بأرقام خيالية، ارتفعت تكاليف الدراسة في سوريا لمرحلة ما بعد البكالوريوس فجأة، لكن التكلفة كانت أشد بالنسبة لطلاب الطب وطب الأسنان على وجه الخصوص، حيث وصلت مصاريف دارسة هذه التخصصات التي يفتقرها سوق العمل بشدة إلى أكثر من 100 مليون ليرة سورية، إذا ما شملت مصاريف الطالب خلال السنوات الست.

275 ألف ليرة للساعة؟

في غضون ذلك، أكدت المعلومات التي أوردتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حول الرسوم الجامعية الخاصة في كافة الاختصاصات، أن الأمر لا يتعلق إلا بالطلبة المسجلين حديثا، ويستثني من سبق تسجيلهم. وذلك ضمن بنود محددة بموجب القرار للتسجيل في أكثر من 20 جامعة خاصة، على أن يعامل القدامى بالرسوم ذاتها.

وينص القرار الذي نشرته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الخميس، على أنه بدءا من العام الدراسي 2022-2023 سيقوم مجلس التعليم العالي بوضع حد لتكلفة ساعة الدراسة الجامعية المعتمدة في الجامعات الخاصة التي تعتمد النظام الفصلي للطلاب المستجدين المسجلين.

ساعة الطب البشري حازت على أعلى الرسوم، بـ 275 ألف ليرة للساعة، تلاها طب الأسنان بـ 250 ألف ليرة للساعة، و220 ألف ليرة لتخصص الصيدلة، والتجميل والتغذية بـ100 ألف، والمعالجة الفيزيائية بـ85 ألفا، والعلاج الوظيفي بـ85 ألفا، والتمريض 35 ألفا، والهندسة المعمارية 130 ألف ليرة، والهندسة المدنية 120 ألفا، والهندسة المعلوماتية والاتصالات والحاسوب والروبوت بـ100 ألف.

وحددت أجور الساعة للتخصصات في الهندسة الطبية وهندسة الميكاترونك، وهندسة البترول، وهندسة الصناعات الكيماوية، والعلوم الإدارية وإدارة المستشفيات بـ 120 ألف ليرة، و110 آلاف ليرة، و100 ألف ليرة، و75 ألف ليرة على التوالي.

أما بالنسبة للحقوق فحدد القرار ساعة التخصص بـ 95 ألف ليرة، وللعلاقات الدبلوماسية والدولية 55 ألف، وللعلوم السياسية والعلاقات الدولية 60 ألف، وللإنجليزية 95 ألف، وللتصميم الغرافيكي بنفس الرقم، وللتصميم والفنون التطبيقية 75 ألف، وللفنون 85 ألف، ولإدارة النقل واللوجستيات 50 ألف، وللإعلام والفنون التطبيقية 75 ألف.

وبحسب الأسعار المعدّلة، قدّرت الصحيفة كلفة الالتحاق بالتخصصات الطبية لجميع سنوات الدراسة بأكثر من 73 مليون ليرة، طوال كل سنوات الدراسة، وطب الأسنان بـ45 مليونا، أما الصيدلة فهي بنحو 39 مليونا، بدون تضمين تكاليف النقل، في حين يحق للجامعة الخاصة زيادة 100 بالمئة، على الرسم المحدد للساعة المعتمدة أو الرسم السنوي أو الفصلي في العام الدراسي 2021-2022، على ألا يزيد الرسم على الحد الأعلى المذكور أعلاه.

فرصة لدراسة الطب بمعدلات أقل

لا يزال القطاع الطبي يعاني من معوقات عديدة نتيجة الحرب السورية، من هجرة الكوادر الطبية إلى تدني الرواتب خاصة من الكوادر العاملة في المستشفيات الحكومية، فضلا عن غياب الدعم الحكومي لهذا القطاع بشكل عام.

