بسبب العرض الكبير مقارنة بضعف الطلب الناتج عن انخفاض القدرة الشرائية للأفراد السوريين، نتيجة انخفاض الدخل وانخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار، تشهد صناعة العقارات في سوريا، ركودا حادا، حيث وصلت نسبة الانخفاض في البناء إلى 60 بالمئة، وباتت مقتصرة على الشركات العقارية الكبيرة.

جمود مطبق

سوق العقارات في سوريا شهد هذا العام ركودا كاملا، ففي مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت حركة البيع والشراء أفضل بكثير، وحتى نسبة البناء والترخيص انخفضت بشكل كبير، وأصبح الأمر مقتصرا على الشركات العقارية الكبيرة.

وبحسب ما أكده رئيس نقابة البناء والإسمنت، إحسان قناية، لصحيفة “تشرين” المحلية، اليوم الأحد، فإن السبب وراء ذلك، ارتفاع أسعار مواد البناء من الإسمنت والحديد والبلوك، ومواد الصحية والكهرباء بنسبة أكثر من 100 بالمئة، عما كانت عليه في العام الماضي، فيما ارتفعت بنسبة 15 بالمئة، في الأيام القليلة الماضية.

ووفقا لحديث قناية، فإن تكلفة طن الإسمنت الرسمي ارتفعت إلى 416 ألف ليرة، بدلا من 180 ألف ليرة في العام الماضي، في حين ارتفعت تكلفة طن الحديد إلى 3.5 مليون ليرة، بدلا من 225 ألف ليرة، كما أن تكلفة اليد العاملة قد زادت أيضا بسبب غلاء المعيشة، حيث وصلت يومية العامل المساعد إلى 18 ألف ليرة.

وتابع قناية، “بينما تبلغ يومية المعلم 50 ألف ليرة، حتى إن أجور النقل زادت أضعافا، فقد كان عامل الصحية يستقل سيارة لنقل العمال من مركز المدينة إلى الريف بتكلفة 10 آلاف ليرة، أما اليوم فأجرتها أكثر من 50 ألف ليرة”.

سوق سوداء للبناء؟

وفي معرض حديثه، أشار رئيس نقابة البناء والإسمنت، إلى أن مشكلة البناء أنه يشمل ويضم اليد العاملة والصحية والكهرباء والرمل، والإسمنت والحديد والنجارة، فمثلا متر الألمنيوم تكلفته اليوم 400 ألف ليرة.

ولفت قناية، إلى أنه بسبب ارتفاع كلفة البناء بالنسبة للسكان المحليين، انخفضت حركة الرخص للمكاتب الهندسية بأكثر من 60 بالمئة، وأصبحت محصورة بترميم الأبنية المهدمة فقط، حيث إن كلفة بناء غرفتين بكسوة بسيطة بات يكلّف ما بين 30 إلى 40 مليون ليرة سورية، عدا سعر الأرض.

أما لوازم البناء وكافة السلع المستوردة الأخرى تحولت إلى سوق سوداء كغيرها من المواد داخل البلاد، فمثلا يمكن أن تصل كلفة طن الإسمنت بين فترة وأخرى إلى 800 ألف ليرة، في حال وجود طلب عليه، كما يمكن أن تصل كلفة طن الحديد إلى 4 ملايين ليرة، خاصة عند تأخير استيراده، وبالتالي فإن المستوردين يتحولون إلى إخفاء واحتكار المادة والتحكم في سعرها.

المنزل في سوريا.. حلم

امتلاك المواطن السوري في الوقت الحاضر لمنزل في نظر الباحث العقاري، عمار يوسف، “أصبح ضربا من الخيال يمكن أن يتحقق في الأحلام فقط”، مرجعا ذلك إلى ارتفاع تكاليف العقارات ومستلزمات البناء والطاقة والنقل، مشيرا إلى أن هناك مَن “يتعمد ألا يمتلك المواطن بيت إضافة لمجموعة من التصريحات كان آخرها أنه سيتم هدم المخالفات ولو كانت مرصعة بالألماس وهذا من شأنه أن يرفع سعر العقارات أكثر”.

وأقرّ يوسف، بأن سوق العقار يشهد ركودا وأن البائعين الحاليين هم من الأفراد الذين يحتاجون إلى شراء الطعام والشراب ودفع التزاماتهم، باستثناء الممتلكات التي تُباع لتجميد الأموال.

وأشار يوسف، إلى أن المنزل بمساحة 100 متر مربع يكلف ما لا يقل عن 80 مليون ليرة، مما يجعل تكلفة المتر المربع الواحد من المبنى 600 ألف ليرة، مع السقف والأعمدة، وما يصل إلى 800 ألف ليرة مع الإكساء الخارجي، وذلك من دون الأخذ في الاعتبار كلفة الأرض التي يحددها السوق العقاري المحلي، والتي قد تصل في منطقة أبو رمانة، مثلا إلى 25 مليون ليرة، للمتر المربع.

الجدير ذكره، أن سوق العقارات في سوريا، يتأثر بعدة عوامل مرتبطة بشكل غير مباشر بالهجرة من جهة وإصدار الحكومة السورية تعديلات على قوانين المالية العقارية من جهة أخرى. إلا أن خبراء اقتصاديون أكدوا أن أسعار العقارات في سوريا لا تزال شبه ثابتة، وسبب ارتفاع أسعارها هو انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية أي أن هذا الارتفاع غير حقيقي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.