في ظل تراجع قوة تنظيم “داعش” في سوريا، واعتماده على شن العمليات الخاطفة، بعد أن تفككت قياداته مؤخرا، تعتمد مجموعات التنظيم الموجودة في البادية السورية، على الدراجات النارية في تحركاتهم لشن الهجمات في المنطقة.

تكتيك جديد

صحيفة “الشرق الأوسط” قالت في تقرير نشرته الثلاثاء، إن مجموعات تنظيم “داعش“، اتبعت “تكتيك جديد مؤخرا، لاستهداف مواقع القوات السورية، والميليشيات المساندة لها في البادية، وذلك باستخدام الدراجات النارية“.

وبحسب تقرير الصحيفة، فإن معارك اندلعت مؤخرا بين التنظيم والقوات السورية، ما تسبب بوقوع خسائر من الجانبين، “حيث قُتل ما لا يقل عن 80 عنصرا من القوات المحلية والميليشيات الإيرانية، في باديتي حمص والرقة، وعلى الطريق بين تدمر ودير الزور“.

واعتبر تقرير “الشرق الأوسط“، أن “داعش”، يسعى لأن يكون المتحكم في منطقة البادية، ما يشير إلى احتمالية زيادة خطر التنظيم خلال الفترة المقبلة.

لا يعني تواجد عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي، في البادية السورية وفي المناطق الحدودية بين سوريا والعراق، أن خطر التنظيم يمكن أن يتعاظم في الفترة المقبلة، إلا أن ضرورة التنبه لاستمرار هذا التواجد وخلق آليات مواجهة ناجعة له ستكون ضرورية لمنع إيجاد عوامل قد تكون من شأنها زعزعة استقرار المنطقة في الفترة المقبلة.

أرقام تخص هيكلية “داعش”

تقرير للأمم المتحدة، صدر مؤخرا وأشار من خلاله إلى أن تنظيم “داعش” لا يزال يهدد السلم والأمن الدوليين، مشيرا إلى أن الحدود السورية – العراقية “لا تزال معرضة للخطر بشكل كبير، حيث يُقدر أن ما يصل إلى 10 آلاف مقاتل ينشطون في المنطقة“، معتبرا أن قيادة “داعش”، تدير أصولا تتراوح قيمتها بين 25 مليونا و50 مليون دولار أميركي.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، في تقرير قدمه للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن التنظيم الإرهابي استغل القيود المفروضة بسبب جائحة “كورونا”، لتكثيف الجهود وتجنيد المتعاطفين، وجذب الموارد.

وبيّن المسؤول أن هيكل “داعش” الجديد، يعتمد على ما يسمى بـ“المديرية العامة للمحافظات” والمكاتب المرتبطة بها، في سوريا والعراق وأماكن انتشار التنظيم، وأشار إلى أن قيادة “داعش”، من خلال هذا الهيكل تحرض أتباعها على تنفيذ الهجمات، وتحتفظ بالقدرة على توجيه ومراقبة تدفق الأموال إلى أتباعها.

التنظيم في أضعف حالاته

الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية، أبو الفضل الإسناوي، رأى أن الأرقام الواردة في تقرير الأمم المتحدة، تؤكد أن تنظيم في تراجع كبير في كل من سوريا والعراق، لا سيما عند مقارنتها بقدرات التنظيم في أولى سنوات تأسيسه.

وقال الإسناوي في حديث سابق مع “الحل نت“: “الأرقام التي ذكرت في التقرير وهي أن عدد المقاتلين عشرة آلاف، وأن حجم أو ميزانيته أو ما يمتلك من أموال، تشير بالتأكيد إلى تراجع التنظيم، هذه الأرقام لا تؤسس لتنظيم حقيقي أو متشابك، بالتالي هذه الأرقام تشير إلى أن داعش في أضعف حالاته سواء في سوريا أو في العراق“.

ودعم الإسناوي اعتقاده في تراجع “داعش” مؤخرا، بالإشارة إلى انخفاض حجم ومعدلات الهجمات التي ينفذها التنظيم مؤخرا في المنطقة.

وحول ذلك أضاف: “هذه الأرقام تؤكد أن معدل هجمات داعش خلال السنوات القليلة الماضية تراجعت كثيرا، خاصة أن عمليات التنظيم كلها هي عبارة عن ضربات فردية، بمعنى أنها ليست قائمة على اشتباكات واضحة فهي أشبه بعمليات الذئاب المنفردة. اعتماد التنظيم على هذا الأسلوب يؤكد على أن التنظيم في الفترة الأخير بسوريا والعراق في اتجاه متراجع“.

وعلى مدار العام الماضي، وجد تنظيم “داعش” ملاذا آمنا وعمقا استراتيجيا داخل البادية السورية، منطقة الصحراء الوسطى الواسعة التي تشمل مناطق في محافظات حمص، وشمال شرق حماة، وجنوب الرقة، وغرب دير الزور.

إنهاء تواجد التنظيم في البادية، والسبل التي تؤدي إلى قطع دابره هناك، حالت دون حدوثها نتيجة اشتداد المنافسة بين روسيا وإيران على البادية السورية، بعد أن عززت الأخيرة وجودها العسكري هناك، مما شجع الأولى على شن حملة استقطاب واسعة لصالح جزء من قوات حكومة دمشق الموالية لها -اللواء الثامن- لتوسيع نفوذها بشكل أكبر داخل المنطقة. الأمر الذي أدى إلى استنتاج عدد من المراقبين، أن روسيا باتت تستخدم فزاعة “داعش” هناك لادعاء محاربتها الإرهاب، إلا أن واقع الحال يبدو غير ذلك.

كثير من المحللين العسكريين، المعنيين بعمليات “داعش” بالبادية السورية، تحدثوا عن تقسيم التنظيم للبادية إلى قطاعات بأبعاد مختلفة، ولكل قطاع عدد معيّن من العناصر، وأمير جماعة منفصلة تماما عن الجماعات الأخرى. وهذا التكتيك العسكري استخدمته الجماعات الجهادية سابقا في أفغانستان، والعراق، وكان له تأثير كبير على تنظيم العمليات العسكرية، وتحديد المهام، وأيضا تحديد التكاليف بدقة، وهو أمر يهتم به التنظيم كثيرا، خاصة مع انحسار الموارد التي كان يسيطر عليها في العراق، وسوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.