قد يكون لتوسيع جهود التوعية والتجنيد وجمع الأموال لتنظيم “داعش – ولاية خراسان” آثار أمنية كبيرة على بلدان مختلفة في منطقة أفغانستان وباكستان وربما خارجهما. فقد كثف التنظيم حملته الدعائية الإقليمية ووسع نطاقها لاستهداف جنوب ووسط آسيا منذ أن استولت طالبان على كابول في آب/أغسطس من العام 2021. وتحرك تنظيم “خراسان”، في الوقت نفسه، لنشر رسالته عالميا باستخدام المواد الأصلية والنسخ المترجمة عنها بعدد كبير من اللغات بما فيها الإنكليزية.

وفي الواقع، لم يظهر أي فرع آخر لهذا التنظيم، باستثناء العراق وسوريا في ذروة مشروع الخلافة، القدرة على صنع دعاية في أي مكان وبعدة لغات كما فعلت مؤسسة “العزائم” للإنتاج الإعلامي التابعة لـ تنظيم “خراسان”. كذلك وسع تنظيم “خراسان” نطاق عملياته الحركية إلى ما وراء أفغانستان وباكستان بهجمات صاروخية ضد أوزباكستان في شهر نيسان وطاجيكستان في شهر أيار. وبالرغم من أن تنظيم “خراسان” فعليا هو منظمة تتمحور حول أفغانستان، إلا أن له أصول وتاريخ عميق في باكستان حيث يواصل نشاطه، وفق ما أفاد به تقرير لموقع “ذا ديبلومات” وترجمه موقع “الحل نت”.

بالتأكيد، ينصب تركيز تنظيم “خراسان” الأساسي على بناء الفرع على المستويين المحلي والإقليمي، إلا أن للتنظيم مشاركة عميقة في قضية تنظيم “داعش” العالمي أيضا. وقد زاد من نطاق رؤيته الدولية بشكل ملحوظ من خلال الأقوال والأفعال. ومن المرجح أن تستمر آثاره الأمنية لتمتد إلى ما بعد منطقة أفغانستان وباكستان.

إن تنظيم “خراسان” عابر للحدود الوطنية وصولا إلى منبعه، ولا يعترف بما يراه على أنه حدود وطنية مرسومة بشكل تعسفي وغير شرعي. ويكمن هذا في اسم الفرع، حيث أن “خراسان” هي الأرض الرمزية التي ستأتي منها شخصية “المهدي المنتظر”، وتشمل أجزاء من أفغانستان وباكستان وإيران، ويمتد انتشارها إلى آسيا الوسطى والهند.
وبالاتجاه نحو الشمال، يروج التنظيم للجوء إلى القوة لإنشاء ولاية “موفارونهار” أو ما وراء النهر مشيرا إلى الأراضي القديمة شمال أمو داريا، والتي تقع على طول الحدود بين أوزباكستان وتركمانستان في آسيا الوسطى.

التاريخ الإقليمي لـ تنظيم “خراسان”

يجد تنظيم “خراسان” جذوره في قلب خراسان، بين أفغانستان وباكستان. وقد ولد هذا الفرع للتنظيم منتصف عام 2014 ومطلع العام 2015، عندما انشق قادة سابقون لحركة “طالبان باكستان” من عدد من المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الفيدرالية وتجمعوا حول قيادة حافظ سعيد خان أوراكزاي. و جاء ذلك في أوج معاناة حركة طالبان الباكستانية من الانقسامات الداخلية بشأن تعيين “فضل الله خراساني” أميرا جديدا لحركة طالبان في باكستان. وفي كتابه “انقلاب محسود”، يروي نور ولي محسود، خليفة فضل الله والأمير الحالي، أن مومند وأوركزاي وكرام وخيبر ونصف فروع باجور تركوا حركة طالبان باكستان بغية الانضمام إلى “خراسان” إلى جانب مقاطعة بيشاوار. وتبعهم مجموعات أخرى وكذلك قادة من باكستان، مثل تنظيم أبطال الإسلام بقيادة “عبد القاهر خراساني”، بحسب ما أظهر تسجيل فيديو لأخبار “ولاية خراسان” صدر في كانون الثاني/يناير 2015.

وتمركز التنظيم المولود حديثا، والذي بايع “داعش” رسميا في كانون الثاني 2015، في إقليم ننكرهار، وخاصة في ولايات آشين ونيازان ومحمود دارا وشابارهار وشينوار. وبينما شن التنظيم حملته ضد حكومة كابول وطالبان على حد سواء، توسعت مناطق عملياته لتصل إلى ولايات أخرى مثل كونر وهرات وسمنكان وكندز وجوزجان وكابول. وكانت معظم أهداف التنظيم موجهة ضد الأفغان في الجنوب والأقلية الشيعية و”طالبان”، بمن فيهم العلماء والشخصيات الدينية الداعمة لهم.

لا يزال التنظيم نشط في باكستان، لاسيما في أوراكزاي وباجور وبيشوار وبلوشستان. وفي البداية، تبنى تنظيم “خراسان” كل الهجمات التي تم تنفيذها في أفغانستان وباكستان وكشمير.

ومع ذلك، مع فقدان التنظيم السيطرة على معاقله الإقليمية في ولايتي كونر وننكرهار الأفغانية في النصف الأخير من العام 2019، بدأ تنظيم “داعش” بتبني جميع الهجمات في باكستان تحت اسم ولاية جديدة: داعش – ولاية باكستان.

وفي باكستان، وعندما كان تنظيم “خراسان” قادرا على تنفيذ عمليات خارج مناطق عملياته المعتادة في بيشاور وباجور وبلوشستان، هاجم التنظيم قوات الأمن والصحفيين والعاملين في مجال الصحة. وكذلك نفذ عمليات ضد أهداف طائفية مثل الشيعة، وأيضا ضد الصوفيين في الماضي.

حملة تنظيم “خراسان” ضد طالبان في أفغانستان

عزز تنظيم “خراسان” هجماته المسلحة وحملاته الإعلامية لحربه منذ عودته في العام 2020، وبشكل خاص منذ استيلاء طالبان على أفغانستان قبل عام؛ فور سيطرة طالبان على كابول، حيث نشرت مؤسسة “العزائم” الناطقة باسم تنظيم “خراسان” كتابا لـ “أبو سعد محمد خراساني”، المنظر البارز لدى التنظيم، يجمع فيه كل الأسباب التي تجعل من طالبان ألد أعداء الإسلام، ونزع شرعية الجماعة عندما أسست حكومتها الجديدة. وفي الأشهر اللاحقة تناولت معظم منشورات تنظيم “خراسان” ما يسمى بالطابع غير الإسلامي لحكومة طالبان، واصفة إياهم بألقاب مثل المشركين والعلمانيين والديمقراطيين والديوبنديين (المتعصبين للحنفي) والخوارج (المنبوذين من الإسلام).

وينتقد تنظيم “خراسان” طالبان في منشوراته لكونهم عساكر تقدم لهم الولايات المتحدة الدعم المادي ويطبقون الديمقراطية، ويهاجم التنظيم كذلك حركة طالبان بسبب زياراتها الدبلوماسية الدولية، وأيضا يهاجم دول مختلفة بسبب علاقاتهم مع طالبان. فبالنسبة لـ تنظيم “خراسان”، حتى قبول المساعدات الخارجية يعتبر جانبا مثيرا للجدل، حيث أدان التنظيم مؤخرا طالبان بشدة بسبب تعاونها مع المنظمات الدولية، مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والقوى الإقليمية, مثل إيران وأوزباكستان وباكستان وروسيا والصين.

بالتأكيد، تنتقد الآن معظم منشورات تنظيم “خراسان” طالبان بسبب علاقاتها الخارجية ومحاولاتها تحقيق التوافق مع المجتمع الدولي. وتعتبر باكستان من أكثر المناطق استهدافا، حيث يتهم التنظيم إسلام أباد بخيانة التنظيم الإسلامي في المنطقة من خلال تسليم المسلحين إلى الولايات المتحدة. وكانت مؤسسة العزائم قد نشرت مطلع هذا العام تسجيل فيديو يخاطب شعوب المناطق القبلية في باكستان وبلوشستان، تطالبهم من خلاله برفض حكم طالبان وإسلام أباد والانضمام إلى تنظيم “خراسان”.

علاوة على ذلك، يتهم تنظيم “خراسان” حركة طالبان بأنها منقادة من قبل ما تعتبرهم أعداء القوى العظمى للإسلام، أي الصين وروسيا والولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، أصبح فرع “داعش” الأكثر تشددا ضد الصين وزاد من انتقاداته للعلاقات بين طالبان وبكين. وكان هناك زيادة ملحوظة في المشاعر المعادية للصين من خلال الخطابات المنبثقة من المنافذ الداعمة لـ تنظيم “خراسان”، مثل “خالد ميديا” و”ولاية خراسان نيوز” و”الميلات ميديا”، ذلك في آب/أغسطس من العام 2021، حيث كانت طالبان في طريقها لاستعادة السيطرة على أفغانستان. ومنذ ذلك الحين واصلت مؤسسة العزائم تطوير وتضخيم الروايات التي تطعن في طالبان على هذه الجبهة، ومؤخرا اتهمتهم بـ “الصداقة مع الصين، قتلة الإيغور”. ومن جهة أخرى، وعدت العزائم أنه “قريبا سوف يهاجم مقاتلو “داعش” المدن الصينية الحديثة انتقاما لمسلمي الإيغور”.

النشاط المناهض للشيعة وإيران

تعتبر الحملة الدعائية ضد الشيعة نموذجا للطابع الطائفي للدولة الإسلامية، إلا أن تنظيم “خراسان” ربط القتال ضد الشيعة بمنافسته مع طالبان وكذلك عداوته مع إيران. وبعد تولي طالبان السلطة، نفذ التنظيم هجمات عديدة ضد الشيعة ليس فقط في أفغانستان وإنما أيضا في باكستان. وتمت الإشادة بكل هذه العمليات في منافذها المحلية وكذلك في القنوات الإعلامية الرئيسية لـ IS، حيث زعمت أن حملتهم ضد الشيعة ليست بطائفية لأنهم لا يعتبرونهم مسلمين. وأصدر تنظيم “خراسان” فتوى تمنحه الإذن لاستهداف دور عبادة الشيعة والطوائف الإسلامية الأخرى والأقليات غير المسلمة.

يدرك تنظيم “خراسان” أن طالبان والشيعة يعملان معا في كثير من الأحيان، مشيرا إلى أن الأولى تحمي الأخيرة ويمكنها، الأمر الذي يسلط الضوء على تعيين طالبان لشيعي هازاري حاكما على ولاية سربل (قتلته طالبان مؤخرا بسبب التمرد). ويتهم تنظيم “خراسان” في الوقت نفسه طالبان بقتل السلفيين الأبرياء، كما حدث في حالة العلماء السلفيين عبيد الله متوكل ومصطفى درويش زاده وسردار والي، مشيرا إلى أن اغتيالاتهم تشكل دليلا على تفضيل طالبان للشيعة على إخوانهم السنة. ويميل خطاب تنظيم “خراسان” أيضا إلى ربط الطوائف الشيعية المحلية بإيران، العدو الأجنبي المعلن للتنظيم.

تستمر حملة الدعاية ضد إيران منذ بداية تنظيم “خراسان”، حيث يتهمون الإيرانيين بأنهم مرتدين وأنهم سادة القاعدة. وفي منشور سابق ضد باكستان، ناقشت تنظيم “خراسان” كون إيران هي ثاني أكبر عدو للإسلام، بعد المملكة العربية السعودية وقبل باكستان، بينما تؤكد كتب أخرى أن إيران وروسيا سحقتا تنظيم “داعش” في سوريا والعراق؛ وفي أفغانستان من خلال طالبان. وكثيرا ما نشرت مجلة “خراسان غاغ” البارزة مقالات ضد الشيعة وإيران بلغة الباشتو. ونشر العددان الرابع والسادس ترجمة بلغة الباشتو لمقال، صدر في العدد السادس لمجلة “دابق” الإنكليزية الصادرة عن تنظيم “داعش”، حول وجود القاعدة في وزيرستان انتقد فيه تنظيم القاعدة لكونه أكثر تساهلا مع إيران والشيعة. وكلا الترجمتان للغة الباشتو تصوران الزعيم السابق للقاعدة أيمن الظواهري أمام العلم الإيراني وبالقرب من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. علاوة على ذلك، فإن العددان الثالث والسابع طائفيان للغاية ضد الشيعة الهازارة وإيران وطالبان الذين يحتفلون بالهجمات الأخيرة التي أودت بحياة مئات الضحايا، وتصوران تحالفا أوسع ضد تنظيم تنظيم “خراسان” في المنطقة.

يتجلى اهتمام تنظيم “خراسان” في نشر دعايته الطائفية بين الطوائف السنية الناطقة بالفارسية من خلال ترجمة العدد الثالث من “خراسان غاغ” إلى اللغة الفارسية. وفي الوقت نفسه، وعلى مستوى غير رسمي، تشارك القنوات الفارسية المرتبطة بـ تنظيم “خراسان” يوميا دعاية مناهضة لإيران ضد كل من العلماء الشيعة والسنة الذين يدعمون النظام الإيراني داخل إيران. وفي عدد صدر مؤخرا عن مجلة صوت خراسان، هدد تنظيم تنظيم “خراسان” بشن هجمات داخل إيران. وفي رسالة العيد، دعا أنصاره إلى ارتكاب أعمال عنف في البلاد.

الدعاية الموجهة إلى جنوب آسيا

الكراهية الموجهة إلى الشيعة تمتد إلى الأقليات الأخرى أيضا، وعلى وجه الخصوص، تم استهداف طائفة السيخ، الذي يشار إليه باسم الهندوس السيخ من قبل دعاية تنظيم “خراسان”، في كل من أفغانستان وباكستان. من الناحية الخطابية، حرم تنظيم “خراسان” كلا من الشيعة والهندوس السيخ من صفة أهل الذمة، وهم أقلية محمية في بلد مسلم، لذا وبحسب تنظيم “خراسان” يجب استهدافهم بشكل ممنهج.

ومؤخرا، وكجزء من حملته الطائفية، شن تنظيم “خراسان” هجوما مدمرا على غوردوارا (دور عبادة السيخ) في كابول. وجاء الهجوم بالتزامن مع موجة جديدة من الدعاية ضد الهندوس والهند، التي أشعل شرارتها نوبور شارما، المتحدث الوطني باسم حزب “بهاراتيا جاناتا الوطني”، في تصريحاته المسيئة للنبي والتي استفاد منها تنظيم “خراسان” على الفور. وسرعان ما نشر التنظيم كتابا تضمن دعوات لشن هجمات في الهند وحث المسلمين الهنود على الانضمام إلى صفوف تنظيم ولاية الهند الإسلامية، الفرع المحلي لـ”داعش”.

كذلك وعدت مؤسسة “العزائم” من خلال تسجيل فيديو بالانتقام من حركة طالبان والسيخ في أفغانستان، وعرضت في التسجيل صورا لهجمات سابقة في أفغانستان ومن بينها المسلح الذي اقتحم غوردوارا السيخ في كابول في العام 2022 أبو خالد الهندي. واستغلت كل من المجلتان التابعتان لـ تنظيم “خراسان”، “خراسان غاغ” و”صوت خراسان”، الحدث وهددتا بشن المزيد من الهجمات الانتقامية، واتهمت طالبان بالاهتمام أكثر بالاعتراف الدولي والمساعدات الخارجية بدلا من الدين.

واحتفل تنظيم “خراسان” بالعملية من خلال إصدار كتيبات ومقاطع صوتية ومقالات ومواصلة إصدار المنشورات ضد العلاقات بين الهند وطالبان والهندوس. وواصل المؤيدون تبادل الرسائل احتفاءا بالمهاجم “أبو محمد الطاجيكي” لأسابيع بعد العملية.

والهجوم الذي تبناه تنظيم “خراسان”، والجهود الدعائية اللاحقة، يشهد على طموحات التنظيم في أن يكون الجهة الجهادية الفاعلة العابرة للحدود في المنطقة. وبشكل جزئي على الأقل، تهدف هذه الجهود إلى استقطاب المقاتلين الساخطين من المنظمات الأخرى المشبعة بالمشاعر الطائفية. وبالنظر إلى التطورات الأخيرة في منطقة أفغانستان وباكستان الأوسع، أي الانتقال الصعب لطالبان من حركة جهادية إلى حكومة ومحادثات سلام؛ بين إسلام أباد وحركة طالبان باكستان، فإن منطقة جنوب آسيا تقدم فرصة ممتازة لـ تنظيم “خراسان” لاستيعاب المقاتلين الجدد.

وقد بدأ التنظيم منذ العام الماضي بنشر محتواه الإعلامي باللغات الإقليمية، مع تسليط الضوء على اهتمامه بجذب المجندين المحتملين من الهند من خلال ترجمة المحتويات إلى اللغات الهندية، مثل نشر كتاب حول كيفية ممارسة الجهاد باللغة الماليالامية، والتي تستخدمها ولاية كيرلا الهندية بشكل أساسي. ونشرت في الوقت نفسه مجلة “صوت خراسان” الناطقة بالإنكليزية سير ذاتية لمقاتلين هنود من ولاية كيرالا انضموا إلى تنظيم “خراسان” مثل نجيب الهندي، وإلى “داعش” في ليبيا مثل أبو بكر الهندي. ويذكر أيضا أن عبد الرحمن لوغاري، الانتحاري الذي اقتحم مطار كابول الدولي، سافر إلى نيودلهي في العام 2017 لتنفيذ هجوم انتحاري، إلا أن السلطات الهندية ألقت القبض عليه في العاصمة وسلمته بعد ذلك إلى أفغانستان قبل أن يتمكن من شن الهجوم. ونشرت أيضا مجلة “خراسان غاغ” قصة أحد المقاتلين الهنود الذين شاركوا في عملية الهروب من سجن جلال أباد في آب العام 2020 التي نظمها تنظيم “خراسان”.

الدعاية الموجهة لآسيا الوسطى

أطلق مسلحو تنظيم “خراسان” صواريخ من أفغانستان باتجاه أوزباكستان في شهر نيسان الماضي، وباتجاه طاجيكستان في شهر أيار، مما يمثل تصعيدا حقيقيا للدعاية المعادية الموجهة لآسيا الوسطى خلال الأشهر السابقة. وقد كثف تنظيم “خراسان” حملته للوصول إلى المتحدثين بلغات آسيا الوسطى منذ استيلاء طالبان على السلطة، وعزز جهود التجنيد التي تستهدف المجتمعات المذكورة. ولتوسيع نطاق جذبها، أنتج التنظيم مجموعة دعائية أصلية باللغتين الطاجيكية والأوزبكية، بينما ترجمة أيضا مواد رسمية لـ تنظيم “خراسان” إلى هاتين اللغتين. ومؤخرا، قدمت تنظيم “خراسان” أيضا العزائم الطاجيكية، فرع جديد من أفرع الدعاية الرسمية للتنظيم باللغة الطاجيكية. كما تنتج مجموعة أخرى، مثل “صوت خراسان”، محتوى إعلامي باللغة الأوزبكية وتجند بنشاط من آسيا الوسطى للانضمام إلى صفوف تنظيم “خراسان”.

إضافة إلى ذلك، يوفر تنظيم “خراسان” فرصا لحمل السلاح لمؤيديه من آسيا الوسطى من أجل قضية “الدولة الإسلامية” ومحاربة “طالبان” المتهمة بأنها منظمة تتمحور حول البشتو وتضطهد الطاجيك والأوزبك وتمارس العنف ضدهم. وتؤكد دعاية تنظيم “خراسان” على العلاقات الودية لطالبان مع الأنظمة الاستبدادية في آسيا الوسطى بغية تحفيز المتعاطفين من هذه المجتمعات.

ولبعض الوقت، كان تنظيم “خراسان” يتجنب المقاتلين الأجانب من آسيا الوسطى. وفي العام 2015، اندمج فصيل من “الحركة الإسلامية” لأوزباكستان مع “داعش”، عندما بايع زعيم الجماعة عثمان غازي الخليفة؛ “أبو بكر البغدادي” آنذاك.
واستخدمت آسيا الوسطى أيضا كنقطة طريق لمجندي تنظيم “خراسان” للوصول إلى أفغانستان. وفي خريف 2021، اعتقلت حركة طالبان مواطنا بريطانيا وآخر أوروبي بناءا على معلومات من الحكومة الأوزبكية. وكان بحوزة الاثنان ما يزيد عن 10 آلاف جنيه إسترليني نقدا ونظارات للرؤية الليلية وملابس عسكرية. وبحسب ما ورد، ذهب مواطنان فرنسيان قبل بضعة أعوام عبر آسيا الوسطى للانضمام إلى صفوف “داعش” في أفغانستان، وألقت السلطات الطاجيكية القبض على آخر في العام 2017.

وفي الآونة الأخيرة، دعت شبكات تنظيم “خراسان” الطاجيكية المتعاطفين من مجتمعات الشتات في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا للانضمام إلى “داعش” في أفغانستان وباكستان، ونشرت كتابا يوجه أتباعه لمهاجمة طوائف دينية محددة. وفي الآونة الأخيرة، ينشط تنظيم “خراسان” في مقاطعات في شمال أفغانستان ويرتبط بشبكات التمويل التي تمر عبر أفغانستان وطاجيكستان وسوريا وروسيا.

إضافة إلى ذلك، هناك سابقة لشبكات تنظيم “خراسان” التي توجه أعضاء مجتمعات الشتات في آسيا الوسطى لشن هجمات في الخارج. فعلى سبيل المثال، تم القبض على خمسة مواطنين طاجيكيين في ألمانيا بتهمة التخطيط لأعمال عنف إرهابية في أوائل العام 2020.

المراسلات الدولية

تجلت إحدى أوضح العلامات على حملة التوعية الدولية الموسعة لـ تنظيم “خراسان” في التقديم المتزايد والملحوظ للدعاية باللغة الإنكليزية. وصدر العدد الأول من مجلة “صوت خراسان” في أواخر كانون الثاني 2022، وصدر بعد أيام كتاب رسمي باللغة الإنكليزية عن مؤسسة “العزائم” للإنتاج الإعلامي. وبدأت تنظيم “خراسان” في نشر الكتب والمجلات والبيانات المطبوعة وترجمات الفيديو باللغة الإنكليزية لعولمة روايتها المحلية والإقليمية.

وكان للجهاز الإعلامي الفرعي المعين من تنظيم “خراسان”، العزائم، دورا محوريا في إستراتيجية الإعلام والاتصالات للتنظيم. وانبثق المنفذ من نظام بيئي للجماعات الدعائية المتنافسة ولكن المتوافقة مع “داعش” وأصبح الجناح الإعلامي الأساسي لتطوير ونشر رسائل تنظيم “خراسان”. وقد تم تسليحها ونشرها بشكل كامل لتعزيز إستراتيجية الحرب الإعلامية لـ تنظيم “خراسان”، وتكثيف التهديدات لقائمة مطولة من البلدان والأعداء المعلنين.

وبدأت مؤسسة “العزائم” العمل بنطاق محدود للغاية وحصرت تركيزها ظاهريا على القضايا الدينية، إلا أنها تطورت لتصبح منفذا متعدد الأوجه وقويا بحيث تغطي مجموعة واسعة من القضايا الدينية والاجتماعية والعسكرية ذات الطابع الإقليمي والعالمي. وتنتج الآن مؤسسة العزائم مواد بلغات متعددة منها الباشتو والدرية والعربية والأردية والفارسية والأوزبكية والطاجيكية والهندية والماليالامية والروسية والإنكليزية وأحيانا الأويغورية وغيرها من اللغات.

علاوة على ذلك، تستخدم العزائم العديد من المنصات مثل تلغرام وفيسبوك وتيك توك وهووب إليمنت وأراشيف وغيرها من المنصات. كما أصبحت أيضا الكيان الذي يوفر المواد بمعظم اللغات لمؤسسة I’lam، منصة الأرشفة والترجمة الصاعدة المؤيدة لتنظيم “داعش”، والتي لها عناوين ويب على مستوى جيد في عمليات البحث ومتاحة أيضا على شبكة الويب المظلمة. كذلك ساعدت المجموعات المؤيدة لـ تنظيم “خراسان” مثل “الفرسان للإعلام” في حملة التنويع اللغوي من خلال جهود حشد المصادر لجذب المتطوعين لترجمة المواد إلى البلوشية والتاليشية والتركمانية.

التهديد الإقليمي

لقد سعى تنظيم “خراسان” نحو مزيد من الإقليمية والتدويل منذ استيلاء طالبان على السلطة في آب 2021. وينعكس هذا في تواصلهم الإعلامي والعداء المكثف ضد دول الجوار وتوسيع نطاق العمليات الحركية ضد الدول في المنطقة.
وقد يكون للتوسع الدولي الملحوظ لـ تنظيم “خراسان” في جهوده الدعائية والتجنيد وجمع الأموال، فضلا عن استهدافه لعدد متزايد من البلدان التي تتعرض للتهديدات والهجمات، تداعيات أمنية كبيرة على البلدان المحيطة بمنطقة أفغانستان وباكستان وربما خارجها.

ومن المحتمل أن يستهدف تنظيم “خراسان” مصالح ومواطنين أعدائه الأجانب داخل المنطقة، وأن يشن هجمات ضد الدول المجاورة من الأراضي الأفغانية، وأن يقوم بعمليات توغل عبر الحدود، ويوجه الهجمات في الخارج ويحرض عليها.
وورد في سابقة أن تنظيم “خراسان” حاول قصف سفارة تركمانستان في آب 2021، وأطلق صواريخ على أوزبكستان في نيسان وطاجيكستان في أيار، واشتبك مع حرس الحدود عند محاولته العبور من أفغانستان إلى آسيا الوسطى في عام 2019، وكان مرتبطا بتخطيط خلية طاجيكية لهجمات في ألمانيا عام 2019.

ويتطلع تنظيم “خراسان” إلى إحداث تأثير مخيف للاستثمار الأجنبي ومشاريع التنمية التي من شأنها تعزيز موقف طالبان. وكذلك يعمل على تقويض الثقة الإقليمية في قدرة إمارة أفغانستان الإسلامية على توفير الأمن. وفي نهاية المطاف، ستعتمد التهديدات للدول المجاورة لأفغانستان والمواطنين الأجانب في المنطقة على الأولويات الإستراتيجية لـ تنظيم “خراسان” ونية وأهداف وقدرة مختلف الجهات الفاعلة الإقليمية على تعطيل ومنع عمليات تنظيم “داعش”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة