يمين متطرف ويسار مرن. هكذا يبدو المشهد داخل “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران في العراق. ما دفع لإطلاق التسميتين، التصريحات الصحفية التي تخرج من داخل قوى “الإطار” والتي تبين وجود انقسام بين طرفين، فهل سيسفر ذلك عن تفكّكه؟

توجد في “الإطار” 6 قيادات. أول 3 قيادات سنذكرها هي التي تمثل اليمين المتطرف، وتتعلق بزعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي، وزعيم كتلة “صادقون”، الجناح السياسي لميليشيا “العصائب”، قيس الخزعلي، إضافة لزعيم “تيار الحكمة”، عمار الحكيم.

اليسار المرن، يتمثل بزعيم “ائتلاف النصر”، حيدر العبادي، وزعيم “تحالف الفتح”، هادي العامري، فضلا عن رئيس هيئة “الحشد الشعبي”، فالح الفياض، وما يدلّل على ذلك أكثر، هو وصف خصم “الإطار”، زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، لليمين المتطرف بـ “الثالوث المشووم”.

ضعف قاآني

كتلتا المالكي والخزعلي تؤكدان في تصريحات صحفية متعددة، المضي بتشكيل حكومة جديدة بعيدا عن الصدر، وبقيادة المرشح لرئاستها، محمد شياع السوداني، في وقت قالت كتلة الحكيم، إن “الصدر لن يرضى على الإطار حتى لو رشح نبيا لرئاسة الحكومة”.

قبالة ذلك، تتجنب تصريحات أعضاء وقيادات اليسار المرن، إزعاج مقتدى الصدر، حتى أنهم يصفونه بـ “الأخ”، ويقولون إن الحوار معه هو الأساس لتشكيل حكومة عراقية جديدة، سعيا منهم لإرجاعه عن قراره باعتزال ااحياة السياسية.

يوالي اليمين المتطرف ومعه اليسار المرن إيران، وينفذ أجندته في العراق، بحسب المحلل السياسي، غيث التميمي، غير أن الانقسام بينهما، وفق التميمي، نتيجته ضعف النفوذ الإيراني على قيادات “الإطار” مقارنة بالسابق، في عهد قائد “فيلق القدس” السابق، قاسم سليماني.

لم ينجح خلف سليماني، الجنرال إسماعيل قاآني في إدارة الملف العراقي مثل سلفه، فسيطرته على حلفاء طهران بدت ضعيفة منذ تسنمه للملف، ما دفع بالقيادات “الإطارية”، إلى الانقسام وعدم التوحد في الرؤى والأفكار، كما يقول التميمي لـ “الحل نت”.

المحلل السياسي العراقي، يلفت إلى أن “الإطار” لم يعلن عن تحالف جامع له حتى اللحظة، وهو ما يؤشر لانقسام يمينا ويسارا، وكل ما حدث هو تحمعهم في تكتل أسموه “الإطار التنسيقي”، لمواجهة الصدر الذي سعى لإقصائهم من مشروعه حكومة الأغلبية، التي عطّلوها، أي هو لتنسيق المواقف لا أكثر.

إنقاذ قضائي لـ “الإطار”

فاز “التيار الصدري” أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بحصوله على 73 مقعدا، فيما خسرت الكتل المقربة من إيران جميعها، واجتمعت في “إطار تتسيقي”، ليبلغ مجموع المقاعد 60 مقعدا.

المالكي والخزعلي

تحالف الصدر بعد الانتخابات مع الكرد والسنة وتمكن من الوصول إلى 180 مقعدا، وكان يتجه لتشكيل حكومة من دون “الإطار”، كون أن أغلبية النصف + واحد من مقاعد البرلمان تبلغ 165 مقعدا، قبل أن تخرج “المحكمة الاتحادية العليا”، بقرار نسف مشروع الصدر.

القرار تمثل بوجوب حضور أغلبية الثلثين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتشكيل الحكومة، أي 220 نائبا من مجموع 329 نائبا، وهنا استغل “الإطار” الثلث المتبقي، عبر توافقه مع الكتل الكردية والسنية الخاسرة في الانتخابات، ليشكّلوا الثلث المعطل بـ 110 نواب، فانتهى مشروع حكومة الأغلبية.

إخفاق الصدر بتشكيل حكومة أغلبية، دفعه لتوجيه نوابه تقديم استقالتهم من البرلمان، ناهيك عن انسحابه من العملية السياسية، وتظاهر داخل المنطقة الخضراء أمام البرلمان، رافضا تشكيل حكومة إطارية موالية لإيران، ومطالبا بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

العبادي والعامري

شهر من الاعتصام الصدري عند البرلمان، قبل أن يحدث صدام مسلّح نهاية آب/ أغسطس الماضي، بعد إعلان الصدر اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، واقتحام جمهوره للقصر الحكومي، لتطلق ميليشيات “الإطار” النار على المتظاهرين، قبل أن يتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر لحمايتهم.

نحو المجهول؟

دخول “سرايا السلام” لحماية المتظاهرين الصدريين، كلّفه مواجهة مسلّحة واشتباكات عنيفة مع ميليشيات “الإطار”، طيلة ليلة 30 آب/ أغسطس المنصرم، أسفرت عن مقتل 40 شخصا وإصابة المئات، قبل أن يخرج الصدر بمؤتمر صحفي أمر به “السرايا” والمتظاهرين، الانسحاب الفوري من الخضراء.

يريد اليمين المتطرف بقيادة المالكي تشكيل حكومة جديدة بعيدا عن موقف الصدر بقيادة المقرب منه شياع السوداني، وذلك ما يتخوف منه اليسار المرن، خشية من تظاهرات صدرية جديدة، وبالتالي مواجهة مسلحة أخرى وسقوط المزيد من الدماء، على حد قول، غيث الثميمي.

يرى اليسار المرن بقيادة العامري، ضرورة النظر لموقف الصدر والسعي لأخذ مباركته بتشكيل حكومة جديدة، وإن كلّف ذلك التنازل عن ترشيح شياع السوداني، بمرشح وسطي يرضى عليه الصدر، لتجنب سيناريو التظاهرات والعنف، وفق التميمي، لكن اليمين المتطرف يرفض ذلك.

يستعد الصدريون مع التشرينيين للخروج بتظاهرات كبرى في بغداد في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، رفضا لأي حكومة إطارية؛ لأنها ستسلم العراق بحسبهم إلى طهران بشكل كلي، وبالتالي مصير مشابه للدول التي تقودها إيران.

في المحصلة، فإن الانقسام الحاد بين طرفي “الإطار”، قد يدفع لتفكّك “الإطار التنسيقي”، الذي صمد بوجه الصدر لمدة عام تقريبا، وحينها ستدخل البلاد في المجهول؛ لأن تفكك “الإطار”، يعني لا حكومة جديدة، يقابلها تظاهرات غير معروف مصيرها، بحسب التميمي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.