يحمل البيان الذي أصدرته السفارة الأميركية بدمشق، حول القلق الذي تشعر به واشنطن حيال التصعيد العسكري على الحدود السورية التركية، الكثير من التساؤلات حول احتمالية وجود دور أميركي قادم في الشمال السوري يدفع لسحب فتيل التوتر والصراع العسكري هناك، بما يؤثر على ضبط النشاطات العسكرية التركية.

فبعد الإعفاءات من العقوبات الأميركية في الشمال السوري، بات من الضرورة ضمان أمن واستقرار المنطقة، حيث لابد أن يتجلى ذلك من خلال وقف أي مخاطر من تصعيد عسكري واسع في الشمال السوري سواء من قبل القوى المحلية هناك أو من قبل القوات التركية التي تتواجد في مناطق من الشمال، وهي التي حركت عدة عمليات عسكرية في الشمال السوري خلال السنوات الماضية، فضلا عن ضرورة أخرى أيضا تتمثل بتفعيل جهود الحوار الكردي-الكردي، إضافة إلى احتمالية تجسير العلاقات بين المعارضة السورية التي تدعمها أنقرة وبين قوى “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا.

قلق أميركي

السفارة الأميركية في دمشق أصدرت بيانا، يوم أمس السبت، أعربت فيه عن قلقها من من التصعيد العسكري على الحدود السورية-التركية، وأضافت السفارة بالقول “ندعو جميع الأطراف إلى دعم الاستقرار الإقليمي وتقليل مستوى العنف”.

هذا وتنتقد تركيا دعم واشنطن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بالأسلحة والمعدات، وترى أنه يشكل تهديدا لأمنها القومي، في حين تؤكد الولايات المتحدة أن دعمها لـ “قسد” مقتصر على محاربة تنظيم “داعش” في سوريا.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير خارجيته مولود جاووش أوغلو، قد أعلنا، الجمعة، رفض تركيا القرار الأميركي الأخير بإعفاء مناطق شمال شرقي سوريا من العقوبات الأميركية، ووصفه جاووش أوغلو بـ “الانتقائي”.

قد يهمك: الأسد وأردوغان في خندق واحد بعد إعفاء الشمال السوري من العقوبات الأميركية؟

خطوات أميركية قريبة؟

“المرصد السوري لحقوق الإنسان”، كشف اليوم الأحد، أن القوات التركية استهدفت أكثر من 50 بلدة وقرية في شمال شرقي سوريا خلال الـ 72 ساعة الأخيرة.

ومنذ مطلع نيسان/أبريل 2022، يشهد شمال شرقي سوريا تصعيدا عسكريا جديدا من جانب تركيا ضد أهداف لـ”قسد”، في ظل زيادة ملحوظة في وتيرة القصف البري المتبادل بين فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا و “قسد” في محيط منطقة “نبع السلام” ذات النفوذ التركي بالشمال السوري، في ريفي تل تمر وعين عيسى ومنطقة أبو راسين/زركان.

الباحث السياسي، زارا صالح، اعتبر خلال حديث لـ”الحل نت” أن القرار الأميركي الأخير بشأن إعفاء المناطق الشمالية بسوريا لن يوقف الهجمات التركية المتكررة على من مناطق شمال سوريا، مستدركا بالقول “لكن من غير المرجح أن تسمح إدارة جو بايدن باجتياح تركي جديد للمناطق هناك، على غرار ما حدث لرأس العين وتل أبيض وعفرين في السنوات الماضية، غير أن أمريكا لن توقف تركيا نهائيا عن الهجمات على المناطق (الحدودية)، حفاظا على مصالحها مع تركيا لأنها عضو في حلف “الناتو”، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا”.

أما بخصوص الحوار الكردي-الكردي، وفيما إذا كانت هناك خطوات ملموسة لتفعيلها والمضي فيه من أجل استقرار المنطقة، أشار صالح إلى أن الولايات المتحدة كان لديها رغبة منذ البداية في إتمام هذا الحوار، لكنها لم تقم كما كان مطلوبا منها كراع حقيقي لهذا الحوار كما حدث في تجربة إقليم كردستان العراق، على حد وصفه.

وتابع “في سوريا، وعلى الرغم من مرور نحو عام ونصف على الحوار الكردي-الكردي، إلا أن أمريكا لم تتخذ إجراءات جادة لإنجاح هذا الحوار، باعتبارها راعية الحوار وذات نفوذ بالمنطقة، ولو أرادت ذلك لفعّلت، وأعتقد بأن الحوار الكردي-الكردي سيجري على نفس المنوال السابق، دون التوصل إلى أي تفاهمات”.

استمرار بالفشل

فيما رأى صالح بأن خيارات تقارب قوى المعارضة السورية المدعومة من أنقرة مع قوى “الإدارة الذاتية” مستبعدة حتى الآن، مبررا ذلك بأن قوى المعارضة تلك لديها فيتو ضد “الإدارة الذاتية” في علاقتها. “كانت وإلى الآن تجري محاولات لتقريب وجهات النظر من قبل أطراف المعارضة السورية – غير المدعومة من تركيا – وبين “الإدارة الذاتية” و”المجلس الوطني الكردي”، أي الجانب الكردي بشكل عام، للبحث عن بديل للوصول إلى صيغة سورية مشتركة تجمع كل المكونات السورية من العرب والأكراد والسريان وغيرهم، لكننا لم نشهد أي خطوة عملية في هذا الإطار، خاصة من المعارضة السورية المدعومة من تركيا، كون أن الداعم هو الذي يحرك الأطراف ويفرض شروطه على القرارات السياسية، لذلك المعارضة السورية المدعومة من تركيا لا تملك قرار نفسها”.

يذكر أن بيان سفارة الولايات المتحدة في دمشق، المنشور على صفحتها الرسمية في “تويتر” أفاد بقلق بالغ لدى واشنطن “من الهجمات الأخيرة عبر الحدود من سوريا وتركيا، والتقارير التي تفيد بإطلاق النار العشوائي على المناطق المدنية”.

كما أضافت السفارة بالقول ” ندعو جميع الأطراف إلى دعم الاستقرار الإقليمي وتقليل مستوى العنف”.

قد يهمك: بعد رفع العقوبات عن شمال سوريا.. حيتان دمشق يقررون الفرار

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.