كما حذر نقيب الأطباء في محافظة ريف دمشق، خالد موسى، في وقت سابق، من زوال بعض التخصصات الطبية في المحافظة، نتيجة استمرار هجرة الأطباء خارج البلاد، مشيرا إلى أن النقابة قد تلجأ لاستقطاب أطباء متخصصين من خارج سوريا.

ونتيجة لهذا النقص الكبير في الكوادر الطبية، كشفت معاون وزير التعليم العالي للشؤون العلمية، فادية ديب، في أيار/مايو الفائت، عن دراسة ونظرة جديدة تعمل عليها وزارة التعليم العالي للحفاظ على الأطباء والحد من الهجرة، تشمل مشروع مفاضلة لألف فرصة جديدة لدراسة الطب البشري بمعدلات أقل في سوريا، إلا أن قرار رسوم الساعات الجديد أعاد المشكلة إلى جذورها.

وكان قد أعلن، نقيب الأطباء في محافظة ريف دمشق، خالد موسى، في حديث سابق مع إذاعة “ميلودي” المحلية، أن: “اختصاصات الطب الشرعي، وجراحة الأوعية، والكلية، والتخدير تواجه خطر الزوال، بسبب ضعف الإقبال عليها من قبل طلاب الطب“.

وأشار موسى حينها، إلى أن: “عدد كبير من خريجي الطب يغادرون للخارج بهدف متابعة الاختصاص أو العمل، حتى أن بعض الأطباء يتجهون لدول غير آمنة كاليمن، والصومال وغيرها بحثا عن فرص عمل“.

وعن نسبة هجرة الأطباء في سوريا، أكد موسى أن: “النقابة لديها 2428 طبيب، مسجل يضاف لهم 499 طبيب مغترب، خارج القطر أي ما يمثل خمس أطباء المحافظة، وفي كامل المحافظة لا يوجد سوى طبيب جراحة أوعية، بينما المحافظة تحتاج بالحد الأدنى 10-12 طبيب بهذا الاختصاص، وكذلك لا يوجد أي جرّاح صدرية في المحافظة“.

مستوى الجامعات السورية

الجامعات السورية تعاني من مستوى متدني تعليميا، ومن ناحية الاعتراف بها عربيا ودوليا، ونتيجة للفوضى التي تعصف بالتعليم العالي في سوريا، فقد دخلت على خط هذا التعليم جامعات عن بُعد ما طرح تساؤلات حول جانب مهم، وهو مدى الاعتراف بها حتى على المستوى السوري.

ويبدو أن نظام التعليم العالي ولا سيما دارسة الطب في سوريا، بات في مستويات منخفضة جدا، في حين تكافح الجامعات السورية من أجل البقاء فقط وليس تقديم تعليم يرقى لمستوى التعليم الجامعي أو ما شابه، بحسب أكاديميين وخبراء تعليم سوريين.

وأشارت تقارير بتراجع مستوى الجامعات بشكل كبيرة، وحسب تصنيف “ويب متريكس” 2022، وهو نظام تصنيف يعتمد على تواجد الجامعة على الويب، ووضوح الرؤية والوصول إلى الويب. يقيس نظام التصنيف هذا، مدى تواجد الجامعة على شبكة الإنترنت من خلال مجال الويب الخاص بها، والصفحات الفرعية، والملفات الغنية والمقالات العلمية وما إلى ذلك.

فقد احتلت جامعة “دمشق” المرتبة 3310 عالميا، وجاءت جامعة “تشرين” في محافظة اللاذقية بالمرتبة 4539، وجامعة “حلب” التي احتلت المرتبة 4973. أما جامعة “البعث” فقد جاءت في المرتبة 5804 عالميا. أما المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا بدمشق فقد جاء بالمرتبة 4911.

ومن الجدير بالذكر، أن عدد الطلاب الملتحقين بالجامعات الخاصة في سوريا ارتفع بنسبة 56 في المئة، في السنوات الأخيرة، من حوالي 32,000 في عام 2017 إلى حوالي 50,000 في عام 2019، لكن الجامعات الخاصة لا تزال تمثل 5 في المئة، فقط من إجمالي طلاب الجامعات في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.