انفراجة الأزمة السياسية اللبنانية باتت قريبة على ما يبدو، فالفرقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ورئيس الجمهورية، ميشال عون، تقاربا مع بعضهما البعض، على قاعدة مجبر أخاك لا بطل، لتشكيل حكومة جديدة، تفاديا للفوضى.

ميقاتي المكلف بتشكيل حكومة لبنانية جديدة، اجتمع مؤخرا بعون الذي تقترب المهلة الدستورية لنهاية ولايته الرئاسية، في قصر بعبدا، وأكدت المصادر أنهما توصلا لنتائج مرضية جدا، ستعجّل من تشكيل الحكومة الجديدة، قبل الدخول بالفراغ الرئاسي نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

قرب ميقاتي من تشكيل حكومة جديدة بمباركة عون، يأتي بعد وساطة قادها “حزب الله” ورئيس البرلمان، نبيه بري، لإنهاء الأزمة قبل فراغ الرئاسة الدستوري، وبالتالي يصبح لبنان بلا حكومة وبلا رئاسة، ما قد يدفع بالشارع للغضب وبعودة احتجاجات جديدة، الجميع بغنى عنها.

ما هو الثمن؟

في هذا السياق، يبرز السؤال عن الثمن الذي سيدفعه ميقاتي لقاء تنازل عون عن شروطه، وتحديدا في الشق المتعلق بتطعيم التشكيلة الحكومية وتوسعتها من 24 وزارة إلى 30 وزارة، كما طالب رئيس الجمهورية بذلك.

نجيب ميقاتي

المقايضة على هذا التنازل تقتضي التزام ميقاتي بتمرير ملف التعيينات الذي يريده “التيار الوطني الحر” بقيادة عون وصهره النائب جبران باسيل، ويتعلق ببعض المراكز الشاغرة في الإدارة العامة، لا سيما من الفئة الأولى والثانية وتستوجب توافقا عليها قبل طرحها على الحكومة الجديدة، حسب موقع “ليبانون فايلز“.

ويراهن “التيار الوطني الحر”، على عامل الوقت للعب ورقة التأليف في مقابل تنازل ميقاتي ومعه الأطراف التي تضغط للإسراع بالتشكيلة الحكومية على بعض المراكز الشاغرة من الحصة المسيحية لصالح عون وباسيل، وفق الموقع اللبناني.

باسيل قد يستغل أيضا، الحملة الرئاسية لرئيس “تيار المرده”، سليمان فرنجية، لضم بعض المراكز الشاغرة التي كانت من حصة فرنجية، كون الأخير لا يريد فتح جبهة مع أحد في هذا التوقيت، ويُفضل الحياد وهو في الأساس بغنى عن تلك الجبهات في ظل منافسة رئاسية، تمنعه من تقديم فرص مجانية لخصومه.

ميقاتي لمس في اللقاء الأخير مع الرئيس عون، واقعا جديدا أكثر مرونة بشأن تأليف الحكومة، لا سيما وأنه تحرك باتجاه نبيه بري و”حزب الله”، للضغط أكثر على عون، للتفاوض من أجل الإسراع في التأليف، خصوصا وأنه وضع أمام الرئيس عون جملة معطيات، تؤكد أن الأمور ذاهبة إلى الفوضى قبل موعد الفراغ الرئاسي.

قال ميقاتي، إنه في حال لم يتم تأليف الحكومة في الأسبوعين المقبلين، فإن الاتجاه هو نحو انفلات مالي كبير يعقبه انفجار في الشارع، قد يؤدي لزعزعة الاستقرار الأمني يدفع كل الأطراف ثمنه، أما الذهاب نحو حكومة جديدة تتسلم زمام الأمور في مرحلة الفراغ الرئاسي لحين التوافق على اسم رئيس جديد للبلاد، سيمنع الفوضى إلى حد كبير.

بالمحصّلة، يعمل ميقاتي على تمرير التشكيلة الحكومية، مستفيدا من عامل الوقت ومن رغبة عون الجدية بتأليف حكومة قادرة على مواجهة تحديات الفراغ الرئاسي، فيما يسعى عون وباسيل، إلى الحصول على بعض المكتسبات المرتبطة بالتعيينات في مختلف المرافق.

وجه الحكومة المقبلة

بحسب الدستور اللبناني، فإنه في حال انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، دون انتخاب رئيس جديد، تكون صلاحيات الرئيس من مسوولية رئيس الحكومة، لكن الحكومة الجديدة لم تتشكل بعد، وهو الأمر الذي لم يتطرق له الدستور، بكيفية حل تلك الإشكالية.

ميشال عون وجبران باسيل

قبل يومين، تحدّث عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق، عن جهود بذلها “حزب الله” في الأيام الأخيرة لتذليل العقبات وتسريع الجهود لتشكيل حكومة جديدة كاملة الأوصاف والصلاحيات، مع الأمل بتشكيلها قبل نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الجاري.

الخميس الماضي، اجتمع ميقاتي مع عون، وبهذا الصدد، قالت صحيفة “العربي الجديد”، إن “ميقاتي كان جادا في قوله عند لقائه الرئيس عون، بأنه في الاجتماع المقبل، لن يغادر قصر بعبدا الجمهوري قبل تشكيل حكومة جديدة”.

بحسب الصحيفة، فإن “الحكومة التي قد تبصر النور، تضم غالبية الوزراء الموجودين في حكومة تصريف الأعمال الحالية التي يقودها ميقاتي، مع بعض التعديلات التي قد تطرأ على وزارات المهجرين، والاقتصاد، والمالية، على أن تكون الأسماء متوافق عليها وغير استفزازية”.

من جانبه، أكد النائب أسعد درغام، عضو “تكتل لبنان القوي”، أن الاتجاه أقرب إلى تأليف حكومة جديدة هي نفسها الحالية مع إجراء تعديلات طفيفة، متوقعا أن يحدث ذلك “منتصف الأسبوع المقبل، وقبل نهاية الشهر الحالي، في حال استمرّت الأمور على المنحى الإيجابي الذي تسلكه.

ما يمكن قوله، إن أبرز العراقيل التي حالت دون تشكيل حكومة لبنانية جديدة، منذ تكليف ميقاتي في 23 حزيران/ يونيو الماضي، تمثلت برغبة عون وباسيل في توسعة الحكومة من 24 إلى 30 وزيرا، إلا أن ذلك قوبل بالرفض من قبل ميقاتي وقتئذ.

وتنتهي ولاية ميشال عون الرئاسية في 31 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وبعدها من المرجح أن يدخل لبنان بفراغ رئاسي، نتيجة عدم اتفاق القوى المسيحية على ترشيح شخصية محددة تدخل قصر بعبدا خلفا لرئيس ااجمهورية الحالي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة