في الوقت الذي تقترب فيه زيارة الأربعينية من الانتهاء في العراق، وتمسك “التيار الصدري” بالصمت السياسي يبقى الشغل الشاغل في الأوساط العراقية هو ما بعدها من أحداث، حيث تشير بعض الترجيحات إلى إمكانية عودة تجدد الاحتجاجات الصدرية، فيما يرى البعض أن الأمر مرهون بالمفاوضات التي تجري في الوقت الحالي ما بين القوى السياسية ومحاولات إقناع زعيم “التيار الصدري”، بالحلول السياسية.

وتخوض الأطراف السياسية جولات من المفاوضات، التي تحاول من خلالها التوصل إلى اتفاق مع “التيار الصدري” يفضي إلى الخروج من الأزمة الراهنة من خلال الاتفاق على صيغة دستورية لإجراء انتخابات مبكرة، وحل البرلمان، وهي المطالب التي يرفعها زعيم التيار، مقتدى الصدر.

أخر تلك الحراكات، تشكيل لجنة ثلاثية مشتركة من الكرد والسنة وغرماء الصدر من تحالف “الإطار التنسيقي” الذي يضم قوى شيعية موالية لإيران، يجسدها رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني عن الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عن السنة، ورئيس تحالف “الفتح” هادي العامري عن “الإطار”، بحسب المعلومات المتداولة.

اللجنة تهدف لإعادة الصدر إلى ميدان الحوار السياسي والاتفاق على صيغة إجراء انتخابات مبكرة، وحل البرلمان ضمن أطر دستورية، بعد أن أعلن في 29 آب/أغسطس الماضي اعتزاله السياسة نهائيا، ولجوئه إلى استخدام ورقة الشارع، بتحريك جماهيره للضغط على غرمائه في “الإطار”، الذي عطّل مشروعه السياسي، وبمحاولة لحل البرلمان، قبل فشله حتى بعد تطور الأحداث إلى صدام مسلح.

أجواء مشحونة كانت قد سبقتها مواجهات مسلحة نتجت عن فتح القوات الأمنية التي من ضمنها مجاميع تابعة لـ “الحشد الشعبي” و”الإطار”، النار على أنصار الصدر بعد أن اقتحموا القصر الحكومي – الجمهوري، داخل المنطقة الخضراء، على إثر إعلان الصدر اعتزاله السياسية، وبعد اعتصامهم داخل الخضراء وتعطيل عمل البرلمان على مدى شهر، أدت إلى مقتل وجرح العشرات من الصدريين، ما يفتح باب السؤال حول إذا ما كان موعد بعد الزيارة مرحلة جديدة من الصراع، أم ستنتج المفاوضات عن حل سلمي يرضي جمع الأطراف.

اقرأ/ي أيضا: دعما للاقتصاد.. العراق يسعى لتفعيل النقل الدولي

العراق والخيارات المتاحة

تعليقا على ذلك، قال المهتم بفي الشأن السياسي عادل العنزي لموقع “الحل نت”، إنه “من المتوقع أن تكون المفاوضات التي تجريها اللجنة الثلاثية في الوقت الحالي هي آخر فرصة ما قبل تفجر الأوضاع، بالمقابل هناك معلومات تتحدث عن تقبل صدري لما يتم طرحه من قبل اللجنة الثلاثية”.

العنزي أضاف، أن “الصدر كان واضحا مع الجميع، لاسيما في آخر مقترح قدمه قبل أيام قليلة وهو أن الخيار المتوفر لديه فقط، هو حل البرلمان وتحديد موعدا لانتخابات جديدة، وبقاء الكاظمي على رأس حكومة انتقالية، برهم صالح رئيسا لجمهورية، وهذا ما يضع نجاح اللجنة الثلاثية في التوصل إلى اتفاق يجب أن يكون ضمن هذا الإطار، وإلا غير ذلك يعني أنه دفع للصدر بتحريك أنصاره مجددا”.

كما أشار إلى أن “الأوضاع على حافة الهاوية، بالتالي يقتضي على جميع الأطراف إبداء المرونة، وتقديم التنازلات فالأوضاع لا تحتمل أبدا، لاسيما وأن هناك مؤثرات خارجية تنتظر فرصتها في الانقضاض على مقدرات البلاد”.

تطورات المواقف الأخيرة تأتي بعد أن كانت الأزمة السياسية في العراق، قد اشتدت منذ الـ30 تموز/يوليو الماضي، بعد أن اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات، قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

بعد أن عاد المشهد ليتطور في 29 آب/أغسطس الماضي، شهدت بغداد تصعيدا صدريا، على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري“، مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره للمنطقة الخضراء، والقصر الجمهوري – الحكومي-، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

اقرأ/ي أيضا: هكذا “تسبب” الصدر بالأزمة السياسية في العراق

العراق وامتداد الصراع

الصراع جاء بعد أن هاجمت القوات الحكومية مع فصائل تابعة لـ “لحشد الشعبي“، وموالية لـ “الإطار” أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، ما دفع “سرايا السلام“، الجناح المسلح التابع للصدر للتدخل للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، لتندلع مواجهة مسلحة داخل الخضراء، انتهت عندما دعا الصدر في اليوم التالي من خلال مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح سقط 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري، بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

تلك التطورات جاءت نتيجة لصراع سياسي، دام لأكثر من 10 أشهر، منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز كتلة الصدر فيها أولا، وخسارة قوى “الإطار“، الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية وطنية“.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

“إنقاذ وطن” أصر بـ 180 مقعدا نيابيا، على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية“، تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي“، أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية“، يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

العراق وتبعات الفشل الصدري

الفشل في تمرير مشروع حكومة “الأغلبية“، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية – البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور، وهو ما لم يتمكن “إنقاذ وطن” من تحشيده.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار“، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار“، توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي، محمد شياع السوداني، في الـ25 من تموز الماضي، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. حزب المالكي غاضب من الكاظمي

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.