تحدث سياسي ألماني بارز، أمس الأحد، حول استبعاد روسيا من نظام المعاملات المصرفية الدولي “سويفت” في خطوة تبدو مماثلة لما حصل مع سوريا وإيران والذي أدى إلى فقدانهم القدرة على تلقي أموال من المؤسسات الدولية عن صادراتها، أو الدفع لجهات خارجية لقاء الواردات. 

فبعد مرور سنتين (عوقب المصرف المركزي السوري وتم إخراجه من نظام سويفت منذ عام 2020) على هذا القرار، يبدو أن حكومة دمشق تجاهلت تبعاته ما يشير إلى أن هنالك عدد من المستفيدين منه.

و”سويفت” هي شبكة المزود الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن، بدأ نشاطها رسميا في عام 1979 وهي خاضعة لقوانين الاتحاد الأوروبي، وتوفر سرعة التحويلات المالية إلى الجهات المستفيدة مع عنصر أمان عال.

ويعني خروج دمشق من هذه الشبكة بأي حال من الأحوال، فقدانها القدرة بشكل رسمي على تلقي أموال من المؤسسات الدولية عن صادراتها، أو الدفع لجهات خارجية لقاء الواردات. 

من المستفيد من خروج سوريا من نظام “السويفت”؟

يقول الباحث والمحلل الاقتصادي، رضوان الدبس، لـ”الحل نت”، إنه بعد استبعاد الحكومة السورية من التعامل مع نظام “سويفت” كما حصل مع البنوك الإيرانية في 2018، فتحت عدة قنوات للخروج من الأزمة استفادت منها جهات داعمة لها.

ويوضح الدبس، أن الحكومة توجهت إلى البنوك اللبنانية كما فتحت قنوات مع البنوك الإيرانية، كان آخرها السبت الفائت، عندما أعلنت إيران الاتفاق مع الحكومة السورية، لإطلاق بنك مشترك بهدف تسهيل التعاملات التجارية بين الجانبين.

وأشار الدبس، إلى أن إيران تحاول حل الإشكالية التي غرقت بها البلدان بشكل فردي. عبر استخدام البضائع المرسلة من منها عبر العراق إلى سوريا ولبنان وهي دول لديها قواسم مالية مشتركة مع بعضها البعض. 

ولجأت الحكومة السورية، وبحسب الدبس، إلى البنوك الإماراتية والتي تحوم الشكوك حولها لتبني عمليات غسيل الأموال وعمليات التحويل المشبوهة. 

ويرى الدبس، أن انهيار قدرة دمشق بالتصدير وانعدام الموارد الطبيعية لديها. وتوقف عمليات التصدير حول الحكومة لاستغلال طرق أخرى مشبوهة. كمكاتب تحويل خارجية لتنفيذ عمليات نقد متحركة بين لبنان سوريا وإيران والإمارات.

للقراءة أو الاستماع: زيادة أعداد الشركات الوهمية في سوريا.. أسباب خفية وغريبة

سوريا في عزلة مالية

من جهته، قال الباحث الاقتصادي والأكاديمي، الدكتور يحيى السيد عمر، في حديثه مع “الحل نت”، إن نظام “سويفت” يعد أساس عمل البنوك فيما يتعلق بالتحويلات المالية. فهو عصب التحويلات المالية، وكل عام يجري هذا النظام أكثر من 5 مليار رسالة، وهذا الرقم يوضح أهمية هذا النظام.

وفيما يتعلق بسوريا، أشار السيد عمر، إلى أنها خاضعة للعقوبات المالية الدولية. فعمليا لا يوجد اتصالات ولا حوالات مالية بين البنوك السورية والبنوك الخارجية. فهي لا تحتاج لهذا النظام كونها في عزلة مالية. أما فيما يتعلق بالعلاقة بين البنوك السورية والإيرانية فهناك حركة مالية لكنها ضعيفة.

وأوضح السيد عمر، أن العديد من المؤسسات المالية الإيرانية خاضعة للعقوبات المالية. لذلك لا يمكن القول بأن البنوك الإيرانية تعد صلة وصل بين البنوك السورية والبيئة المالية العالمية. والخلاصة أن نظام “سويفت” بين سوريا وإيران يقدم خدمات لكنها متواضعة نسبيا نتيجة العقوبات المالية على الجانبين.

 وكذلك أيضا بسبب ضعف التحويلات البنكية وعدم وجود قيمة تبادل تجاري كبيرة، وذات قيمة مالية كبيرة. وذلك كون التبادل التجاري الكبير يحتاج لتحويلات ضخمة، وبالتالي لعلاقات بنكية، وفق تعبيره.

للقراءة أو الاستماع: البيئة الاستثمارية في سوريا.. الغائب الدائم في الاقتصاد المتدهور

لماذا تعتبر تحويلات الأموال حيوية للغاية بالنسبة لسوريا؟

سبق وأن فرضت واشنطن عقوبات على العديد من البنوك السورية، منها “بنك الشام” و”المصرف العقاري”،. و”المصرف الصناعي”، “المصرف الزراعي التعاوني”، و”مصرف التوفي”ر، و”مصرف التسليف الشعبي”.

ومع ذلك، سُمح لـ”مصرف سوريا المركزي” بنقل الحوالات المالية حتى كانون الأول/ديسمبر 2020، لأنه كان معفيا سابقا من العقوبات. ولكن مع إدراجه في القائمة، أصبحت الأمور أكثر إشكالية فيما يتعلق بسقوط النظام المصرفي.

ووجّهت الفقرة الأولى من المادة 101 من قانون “قيصر” وزير الخزانة الأمريكي، إلى فحص حقيقة أن “المصرف المركزي السوري كيان مالي هدفه الرئيسي غسل الأموال” خلال 180 يوما من تطبيق القانون. ومع ذلك، فشلت دمشق رغم وجود دعم من إيران وروسيا في تجنب خدمات نظام “سويفت” التي تتخذ من بلجيكا مقرا لها. وتضم نحو 11 ألف مؤسسة مصرفية تابعة لـ 200 دولة حول العالم.

يقول مدير الأبحاث في “مركز السياسات وبحوث العمليات”، د. كرم شعار، في حديث لـ”الحل نت”، إنه بالنسبة للسوري، وبعد انقطاع دمشق عن نظام “سويفت”، إذا ما أراد إرسال أموال. فستذهب هذه الحوالة أولا إلى لبنان أو إلى البحرين. ومن ثم يعاد إرسالها بشكل نظامي عبر نظام “سويفت” إلى مكان الإرسال. وهو نظام مهم عالميا بالرغم من كونه أنه هو سواء كان بسوريا ولا بغير سوريا هو يعتبر من الأنظمة البطيئة جدا لنقل الأموال بين البنوك.

ليس من المستغرب أن يكون الخطر الأكبر عند إرسال الحوالات المالية إلى سوريا هو أن هناك القليل من الضمانات بأن هذه الأموال ستصل إلى المستفيدين المقصودين. وكثيرا ما يقوم عملاء “الحوالة” ذوي المخاطر العالية بغسل الأموال لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها حكومة دمشق.

ما سبق يجعل البنوك وشركات تحويل الأموال الدولية مشككة بشكل خاص بشأن تحويلات الأموال إلى سوريا. لأنها بحاجة إلى التخفيف من مخاطر الغرامات الباهظة من المنظمين، أو الإضرار المحتمل بسمعة مؤسساتهم. علاوة على ذلك، فإن هناك نقص تام في الوصول المالي في المناطق الأكثر تضررا. إذ يشير تقرير “المجلس النرويجي للاجئين” إلى أن المسافة التي تفصل بين مشغلي تحويل الأموال هي أكبر عائق أمام حصول السوريين على التحويلات.

للقراءة والاستماع: ما أهداف إنشاء مصرف مشترك بين طهران ودمشق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة