لم تمض عدة أيام على فوز ليزا تراس برئاسة الحكومة البريطانية، خلفا لبوريس جونسون، حتى توفيت ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، يوم أمس الخميس، ليكون هناك تغيير إضافي في الحكم في المملكة المتحدة خلال أسبوع واحد، وبحسب وثيقة الحقوق لخلافة العرش البريطاني، فإن وراثة المُلك تنتقل بشكل مباشر إلى الأمير تشارلز، أمير ويلز، وهو الابن لأكبر لإليزابيث ليكون ملك بريطانيا القادم.

من هو تشارلز ولي العهد الصغير؟

الأمير تشارلز، ولد في قصر بكنغهام في الرابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1948، وهو الابن الأكبر للملكة إليزابيث الثانية والتي كانت دوقة إدنبرة آنذاك وزوجها الأمير فيليب، دوق إدنبرة وهو أول حفيد للملك جورج السادس والملكة إليزابيث الأولى، وتم تعميده في 15 كانون الأول/ديسمبر من نفس العام، وعندما أصبح عمره 3 سنوات توفي جده وأصبحت والدته الملكة ما جعله يصبح وليا للعهد في سن صغيرة.

الملك تشارلز الثالث “وكالات”

تلقى تشارلز تعليمه في غرب لندن، وهو أول ولي عهد يتلقى تعليمه خارج القصر،ولم يحصل على أي معاملة خاصة، ثم انتقل إلى مدرسة والده القديمة في شرق بيركشاير، ثم انتقل إلى شمال شرقي إسكتلندا، وفي السادس والعشرين من تموز/يوليو 1958، سُمي أميرا لويلز وتشيستر بعد أن نصبته والدته أمام البرلمان ليصبح الأمير رقم 21 لويلز والأول منذ عام 1936.

 ثم التحق بكلية “ترينيتي” في جامعة كامبريدج، وتخرج منها عام 1970، وفي نفس العام في شباط/فبراير، استلم مقعده في مجلس اللوردات، ثم تخرج من كلية سلاح الجو الملكي في كرانويل عام 1971.

في تموز/يوليو 1981، تزوج من الأميرة ديانا سبينسر، في كاتدرائية سانت بول، وأنجبا ولديهما ويليام وهنري، ثم انفصل عنها في كانون الأول/ديسمبر 1992، وفي نيسان/أبريل من العام2005، تزوج من الأميرة كاميلا باركر بولز، ولا تزال زوجته حتى الآن.

في نيسان/أبريل 2018، وافق قادة اتحاد الكومنولث على أن الأمير تشارلز سيخلف الملكة إليزابيث كرئيس قادم للاتحاد.

يعتبر تشارلز، صاحب أطول مدة لوريث للعرش الملكي البريطاني في التاريخ، وأول وريث عرش يحصل على شهادة جامعية في التاريخ، ومن هواياته المفضلة لعب البولو والتزلج والصيد، والكتابة والرسم والزراعة.

بمجرد أن توفيت الملكة إليزابيث الثانية، انتقل التاج الملكي تلقائيا لتشارلز، ليكون ملك بريطانيا الجديد، وتحت اسم “الملك تشارلز الثالث”، ومن أهم الاستحقاقات الداخلية التي تنتظر الملك الجديد، هي متابعة سياسة والدته في إدارة الحكم في بريطانية، وخارجيا قيادة اتحاد الكومنولث الذي يضم عددا من الدول التي تتبع للتاج البريطاني بموجب اتفاقيات بينها وبين بريطانيا.

إقرأ:تصعيد حاد ضد روسيا… أقوى عقوبات بريطانيّة ضد موسكو

موقف تشارلز من سوريا؟

منذ بداية الحرب في سوريا، اتخذ الملك تشارلز، موقفا مؤيدا للمعارضة السورية، كما هو موقف الحكومة البريطانية التي دعمت السوريين على عدة مستويات، كدعم المعارضة بشقيها، إضافة للدعم المقدم للاجئين والمهجرين السوريين وهي من المحاور التي اهتم بها تشارلز بشكل خاص وشخصي، من خلال لقاءاته العديدة بلاجئين سوريين سواء في بريطانيا أو في دول لجوء أخرى.

وفي العام 2015، حذر تشارلز من أن التغير المناخي سيكون أحد أسباب الصراع في سوريا، حيث قال “إن التغير المناخي ربما يكون عاملا في اندلاع الحرب الأهلية في سوريا”.

https://youtu.be/Xk6eED_cEQI
تكريم اللاجىء السوري حسان خوام من قبل الأمير تشارلز “آنذاك”

وأشار إلى أن حدوث جفاف في سوريا لسنوات عديدة كان سببا في اضطرار العديد من الناس إلى النزوح عن أراضيهم.

وأضاف “في الواقع هناك دليل جيد جدا بالفعل على أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا الهول في سوريا كان الجفاف الذي استمر لنحو خمس أو ست سنوات، وهو ما أدى إلى اضطرار أعداد هائلة من الناس في النهاية إلى مغادرة الأرض”.

وكان لتشارلز، اهتمامات خاصة باللاجئين السوريين، ممن قدموا إلى بريطانيا، ففي تشرين الثاني/ديسمبر 2021، التقى تشارلز اللاجئ السوري حسان الخوام ومنحه جائزة فخر بريطانيا “برايد بريتن أوورد”، تقديرا لجهوده في مساعدة الوافدين إلى البلاد من مناطق النزاعات والحروب من جميع أنحاء العالم، وخاطب الشاب قائلا إنه “فخور بنوع الإنجازات التي يقوم بها رغم الصعاب”.

وفي شهر رمضان الماضي، زار تشارلز عددا من العائلات السوري التي لجأت إلى بريطانيا، وهنأهم بالشهر، واستمع لقصة خروجهم من سوريا هربا من الحرب، وسأل حينها عن أحوال إقامتهم في بلده، بحسب تقارير صحفية.

وفي تصريح لتشارلز، في مطلع العام الحالي، أكد أنه في عام 2022 سيواصل العمل مع الناس في جميع أنحاء العالم للدفاع عن القيم الثمينة التي يتكون منها المجتمع الحر، لا سيما في سوريا وأفغانستان.

وقال في تصريحه، “أدعو الله من أجل إيجاد حلول سلمية لهذه النزاعات وأن ننعم جميعًا بالشجاعة لدعم المحتاجين، أينما كانوا”، بحسب “الحل نت”.

وأضاف إنه “في دول مثل أفغانستان وسوريا وميانمار، تقترن التهديدات والحقائق المتعلقة بالاضطهاد السياسي والديني وانعدام الأمن بظروف إنسانية مزرية”.

قد يهمك:بريطانيا تحذر من حرب عالمية ثالثة بسبب روسيا

من هي ليز تراس؟

ليز تراس رئيسة للحكومة البريطانية بعد فوزها بزعامة حزب المحافظين، يوم الإثنين الماضي بعد إعلان الحزب، نتائج انتخاباته الداخلية، حيث حصلت ليز تراس على 66بالمئة من أصوات المحافظين، في الانتخابات التي جرت في 10 داونينغ ستريت، بعد ثمانية أسابيع من تقديم جونسون استقالته.

ليز تراس، أمضت طفولتها شمالي إنجلترا، ودرست في مدرسة حكومية في ليدز، وهي من أبوين يؤيدان حزب العمال، وتوجهاتهما يسارية، درست السياسة والاقتصاد والفلسفة في جامعة أوكسفورد.

ليز تراس رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة “وكالات”

التقلبات السياسية تميز ليز تراس، كانت تنتمي للحزب الليبرالي الديمقراطي ثم انتقلت لحزب المحافظين عامَ 1996 لتتولى عبر السنواتِ مناصب وزاريةً في حكومات ديفيد كاميرون وتيريزا ماى وبوريس جونسون، لتكون الخارجيةُ البريطانية أحدثَ الحقائبِ الوزارية.

وتعتبر من معارضي “بريكست” بشدة لتعود وتؤيد خروجَ بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتسعى في سياستها إلى خفض الضرائب وتخفيف أعباء الأزمةِ المعيشية على المواطنين. مواقفُها متشددة في السياسة الخارجية خاصة ضد الصين وروسيا، وهي من مؤيدي برنامج رواندا لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وهي ثالث رئيسة للوزراء في بريطانيا، بعد تيريزا ماي ومارغريت تاتشر.

إقرأ أيضا:أزمة سياسية في بريطانيا.. ما علاقة بوريس جونسون؟

أولويات تراس وتحدياتها

في أول خطاب لها بعد تسلمها رسميا رئاسة وزراء بريطانيا، بعد أن كلفتها الملكة إليزابيث الثانية بتشكيل حكومة جديدة، خلال اجتماع في قلعة بالمورال في أسكتلندا،أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس 3 أولويات ستعكف عليها خلال الفترة القادمة.

وبينت تراس، هذه الأولويات هي دفع عجلة الاقتصاد، والتعامل مع أزمة الطاقة التي تسبب فيها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بحربه على أوكرانيا، وتعزيز الخدمات الصحية في البلاد.

وقالت في خطابها، “إننا نواجه تحديات عالمية تسببت فيها حرب روسيا على أوكرانيا، و”سنقف متحدين مع حلفائنا للدفاع عن الديمقراطية في العالم”، مضيفة “أثق في قدرتنا على مواجهة العواصف وإعادة بناء اقتصادنا”.

دعم بريطاني لأوكرانيا لمواجهة الغزو الروسي “وكالات”

أما بالنسبة لما تواجهه تراس، فهناك سبعة تحديات رئيسية يجب عليها التعامل معها، وهي ارتفاع تكاليف المعيشة، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في أثناء الحملة الانتخابية، وأساس الأزمة نابع من أنّ الطاقة، وخصوصا الغاز، لا يتدفق بشكل طبيعي. والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الصراع في أوكرانيا والخطوات المتعمّدة التي يتخذها الكرملين.

أما التحدي الثاني، فهو يتمثل بكيفية  تجاوز خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا هذا الشتاء، حيث شهد أداء العاملين في خدمة الصحة الوطنية البريطانية تراجعا في السنوات العشر الأخيرة، لكن الأوضاع تفاقمت بتفشّي وباء كورونا.

والتحدي الثالث، يتمثل باستمرار دعم أوكرانيا بنفس القوة خاصة مع تفاقم الأزمة المالية وطول أمد الغزو الروسي لأوكرانيا.

أما الرابع، فهو تحد يتعلق بحزب تراس “المحافظين” المنقسم داخليا حيث يجب عليها العمل على إعادة توحيد صفوفه، والتحدي الخامس هو إيرلندا الشمالية، وخاصة فيما يتعلق ببروتوكول إيرلندا الشمالية.

التحدي السادس يتمثل بإمكانية مواصلة رفض إجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا، وفي مقاومة استقلال اسكتلندا، يتعين على أي رئيس وزراء بريطاني أن يحْذر انتهاج طريق من شأنه المجازفة بتقويض دعم عملية الاتحاد البريطانية.

أما السابع، فيطرحه تساؤل حول هل لا يزال ممكنا الوصول إلى صفرية الانبعاثات الكربونية بحلول 2050؟ ففي ظل أزمة أسعار الغاز، تجد رئيسة الوزراء الجديدة نفسها مضطرة إلى اتخاذ قرارات عاجلة على صعيد الطاقة، ومن شأن هذه القرارات أن تضع بريطانيا على الطريق، أو تجعلها تخرق، التزامات حكومتها فيما يتعلق بالوصول إلى صفرية الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.

قد يهمك:مرشحان لرئاسة الحكومة البريطانية.. تعرفوا عليهما

موقف تراس من اللاجئين

 رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة، تبنت موقف جونسون حول ترحيل اللاجئين وبينهم السوريون وكانت وعدت بأنها في حال ترؤسها الحكومة ستطلب من تركيا توقيع اتفاقية مماثلة لما جرى مع رواندا التي تم إيقافها مؤقتا بعد ضغوط من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

كما تناقلت صحف ومواقع بريطانية على رأسها “التايمز” وديلي ميل” مزاعم عن نية ليز تراس، إرسال مهاجرين ولاجئين بينهم سوريون من المملكة المتحدة إلى تركيا، وبحسب “ديلي ميل” فإن تراس وخلال وجودها في منصب وزيرة الخارجية، كانت أبلغت النواب سرا أنها ستفتح مفاوضات مع المزيد من الدول لحملهم على استقبال لاجئين يصلون إلى بريطانيا إذا فازت برئاسة الوزراء بما فيهم إسبانيا وتركيا.

إقرأ:لاجئون ببريطانيا يخشون الترحيل القسري.. “الموت أفضل من الذهاب لرواندا”

دور بريطانيا في سوريا

كشف تقرير استقصائي نشر في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، أن حكومة المملكة أنفقت خلال السنوات الخمس الماضية 350 مليون جنيه إسترليني، ما يعادل نحو 477 مليون دولار لتعزيز المعارضة في سوريا.

وأوضح تقرير مؤسسة البحوث الاستقصائية البريطانية “ديكلاسفيد”،أن الحكومة البريطانية مولت عشرات المشاريع في سوريا، وخاصة بالمناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

كما مولت بريطانيا، مشروع “شرطة المجتمع” أو ما يعرف محليا باسم “شرطة سوريا الحرة”. والتي تهدف إلى أن تكون قوة أمنية يقودها المجتمع، وتعمل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة مثل إدلب وحلب.

مساعدات دولية لسوريا تساهم بريطانيا في دعمها “وكالات”

 إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية حالت دون اكتمال التمويل، إذ كشفت رسالة مسربة شهر مارس/آذار الماضي نية الحكومة البريطانية خفض مساعداتها لسوريا بنسبة 67 بالمئة.

وعقبها بشهر، قلصت الحكومة البريطانية دعمها للقطاع الطبي الخاص باللاجئين السوريين في لبنان. ما أدى إلى تعطيل شبه كامل لمشاريع المنظمة الخاصة بالسوريين.

وبحسب شبكة “بي بي سي”، تسعى الحكومة البريطانية إلى خفض ميزانية المساعدات الدولية الإجمالية بنحو 4 مليارات جنيه إسترليني في 2021-2022.

إقرأ أيضا:حكومة جديدة في بريطانيا.. من هو الأقرب لخلافة بوريس جونسون؟

حكام جدد لبريطانيا في أسبوع واحد، وسط تغيرات كثيرة يشهدها العالم نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، وتفاقم أزمة الطاقة في أوروبا، إضافة إلى الصراعات في الشرق الأوسط وعلى رأسها الأزمة السورية، إضافة للبيت الداخلي البريطاني والتحديات التي تواجه حكام بريطانيا، ليبقى التساؤل حول تعامل هؤلاء مع كل ذلك، وهو ما سيتضح خلال المرحلة المقبلة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة