“لن أقوم بزرع الأرض في الموسم المقبل” يقول المزارع سمير داوود، وهو مستاء من خسارته في زراعة الحمضيات في أرضه الواقعة بريف اللاذقية، وذلك بسبب غياب الدعم الحكومي في تأمين مستلزمات الزراعة وارتفاع تكاليف الإنتاج.

التوقف عن الزراعة؟

داوود يفكر كغيره من عشرات المزارعين، بعدم زراعة أرضه أو التوجه لزراعة أصناف أخرى، الأمر الذي يهدد بندرة بعض الأصناف وخاصة الحمضيات في سوريا خلال الموسم المقبل.

ويضيف داوود خلال حديثه لـ“الحل نت“: “في بداية الموسم تلقينا وعود كثيرة من الحكومة، باستجرار كامل المحاصيل وبأسعار مناسبة. لكن ما حصل هو أن وزارة التجارة الداخلية لم تفي بوعودها وطلبت من المزارعين كميات قليلة لم تغطي كامل المحصول. العديد من المحاصيل كلّفتنا أعباء إضافية جراء التبريد بعد الحصاد“.

ويتحدث داوود عن معاناته في تسويق محصوله خلال الموسم، حيث يتعرض المزارعين لتحكم التجار بالأسعار، ويزيد بالقول: “لدي قطعة أرض مزروعة بالتفاح، الحكومة تعهدت بالتسويق لكنها طلبت جزء من المحصول، الأمر الذي سبب لي خسائر كبيرة“.

قد يهمك: دمشق ترفع الدعم عن الشاي.. ماذا بقي من الدعم الحكومي؟

ويواجه المزارعون صعوبات عديدة في تغطية تكاليف الإنتاج، حيث أكدوا أنهم لم يحصلوا على المخصصات الكافية من المحروقات خلال عمليات الزراعة والحصاد، الأمر الذي تأدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع التكاليف.

مدير المكتب الصحفي في “السورية للتجارة” صفوان درغام، اعتبر في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” الخميس، أن تدخل الوزارة “إيجابي قدر المستطاع“، وتحدث عن عمل الوزارة في استجرار كميات التفاح من المزارعين بالتوازي بين المحافظات لتغطية حاجة السوق قدر الإمكان “وبنسب توافق سعة صالات السورية للتجارة من جهة وكميات الإنتاج من جهة أخرى“.

من جانبه اعتبر الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة، في تصريحات للصحيفة المحلية، أن المشكلة لا تكمن بارتفاع أسعار المحاصيل في الأسواق السورية، فهو أمر طبيعي نظرا لارتفاع تكاليف الإنتاج والتسويق والنقل، بل إن: “أساس المشكلة هو ضعف القدرة الشرائية للأهالي في البلاد”

وعن دور السورية للتجارة، أوضح قرنفلة أن الهدف من هذه المؤسسة هو التدخل الإيجابي لإنقاذ المحصول إما بالتخزين أو بالاستجرار لصالاتها وهي عاجزة أمام ارتفاع نسبة الإنتاج، مبينا أنها تحولت إلى مؤسسة اقتصادية فيها ربح وتجارة وتدخلها للشراء بسعر أقل مكبل بقوانين تحكمها لا قدرة لها على تحملها ودون تعويض عن هذه الخسارة.

التوجه للفواكه الاستوائية

“بالنسبة لي سأتوقف عن زراعة الحمضيات وأتوجه للفواكه الاستوائية” يقول محمد شيخ أحمد وهو صاحب أرض تقع في ريف طرطوس، مشيرا إلى أن تحويل أرضه لزراعة “الفواكه الاستوائية” يأتي بسبب مرودها الاقتصادي الجيد مقارنة بالمحاصيل الأخرى.

ويوضح شيخ أحمد في حديثه لـ“الحل نت” أن: “الفواكه الاستوائية أسعارها مرتفعة، وقد ازدهرت زراعتها مؤخرا في مناطق الساحل، وأصحاب تلك الأراضي يسوقون منتجاتهم بأنفسهم دون الحاجة للدعم الحكومي. سوق الحمضيات لم يعد يغطي تكاليف الإنتاج حتى“.

البيع بـ“الحبة”

وبحسب تقرير سابق لـ“الحل نت”  فإن هذه الفاكهة يتم بيع معظم أنوعها بالحبة، حيث يبلغ سعر الحبة الواحدة من فاكهة “الدراغون الاستوائية” ثمانية آلاف ليرة سورية،  أما سعر حبة من البابايا 10000 ليرة سورية، بينما سجل سعر كيلو من المانغا 18000 ليرة سورية، أما سعر حبة المانغا المصرية 7000 ليرة سورية، وسعر حبة فاكهة الشوكولا الاستوائية 6000 ليرة سورية، بينما سعر حبة القشطة 7000 ليرة سورية، وتختلف الأسعار حسب الجودة والوزن.

من جانبه أكد عضو لجنة تجار ومصدري الخضار والفاكهة بدمشق أسامة قزيز، أن مصدر هذه الفاكهة هو مناطق الساحل السوري، مشيرا إلى أن البلاد، ستشهد خلال السنوات القادمة إنتاج كميات أكبر من الفواكه بمختلف أنواعها ومن الممكن أن يجري تصدير الفائض منها إلى الخارج.

وفي تصريحات صحفية سابقة، أوضح قزيز أن المزارعين في الساحل، اتجهوا إلى زراعة هذه الأنواع، بسبب مردودها المادي المرتفع، مقارنة بالخضار والحمضيات، وذلك في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج.

وحول فوائد هذه الفاكهة، بيّن قزيز، أن الفواكه الاستوائية تتميز بقيمة غذائية عالية لوفرة المعادن والفيتامينات فيها فهي مفيدة وصحية للإنسان.

ارتفاع متواصل للأسعار

ونتيجة لارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية، اتجه معظم السوريين لتخفيض استهلاكهم من الفواكه، بعد أن حلقت أسعارها بـ“العالي“، فهم غير قادرين على شرائها، رغم أنها في موسمها ويفترض أن تكون رخيصة أو ذات أسعار معقولة.

وحول الأسعار، فقد بلغ سعر كيلو التفاح الجيد نوعا ما 4500 ليرة، والدراق ما بين 4500-5500 ليرة حسب نوعه، والخوخ 4000 ليرة، والإجاص الجيد بـ3500 ليرة، والنوع الثاني بـ2500 ليرة، والعنب ما بين 2500-3500 ليرة، والكرز النوع الأول 7000 ليرة والثاني بـ5500 ليرة.

أما البطيخ الأحمر وحده من دون غيره رخيص السعر في هذه الأيام، فالكيلو يباع ما بين 350-450 ليرة، بينما البطيخ الأصفر ما زال ثابت السعر عند الـ800 ليرة للكيلو، حيث بيّن المواطنون أن الأسعار تختلف بين سوق وآخر.

معاناة المزارعين

يعاني المزارعون السوريون منذ مطلع العام الحالي من ارتفاعات متتالية لأسعار تكاليف الزراعة لمختلف المحاصيل، ما جعلهم يلجؤون إلى تسويق محاصيلهم عبر التّجار والشركات المستقلة بعيدا عن الجهات الحكومية، التي تم تحييدها في ظل فشلها في إيجاد آلية ترضي المزارع وتراعي التكاليف.

عضو اتحاد الغرف الزراعية، مجد أيوب، أكد أن الشراء من المزارعين بعقود مسبقة يجري الآن بدون عقود مكتوبة بين أصحاب المراكز الزراعية وتجار أسواق الجملة، وفق آلية يتوجه المزارع بموجبها إلى أحد المراكز الزراعية الكبيرة سواء في سوق الجملة، أو في المدينة.

وأشار أيوب، في تصريحات نقلتها صحيفة “تشرين” المحلية قبل أيام، إلى أن المزارع ينقل إنتاجه إلى تاجر سوق الجملة عند الحصاد، لبيعه بالأسعار الرائجة ويأخذ من القيمة نسبته، وقيمة المستلزمات، أو المديونية يتم تسديدها للمركز الزراعي ويعطي البقية للمزارع، موضحا، أن الارتباط المعنوي بين المزارع والتاجر والمركز الزراعي، هو الذي يحدد العملية، وليس عقدا مكتوبا بينهم.

أوضح أيوب، أن الفترة الأخيرة شهدت دخول مجموعة من رجال الأعمال، للاتفاق على كبار المزارعين على شراء إنتاجهم، في ظل تراجع دور وزارة التجارة الداخلية، التي لا تملك الإمكانات المالية اللازمة للشراء بعقود مسبقة.

وحول عجز الحكومة في القيام بهذا الدور أضاف أيوب: “هناك أسباب متعددة أهمها، أن النظام المالي للشركات الحكومية لا يسمح بالشراء بهذا الشكل، وهو أمر لا يمكن القفز فوقه، هذا إذا تم تجاوز موضوع استدراج العروض، وعليه فإن (السورية للتجارة)، لا تستطيع الشراء من المزارعين بعقود مسبقة إلّا بمبلغ محدد في العقد، فقد يرتفع سعر السوق ويرفض المزارع التسليم فيتحول الأمر إلى القضاء الذي يحتاج فترة طويلة ليقرر بها“.

قد يهمك: الضرائب تسحب ما تبقى في جيوب السوريين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.