ليس من باب المقارنة فقط، بل من باب الاستغراب والدهشة، أن تكون أسعار السلع الغذائية الأساسية التي أصبحت مكلفة أكثر فأكثر في الأسواق العالمية بسبب ضعف سلاسل التوريد، وغلاء أجور الشحن أرخص من السوق المحلية في سوريا، لا سيما تلك التي يضطر الناس إلى شرائها خارج نظام الدعم من المتاجر والسوبر ماركت.

الفرق نصف السعر؟

صحيفة “الوطن” المحلية، أدرجت مقارنة أمس الأربعاء، حول أسعار المواد الغذائية في سوريا ودول الجوار، ليتبين أن الفروقات تجاوزت النصف.

عندما تم مقارنة أسعار الفروج والأرز والزيت بين سوريا ولبنان والأردن والعراق، تبيّن أن أسعار الدجاج أقل في هذه البلدان مما هي عليه في سوريا. فعلى سبيل المثال، تراوحت تكلفة كيلو الفروج “الوردة” في سوريا بين 16 و20 ألف ليرة، بينما تراوحت بين 11 و18 ألف ليرة في لبنان والعراق والأردن.

أما أسعار الزيوت النباتية التي تأثرت دوليا بالغزو الروسي لأوكرانيا، فاللتر الواحد من زيت دوار الشمس يكلف بين 13 و16 ألف ليرة في سوريا، و14 إلى 16 ألف ليرة سورية في الأردن والعراق، و9000 ليرة سورية في لبنان، ما يجعل لبنان البلد الأرخص.

وتكلفة كيلو الأرز المصري الشائع الاستعمال في المنطقة وصلت إلى 7000 ليرة سورية، لبعض الماركات السورية المحلية، بينما يقف عند حاجزالـ4500 ليرة، في جميع دول الجوار.

أما تكاليف المواد المصنعة محليا مثل البيض واللبن والحليب، والتي تشكل عناصر مهمة في النظام الغذائي لشعوب المنطقة، فقد تقاربت الأسعار في سوريا والأردن بنحو 550 ليرة للبيضة الواحدة، مع ارتفاع الأسعار في لبنان والعراق، كذلك اللبن والحليب، إذ تراوح سعر الليتر المعلّب بين 4500 و5500 ليرة، في كل بلدان المنطقة.

وحول الخضراوات، والتي تُعد من أكثر المواد استهلاكا، تبيّن أن تكلفة كيلو البندورة في سوريا تتراوح ما بين 1300 و1800 ليرة، وتكلفة البطاطا ما بين 2000 و3000 ليرة، وهذه الأسعار تشبه إلى حد كبير الأسعار في لبنان، حيث يستفيد لبنان من تصدير سوريا للبندورة.

“نفس التبريرات”

القرارات الحكومية، تسببت في تعميق الأزمات الاقتصادية للسوريين في مواجهة الصعوبات المعيشية، لا سيما بعد رفع أسعار المحروقات، التي انعكست على أسعار مختلف السلع والخدمات، فضلا عن رفع الدعم الحكومي عن المزيد من شرائح المجتمع، وزيادة الضرائب على مختلف الفعاليات التجارية.

عضو لجنة سوق الهال، أسامة قزيز، قال للصحيفة، إن “الإنتاج المحلي من البطاطا لا يغطي حاجة السوق، لذا نلجأ في بعض المواسم للاستيراد، وهذا يتسبب برفع السعر، وحين ينخفض سعرها، يكون السبب أن المنتجين يقومون بتخزينها في المواسم الجيدة ليتم بيعها لاحقا”.

وتابع، “أما البندورة، فسعرها في سوق الهال يتراوح بين 500 و700 ليرة، ولكن يضاف إليه تكاليف التوضيب والنقل، وهي تكاليف مرتفعة، إذ إن صندوق الفلين المستخدم لنقل البندورة يبلغ سعره 2500 ليرة، إضافة لأسعار المحروقات المرتفعة، وأن هذه الأصناف غير قابلة للاحتكار، وأن الفلاح مربَحة قليل جدا”.

من جهته، أكد العضو السابق في لجنة مربي الدواجن، حكمت حداد، أن الطفرة في الأسعار تعود معظمها إلى ارتفاع أسعار المواد الخام في سوريا والتي زادت بنسبة غير معقولة 25 بالمئة، عن بقية دول الجوار، وفي هذه المعادلة يخسر المربي والمستهلك، ويربح التاجر والمستورد اللذان يرفعان الأسعار ويزيدان أرباحهما بشكل دائم، موضحا أن مربيي الدواجن اشتكوا كثيرا لوزارة التجارة الداخلية، من دون الحصول على إجابات أو مبررات مقنعة.

الشراء في سوريا بالحبة

يواجه السوريون في المناطق الخاضعة للحكومة السورية صعوبة في التغلب على أزمات ارتفاع الأسعار المتكررة، فبدأت العائلات السورية بحذف العديد من الأصناف الاستهلاكية من قائمة المشتريات الشهرية، بهدف التوفيق بين الدخل، والمصروف.

وفضلا عن غلاء المواد، تنتشر البضائع والمواد المغشوشة والمهرّبة في الأسواق السورية، وسط غياب الرقابة الحكومية، وتحذيرات من مخاطرها على صحة المستهلكين، تزامنا مع ارتفاع مستوى خطر الأمن الغذائي في البلاد، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين أمام المواد الغذائية.

فوفقا لما رصدته تقارير سابقه لـ”الحل نت”، فإن أغلب الأسر السورية باتت تشتري المواد الاستهلاكية بالحبة والأوقية، مما يدل على صعوبة الواقع الاستهلاكي الذي وصل إليه المواطن السوري.

ولا يبدو أن حكومة دمشق، قادرة على تنفيذ وعودها المتعلقة بتأمين المواد الأساسية بأسعار معقولة، حيث فشلت وزارة التموين السورية، في ضبط أسعار السلع والمواد الغذائية في الأسواق، وذلك تزامنا مع الارتفاع المستمر في أسعار المواد النفطية، والتكاليف التشغيلية على المنتجين، فضلا عن الانخفاض المستمر لقيمة العملة المحلية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة