قرار لبناني رحّب به الشارع العراقي كثيرا، لكنه ما كان ليصدر لولا الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها بيروت وحاجتها إلى بغداد التي تخفّف عنها الأعباء عبر “الفيول”، فما هي تفاصيل القرار؟

قررت وزارة الداخلية اللبنانية، إعفاء العراقيين من تأشيرة دخولهم إلى لبنان وجعلها مجانية، إضافة إلى منح المسافر العراقي إقامة مجانية لمدة شهر كامل، قابلة للتمديد لمدة 3 أشهر بالمجان أيضا.

اليوم الاثنين، قال وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، في تصريح للتلفزيون العراقي، إن “الحكومة اللبنانية كانت في السابق تعفي بعض الدول العربية والأوروبية من التأشيرة، وكان العراق مستثنى من ذلك”.

وأضاف مولوي، لكن اليوم أصبح للمواطن العراقي إمكانية الدخول إلى لبنان دون تأشيرة بموجب جواز السفر، ويتم إعطاءه إقامة لمدة شهر قابلة للتجديد لمدة 3 أشهر مجانا.

اتفاقات لبنانية-عراقية

بحسب مولوي، فإن ” الحكومة اللبنانية تحرص على إقامة علاقات جيدة مع كافة الدول الصديقة، وهذا القرار هو نتيجة ما رأيناه مناسبا لوجوب تطوير هذه العلاقات”، مردفا: “هناك معاملة بالمثل بيننا وبين العراق”.

وأوضح مولوي، أن “الحكومة اللبنانية أرادت تطوير العلاقات بهذا الاتجاه مع الجمهورية العراقية”، مؤكداً أن “القرار أصبح نافذا وقمنا بإبلاغه للأمن العام لتنفيذه”.

https://twitter.com/a3_mb2/status/1568613399722102788?t=AypSIWIejEGHUjrL9QQFPw&s=19

القرار اللبناني، يأتي في سياق محاولاتها لحل جزء من محنتها الاقتصادية، عبر إرضاء العراق بالمقدور عليه من قبلها، مقابل استيراد الوقود منه، ولعل آخرها قبل قرار اليوم، كان من خلال التفاح. نعم التفاح مقابل الوقود “الفيول”.

“الهيئة اللبنانية لمعالجة المسائل الانمائية” في الشمال، اقترحت مؤخرا خلال اجتماع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، تصدير التفاح اللبناني إلى العراق، في مقابل الحصول على “الفيول” العراقي.

قبل ذلك وقّع لبنان مع العراق، اتفاقا في تموز/ يوليو 2021 لاستيراد مليون طن من وقود “الفيول” للتخفيف من أزمة الكهرباء في البلاد، ووصلت أول باخرة إلى بيروت محملة بـ31 ألف طن من مادة وقود “الفيول” في 16 أيلول/ سبتمبر عام 2021.

“الفيول” هو مزيج من الزيوت التي تبقى في وحدة تكرير النفط بعد التقطير -وقود ثقيل- ويحرق في الفرن أو المرجل لتوليد الحرارة أو لتوليد الطاقة الكهربائية أو الحركية.

وفي نيسان/ أبريل 2021، وقعت بغداد اتفاقا “إطاريا” مع بيروت، تحصل بموجبه الأخيرة على النفط العراقي مقابل تقديم لبنان الخدمات الطبية للعراق.

تشديد لبناني على السوريين

الاتفاقية حصلت حينها، بأن يتم توريد لبنان 500 ألف طن من النفط العراقي دوريا مقابل الخدمات الطبية، لإنقاذ بيروت من الأزمة الاقتصادية وتحديدا الصعوبات في التزود بالطاقة.

بعد “توقيع الاتفاق الإطاري”، توصل العراق ولبنان إلى تفاهمات من أجل تشكيل “لجنة فنيّة مشتركة” لضمان تطبيق ما ورد في الاتفاق حينها، وفق “الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام”، لكن وبعد تنفيذه لمدة معينة، لم يستمر الاتفاق؛ لأن بغداد هي الأخرى تمر بأزمة وقود مؤخرا.

ويواجه لبنان أزمة حادة مع انهيار قيمة العملة وتراجع مدخراته من العملة الصعبة، بدأت منذ تفجير مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس 2020، وتفاقمت بشكل واسع، حتى بات لبنان اليوم، بلا اقتصاد ولا كهرباء.

التعامل الإيجابي من قبل بيروت مع العراق، يختلف جذريا عن تعاملها مع السوريين، وهنا يتجلى بشكل واضح مصلحة لبنان عند العراق، ولو أن مصلحتها الاقاصادية عند دمشق لما ترددت بتعامل جيد مع السوريين، غير أن سوريا تمر بأزمة اقتصادية مشابهة لبيروت وربما أقسى منها.

ففي منتصف تموز/ يوليو المنصرم، أصدرت المديرية العامة للأمن العام اللبناني، تعليمات ومعايير جديدة لدخول السوريين إلى لبنان، بحسب متابعة “الحل نت”.

وسمحت التعليمات الجديدة حبنها، بدخول السوريين عبر حجز فندقي ومبلغ 2000 دولار وجواز سفر أو هوية صالحة، إضافة لحاملي بطاقة النقابات أو بطاقة رجل أعمال أو مستثمر.

كما سمحت بدخول أي مالك عقار صالح للسكن بشرط إبراز إفادة عقارية لا تتجاوز صلاحيتها 3 أشهر، إضافة لمستأجر العقار شريطة إبراز عقد إيجار مصدّق ومؤشر من مركز الأمن العام الإقليمي في لبنان.

تعليمات مستمرة

المديرية سمحت كذلك، بدخول السوريين إلى لبنان للدراسة بشرط تقديم الشهادات التي سيقبل على أساسها في الجامعة، مع السماح بالدخول للقادمين بغرض السفر عبر المطار والموانئ البحرية لمدة 48 ساعة.

كما تم السماح بالدخول للقادمين بغرض العلاج الطبي بناء على تقارير طبية أو إفادة مراجعة من قبل مشفى أو طبيب لبناني، والسماح بدخول القادمين لمراجعة سفارة على ألا تتجاوز مدة إقامتهم 15 يوما.

وبحسب تعليمات المديرية، يسمح لأي لبناني بدعوة سوري أو عائلته لزيارة لبنان، كزيارة عائلية، أو بموجب تعهد فردي بالمسؤولية لأي جمعية أو شركة أو مؤسسة معترف بها.

أيضا يسمح بدخول حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والجوازات الخاصة، وحاملي بطاقات الإقامة، إضافة إلى زوج المرأة اللبنانية وأولادها، وزوجة الفلسطيني اللاجئ في لبنان، وزوجة اللبناني.

كما سمحت القرارات الجديدة، بدخول سائق السيارة العمومية أو باص الركاب ومعاون سائق شاحنة النقل العمومية وسائق أو مرافق رجل الدين أو المستثمر أو رجل الأعمال أو المصرفي.

وسمحت المديرية بدخول السوريين غير الحائزين على أي مستند ثبوتي لمدة 10 أيام، والقاصرين دون 15 سنة برفقة والديهما شرط حصول الأهل على إقامة.

وبحسب المديرية، يُضم إلى كل طلب تجديد إقامة للسوري، تعهد بعدم العمل منظّم لدى كاتب بالعدل، كما تمنح السوريات القادمات بغرض الزواج من أحد عسكريي القوى الأمنية اللبنانية والقاصرات منهن برفقة ولي أمرهن إذن دخول لمدة 24 ساعة.

لبنان يناقض القانون الدولي

التعديل حول شروط دخول السوريين إلى لبنان، الذي صدر منتصف تموز/ يوليو الماضي، هو التعديل الرابع منذ مطلع العام الحالي، ففي كانون الثاني/ يناير المنصرم، صدرت تعديلات مرتبطة بانتشار جائحة “كورونا”، وأيضا في شباط/ فبراير الماضي، صدرت تعديلات تتعلق بتلقي اللقاح الخاص بفيروس “كورونا”، إضافة لتحديد فئات معينة يشملها السماح بالدخول.

وكان التعديل قبل الأخير لشروط دخول السوريين إلى لبنان، صدر في منتصف آذار/ مارس الماضي، حيث حدد شروطا متعددة بحسب تقرير سابق لـ ”الحل نت”.

ونصت التعديلات في ذلك الوقت على أنه، من يدخل لزيارة عمل أو من يملك عقار سكني أو مستأجر عقار سكني بمنح إقامة مؤقتة لمدة أقصاها 15 يوما مع إفادة مغادرة، أما في حال الدراسة يتم سحب مستنداته ووضعها في شؤون الجوازات، حيث يمنح إذن دخول لمدة 7 أيام، وبعد إثبات التسجيل يُمنح إقامة دراسية مع الأخذ بعين الاعتبار تنفيذ مضمون البرقية المنقولة رقم 950 تاريخ 05/08/2017. فيما إذا تم الدخول والمغادرة عبر المطار أو الموانئ البحرية والمعابر الحدود البرية، يمنح إقامة لمدة 24 ساعة مع إفادة مغادرة (ترانزيت).

أما في وضع العلاج الطبي أو لمراجعة سفارة أجنبية، يمنح إذن دخول لمدة 48 ساعة، ومن يكون والده لبناني أو والدته لبنانية يمنح إذن دخول لمدة شهر، وللدبلوماسيين وحاملي جوازات السفر الخاصة وجواز المهمات ومرافقيهم يمنح إقامة مؤقتة لمدة 6 أشهر.

وبخصوص سائقي السيارات والباصات العمومية، يمنح لهم إقامة لمدة 24 ساعة، وسائقي شاحنة نقل عمومية إقامتهم لمدة شهر، أما العاملة في الخدمة المنزلية برفقة كفيلها السوري، تمنح لها سمة دخول لمدة شهر مدفوعة وإذا ترغب بالتمديد يجب مراجعة المركز الإقليمي ضمن نطاق سكنه لتقديم طلب تحويل سمة.

وفي الآونة الأخيرة تصاعد الخطاب الرافض لوجود اللاجئين السوريين في لبنان، لا سيما من قبل الحكومة اللبنانية، والأحزاب السياسية، لا سيما من قبل وزير المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين، الذي طالب بترحيل اللاجئين السياسيين السوريين إلى بلد ثالث.

لبنان ومن خلال مطالباته بإعادة اللاجئين السوريين قسرا، يخالف قواعد القانون الدولي ومن بينها اتفاقية مناهضة التعذيب التي يُعتبر لبنان طرفا فيها، في الوقت الذي تشير فيها التقارير الأممية والحقوقية إلى أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.