ظاهرة اقتحام المصارف اللبنانية من قبل المودعين، تكاد تتحول إلى ظاهرة في البلاد، بعد أن انتشرت قصة سالي حافظ التي اقتحمت أحد الفروع لسحب جزء من أموالها، للمساعدة في علاج أختها، لتظهر إلى العلن انقسامات كبيرة بين صفوف المودعين حول ما حصل.

إضراب المصارف

ونتيجة لتكرار حادثة سالي، باقتحام العديد من المودعين اللبنانيين المصارف للحصول على جزء من أموالهم، قررت مصارف لبنان تنفيذ إضراب مدته ثلاثو أيام هذا الأسبوع، كتحذير للسلطات من أن الوضع لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه.

الخلافات بين المودعين، جاءت على طريقة حصول المودعين على أموالهم، التي تحتجزها البنوك وتفرض قيودا صارمة على سحبها، حيث يتفق الجانبين على أن المصارف تحتجز أموالهم على غير حق، إلا أنهم اختلفوا على طريقة استرداد الأموال.

موقع “سكاي نيوز عربي” نقل عن عبدالله، وهو أحد المودعين في مصارف لبنان، قوله إن: “خطوات الاقتحام، التي يقوم بها البعض، تزيد من بطش المصارف تجاه المودعين، مشيرا إلى أن المصارف تتمنى إقفال ابوابها لمنع زبائنها من سحب فتات أموالهم وهو بالفعل ما حصل اليوم، حيث اتخذت عمليات الاقتحام كحجة للتوقف عن العمل”.

ودعا عبدالله جميع المودعين للضغط على مجلس النواب اللبناني لإقرار قوانين تجبر المصارف على إعادة الأموال لمستحقيها.

قد يهمك: تحديات مختلفة في لبنان.. تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس جمهورية

من جهته، يقول شوقي، وهو أيضا من المودعين في مصارف لبنان، في حديث للموقع ذاته، أن “الكيل قد طفح، وهذا تحديدا ما دفع باللبناني إلى سرقة وديعته من المصارف عبر عمليات الاقتحام”، مشيرا إلى أن هكذا خطوات ستساهم بالتأكيد في قلب الصورة القائمة وستحث الجميع على التحرك للمساهمة في استعادة المودعين لأموالهم”.

قيود على الودائع

البنوك اللبنانية فرضت منذ العام 2019، قيودا مشددة على سحب الودائع، خصوصا تلك المودعة بالدولار الأميركي، في وقت تراجعت فيه قيمة الليرة اللبنانية بأكثر من 90 في المئة أمام الدولار، حيث لامست مستوى قياسي بلغ 38850 ليرة للدولار.

وتتخوف المصارف من تكرار حوادث اقتحام المودعين لفروعها، حيث كشف مصدر في جمعية مصارف لبنان لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “لا شيء يمنع المصارف من تمديد إضرابها واتخاذ خطوات جديدة في حال تأكدت أن سيناريو الاقتحامات المتعمدة والممنهجة سيتكرر، في ظل تقاعس القوى الأمنية والقضائية عن القيام بدورها في ملاحقة المقتحمين ما يُعرّض الزبائن والموظفين إلى أخطار تطال حياتهم”.

ووفق مراقبين اقتصاديين،  فإن إضراب المصارف، الذي يمتد لثلاثة أيام، سيتسبب في تأخير العمليات التجارية وعمليات التصدير والاستيراد التي تتم إجراءاتها المالية عبر القطاع المصرفي، ولكن الخوف الأكبر سيكون في حال قررت المصارف تمديد الإضراب وهذا يعني خسارة الاقتصاد اللبناني لملايين الدولارات يوميا.

واقتحم تسعة مودعون نهاية الأسبوع الماضي، فروعا لمصارف لبنانية لسحب ودائعهم، وبدأت سلسلة الاقتحامات بقيام فتاة تدعى سالي حافظ باقتحام أحد الفروع، لسحب جزء من أموالها، للمساعدة في علاج أختها المصابة بالسرطان، واكتملت باقتحام ثمانية أخرين لفروع أخرى انتهت كلها دون إصابة أحد.

وكان العلاج هو أيضا الدافع الذي حرك من بدأ هذه الاقتحامات بسام الشيخ حسين؛ حيث كان يحتاج المال لعلاج والده، الذي حظي بدعم معنوي ولقب بـ”البطل” هو وسالي حافظ وغيرهم من المقتحمين من قبل لبنانيين.

أزمة اقتصادية مستمرة

ويعيش لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تتمثل بالنقص الحاد في المواد النفطية، فضلا عن غياب الكهرباء ووصول الأزمة إلى المخابز اللبنانية.

ويشكو المواطنون تفاوت أسعار ربطات الخبز بين فرن وآخر، وبيع الربطة في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جدا تتخطى العشرين ألف ليرة.

وتتفاقم الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، للعام الثالث على التوالي، مع استمرار انهيار العملة المحلية، التي أصبحت من العملات الأسوأ أداء في العالم، مع فقدانها نحو 90 في المئة من قيمتها.

فضلا عن أزمة الطحين، يعيش لبنان أزمة نقص في المحروقات، حيث أعلنت وزارة الطاقة اللبنانية، في شهر أيار/مايو الماضي، توقف إنتاج الكهرباء بشكل كامل في البلاد، بعد توقف المحطتين الأخيرتين عن العمل نتيجة نفاد الوقود.

وأشارت شركة كهرباء لبنان، إلى توقف محطتي دير عمار في الشمال، و“الزهراني” عن العمل بسبب نفاد الوقود، وهما المحطتان الوحيدتان اللتان كانتا تعملان في الآونة الأخيرة.

الجدير ذكره، مرور ثلاث سنوات تقريبا منذ أن بدأ لبنان، الذي كان يُطلق عليه سابقا “سويسرا الشرق الأوسط“، في الغرق ببطء في الفقر. وكما جاء في تقرير “الإسكوا“، يعيش 82 بالمئة، من اللبنانيين وغير اللبنانيين في فقر، بينما يعيش 40 بالمئة، منهم في فقر مدقع. وهذه الأرقام ناتجة عن أزمة اقتصادية غير مسبوقة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 واستمرت في التفاقم مع تفشي وباء “كورونا“، وانفجار ميناء بيروت، والفساد المستمر داخل الدولة، وأخيرا الغزو الروسي لأوكرانيا.

اقرأ أيضا: حكومة جديدة قريباً في لبنان.. ما دور ميشال عون؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة