منذ أشهر والأسعار في الأسواق السورية  تأخذ منحى تصاعدي بشكل كبير، وخاصة منذ بداية شهر رمضان، حيث ارتفعت الأسعار لدرجة اضطر  الناس معها لشراء البندورة بالحبة والحبتين والبرغل بالأوقية، وكذلك شراء الحلويات بالقطع ولمرة واحدة أو مرتين فقط طوال شهر رمضان، وشهدت الأسواق أيضا انتشار مجموعة من السلع المغشوشة والمنتهية الصلاحية، بالإضافة إلى وجود سلع ذات نوعية رديئة وغير مرغوب فيها، نتيجة لغياب الرقابة والتموين.

وكل هذا الغلاء في سوريا لا يتوافق مع مستوى رواتب ومداخيل السوريين، لذلك شهدت الأسواق  عزوف نسبة كبيرة من الناس عن شراء مستلزمات العيد كالحلويات والملابس، واكتفوا بشراء بعض الأشياء البسيطة فقط، وذلك لإدخال الفرح لقلوب أطفالهم، كون الأسعار “خيالية”، إذ وصل سعر البنطلون الواحد إلى 90 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل راتب موظف حكومي بالكامل. لذلك يتساءل المواطن السوري اليوم، باستغراب، كيف سيشتري  مستلزمات العيد بهذا الراتب المتدني؟

بالتزامن مع هذا الغلاء، نشر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، منشورا على صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”، أشاد فيها بفرحة الناس في أسواق دمشق، واعتبرها انتصارا على الحرب والمعاديين للحكومة السورية، بينما انهال السوريون بآلاف التعليقات الساخرة والانتقادات الحادة على كلامه، واعتبروا بأن حديثه “رنان” ولا يمت بأي صلة الى الواقع التعيس الذي يعايشه السوريين، وأنه حديث منفصل عن الواقع وفقط لتلميع صورة الحكومة أمام العالم الخارجي.

حرب تقسيمية واقتصادية!

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، نشر صورا من تحضيرات الناس في العاصمة دمشق للعيد، وعلق عليها بنص وصفه متابعون بأنه نص إنشائي جميل، بدأه عمرو سالم، قائلا: “مهما حاول المجرمون الذين شنّوا علينا اقذر حرب تقسيمية واقتصادية هم وأزلامهم وأقلامهم أن يحملوا شعبنا العظيم الطيب الكريم على اليأس، فلن يستطيعوا”.

وأضاف سالم، مع المنشور صور قد ألتقطها بهاتفه، حسب زعمه ضمن المنشور، وقال فيه “المواطنون في أسواقنا الشعبيّة من القنوات إلى الشارع المستقيم إلى البذوريّة إلى سوق الحميديّة رغم أن اليوم الجمعة، يشترون والباعة قد زيّنوا سكاكرهم وموادّهم بلوحاتٍ يعجز عنها أعظم الرسّامين”.وأضاف أن “الكلّ طيّب والكلّ يأخذ ما يستطيع والفرحة في أعينهم. وسلامهم دافئ محبٌّ كلّه أملٌ في غدٍ أجمل يستحقّونه، ولن يستطيع المحتكرون والجشعون أن يستمرّوا…”.

بدورهم، علق المتابعون مجموعة تعليقات ساخرة على صفحة الوزير سالم، إذ قال فيه أحمد حسن بدران: “سيادة الوزير: خذ راتب موظف درجة اولى مسقف… وانزل للسوق ونفذ لنا بيان عملي… عن الفرحة في العيون!!!، بينما علق علي الحلبي، “نعم وقد عمت الفرحة قلوبنا وسعدنا كثيرا كثيرا واشترينا اللوز والبندق والكاجو والماجو والمكسرات والبقلاوة والحلوى والمن والسلوى ثم تناولنا البوظة وثم تنقشرنا بصحن نابلسية بعد ما خبطنا نصف كيلو من الكباب وسندويشتين من الشاورما وثم تجولنا بين المحلات واشترينا ثياب العيد وكسينا اولادنا من البابوج للطربوش وهذا والفرحة مازالت تعم قلوبنا والبسمة ما فارقت وجنتينا وقهقهتنا خرقت الاوزون..”.

وتابعت التعليقات التي تتقاطع مع فكرة أن الغالبية لم يجهزوا شيئا للعيد ولم يقوموا بشراء مستلزمات العيد على أكمل وجه، وتقول رؤى حمدان: “لازم يكون المواطن عم بموت لحتى تقتنعوا أننا يائسون؟؟ اليأس والبؤس والفقر أكلنا، أطفالنا صاروا لحالن ما يتجرؤوا يطلبوا شي للعيد ولحالن بيقولوا مامعنا مصاري، صار حتى اللي بيوصلو حوالة من برا مابتكفيه إذا كيلو البرغل 7000 ليرة مو حرام؟”.

وتوالت التعليقات، على حديث الوزير سالم، إذ وصف البعض أن الزحام الظاهر في الصور بأنه زحام وهمي، بمعنى أنه لا يوجد لا بيع ولا شراء، كما قالت يونا زود، وتابعت: “الا اذا بدك تقنعنا انو السوق أسعارو رخيصة والمواطن عايش مرفه وهاد تضليل للقيادة بالدرجة الاولى، مثلا ما بقدر روح صور بالفور سيزن وتدمع عيوني فرحا لسعادة المواطنين”.

بينما اعتبر غسان سابا، أن معظم السوريين يعيشون على الحوالات الخارجية من أهاليهم وأقاربهم، وتابع بالقول: “كتر الله خير المعونات الخارجية فمعظم الناس يعتمدون على الحوالات من ابن او اخ او قريب”.

قد يهمك: “أوقية الهيل” بـ20 ألف ليرة.. قفزة كبيرة بأسعار البهارات في سوريا

عمرو سالم متهم بالفساد!

منذ الشهرين الماضيين، ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في مرمى الاتهامات، بعد خروج العديد من قضايا الفساد إلى الواجهة، ونشرت بعض المصادر تفاصيل عن مناقصات بمئات الملايين جرت بآليات غير مشروعة، فضلا عن اتهامات للوزير عمرو سالم باستغلال منصبه، الأمر الذي دفعه للرد.

حيث نشر الناشط غسان جديد، العديد من التفاصيل حول قضايا فساد متعلقة بوزارة التموين من جهة وبين وزير التموين عمرو سالم من جهة أخرى.حيث اتهم جديد قبل أسابيع، في منشور نشره عبر صفحته الشخصية على منصة “فيسبوك”، وزارة التموين، بـ“بمخالفة القوانين والمتاجرة بمخصصات أسر الشهداء التي تأتي من مصادرات الجمارك“، مشيرا إلى أن الوزارة تقوم بتوجيه هذه المخصصات لبعض أصدقاء القائمين على الوزارة، حسب قوله.

وأضاف جديد: “هل تستطيع أن تجيب الرأي العام يا سيادة الوزير: لماذا شركة عشتار لتصنيع المواد الغذائية مازالت بدون عمل منذ أربعة أشهر، وهل ستتهم القيادة المركزية للحزب مالكة هذه المنشأة بأنها تأخرت بإجراء عقد الاستثمار معكم، أم أن زيارات السيد نذير عمرو سالم ابن سيادتكم ومع فرق دراسات “خلبية” لتقييم هذه المنشأة جعلت المستثمرين يبتعدون عن تشغيلها على أمل أن تجدوا من يشارك ابنكم نذير لتشغيل هذه المنشأة التي كانت تغطي صالاتكم بكافة أنواع المربيات والبقوليات المطبوخة والمعلبة وبرب البندورة وخاصة في شهر رمضان“.

بدوره، رد الوزير عمرو سالم على اتهامات جديد، نافيا كل ما جاء في منشوراته، وقال: “كل ما يكتبه مجرد كذب وافتراء وتجاوز للقانون، وأضاف مؤكدا أنه يتحدث بصفته الشخصية وليس كوزير إن ابنه “مثل أعلى في الأخلاق والنّزاهة” في خدمة بلده على حسابه الشخصي“.

وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها الناشط غسان جديد، وزارة التجارة وحماية المستهلك، متحدثا عن قضايا فساد كبيرة داخل الوزارة.

ومنتصف الشهر الفائت كشف جديد، تفاصيل عن فضيحة فساد في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وذلك خلال عقد مناقصة لاستيراد 25 مليون لتر زيت نباتي، لسد النقص الحاصل في الأسواق السورية.

وتشهد البلاد منذ أشهر أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وسط فوضى أسعار تعيشها الأسواق السورية، فيما تقف الحكومة عاجزة عن ضبط الأسواق وتأمين المواد بأسعار مناسبة، وتكتفي بإطلاق الوعود وإقرار “الحلول الترقيعية”، فضلا عن أحاديث بروباغندا إعلامية.

قد يهمك: أزمة وقود خانقة في سوريا.. روسيا وإيران تخلوا عن دمشق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.