تحديات متواصلة في لبنان منذ الانتخابات الأخيرة في أيار/ مايو الماضي، نتيجة عدم تشكيل حكومة جديدة حتى الآن، يضاف لها عدم الاتفاق بعد على رئيس جديد للجمهورية، مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وضرورة انتخاب بديل له قبل نهاية المهل الدستورية.

في التفاصيل، ليس هناك سوى أيام معدودة تفصل لبنان عن موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية؛ لأن ولاية الرئيس الحالي تنتهي مع نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وحينها ستدخل البلاد في فراغ بمنصب الرئاسة ما لم يتم اختيار رئيس جديد للبنان.

تحدي اختيار رئيس جديد للبلاد، يرافقه وجود تحدي تشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة تصريف الأعمال، التي يترأسها نجيب ميقاتي، المكلف بتشكيل حكومة جديدة في أواخر حزيران/ يونيو المنصرم، لكنه لم ينجح بعد بتشكيلها، نتيجة الصراعات السياسية على شكل الكابينة الوزارية.

تقرير لموقع “عربي بوست”، بيّن أن هناك هجوما مستمرا بين رئاستي الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بالإضافة إلى المواقف العالية النبرة لرئيس “التيار الوطني الحر”، جبران باسيل، صهر عون.

قبالة ذلك، ثمة حركة نشيطة يقودها “حزب الله” ورئيس البرلمان نبيه بري، بهدف الاتفاق على الحقائب والأسماء الوزارية، وإدخال تعديلات محدودة على الحكومة الحالية، بعد مطالب عون تعيين صهره، ومستشاره سليم جريصاتي وزراء في الحكومة المقبلة.

سبب الخلاف

مطالب عون ترفضها كل الأطراف، بمن فيهم حلفاء الرئيس وباسيل، حسب “عربي بوست”، وفي حال توقف السجال ستكون الحكومة بعد توقيع عون على مرسوم تشكيلها، أمام مجلس النواب لنيل الثقة قبل نهاية الولاية الرئاسية.

وفق التقرير، فإن مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا، التقى مؤخرا بميقاتي وباسيل بغية التوصل لاتفاق من أجل ولادة الحكومة الجديدة.

صفا نقل لميقاتي وباسيل رسالة من الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، بكون الفراغ الرئاسي في لبنان قد يستمرّ لفترة طويلة، على حد ما ورد في التقرير.

نصر الله أخبر ميقاتي وباسيل عن طريق صفا، بكون جهود “حزب الله” في الأيام القادمة ستنصب على تسهيل ولادة الحكومة الجديدة، التي في حال ولدت قبيل رحيل عون فإن أمامها مهام جسيمة.

وتكمن ضراوة الخلافات على تشكيل حكومة جديدة بين المكلف ميقاتي وجبران باسيل، الذي يطالب بتوسعة الكابينة الوزارية لتشمل 30 وزيرا بدلا من 26 وزيرا، في وقت يرفض ميقاتي تلك التوسعة.

موقف بري و”حزب الله”

الكاتبة السياسية اللبنانية، هيام القصيفي قالت، إن دخول “حزب الله” على خط تحريك الملف الحكومي، لا يُقدم أو يُؤخر في مساره بالتعاطي مع ملفات الداخل، وما يتعلق بالترسيم.

وأضافت القصيفي في تصريح لـ “عربي بوست”، أن الحزب يذهب بهدوء نحو الفراغ المتوقّع بحكومة كاملة تخفّف التوتر القائم، لكنه يأخذ وقته.

https://twitter.com/Trablos_54/status/1564644285642948608?t=F1H-06YkKtb9o8LVyGPuww&s=19

وعلى عكس ذلك، فإن تحركات رئيس البرلمان نبيه بري، يفرمل من خلالها انطلاقة للحكومة ولا يستعجل الذهاب إليها مبكرا تماما، كما الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، بحسب تقرير موقع “عربي بوست”.

بري زعيم “حركة أمل” الشيعية و”حزب الله”، لا يضرهما أي شيء بعد الانتخابات النيابية وحصانة موقع رئاسة المجلس النيابي الذي حسم بأعادة بري للمنصب، بأن ينصرفا عن أزمة رئاستي الحكومة والجمهورية.

في سياق آخر، رأى المحلل السياسي، منير الربيع أنه لا يمكن لأي طرف مسيحي أن يمنح ميقاتي الغطاء في الوقت الحالي. وهناك حملة يحضّر “التيار الوطني الحر” لشنها في الفترة المقبلة، لممارسة المزيد من الضغوط على المكلف بتشكيل حكومة جديدة.

أزمة الرئاسة

بحسب الربيع، فإن ميقاتي يرى أنه من غير المقبول من الرئيس المكلف وأطراف عدة أخرى توسعة الحكومة، وميقاتي في لقائه الأخير مع عون حاول إبقاء الحكومة على حالها، ولكن “التيار الوطني الحر” برئاسة جبران باسيل يرفض ذلك.

من جهته، قال الصحفي والكاتب السياسي طارق ترشيشي وفق تقرير “عربي بوست”، إن ميقاتي أثبت حتى الآن أنه ليس واردا تشكيل حكومة من هذا النوع، أي إضافة 6 وزراء دولة سياسيين.

مع أزمة الحكومة المقبلة، لا تقل عن حدتها أزمة رئاسة الجمهورية؛ بسبب عدم الاتفاق على مرشح توافقي للرئاسة، ومع تعدد الأسماء المطروحة، آخرها ترشح سفيرة لبنان السابقة لدى الأردن، ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، للسباق الرئاسي، أمس الاثنين.

ويخوض رئيس “التيار الوطني الحر” اللبناني، جبران باسيل، في الخفاء والعلن معركة التوريث الرئاسية التي تقف على أعتابها لبنان، ويصارع لتوزيره أيضا؛ في حال فشله بالوصول لقصر بعبدا.

باسيل متزوج من شانتال ابنة الرئيس اللبناني الحالي عون، الذي يسعى لتذليل العقبات أمام صهره لقبول الأحزاب الحليفة تزكيته للمنصب المخصص للمسيحيين المارونيين.

تدهور مقبل؟

كذلك يتم طرح اسم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، كمرشح لرئاسة الجمهورية المقبلة، خاصة وأن رئيس “حركة أمل” نبيه بري، عبّر عن دعمه لفرنجية في انتخابات 2016، قبل أن يحسم “حزب الله” الأمر لصالح عون، إلا أن محللين يؤكدون أن هذا السيناريو لن يعاد في الانتخابات الرئاسية المرتقبة لصالح جبران باسيل.

وفي انتخابات 2016، انتخب “حزب الله” ميشال عون رغم أن حليفته الشيعية “حركة أمل” رفضته ودفعت باتجاه انتخاب فرنجية رئيسا للبنان، لكن “حزب الله” استطاع في نهاية المطاف تمرير رؤيته للشخص الأقدر على تأمين مصالحه في ذلك الوقت.

وتتوزّع الرئاسات الثلاث في لبنان على قاعدة طائفية، عبر منح رئاسة الجمهورية للموارنة من المسيحيين، ورئاسة مجلس النواب للشيعة، ورئاسة مجلس الوزراء للسنة.

وانتخب الرئيس الحالي ميشال عون في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 رئيسا للجمهورية بعد عامين ونصف من شغور المنصب، بدعم من “حزب الله”، القوة السياسية والعسكرية النافذة في البلاد، في إطار تسوية سياسية بين أبرز زعماء الطوائف.

ومن شأن الوضع في لبنان الغارق منذ 3 سنوات في انهيار اقتصادي غير مسبوق، أن يتدهور أكثر في حال حصول شغور في منصب رئاسة الجمهورية مجددا، كون ذلك سيزيد من شلل المؤسسات الرسمية المنهكة أساسا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.