كشفت منظمات حقوقية، أمس الخميس، عن عدم وجود ضمانات كافية في عمليات الشراء من قبل وكالات الأمم المتحدة التي تقدم المساعدة في سوريا، ما أدى إلى مخاطر جسيمة تتمثل في تمويل الكيانات التي تنتهك حقوق الإنسان داخل البلاد.

دليل بشأن عمليات الشراء

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” وبرنامج “التطوير القانوني السوري”، إن الوكالات الأممية تسهل الانتهاكات الحقوقية أو تساهم فيها، عبر عمليات الشراء للمساعدات الإنسانية داخل البلاد. لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، وعليه طالبت المنظمتان، بضرورة أن تحسّن الوكالات الأممية قدراتها في مجال العناية الواجبة بحقوق الإنسان.

ورغم أن القانون الدولي والمبادئ التوجيهية الداخلية للأمم المتحدة تتطلب التأكد من توافق عمليات الشراء الخاصة بالأمم المتحدة مع حقوق الإنسان، إلا أن الدليل الذي نشرته المنظمتان، كشف أن عمليات الشراء المتبعة من جانب الوكالات الأممية في سوريا تتضمن عمليات تقييم قوية للعناية الواجبة بحقوق الإنسان.

للقراءة أو الاستماع: الحوالات المالية الدولية ممنوعة عن سوريا.. ما مصلحة إيران؟

المنظمات الدولية مصدر أموال للحكومة السورية

يقول المحلل الاقتصادي، فراس شعبو، لـ”الحل نت”، إن الأمم المتحدة منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، لم تقطع معاملاتها مع الحكومة السوري، موضحا أن المنظمات الدولية العاملة في سوريا كلها تستخدم البنوك السورية لإيداع أموالها.

وأوضح شعبو، أن إحدى مصادر التمويل التي تعتمد عليها الحكومة السورية لجلب الدولار هي المنظمات. إذ إنها أزالت عبء كبير عن الحكومة على صعيد البنية التحتية، كونها تقوم ببناء المدارس وتأمين احتياجات اللاجئين وإصلاحات المياه. 

ولفت شعبو، إلى وجود إشارات فساد داخل كيانات المنظمات الدولية. معتبرا أن ذلك تبين “عبر تعاون الأمم المتحدة مع شركات أمنية تابعة للجيش السوري. والتي ربما تمول نفسها من أموال هذه المنظمات ووكالات الأمم المتحدة العاملة في سوريا. أو حتى تقوم بغسل الأموال عبر المنح التي تقدمها هذه الوكالات للشركات الأمنية”، بحسب وصفه.

واعتبر المحلل الاقتصادي، “من الطبيعي أن يلتق الفاسدين في الحكومة السورية مع أمثالهم في المنظمات الإنسانية. وهذا سيكون له انعكاس على عمليات إنقاذ المستضعفين في البلاد، ويقلل من ثقة المتبرعين للاجئين والنازحين السوريين داخل وخارج سوريا”.

من جهته، أوضح الباحث الاقتصادي، مدير الأبحاث في “مركز السياسات وبحوث العمليات”، د. كرم شعار، في حديث لـ”الحل نت”، أن تقرير “هيومن رايتس ووتش” لم يكشف معلومات لم تكن معروفة من قبل. وإنما ركز على إيجاد آليات تساعد الأمم المتحدة على اكتشاف خلفيات الأشخاص الذين تتعاقد معهم. وتجنب التعامل مع مؤسسات أو أفراد متورطين بجرائم في سوريا. 

وبرأي الشعار، أن الأمم المتحدة تتعامل مع شركات وتجار تابعين للحكومة السورية لسببين، الأول أن الأمر خارج سيطرة الأمم المتحدة بسبب عدم وجود بدائل. والثاني أن وكالات الأمم لا تكترث بالتعامل مع مؤسسات مرتبطة بالحكومة السورية.

مضيفا، أن ما دعا التقرير الأخير هو مطالبة هذه الوكالات بالتحقق أكثر من خلفيات الأشخاص المتعاقد معهم. ووفقا لـ”الشعار”، فإن الشركات الأمنية جميعها مرتبطة بأجهزة الحكومة بشكل عضوي “جزء كبير من هذه الشركات كانت ميليشيات في “الدفاع الوطني”، ومن ثم تحولت إلى شركات أمنية. أو شركات تدافع عن شحنات الفوسفات الروسية على سبيل المثال مثل شركة سند أو صائدو داعش”.

للقراءة أو الاستماع: دون الرجوع إلى مجلس الأمن.. الأمم المتحدة تتخذ قراراً مهماً حول سوريا

التعاون مع شركة لـ ماهر الأسد

أدلة التقرير الحقوقي لـ”هيومان رايتس ووتش” كشفت أنه بين عامي 2015 و2020، منحت وكالات الأمم المتحدة شركة “شروق للحماية والحراسات”، عقود خدمات أمنية تزيد قيمتها عن 4 ملايين دولار. وبحسب ما ورد، فإن لهذه الشركة الأمنية الخاصة صلات بـ ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، والفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري.

ووفقا للتقرير، فإن هذه الشركة شاركت في أعمال أدت إلى قتل آلاف المتظاهرين خارج نطاق القضاء. واعتقلت بشكل تعسفي عشرات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء البلاد. حيث تضم طاقم من المتقاعدين في الجيش السوري وأجهزة المخابرات، بما في ذلك قسم المخابرات الجوية والمخابرات العامة.

وفي مثال آخر وتحديدا في عام 2019، أفاد الدليل أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تعاقد مع “فيلق المدافعين عن حلب”. والذي تحول إلى مزود خدمات في حلب، لدعم إصلاح أنابيب وإمدادات المياه وإزالة الأنقاض في أحد أحياء مدينة حلب.

وتعد مليشيا “فيلق المدافعين” من أبرز المليشيات التي تمكنت إيران من تشكيلها في حلب. ونموذج حي للمشروع الإيراني الهادف إلى الهيمنة الاقتصادية والتغلغل داخل التشكيلات والقوات العسكرية للجيش السوري في حلب. وتكمن أهمية هذا الفصيل في كونه كيانا عسكريا إيرانيا يضم أفرادا من ميليشيا “الدفاع الوطني” التي نجحت روسيا مؤخرا في تجنيدها ضمن صفوفها بعد سلسلة من المبادرات.

ورغم العقبات الكامنة في الاستجابة الإنسانية في سوريا، بخاصة المشتريات، تلعب المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة دورا حاسما في توفير الاحتياجات الأساسية للسوريين. مع ذلك، ترى المنظمتان، أنه ينبغي لوكالات الأمم المتحدة، إجراء تقييمات مكثفة وشفافة لمخاطر حقوق الإنسان في عمليات الشراء. ونشر هذه النتائج على الملأ، من خلال آلية الحوار الإقليمي.

للقراءة أو الاستماع: قناة سريّة لتوريد الدولار إلى البنك المركزي السوري عبر مساعدات الأمم المتحدة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.