لا تلبث أن تنطفئ السجالات حول جامعة “الأزهر” في مصر، حتى تعود وتصدر قرارا مباغتا، والذي يُعتبر “سابقة تاريخية”، ألا وهو تعيين امرأة في منصب مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها مثل هكذا إجراء، بعد أن كان المنصب مقتصرا على الرجال فقط.

“سابقة تاريخية”

في سياق هذا القرار المفاجئ، قرر شيخ “الأزهر”، أحمد الطيب، اليوم الثلاثاء، تعيين عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بالقاهرة، الدكتورة نهلة الصعيدي، في منصب مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين.

هذا وسبق أن شغلت الصعيدي، منصب عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، ورئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين، وأفادت لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن القرار أثبت أنه لا فرق بين المرأة والرجل في تولي المهام الصعبة، والمعيار هو العمل الجاد، وأن يظل كل إنسان نجح في مهامه السابقة في نيل الثقة لتولي المسؤوليات الأكبر، على حد قولها.

بحسب ما ذكرت الصعيدي، فإن هناك عددا من المهام والملفات التي ستعكف على العمل عليها خلال المرحلة المقبلة، على رأسها استكمال منظومة الوافدين التي جرى وضعها بخطة استراتيجية صالحة لـ 10 سنوات، مبيّنة، “سنكمل تلك الخطوة التي استوعبت منظومة الوافدين داخل مصر استيعابا كاملا من حيث البنية التحتية عبر المنهج، والطالب، والأستاذ، لكي يكون إصلاحا شاملا، وهي خطة مضينا فيها بكل جدية وسنستمر فيها”.

جامعة الأزهر “إنترنت”

أما الخطوة الثانية، وفق الصعيدي، فهي العمل على تحقيق رسالة “الأزهر”، من خلال الطلاب الوافدين الموجودين في مصر، بجانب التوسع في افتتاح مراكز أزهرية بالخارج لنشر رسالته.

قد يهمك: بعد سوريا.. أحداث تهز لبنان والأردن

ردود الفعل

في المقابل، تقدم المجلس القومي للمرأة، برئاسة مايا مرسي، وجميع عضواته وأعضائه، بخالص الشكر والتقدير إلى الإمام الأكبر شيخ “الأزهر”؛ لإصداره قرارا بتكليف الصعيدي، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، بمنصب مستشار.

والصعيدي، حاصلة على الليسانس من جامعة “الأزهر” عام 1996، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وكذلك حاصلة على الماجستير من جامعة “الأزهر” عام 2001، بتقدير امتياز، وموضوعه البلاغة والنقد (دراسة بلاغية لآيات الرضا في القرآن الكريم ومواطنه في صحيح البخاري).

والحصول على الدكتوراه من “الأزهر” أيضا، عام 2004، بتقدير امتياز وموضوعها البلاغة والنقد (الصور المجازية والمحسنات البديعية في شعر ذي الرمة).

قد يهمك: بعد وفاة مهسا أميني.. إيرانيات يخلعن الحجاب واحتجاجات مناهضة لـ”غاشت إرشاد”

ما هي جامعة “الأزهر”؟

جامعة “الأزهر”، هي المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر في العالم، وثالث أقدم جامعة في العالم بعد جامعتي “الزيتونة” و”القرويين”، ومقرها في القاهرة بمصر.

بحسب تقارير تاريخية، فإن “الأزهر”، أنشئ في أول عهد الدولة الفاطمية بمصر جامعا باسم (جامع القاهرة، الذي سمى الأزهر فيما بعد) حيث أرسى حجر أساسه في الرابع والعشرين من 970م، واعتماده الجامع الرسمي للدولة الجديدة، ومقرا لنشر الدين والعلم في حلقات الدروس التي انتظمت فيه، وبدأها القاضي أبو حنيفة بن محمد القيرواني، قاضي الخليفة المعز لدين الله، وتولى التدريس أبناء هذا القاضي من بعده وغيرهم، إلى جانب دراسة علوم أخرى في الدين واللغة، والقراءات، والمنطق، والفلك. حسب التصنيف العالمي من موقع “ويبو ماتريكس”، لجامعات العالم، فإن جامعة “الأزهر”، حلت في المركز 36 في أفريقيا، و2315 عالميا، بين الجامعات والدراسة القاصرة على المسلمين فقط.

وهناك العديد من الانتقادات الموجهة للمؤسسة الدينية الكبيرة “الأزهر”، في الأشهر الماضية، فعلى عكس “دار الإفتاء”، ووزارة الأوقاف بمصر، المقربتين من الحكم ومؤسسات الدولة المصرية، لا يدور “الأزهر” في فلك النظام، بل يقاوم “بحزم مهذب تعليمات الرئيس”، على اعتبار أن “مصداقية المؤسسات الدينية ترتكز على ترك مسافة آمنة بينها وبين الممارسات السياسية اليومية”، كما ورد في ورقة بحثية بعنوان “من سيتحدث باسم الإسلام في مصر، ومن سيستمع؟” (2022 -مركز مالكوم كير – كارنيغي للشرق الأوسط)، وفق ما نقلته شبكة “بي بي سي” نيوز عربية.

كما وشهدت الأشهر القليلة الماضية محطتين لافتتين في الهجوم الإعلامي على الإمام أحمد الطيب؛ ففي شباط/ فبراير الفائت، وجهت انتقادات لاذعة لشيخ “الأزهر”، مع استعادة تصريحات قديمة له، فسّرت على أنها إباحة لـ”ضرب الزوجة”.

حتى غرّدت “دار الإفتاء”، عبر حسابها الرسمي على منصة “تويتر”، أن “الرجال لا يضربون النساء”، ما فسّره البعض على أنه رسالة من قِبل الحكومة المصرية للأزهر.

وفي مطلع يوليو/ تموز الماضي، احتدّت النقاشات على “تويتر”، بين وسمي “يسقط حكم الأزهر” و”الأزهر الشريف حصن الإسلام”، بعد فتوى للأزهر حول فرضية الحجاب في الإسلام. وعلى أثره خرجت “دار الإفتاء” في بيان دفاعي، قائلة إن “الأزهر شاهد صدق ولسان عدل على وسطية الإسلام وسماحة تشريعاته في بناء الإنسان والأوطان”.

جامع الأزهر على العملة المصرية في الثمانينيات

وعلى مر قرون، ومنذ تأسيسه في عام 972، كان “الأزهر” المرجع الأبرز للإسلام في مصر. و”يعود الخلاف حول السيطرة على المدارس الإسلامية والمساجد وغيرها من الهيئات الدينية إلى القرن التاسع عشر، حين بدأ تأسيس الدولة المصرية النظامية الحديثة التي يسعى فيها الحكام للهيمنة على كافة مؤسسات البلاد وتوجيهها”، بحسب أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة “جورج واشنطن”، ناثان براون، والباحثة ميشيل دنّ، لـ”بي بي سي” نيوز عربي.

وأضافوا، إن “أحمد الطيب يدير علاقته مع النظام السياسي بحكمة. فهو يسعى إلى الحفاظ على استقلالية الأزهر، ولكن من دون الاصطدام بالسلطة السياسية. وكذلك هو حال النظام السياسي، فهناك إلى إعادة هيكلة العلاقة بين المؤسسات الإسلامية الثلاث لصالح دار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، لكن من دون الاصطدام بأحمد الطيب”.

هذا الخلاف على النفوذ، لا يُعدّ بالنسبة للباحثين الأجانب خلافا فقهيا أو إيديولوجيا، بين المؤسسات الدينية في مصر. “فالمؤسسات الثلاث تتفق على القضايا الدينية الأساسية، وتعلن الانتماء إلى الإسلام الوسطي، وسعيها للحفاظ على التراث الإسلامي مع تطبيقه وفقا لشروط العصر الحديث. قد تختلف تلك المؤسسات على تفاصيل بسيطة، ولكن التوجه العام هو نفسه، إذ لا يجب أن ننسى أنهم جميعاً من خريجي الأزهر”.

قد يهمك: على غرار أوكرانيا ووقع الاحتجاجات.. إيلون ماسك يتحرك لوقف تحكم إيران بالإنترنت

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.