع الاستثمارية والتلكؤ والتوقف في عمل القطاع الخاص، الذي يرتبط انتعاشه بشكل وثيق بحجم المشاريع الاستثمارية المنفذة، ومما تؤدي به من زيادة في معدلات الفقر والبطالة.

وبحسب الخبير الاقتصادي موسى الموسوي، الذي يرى أن تأخر إقرار الموازنة يمثل عقبة حقيقية أمام تشريع العديد من القوانين المهمة، فإنه يؤدي إٕلى توقف شبه تام للمشاريع العمرانية والاقتصادية والعلمية والتعليمية“.

إضافة إلى “تعطيل الخدمات التي يحتاج إليها المواطن، فضلا عن حدوث شلل شبه تام في التوظيف وإيجاد فرص عمل للشباب والخريجين، مما يتسبب باستمرار معاناة دوائر الدولة المتولدة جراء حصول نقص واضح في الملاكات، ما يحتم على وزارة المالية بتحديث سياقاتها الحالية ووضع حلول لذلك“.

موازنة لأكثر من عام

الموسوي اقترح لتجاوز تلك المشكلات التي يتسبب بها تأخر إقرار الموازنة، في تصريح لصحيفة “الصباح” المملوكة للحكومة العراقية ومقرها بغداد، في وقت سابق وتابعه موقع “الحل نت“، تحديث سياقات وزارة المالية البالية والروتينية وإيجاد حل للاختناقات التي تعاني منها الموازنة، كجعلها خمسية أو عقدية لمدة عشر سنوات أو لمدة سنتين أو ثلاث سنوات مع وضع آلية للمتغيرات التي تطرأ خلال فترة الموازنة، على حد قوله.

من جهته، قال حسين الخاقاني وهو أيضا مختص في الشأن الاقتصادي، إن “تأخر إقرار الموازنة يعني تأخر تنفيذ الخطة الاستثمارية للحكومة، حيث تلجأ وزارة المالية إلى اعتماد الإنفاق الشهري 1/12، وهذا يعني الإنفاق التشغيلي فقط الذي يشمل مقدار الرواتب التي صرفت لنفس الشهر من العام السابق مع بعض المستلزمات الأساسية في حدها الأدنى“.

بالتالي أن “الآثار السلبية للتأخير تتركز في توقف الإنفاق الاستثماري والخطط الاستثمارية الذي بدوره سيتسبب في تأخير الكثير من المشاريع الضرورية، وتعطل تسديد مستحقات الدين العام الداخلي والخارجي“، كما جاء في حديث الخاقاني.

ولذلك فأن الفترة المقبلة ينبغي خلالها التركيز على التحدي الأكثر أهمية في الوقت الراهن، كما يرى الخبير الاقتصادي، ويبين: هو توفير المواد الغذائية الأساسية للمجتمع قبل أن تصبح مشكلة غذاء وتتفاقم إلى أزمة، وهذا الأمر يستدعي إقرار الموازنة“.

غير أن الخبير الاقتصادي نبيل العلي، يعتقد أنه “بالرغم من حجم الاختلالات الاقتصادية جراء تأخر الموازنة، فأن تعديل قانون الإدارة المالية رقم 6 الذي أتاح أن يتم الإنفاق وفق مبدأ 12/1 من السنة الماضية بحسب بيانات السنة السابقة، أعطى للحكومة إمكانية الوصول إلى ما يقارب 120 تريليون دينار من الصرف“.

وكذلك أشار، إلى أن “قانون الدعم الطارئ منح مبالغ إضافية للحكومة تقدر بـ 25 ترليون دينار، لتصل إمكانية الإنفاق الحكومي لما يقارب أو يزيد على 145 ترليون دينار، وهو مبلغ ضخم لم تصله أي موازنة عراقية خلال الـ 19 سنة الماضية“، منتقدا في الوقت ذاته “طريقة بناء الموازنات المالية التي تتصف بكونها موازنات بنود وإنفاق وليست موازنات برامج“.


اقرأ/ي أيضا: العراق.. دعوات لدفع رواتب الموظفين بالدولار الأميركي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.