يبدو أن الجغرافيا السياسية تلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى في قمة منتدى “جزر المحيط الهادئ”، إذ تأتي القمة وسط مخاوف الإدارة الأميركية، من أن تواصل الصين المكثف مع جزر المحيط الهادئ في السنوات الأخيرة أدى إلى استدراجها، مما أدى إلى تهديد عسكري استراتيجي محتمل للولايات المتحدة، وحلفائها الإقليميين.

الصين في مرمى القمّة

بعد أيام من إعلان جزر سليمان رفضها لاستقبال السفن الأميركية، أعلن البيت الأبيض، أمس الجمعة، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، سيستضيف زعماء جزر المحيط الهادئ، في قمة أواخر الشهر الجاري، في أحدث محاولة من جانب واشنطن لمواجهة الصين، خاصة في منطقة المحيط الهادئ.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، في بيان، إن الاجتماع الذي يستمر يومين في واشنطن العاصمة، سيرمز إلى “التاريخ والقيم والعلاقات بين الشعوب”، بين الولايات المتحدة ودول جزر المحيط الهادئ، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تعاون الولايات المتحدة بشأن القضايا الرئيسية مثل تغير المناخ، والتصدي للأوبئة، والانتعاش الاقتصادي، والأمن البحري، وحماية البيئة، وتعزيز الحرية، وانفتاح المحيطين الهندي والهادئ.

وقال مسؤول بالإدارة، بأن البيت الأبيض دعا 12 دولة من جزر المحيط الهادئ، بما في ذلك جزر سليمان، التي أبرمت في نيسان/أبريل الفائت، اتفاقا أمنيا مع الصين، مما زاد من قلق واشنطن، بشأن نفوذ بكين المتزايد، خاصة أنها عرضت صفقات سلاح مع 10 بلدان في المحيط.

وكانت الصين، قد وسّعت أنشطتها في المحيط الهادئ في وقت سابق من هذا العام، بما في ذلك التوقيع على اتفاقية الأمن بين الصين وجزر سليمان، وجولة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في المحيط الهادئ التي شملت ثماني دول، واستغرقت 10 أيام للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن بيان الرؤية المشتركة لبكين.

أهمية المحيط الهادئ

خلال السنوات القليلة الماضية تعمل واشنطن، على بناء حلف أمني من الدول الرئيسية في المنطقة وعلى رأسها الهند، وأستراليا، وكندا واليابان.

في نهاية الشهر الماضي، قالت المتحدثة باسم السفارة الأميركية في كانبيرا الأسترالية، إن “الولايات المتحدة تلقت إخطارا رسميا من حكومة جزر سليمان بخصوص تعليق جميع الزيارات البحرية في انتظار تحديثات إجراءات البروتوكول”.

ويرجح مراقبون، أن يكون قرار جزر سليمان، الأخير بإيعاز صيني في إطار رد بكين على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي تتمسك الصين بالسيادة الكاملة عليها.

وتَعد الولايات المتحدة منطقة المحيط الهادئ، حلبة تنافس رئيسية مع الصين، التي تبذل جهودا لمد نفوذها هناك، بعد أن كان النفوذ مقتصرا على الولايات المتحدة وأستراليا.

وترى واشنطن، أن الوجود الصيني العسكري في هذه المنطقة سيقلل من نفوذها ويقلق حلفاءها مثل أستراليا، لكن بكين تؤكد أن تحركاتها ليست موجهة لأحد، في حين يقول خبراء أميركيون أن دخول الصين بقوة على هذه المنطقة، سيكسبها قوة اقتصادية ودبلوماسية أيضا.

شراكات ضد الصين

يبدو أن التحالفات والتعاون، تشكل المكونات الرئيسية للخطة الأميركية الرامية إلى مواجهة توسع نفوذ الصين على الساحة الدولية، وخاصة في منطقة المحيط الهادئ الهندية.

في عام 2021، أعلنت الولايات المتحدة، عن تشكيل تحالف “أوكوس” الأمني، الذي يضم أيضا بريطانيا وأستراليا. ورغم أن الصين لم تذكر بشكل محدد في إعلان التحالف، إلا أنه كان من الواضح أن الصين كانت واحدة من أهدافها.

تشكّل الولايات المتحدة، والهند، وأستراليا، واليابان “التحالف الرباعي للحوار الأمني “كواد”، وعلى الرغم من أن أسس هذا التحالف قد أرسيت في عام 2004، بعد أن ضربت موجات المد الزلزالية إندونيسيا، إلا أنه برز كتحالف عسكري في عام 2020، نتيجة للمخاوف المتزايدة لدى هذه الدول من أن بكين، تزيد من نفوذها العسكري.

والولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، هم أعضاء في “تحالف العيون الخمس”، وهو تحالف لتبادل المعلومات الاستخباراتية. ورغم أنه ظهر أثناء الحرب الباردة لمعارضة الاتحاد السوفييتي، إلا أن بكين تقول، إنه بات يكرس جهوده ضدها في السنوات الأخيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة