مع قرب الانتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها مطلع شهر تشرين ثاني/نوفمبر المقبل، بدأ رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية يائير لابيد، بالسعي لتوطيد العلاقات مع الجانب الأردني من أجل التهدئة في القدس والأراضي المحتلة، في حين تخشى الأردن من وصول بنيامين نتنياهو مجددا إلى الحكومة.

 تغيير المشهد ينذر بالتفجير

العلاقة الإسرائيلية – الأردنية اتسمت بالتوتر خلال ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، التي استمرت نحو 12 سنة (2009-2021)، لكن سرعان ما بدأت بالتحسن بعد أقل من شهر على تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، قبل أكثر من عام، إذ اجتمع وزيرا الخارجية الأردني أيمن الصفدي و الإسرائيلي يائير لابيد، في عمّان بعد أقل من شهر.

قد يهمك: منطقة حرة بين الأردن وإسرائيل.. ما قصتها؟

رئيس حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلي يائير لابيد، التقى الملك عبد الله الثاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بدورتها السابعة والسبعين، إذ يعد هذا اللقاء الثاني بينهما، للسعي إلى وساطة أردنية للضغط على السلطة الفلسطينية للتهدئة في الضفة الغربية.

الأردن تخشى الآن من وصول نتنياهو الذي يترأس حزب الليكود، إذ أن عودته إلى رئاسة الحكومة يعني تجديد فترة التوتر في العلاقات، خاصة فيما يتعلق بالمقدسات والوصاية عليها.

أسوأ سيناريو للأردن هو أن يأتي اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو إلى الحكومة، وفق حديث المحلل السياسي الدكتور، منذر الحوارات، لـ “الحل نت” حيث يرى أن العلاقات الأردنية-الإسرائيلية شهدت قطيعة أثناء حكم نتنياهو، والتي طالت فترة طويلة من الزمن واتسمت بالسوء وانتهاك الدور الأردني في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأماكن المقدسة حيث الوصاية الهاشمية، وكانت نظرته إلى الأردن لا تتعدى عن ساحة الحل في القضية الفلسطينية.

لكن هذا لا يعني حقيقة أن رؤساء الوزراء الآخرين تخلو عن هذا الطرح لأن هذا الطرح ليس رهن شخص أو رهن مجموعة محددة، بل هو تيار سياسي في إسرائيل أصبح لديه الغلبة، ويشكل كتلة ضاغطة على القرار السياسي بغض النظر عن رئيس الوزراء، لكن شخصية رئيس الوزراء قد تلعب دورا مهما في مرات عديدة في تحديد خيار تفجير هذا الوضع أو استقراره، بحسب الحوارات.

تقديرات إسرائيلية تذهب باتجاه إمكانية أن تشهد العلاقات الإسرائيلية الأردنية صراعا قادما، نظرا لجملة من الأسباب، أهمها التوترات في المسجد الأقصى، حيث يتعرض الأقصى يوميا لاقتحامات المتطرفين ما عدا الجمعة والسبت.

المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة، يقول في حديثه لـ “الحل نت” إن عوامل التوترات كلها موجودة فعليا ولا يوجد شيء مفقود. أن هناك مصلحة أردنية مع الحكومة الإسرائيلية الحالية، والحكومة الإسرائيلية لها مصلحة مع الأردن في هذه المرحلة، فإن هذا يجعل المرحلة الحالية على الأقل هي المرحلة التي يتم التغاضي فيها عن أي شيء.

السبايلة يعتقد بأنه إذا تم تغير المشهد في إسرائيل في الانتخابات القادمة وعاد نتنياهو، تصبح عوامل التفجير قابلة للظهور بشكل أكبر، فهناك رغبة لدى الطرفين، الأردني والإسرائيلي، باحتواء عوامل التفجير، وهذا مطلب الإدارة الأميركية بهدف الحفاظ على الوضع الحالي.

توتر مستمر

بين الحين والآخر تبدو العلاقات الأردنية الإسرائيلية على حافة الهاوية، جراء التصعيد الإسرائيلي في المقدسات الإسلامية والمسيحية خاصة المسجد الأقصى، والتي تقع تحت الوصاية الهاشمية، إذ تشهد العلاقات توترا مستمرا بسبب ذلك، لذا فإن العلاقات متذبذبة لطبيعة التوجهات السياسية والطموحات الأردنية في الحفاظ على الوصاية.

إسرائيل تسعى إلى إنهاء الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس لكن الأردن متمسك بها، إذ إنها تخضع للوصاية الهاشمية منذ العام 1924، إبان حكم الشريف الحسين بن علي وفق الحكومة الأردنية.

الموقف الأردني الثابت ينطلق من أن القدس الشرقية أرض محتلة والسيادة فيها للفلسطينيين، والوصاية على مقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية، يتولّاها الملك عبد الله الثاني، ومسؤولية حماية المدينة مسؤولية دولية وفقا لالتزامات الدول بحسب القانون الدولي والقرارات الدولية.

الأردن يحتفظ بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية “وادي عربة” للسلام، التي وقعها مع إسرائيل في 1994.

في آذار/مارس 2013، وقع ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، اتفاقية تعطي المملكة حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين.

هنالك تعارض شديد بين المصالح الوطنية الأردنية وتطلعات الفريق الإسرائيلي المتنفذ المتمثل باليمين واليمين الاسرائيلي المتطرف، بحسب حديث الكاتب والمحلل السياسي، حمادة فراعنة، لـ “الحل نت، حيث يرى بأنه لا قيمة ولا دور بما يسمى باليسار أو حتى القوة الوسطية المعتدلة، وأن أصحاب القرار لدى المستعمرة الإسرائيلية هم اليمين واليمين الإسرائيلي المتطرف، وهم اليوم وفق نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلية الأخيرة في آذار/مارس 2021 ، تسعة أحزاب من ثلاثة عشر حزبا، خمسة هم حلفاء في حكومة يائير لابيد، وأربعة في المعارضة برئاسة الليكود نتنياهو.

هؤلاء الأحزاب التسعة يؤمنون ويتمسكون ايديولوجيا وسياسيا وأمنيا بمسألتين، الأولى أن القدس الموحدة عاصمة إسرائيل، والثانية أن الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية وليست أردنية وليست عربية وليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة أي جزء من خاصة المستعمرة الإسرائيلية وفي الحالتين هذا يتعارض جوهريا مع المصالح الوطنية الأردنية، وفق فراعنة.

 بدائل اقتصادية متاحة للأردن

على الرغم من ارتباط الأردن بإسرائيل باتفاقيات عديدة، أبرزها المياه والطاقة، إلا أن ذلك لم يعد مجديا لاستخدامها كأوراق للضغط، في ظل وجود مصادر طاقة بديلة متاحة للأردن، يمكن أن يستثمرها لصالحه.

الأردن بدأت بالعمل بشكل جدي على مشروع الناقل الوطني لنقل وتحلية مياه البحر في العقبة الى باقي المناطق، إذ كشفت الحكومة مؤخرا عن تأمين 80 بالمئة من إجمالي تمويل المشروع، الذي تبلغ تكلفته الإجمالية حوالي 2.8 مليار دولار.

من حق الأردن تنويع خياراته والبحث عن مكاسب اقتصادية، من وجهة نظر عامر السبايلة، مشيرا إلى أن مشكلة المياه في الأردن داخلية تتمثل بسوء الإدارة في النمط العمراني وطريقة تصنيع المياه بعد التطور.

الأردن يرتبط باتفاق لاستيراد الغاز الإسرائيلي، الذي بدأت تنفيذه مطلع سنة 2020، والذي ينص على تزويد إسرائيل للأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاما.

الأردن وإسرائيل وقعا اتفاق “إعلان نوايا” في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، للدخول في عملية تفاوضية للبحث في جدوى مشروع مشترَك للطَّاقة والمياه، يتم من خلاله بناء حقل الطاقة الشمسية في الأردن، وبناء محطة تحلية المياه في إسرائيل.

على الأردن البحث عن مصادر مياه بديلة واقتصادية أخرى، فمن الواضح أن الحكومة الأردنية تحاول أن تفتح أبوابا أخرى جديدة وبديلة عن الاحتلال بمصادر المياه والطاقة، في ظل عدم النظر بحلول دائمة، بحسب حديث الصحفي المتخصص في الشأن الفلسطيني ومدير عام “شبكة الإعلام المجتمعي، داوود كُتاب لـ “الحل نت”.

التقديرات الإسرائيلية تشير إلى ما تشهده العلاقات مع الأردن في الآونة الأخيرة، واندفاع بعض المحافل الأردنية للحديث عما تعتبره بدائل اقتصادية متاحة للأردن، وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، قرر إنهاء العمل بالملحقين الخاصين بتأجير أراضي الباقورة والغُمر لإسرائيل في تشرين ثاني/نوفمبر 2019، الذي جرى التوقيع عليهما ضمن ملاحق اتفاقية وادي عربة لمدة 25 عاما.

اتسم رد الفعل الشعبي الأردني طوال السنوات الماضية بالتصلب ورفض العلاقات مع إسرائيل أو التعايش معها، إذ يطالب دائما بفض الاتفاقيات وعلى رأسها اتفاقية “وادي عربة للسلام” التي وقعت سنة 1994، في ظل تشبث الموقف الرسمي بإيجاد أفق سياسي لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم على أساس حل الدولتين على خطوط الرابع من حزيران 1967.

أن العلاقات أصبحت متجذرة في أكثر من قطاع وهي متعلقة بالقطاع الاقتصادي والأمني، والسياسي، إذ لا يمكن فك هذه العلاقة بسهولة. وفق المحلل السياسي منذر الحوارات. ربما أضعفها السياسي ولكن إذا تحدثنا عن القطاع الأمني هناك تنسيق مستمر على صعيد الإرهاب وعلى صعيد تنظيم الحدود وعلى صعيد الأمن الاستراتيجي في المنطقة أيضا.

اقرأ أيضا: إجراءات أردنية لعدد من المسؤولين بعد انفجار العقبة

الأردن يحاول أن يحافظ على دوره في القضية الفلسطينية ومكانته في أي إطار للحل في المستقبل، لكنه يواجه الآن أن الإطار الإسرائيلي قفز فوق الأردن ودخل بعلاقات مباشرة مع الدول العربية، بحسب الحوارات.

 على الرغم من كل ما سبق، يبقى التكهن بمصير العلاقات وربطها بنتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة صعبا، إذ أنها ترتبط بالمصالح الاقتصادية والسياسية بشكل أكبر، مع وجود هوامش للتصعيد، مرتبطة بالممارسات الإسرائيلية بشكل مباشر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة