باستياء واضح يعبّر عمر باش (أب في أسرة مكونة من سبعة أفراد في دمشق)، عن انعدام الرقابة على أسعار الخضار والمواد الغذائية في الأسواق، وذلك بعد أن فشل في شراء احتياجات أسرته من المواد الغذائية لأسبوع، بسبب ارتفاع الأسعار المفاجئ.

الأسعار وخطط الشراء

عمر باش، أكد في حديث مع “الحل نت” أنه قبل يومين كان يتجول ضمن أحد أسواق دمشق، وبناء على الأسعار كان ينوي شراء كميات من الخضار والمواد الغذائية تكفي لأسبوع، وبناء على ذلك حضر مبلغ مئة ألف ليرة، لكنه تفاجأ اليوم بتعديل الأسعار من قبل معظم الباعة، ففشلت خطته في الحصول على المواد نفسها باستخدام ذات المبلغ.

ويضيف: “الرقابة معدومة في الأسواق، تشعر وكأن الباعة والتجار يسرقون المواطن بشكل صريح دون أي رقيب أو حسيب، بائع المفرق يتذرع بتاجر الجملة، وتاجر الجملة بالمنتج، والمنتج بإجراءات الحكومة وارتفاع التكاليف، ونحن نضيع بين هذه الحلقات“.

الأسواق السورية شهدت خلال الأيام الماضية، قفزات متتالية بأسعار السلع الأساسية والخضار، وذلك بعد استقرار لم يدم سوى بضعة أيام، حيث أكد تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أن كيلو البطاطا سجل سعر ألفين ليرة، بعد أن كان مستقرا عند 1200 ليرة، قبل أيام.

وجاء في تقرير الصحيفة: “البامية هي الأخرى، عاد سقف مبيعها إلى خمسة آلاف ليرة بعد أن انخفضت إلى 2400 ليرة، مع بداية الشهر الجاري، كما ارتفع سعر مبيع الكيلو الواحد من الفاصولياء، في الأسواق إلى ثلاثة آلاف ليرة“.

كذلك شمل الارتفاع مادة الكوسا التي شهدت ارتفاعا تدريجيا، حتى وصل سعر الكيلو منها إلى 2400 ليرة، في حين حافظت الملوخية على سعر خمسة آلاف للكيلو.

هذا التذبذب في الأسعار، حرم نسبة كبيرة من العائلات من شراء المواد الأساسية، وذلك في ظل ثبات الدخل الشهري، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل فشل الحكومة السورية، بإيجاد آلية من شأنها ضمان البيع بالأسعار الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

قد يهمك: زيادة مرتقبة على أسعار خدمات المطاعم في سوريا

كابوس التسوق

“نزلة السوق كابوس تحتاج إلى حسابات كثيرة “، تصف أم علاء (أم لثلاثة أولاد تعمل مدرّسة في مدينة حلب)، مؤكدة أنها تقضي ساعات طويلة بشكل أسبوعي، بحثا عن أرخص الأسعار بما يتوافق مع دخلها الذي لا يكفي لشراء الاحتياجات الضرورية من الخضار وبعض المواد الغذائية.

وتقول أم علاء، في اتصال هاتفي مع “الحل نت“: “دائما ما أحمل دفتر، عليه قائمة المشتريات والأسعار، لكنني في معظم الأحيان أتفاجأ بارتفاع الأسعار في الأسواق، عندما اقرأ النشرات الرسمية، أشعر وكأنني في دولة أخرى، فالأسعار على أرض الواقع لا تقترب أبدا من أسعار النشرات الحكومية“.

وترى أم علاء، أن أوضاع الأسواق تتجه نحو الأسوأ، حيث فشلت جميع آليات الحكومة وكان آخرها آلية “المتسوق الوهمي“، في إلزام التجار وأصحاب المحال التجارية، بالتقيد بالأسعار الرسمية.

وتضيف: “اليوم نحن في نهاية الشهر، راتبي مع راتب زوجي، لا يكفي لشراء مستلزمات الغذاء والفواتير بعد ارتفاع الأسعار، لولا المبلغ الشهري المرسل من قبل أبني الذي يعيش في ألمانيا، لا نعلم ربما من أين سنتدبر أمورنا“.

قد يهمك: من الحالات الغريبة في سوريا.. المريض يشتري للمشافي الأدوية والكفوف

ووصل ارتفاع الأسعار إلى الخضار والفاكهة، حيث بيّن تقرير سابق لـ“الحل نت“، أن المواطنين يخاصمون الفاكهة في هذه الأيام، بعد أن حلّقت أسعارها بـ“العالي“، فهم غير قادرين على شرائها، رغم أنها في موسمها ويفترض أن تكون رخيصة أو ذات أسعار معقولة. كما أوضح التقرير، أن تلك الفاكهة تتبع معهم مبدأ “شم ولا تدوق“، فمعظم أنواعها الجيدة صعبة المنال في هذه الأيام لارتفاع ثمنها بشكل غير طبيعي.

تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، تحدث قبل أيام عن آلية “المتسوق السري“، لمراقبة أسعار السلع والمواد الأساسية في الأسواق، وذلك عوضا عن تسيير الدوريات التموينية، التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، سامر السوسي، أشار إلى وجود عوائق تواجه تطبيق آلية “المتسوق السري“، تكمن باعتمادها على عقود لفترات زمنية قصيرة، ومهمات محدودة للمراقبين المؤقتين لا تمكنهم من القيام فعليا بمهام الضابطة التموينية التي تحظى بسلطات الضابطة العدلية، على حد تعبيره.

ولفتت الصحيفة، إلى أن الآلية تخالف قانون وزارة التموين، “حيث تمت دراسة تطبيق هذه الطريقة سابقاً وأخذ رأي الجهات القانونية، التي أشارت وقتها إلى أن حالة المتسوق السري تندرج تحت بند استجرار المخالفة، وهو ما يعني التغرير بالبائع وإيهامه بطلب السلعة لتوقيع مخالفة عليه، الأمر المخالف قانونا” حسب مصدر في الوزارة.

وعلى مدار السنوات الماضية، فشلت وزارة التموين السورية، في ضبط أسعار السلع والمواد الغذائية في الأسواق، وذلك تزامنا مع الارتفاع المستمر في أسعار المواد النفطية، والتكاليف التشغيلية على المنتجين، فضلا عن الانخفاض المستمر لقيمة العملة المحلية.

أزمات أرهقت السوريين

يواجه السوريون في المناطق السورية صعوبة في التغلب على أزمات ارتفاع الأسعار المتكررة، فبدأت العائلات السورية بحذف العديد من الأصناف الاستهلاكية من قائمة المشتريات الشهرية، بهدف التوفيق بين الدخل، والمصروف.

وساهمت أزمة المحروقات التي تعيشها البلاد، في ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات، وذلك في وقت لا يحصل فيه أصحاب المِهن والمنشآت على مخصصات كافية من المحروقات لإنجاز عملهم.

وفضلا عن غلاء المواد، تنتشر البضائع والمواد المغشوشة والمهرّبة في الأسواق السورية، وسط غياب الرقابة الحكومية، وتحذيرات من مخاطرها على صحة المستهلكين، تزامنا مع ارتفاع مستوى خطر الأمن الغذائي في البلاد، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين أمام المواد الغذائية.

ومما ساهم بتفاقم معاناة الطبقة الفقيرة، وصول الغلاء إلى الأطعمة والمأكولات الشعبية، حيث بلغ سعر سندويشة البطاطا في المطاعم 4500 ليرة، حيث تجاوزتْ سعر كيلو البطاطا في الأسواق، فبعد أن تراجع سعر كيلو البطاطا إلى حدود 1600 ليرة، ما يزال ثمن السندويشة العادية مرتفعا، وثمن السندويشة المدعومة سبعة آلاف ليرة.

كما وصل سعر سندويشة الفلافل إلى 3 آلاف ليرة سورية، ومن الممكن أن ترتفع أكثر، إذا كان خبز الصمون من مكوناتها، في حين سجل قرص الفلافل سعر 250 ليرة.

اقرأ أيضا: “المتسوّق السري“.. طريقة جديدة لمراقبة الأسعار في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.