زيادة أعداد الشركات الوهمية في سوريا.. أسباب خفية وغريبة

زيادة أعداد الشركات الوهمية في سوريا.. أسباب خفية وغريبة

منذ بداية العام الحالي، فتح باب التساؤل عن أسباب موافقة دمشق لتسجيل عدد من الشركات برأس مال صغير، وفق القانون 29 لعام 2011. حيث كان غالبيتها من الشركات المحدودة المسؤولية ورأسمالها 5 ملايين ليرة سورية فقط.

التحليلات تشير إلى أن هذه الشركات والصناديق الاستئمانية السرية والمجهولة الهوية تلعب دورا رئيسيا في غسيل الأموال وتوجيهها، إذ تخفي وراء ستار من السرية هوية الأفراد الفاسدين والشركات غير المسؤولة المتورطة في أنشطة غير مشروعة.

شركات برأسمال “لا يشتري عدة”

سجلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، منذ بداية 2022، 16 شركة غالبيتها شركات ذات مسؤولية محدودة برأسمال 5 ملايين ليرة سورية. حيث يسمح يحدد قانون الشركات السورية سبع فئات من الشركات: الشركات التجارية والمشتركة، والشركات المساهمة المملوكة للدولة، وشركات المناطق الحرة، والشركات القابضة، والشركات الأجنبية، والشركات المدنية.

وفي تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، قال مدير مديرية الشركات بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، زين صافي، اليوم الاثنين، إنه تم تسجيل 16 شركة في الأيام العشرة الأولى من العام الجاري، بينها شركة برأسمال 10 ملايين ليرة سورية، و15 شركة محدودية المسؤولية برأس مال 5 ملايين ليرة سورية.

وتعليقا على ذلك، أكد الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور، إبراهيم العدة، أن رأس المحال البسيط هو ظاهرة موجودة في البلاد. حيث يتم تأسيس شركات لفترات محدودة ولغايات معينة، ويتحول الربح لرقم الأعمال الذي دائما ما يبقى مجهولا.

وحول آلاف الشركات التي تؤسس كل عام في سوريا، قال العدة، إن رأس المال المعلن ظاهرة غير سليمة في الاقتصادي السوري، مبينا أن الهدف منه “قد لا يكون نظيفا ولغاية خاصة في نفس المؤسسين، لكون مبلغ 5 ملايين لا يشتري باب للشركة، ويمكن سحبه في اليوم التالي للتأسيس”.

للقراءة أو الاستماع: خسائر تجارية كبرى في الاقتصاد السوري بمليارات الدولارات

لماذا تنتشر شركات “فانتوم” في سوريا؟

يعود السبب الأول لانتشار شركات الفانتوم (أي الشركات الوهمية) في سوريا، للهروب من قانون العقوبات الأميركي “قيصر”. حيث يسعى رؤوس الأموال السوريين ولا سيما المقربين من السلطات السورية إلى الالتفاف على العقوبات بتأسيس شركات وهمية.

والشركات الوهمية بحسب حديث رجل الأعمال، منير الزعبي، لـ”الحل نت”، بأنها شركات أو صناديق استئمانية سرية. ويستخدمها المجرمون الدوليون والشركات الفاسدة لإخفاء الأموال وسرقة الحكومات. وسحب الأموال النقدية التي يمكن استخدامها لدفع تكاليف الرعاية الصحية أو التعليم أو الاستثمار في البنية التحتية الحيوية.

ومن الشائع وفقا للزعبي، أن تكون إحدى الشركات الوهمية “مملوكة” من قبل شركة وهمية أخرى. والتي هي نفسها مملوكة لشركة وهمية أخرى، وهكذا. مما يجعل من المستحيل عمليا تطبيق القانون أو تحديد الأفراد الحقيقيين المسؤولين في النهاية لأعمال الشركة.

وهذا يحرم الحكومات، في كل من البلدان المتقدمة والنامية، من الموارد التي يمكن استثمارها في تحسين الخدمات العامة وتحفيز النمو الاقتصادي الشامل.

وخلافا للدول المرتبطة بالاقتصاد والقانون الدولي، فإن الشرعية الممنوحة للشركات الوهمية المسجلة في أماكن مثل سوريا. تجعل من السهل على أصحابها فتح حسابات مصرفية يمكنها تحويل الأموال غير المشروعة في أي مكان في العالم.

وطبقا لحديث الزعبي، ففي كثير من الحالات، تم استخدام هذا التكتيك لسرقة الموارد التي تحتاجها البلاد للاستثمار في الصحة والزراعة والحد من الفقر. بالإضافة إلى ذلك، فهي تؤدي إلى تفاقم مشاكل الحوكمة وتقويض آفاق الاستثمار والنمو.

للقراءة أو الاستماع: خطوة فاشلة في دعم الصناعة السورية.. هذه أبرز تأثيراتها

عجز الميزان التجاري السوري في تزايد

وبحسب تصريحات مساعدة وزير الاقتصاد في الحكومة السورية للنمو الاقتصادي والعلاقات الدولية، رانيا أحمد، فقد بلغ حجم الصادرات في عام 2021، 664 مليون يورو، بارتفاع نحو 46 مليون يورو عن 2020. في حين بقيت الواردات قريبة من 2020 عند نحو أربعة مليارات يورو.

وقالت الوزيرة، الجمعة الفائت، إن الإحصائيات التي قدمها نائب وزير الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، بسام حيدر، مطلع العام هي مجرد تقديرات، والتي قال فيها، إن “الصادرات السورية في عام 2020 بلغت نحو مليار يورو.

وخلافا للتصريحات الحكومية، فقد أظهرت بيانات “البنك الدولي” أن الميزان التجاري السوري سجل عجزا قدره 4.5 مليار دولار في كانون الأول 2020. مقابل عجز قدره 6.2 مليار دولار في العام الذي سبقه. وبلغ إجمالي الصادرات السورية في آخر التقارير 71.6 مليون دولار في أيلول/سبتمبر 2021. بانخفاض قدره 14.7 بالمئة على أساس سنوي. وسجل إجمالي الواردات 556.1 مليون دولار أمريكي في أيلول/سبتمبر 2021، بزيادة قدرها 14.7 بالمئة على أساس سنوي.

وتعد سوريا من بين الدول الأقل قدرة على الصمود في العالم. حيث تحتل المرتبة 154 من بين 163 دولة في مؤشر أسعار المنتجين. والتي حددت سوريا كنقطة بيئية ساخنة، حيث تواجه البلاد حاليا تعرضا كبيرا لأربعة تهديدات بيئية.

للقراءة أو الاستماع: البيئة الاستثمارية في سوريا.. الغائب الدائم في الاقتصاد المتدهور

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة