لا يبدو أن لبنان سينتهي من أزمته الاقتصادية الخانقة في الوقت القريب، بل العكس هو السائد، آخرها قرار برفع الدعم عن الوقود في بلد الأرز من قبل “البنك المركزي” اللبناني، فما تفاصيله؟

متحدث باسم “البنك المركزي” اللبناني، قال البارحة، لوكالة “رويترز”، إن البنك توقف عن دعم الوقود تماما، من خلال عدم توفير الدولار لواردات البنزين، في خطوة أدت إلى ارتفاع أسعار الضخ بشكل كبير في بيروت.

العام الماضي، قال “البنك المركزي”، إنه سيتوقف عن تقديم الدولار بأسعار الصرف المدعومة؛ بسبب تضاؤل ​​احتياطيات العملات الأجنبية، لكنه واصل القيام بذلك بسعر أقل من أسعار السوق عبر منصة “صيرفة”، قبل أن يخفض البنك مبلغ الدولارات تدريجيا خلال الأسابيع الماضية.

وقال متحدث باسم البنك المركزي لـ “رويترز”، إنه على المستوردين الآن الحصول على دولارات من السوق السوداء، حيث تم تداول العملة عند حوالي 35 ألف ليرة لبنانية للدولار يوم أمس الاثنين، في حين استقر معدل صيرفة الأسبوع الماضي بالقرب من 28.000 ليرة.

مزيد من التقلب

من جهته، أوضح عضو اتحاد شركات استيراد البترول، مارون شمال، للوكالة البريطانية، أنه “إذا كان هناك مزيد من التقلب في سعر الصرف، فسيكون هناك مزيد من التقلب في سعر الوقود”.

شموس أكّد، إن المستوردين تمكنوا حتى الآن من الحصول على كل الدولارات التي يحتاجونها من السوق السوداء، وقال إن مضخات البنزين ستستمر في قبول الدفع بالليرة اللبنانية بالسعر اليومي في السوق السوداء.

وقفز سعر 20 لترا من البنزين بمقدار 20 ألف ليرة لبنانية يوم الاثنين، بزيادة ملحوظة مقارنة بالتقلبات اليومية العادية التي بلغت بضعة آلاف من الليرات في الأسابيع السابقة.

في السياق، قال الباحث الاقتصادي، جاسم عجاقة لموقع “الحرة”، إن نصف كميات البنزين المستورد يتم تهريبها خارج الحدود اللبنانية من قبل التجار، لذلك فإن استمرار الدعم يعني الاستمرار باستنزاف دولارات “المصرف المركزي”.

عجافة أردف، أنه “من هذا المنظور يمكن القول إن هذه الخطوة هي لوقف استنزاف الدولارات، كما أنها بالدرجة الأولى استجابة لمطلب صندوق النقد الدولي، الذي يعلم ما يدور في لبنان”.

اللبناني رهين 3 أمور

بعد رفع الدعم عن البنزين، أصبح المواطن اللبناني رهينة 3 أمور، وهي بحسب عجاقة، “سعر النفط العالمي، سعر الدولار في السوق السوداء، وسعر صفيحة البنزين بالدولار”.

ولفت عجافة، إلى أنه “رغم تراجع سعر برميل النفط عالميا، إلا أن سعر دولار السوق السوداء يشهد ارتفاعا في لبنان، ما يعني أن سعر صفيحة البنزين سيرتفع”.

عجافة اختتم، أن ما ينتظره المواطن اللبناني هو المزيد من الأعباء، “فقد دخلنا في حلقة تضخمية، حيث سنشهد ارتفاع معظم الأسعار كونها مرتبطة بالمحروقات”.

ويشهد لبنان منذ صيف عام 2019، أزمة اقتصادية حادة، صنفها “البنك الدولي” بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، حيث فقدت الليرة اللبنانية نحو 90 بالمئة من قيمتها، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.

ويحاول لبنان حل جزء من محنته الاقتصادية، عبر لجوئه إلى العراق وإرضائه بالمقدور عليه من قبله، مقابل استيراد الوقود منه، ولعل آخر المحاولات، كانت من خلال التفاح.تصدير التفاح مقابل الوقود “الفيول”.

“الهيئة اللبنانية لمعالجة المسائل الانمائية” في الشمال، اقترحت مؤخرا خلال اجتماع برئيس الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، تصدير التفاح اللبناني إلى العراق، في مقابل الحصول على “الفيول” العراقي.

اتفاقات عراقية-لبنانية

قبل ذلك وقّع لبنان مع العراق، اتفاقا في تموز/ يوليو 2021 لاستيراد مليون طن من وقود “الفيول” للتخفيف من أزمة الكهرباء في البلاد، ووصلت أول باخرة إلى بيروت محملة بـ31 ألف طن من مادة وقود “الفيول” في 16 أيلول/ سبتمبر عام 2021.

“الفيول” هو مزيج من الزيوت التي تبقى في وحدة تكرير النفط بعد التقطير -وقود ثقيل- ويحرق في الفرن أو المرجل لتوليد الحرارة أو لتوليد الطاقة الكهربائية أو الحركية.

وفي نيسان/ أبريل 2021، وقعت بغداد اتفاقا “إطاريا” مع بيروت، تحصل بموجبه الأخيرة على النفط العراقي مقابل تقديم لبنان الخدمات الطبية للعراق.

الاتفاقية حصلت حينها، بأن يتم توريد لبنان 500 ألف طن من النفط العراقي دوريا مقابل الخدمات الطبية، لإنقاذ بيروت من الأزمة الاقتصادية وتحديدا الصعوبات في التزود بالطاقة.

بعد “توقيع الاتفاق الإطاري”، توصل العراق ولبنان إلى تفاهمات من أجل تشكيل “لجنة فنيّة مشتركة” لضمان تطبيق ما ورد في الاتفاق حينها، وفق “الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام”، لكن وبعد تنفيذه لمدة معينة، لم يستمر الاتفاق؛ لأن بغداد هي الأخرى تمر بأزمة وقود مؤخرا، غير أن بيروت تحاول مؤخرا تفعيل الاتفاق من جديد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.