مع اقتراب انتهاء الولاية الرئاسية لرئيس لبنان الحالي ميشال عون، وفي ظل التدافع السياسي الذي تشهده البلاد حول تعطل تشكيل الحكومة وانتخاب رئيسا جديدا للجمهورية، كشفت مصادر مطلعة، عن تسوية رئاسية يقودها “حزب الله” لتجنب الشغور السياسي الذي يمكن أن تدخل فيه البلاد ما بعد 31 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، ليفتح ذلك باب السؤال عمن سيكون الرئيس القادم؟

المصادر التي تحدثت لموقع “لبنان 24″، أشارت إلى أن التسوية ستناقش عدد من الأسماء التي يمكن أن تخلف الرئيس عون في المنصب والتي من شروطها أيضا تجنيب الحزب من أن يكون بموضوع المعطل، كما ناقشت الأسماء المطروحة ومزاياها.

سيناريو استند فيه تقرير “لبنان 24″، على إعلان الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله تأييد الاتفاق على رئيس، قائلا في خطاب له السبت الماضي، “نؤيد وجود لقاءات للحوار حول رئيس جديد بعيدا عن التحدي وعن الفيتوات التي تطلق مسبقا، وفي نهاية المطاف يجب العمل على الإتيان برئيسٍ يتمتع بأكبر قاعدة ممكنة سياسية ونيابية وشعبية للقيام بدوره القانونيّ والدستوري”.

وعزز التقرير رؤيته في إمكانية ذهاب البلاد نحو تسوية رئاسية على عدم نفي “حزب الله” حتى الآن أي موافقة له بشأن “تسوية” مرتقبة، لاسيما بعد تصريحات أمينه العام، وفي وقت ترجح مختلف الأطراف أن تذهب الأمور بهذا المنحى في أي لحظة ستفرض داخليا ودوليا. 

كما اعتبر أن تصريحات الأمين العام لـ “حزب الله”، فيها دلالات على تبدل المواقف وتقديم بعض التنازلات على الساحة الداخلية، مبينا أن، ذلك يمكن أن يكون ضمن تسوية مشروطة.

اقرأ/ي أيضا: اقتحام البنوك يقسم الشارع اللبناني

لبنان ومعاير حزب الله 

التقرير بين أن التسوية التي يمكن أن يقبل بها “حزب الله”، وفق معيار أمينه العام الذي شدد في خطابه على أن الرئيس الذي يجب الاتفاق حوله، يحب أن “يتمتع بأكبر قاعدة ممكنة سياسية ونيابية وشعبية”، ومع ما يتبانه حليفه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي يُشدّد في أي خطابٍ له عن الانتخابات الرئاسيّة على أهمية أن يكون الرئيس قويا “شعبيا ونيابيا”.

ووفق تلك التكهنات، ومع ما نقله “لبنان 24″، من معلومات عن مصادره، ناقش التقرير الأسماء التي يمكن أن يقع عليها الاختيار لمنصب رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أن إذا ما تم اعتماد معاير نصر الله وحليفه، فإن الشخصيتين اللتين تحققان المعيار المشار إليه؛ هما باسيل وخصمه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. 

لكنه أشار إلى، الاسم الأخير لا يمر عند حزب الله، وبالمقابل لم يحصل باسيل أي وعدٍ أو كلمة من “حزب الله” بشأن الرئاسة، ومع ذلك أن هذا الأمر ما يزال مدارِ مباحثات تجري في الكواليس الحزبية، إذ تقول معلومات “لبنان 24″، إن “الحوار بين باسيل و”حزب الله” ازداد في الآونة الأخيرة، وكان هناك دفع أكبر نحو الوصول إلى تسويات سياسية تدي إلى حلول في أكثر من اتجاه”.

وبين أنه “بالنسبة لحزب الله فإن السير بباسيل ليس أمرا سهلا، وبالتالي فإن تلك الخطوة – إن حصلت – تعتبر مغامرة سياسية جديدة سواء مع الحلفاء أم غيرهم، ولهذا، فإن تضحية الحزب هذه المرة بتأييد باسيل رئاسيا قد ترتد عليه سلبا في بيئته الشعبية ومع الحلفاء المقربين منه بشكل كبير”.

واستدرك أنه “على الرغم من ذلك، إلا أن حراك الحزب كان واضحا مع الأطراف الصديقة له، وقد تبين أن الحوارات التي تجرى مع الأطياف السياسية الأساسية هدفها الوقوف عند آرائهم بشأن الاستحقاق الرئاسي، ومن المتوقع أن تظهر إلى العلن لقاءات جديدة سيعقدها نصر الله مع شخصيات سياسية مثلما حصل مؤخرا مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان”.

وفي ظل ذلك المشهد، يفضل “حزب الله” عدم قطع أي وعد مع أي طرف، بحسب “لبنان 24″، الذي أشار إلى أن الحزب يسعى وفق قاعدة الوقوف عند الآراء ودراسة الملف الرئاسي مع الحلفاء، والانخراط ضمن تفاهم وطني عريض ونزع صفة التعطيل عن نفسه مثلما حصل قبل 8 سنوات عند الشغور الرئاسي عام 2104”.

اقرأ/ي أيضا: حكومة جديدة قريباً في لبنان.. ما دور ميشال عون؟

لبنان واحتمالات الرئيس الجديد

فيما ذهب التقرير إلى أبعد من احتمالات باسيل وجعجع، إذ يرى أن، معاير نصر الله يمكن أن تنطبق على شخصيات أخرى أيضا، مثل رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزاف عون، مرحجا حظوظ قائد الجيش على فرنجية، الذي يواجه عدم مقبولية نيابية عامة ورفض من قبل محور “الممانعة”.

بالمقابل، ما يعزز حظوظ قائد الجيش، وفقا للتقرير، فأن نصر الله لم يضع حتى الآن أي “فيتو” على اسمه، كما أنه لم يتطرق إلى ذكره أو التدليل عليه، إلا أنه من خلال الكلام وعبر الصورة القائمة، يمكن لـ “حزب الله” ألا يجنح بعيدا عن ميشال عون طالما أن بإمكان الأخير أن يحظى باستقطاب نيابي يطالب به “حزب الله”.

مردفا أن “قائد الجيش يتمتع بقبول شعبي عام نظرا لأدائه في سدة القيادة خلال ظل المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، غير أن الأمر الأهم من ذلك فأن عون ياماع بقبول دولي، وقد يكون صلة وصل جديدة بين لبنان والدول الخارجية”.

ويرى التقرير أنه، بشكل أو بآخر، يمكن أن يكون في تجنب “حزب الله” طرح أي “فيتو” على قائد الجيش بمثابة تمهيد نحو تسوية تؤدي بالأخير إلى سدة الرئاسة”، مبينا أن “الحزب يمكن أن يقبل بذلك لاعتبارات عديدة، أولها أن؛ الأخير قد يكون محط إجماعٍ عام، وبالتالي فإن الحزب لن ينأى بنفسه عن هذا الإجماع، كما أنه لن يطعن بحلفائه الذين يتحفظون على شخصيات قد تكون استفزازية”.

غير أن “قبول الحزب بعون من بوابة التوافق الوطني، لا يعني تنازلا أو قبولا بشخصية طرحها الطرف الآخر. ولهذا، فإن النقطة الأساس والإيجابية باتجاه الجيش وقيادته كانت مؤخرا من خلال نصر الله شخصيا، إذ أكد على دور القيادة ومسؤوليتها، ما يعني وجود إشارات بهذا الاتجاه”.

لبنان والأزمات

يشار إلى أن لبنان يخوض تحديات متواصلة منذ الانتخابات الأخيرة في أيار/ مايو الماضي، نتيجة عدم تشكيل حكومة جديدة حتى الآن، يضاف لها عدم الاتفاق بعد على رئيس جديد للجمهورية، مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وضرورة انتخاب بديل له قبل نهاية المهل الدستورية.

ولا تفصل البلاد سوى أيام معدودة عن موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؛ لأن ولاية الرئيس الحالي تنتهي مع نهاية تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وحينها ستدخل البلاد في فراغ بمنصب الرئاسة ما لم يتم اختيار رئيس جديد للبنان.

كما أن تحدي اختيار رئيس جديد للبلاد، يرافقه وجود تحدي تشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة تصريف الأعمال، التي يترأسها نجيب ميقاتي، المكلف بتشكيل حكومة جديدة في أواخر حزيران/ يونيو المنصرم، لكنه لم ينجح بعد بتشكيلها، نتيجة الصراعات السياسية على شكل الكابينة الوزارية.

تكمن ضراوة الخلافات على تشكيل حكومة جديدة بين المكلف ميقاتي ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي يطالب بتوسعة الكابينة الوزارية لتشمل 30 وزيرا بدلا من 24 وزيرا، في وقت يرفض ميقاتي تلك التوسعة.

مع أزمة الحكومة المقبلة، لا تقل أزمة رئاسة الجمهورية الحالية عن حدتها؛ بسبب عدم الاتفاق على مرشح توافقي للرئاسة، خصوصا مع تعدد الأسماء المطروحة، آخرها ترشح سفيرة لبنان السابقة لدى الأردن، ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، للسباق الرئاسي.

وتتوزّع الرئاسات الثلاث في لبنان على قاعدة طائفية، عبر منح رئاسة الجمهورية للموارنة من المسيحيين، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسنة.

وانتخب الرئيس الحالي ميشال عون في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 رئيسا للجمهورية بعد عامين ونصف من شغور المنصب، بدعم من “حزب الله”، القوة السياسية والعسكرية النافذة في البلاد، في إطار تسوية سياسية بين أبرز زعماء الطوائف.

ومن شأن الوضع في لبنان الغارق منذ 3 سنوات في انهيار اقتصادي غير مسبوق، أن يتدهور أكثر في حال حصول شغور في منصب رئاسة الجمهورية مجددا، كون ذلك سيزيد من شلل المؤسسات الرسمية المنهكة أساسا.

اقرأ/ي أيضا: “اسم في الأخبار” عباس إبراهيم .. الشخص الذي يريد إعادة اللاجئين السوريين من لبنان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.