“هذا العام كان موسم الخضراوات بأنواعها جيدا بالرغم من الصعوبات الكثيرة وغياب الدعم الحكومي، إلا أن ارتفاع مستلزمات الإنتاج المستمرة من حين لآخر، لم يترك هامش ربح جيد للمزارع يشجعه أن يتوسع في الزراعة في الخريف أو للاستمرارية في مهنة الزراعة بشكل عام، والوضع يتجه نحو الأسوأ بالفعل، خاصة في ظل تدهور الليرة السورية أمام النقد الأجنبي الذي أهلكنا وأهلك حال أولادنا، والحكومة تقف عاجزة وتراقب كل هذا الوضع المزري!؟” هكذا يصف المزارع حنّا الجنيدي وضعه أمام ارتفاع تكاليف الإنتاج، وهو ما يؤثر بدوره على دخله ويكبّده خسائر بدلا من الربح والاستفادة.
تكاليف الإنتاج بشكل عام في أي قطاع في سوريا، باتت أغلى من المبيع، نتيجة تدهور الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي واستيراد نسبة كبيرة من المواد الأولية من الخارج وبالعملة الأجنبية، بالإضافة إلى عدم وجود دعم حكومي، إلى جانب استغلال واحتكار التجار والسماسرة في تسويق البضائع، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بنسبة 130 بالمئة مؤخرا، مثل المازوت الذي يدخل في عملية الإنتاج، وكذلك أجور النقل، والقطاعات الأكثر تضررا نتيجة هذا الأمر، هو القطاع الزراعي وخاصة مزارعي الخضار والأشجار المثمرة.
تضييق على القطاع الزراعي
المزارع حنّا الجنيدي، ينحدر من ريف محافظة طرطوس، وهو يملك بستانا من الأشجار المثمرة إلى جانب قطعة أرض يزرع فيها الخضروات بكافة أنواعها، مثل البندورة والخيار والبطاطا والبصل وأنواع أخرى. يضيف لموقع “الحل نت”: ” ارتفاع تكاليف الإنتاج هذا العام كان غير منطقي وأحيانا لبعض الأصناف أكثر من قيمة المبيع أساسا، وهذا ما عرّضني لبعض الخسائر لبعض الأصناف، وأيضا كان هامش الربح لعملية البيع قليلا، بمعنى أنه لا يكفي لمعيشة عائلتي لشهرين، ومن ثم كيف ستعيش عائلتي باقي شهور السنة، ألا يحتاج إلى مصروف يومي”، يتساءل الجنيدي، وهو في حيرة من أمره أمام هذه العملية الخاسرة، والتي باتت تثقل كاهله وكاهل معظم المزارعين في سوريا، اليوم.
رغم اتساع رقعة المساحات المزروعة بالخضار الصيفية في الساحل السوري ووفرة الإنتاج، إلا أن ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج أرخى بثقله على المزارع والمستهلك على حدّ سواء، حيث ضيّق هامش الربح على الأول، واستنسب الصنف الأكثر ضرورة للثاني بما يتناسب مع أصحاب الدخل المحدود.
عدد من المزارعين أوضحوا لصحيفة ”تشرين” المحلية، يوم أمس الخميس، أن الموسم كان جيدا بكافة أصناف الخضار، لكن غلاء تكاليف الإنتاج من أسمدة وبذار ومحروقات وغلاء اليد العاملة، لم يترك هامش ربح جيد للمزارع يساعده على التوسع في الزراعة الخريفية، مؤكدين أن أسعار الخضار في الأسواق تعود بالفائدة على التاجر أو الوسيط الذي يربح أكثر من المزارع، مدللين بأن “تكلفة زراعة 2 دونم بشتول الباذنجان، تُقدّر بمليون ومئتي ألف ليرة، وهي زراعة مكلفة، مستدركين بالقول: “في فترات من الموسم كنا نبيع الخضار في سوق الهال بسعر أقل من تكلفتها، ونحن مستمرون بالزراعة رغم كل الصعوبات والمعوقات لأنها مصدر رزقنا الوحيد”.
رئيس شعبة الخضراوات في مديرية زراعة اللاذقية المهندس فادي كزعور، قال من جانبه، بلغت المساحة المزروعة بالخضار الصيفية للموسم الحالي حوالي /1604/ هكتارا، بينما كان المخطط له /1565/ هكتارا، بنسبة تنفيذ حوالي /102/ بالمئة.
كزعور، أوضح للصحيفة المحلية، أن محصول الباذنجان يحتل المرتبة الأولى بين الخضراوات في المساحة المزروعة والإنتاج، حيث بلغت مساحة زراعته حوالي /512/ هكتارا، بإنتاج قدره حوالي /12700/ طن، وذلك للطلب المتزايد عليه هذه الفترة للتحضير للمكدوس، كما أقبل المزارعون على زراعة الفليفلة خاصة الحمراء، تم زراعة /199/ هكتارا بتقديرات إنتاج حوالي /3982/ طنا.
قد يهمك: أسباب متعددة لارتفاع الأسعار في سوريا.. هموم المواطن في تزايد!
العزوف عن الزراعة؟
في سياق متّصل، قال الجنيدي لـ “الحل نت”: “إذا بقي الحال على ما هو عليه، أي ارتفاع تكاليف الإنتاج مقابل المبيع يوما بعد يوم، وفي ظل غياب الدعم الحكومي، فسأخفض كمية الزراعة في بستاني. فليس من المعقول أن أفلح وأخسر أو لا أستطيع تأمين معيشة عائلتي، فتكاليف الزراعة باتت غالية جدا، من البذور والأسمدة والفلاحة والمازوت، فضلا عن الأضرار التي تتعرض لها محاصيلنا في فصل الشتاء من العواصف والأمطار الغزيرة، وهذه التكاليف أنا بغنى أن أضعها في عمل لا أجني منه سوى الخسارة والقهر والعجز، في تأمين قوت يومي”.
الجنيدي، أشار خلال حديثه، إلى أنه “من الأفضل أن ازرع نصف مساحة أرضي، وذلك في حال تعرضت للخسائر، أن لا تكون كبيرة ومدمرة لوضعي المادي، ولعلى وعسى أن تدعمنا وتزوّدنا الجهات الحكومية المعنية، بمواد مثل المازوت والأسمدة، والمحروقات، لاستمرارية عملية الزراعة، ودون تكبدنا لخسائر”.
قد يهمك: “بصلة وخبزة حصة الموظف السوري“.. مصاعب كبيرة تزيد من تدهور الوضع المعيشي
المستهلك من المتضررين
في سياق موازٍ، فإن الأسعار في ارتفاع مستمر، وسط تدني مستوى الرواتب والمداخيل لدى السوريين. أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزه، في حديثه لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الخميس، أشار إلى أن مشكلة الغلاء مستمرة ولا يمكن أن تحل مادامت انسيابية المواد بالأسواق منخفضة، لافتا إلى أن ارتفاع الأسعار متواتر لعدة أسباب أولها عدم استقرار سعر الصرف، وارتفاع أجور الشحن، وكذلك الرسوم الجمركية، وانقطاع البنزين لفترة والذي بدأت تظهر آثاره اليوم، كذلك موضوع حوامل الطاقة له تأثير على ارتفاع الأسعار كل ذلك تسبب في تناقص بعض المواد من الأسواق.
“كلما أخرج للتسوق لأشتري احتياجات عائلتي، أتفاجأ بالزيادة في أسعار الخضار، مع العلم أنني أتسوق مرتين في الأسبوع فقط، بالإضافة إلى تقنين المصاريف اليومية، لكن الأسعار باتت في العلالي وبات مثل كذبة، وهي لا يتناسب مع دخلنا أنا وزوجي، ولا دخل معظم السوريين اليوم، مثلا لا يتجاوز الـ150 ألف ليرة سورية أي نحو 25 دولار أميركي، ونفس الشيء تقريبا راتب زوجي..”، تسرد السيدة تهاني صبوح، حول معاناتها مع ارتفاع أسعار الخضار في مدينتها اللاذقية السورية.
صبوح، تشكو وتتذمر من الارتفاع التدريجي والسريع في الأسعار خاصة خلال العامين الماضيين، وتقول إنها لعبة تقاعس حكومي مع كبار التجار، وأنهم يبرّرون هذا الغلاء بارتفاع تكاليف الإنتاج، فتضيف لـ”الحل نت”: “صحيح أن تكاليف الإنتاج بات مرتفعا، ولكن ليس بهذا الحجم، فمثلا نحن نقدّر تعب وجهد المزارعين، لكن الارتفاع الجنوني في الأسعار سببه الرئيسي؛ كبار التجار والسماسرة، والحكومة تقف عاجزة ولا تضع حدّا لهذه المهزلة.. أو ربما تكون متقاعسة مع هؤلاء التجار. إن ظروفنا المعيشية في مستويات سيئة، في الحقيقة أنا لا أعرف ماذا نفعل بحالنا، نحن نركض ليلا ونهارا لا يمكننا تأمين قوتنا اليومية أو احتياجات أولادنا، حتى أن الهروب والهجرة من هذا البلد أصبح صعبا وبعيد المنال”.
بالعودة إلى تقرير صحيفة “تشرين” المحلية، قال عدد من المواطنين: الخضار بكافة أنواعها متوفرة في الأسواق، لكن الأسعار لا تتناسب مع الوضع الاقتصادي، مؤكدين أنهم والمزارعين هم الحلقة الأضعف في هذه العملية. ويأملون من الجهات المعنية التدخل أكثر من ذلك، فعندما يكون الفلاح بخير ومدعوما بكل مستلزمات الإنتاج، حكما سيعود بالنفع عليه والمواطن والدولة ككل.
قد يهمك: المونة كلفتها غالية بسوريا.. “نص خطوة لقدام وعشر خطوات برجوع”
تكاليف “باهظة”
رئيس شعبة الخضراوات في مديرية زراعة اللاذقية، فادي كزعور، أشار إلى أن بعض المزارعين حاليا يقومون بتجهيز الأرض لزراعة العروة الخريفية، وقد بلغت المساحة المخطط لزراعتها /732/ هكتارا، وتتضمن (البندورة – فاصولياء – كوسا- خيار – فجل – ملفوف- بصل أخضر- خس- قرنبيط – سبانخ).
كزعور، أكد للصحيفة المحلية، أن مزارعي الخضراوات يعانون من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من بذار، وأسمدة، والمبيدات، وارتفاع أسعار حراثة الأرض وتجهيزها للزراعة.
مع وصول إنتاج محافظة السويداء من الأشجار المثمرة، “تفاح، عنب، تين، رمان، دراق، إجاص، كرز ..إلخ”، هذا الموسم إلى 129 ألف طن، إلّا أن تسويق هذه المُنتوجات، وفق ما أفاد به عدد من المزارعين، مازال يذهب للسماسرة والتجار، من جراء انعدام المنافذ التسويقية الضامنة لحقوق المزارعين، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، في تقرير آخر، مؤخرا.
بحسب المزارعين، فإن التجار يشترون منهم بأسعار زهيدة، ليتم طرحه بالأسواق بأسعار مرتفعة، ما أوقع المزارعين، في مطب الخسائر المالية، وخاصة أمام ارتفاع تكاليف الإنتاج التي باتت ترهقهم ماديا، مضيفين أن أجرة ساعة الفلاحة على “العزاقة”، وصلت إلى نحو 20 ألف ليرة سورية، وأجرة ساعة الفلاحة على الجرار الزراعي إلى 50 ألف ليرة، وأجرة ساعة التقليم إلى 4000 ليرة.
ويضاف إلى ما ذُكر أسعار المبيدات الحشرية، التي أصبحت تحتاج ميزانية مالية سنوية تفوق المليوني ليرة، خاصة وسعر الكيلو الواحد من كبريت الذواب يبلغ في الصيدليات الزراعية 19000 ليرة، علما أن سعره خلال الموسم الماضي، كان لا يتجاوز الـ9 آلاف ليرة.
كما وصل سعر الليتر الواحد من مبيد ألفا سايبر، إلى 58500 ليرة، أما ”ظرف” مانع التغذية، فقد ارتفع من 4000 ليرة خلال الموسم الماضي إلى 8800 ليرة هذا الموسم، يذكر أن هذا الظرف يكفي فقط لبرميلٍ واحد، كما قفز سعر ”ظرف” الزينيت من 3000 ليرة في العام الماضي إلى 6500 ليرة حاليا، وهو يكفي لبرميل واحد أيضا، وقد وصل سعر الليتر الواحد من مبيد دمكتين، إلى 19 ألف ليرة.
قد يهمك: الألبان والأجبان في سوريا.. مواد غذائية سينساها السوريون؟
أسباب تهالك القطاع الزراعي
بعد كل الانتكاسات والخسائر التي لحقت بالقطاع الزراعي والتي أثرت بدورها على الثروة الحيوانية في سوريا، على مدى السنوات الماضية، يبدو أن تغير المناخ والجفاف ليس السبب الوحيد لذلك، بل تقصير وتهميش المعنيين من السلطات في حكومة دمشق وقراراتها غير المدروسة في إدارة الأزمات، وكذلك ارتفاع أسعار المواد الأولية والأمور التشغيلية، كلها أسباب مضاعفة أدت إلى تهالك القطاع الزراعي الذي يشكل حوالي 30-25 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى كونه من أهم ركائز الأمن الغذائي في سوريا.
من حيث الأرقام، يوجد في سوريا مليون هكتار من الأراضي الزراعية تعتمد على مياه الأمطار و 690 ألف هكتار مروية بمياه المشاريع الزراعية. لكن مع ذلك، لم يعُد سرا أن هذا القطاع المهم يشهد تراجعا، بحسب تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا.
من جهته، قال رئيس نقابة الفلاحين في محافظة حماة حافظ سالم، في رده على سؤال، أن التغيرات المناخية وحدها تسببت في تراجع الإنتاج الزراعي السوري، فأجاب: “لا، أبدا ليست التغيرات المناخية وحدها سببا في ذلك، لكن المناخ قد يكون أحد الأسباب المتعددة وساهم في تراجع الإنتاج إلى حد ما، لكن الحصة الأكبر في هذا التراجع، هو ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج دون أخذ ذلك في الاعتبار عند دراسة تكاليف الإنتاج”.
وأردف سالم، في حديثه السابق للصحيفة المحلية، أن “الأسمدة والمحروقات لم تعُد متاحة كما في السنين الماضية، فضلا عن أجور النقل واليد العاملة وفلاحة الأرض، فبعض هذه الأمور لا تدرس عند تقدير التكلفة وهذا خطأ، ولابد من هامش ربح محفّز ومغري للمزارعين كي يزيدوا الإنتاج، إذ لا يجوز أن يُترك الفلاح من دون دعم إذا ما أردنا لإنتاجنا الازدهار والنمو”.
قد يهمك: راتب الموظفين في سوريا ضائع في متاهة.. “إذا كفى لأسبوع بيكون منيح“!
غياب الرقابة والتموين
حسب التقارير المحلية، أثبتت أحوال الأسواق أن كل القرارات والحلول التي قدمتها الحكومة لتجاوز أزمة الغلاء والسيطرة على الأسواق لم تجدِ نفعا، وكل ذلك مجرد قرارات وكلمات ووعود، هذا يعني أن هناك خللا واضحا جليا أصبح لا يمكن التغاضي عنه لأنه حالة يومية يعيشها المواطن السوري.
في وقت سابق من هذا الشهر، وتعليقا على تدني الرواتب والأجور في سوريا، أكد عضو غرف تجارة دمشق فايز قسومة، على ضرورة ازدهار الاقتصاد حتى يعيش المواطن السوري، مشيرا إلى أن ذلك يعني بالضرورة تحسين وضع الكهرباء ورفع مستوى الدخل.
وقال قسومة، في تصريحات نقلتها إذاعة “أرابيسك” المحلية، إن دخل الموظفين في سوريا، لا يتناسب أبدا مع أبسط الاحتياجات الأساسية، وأضاف: “حتى لو أصبح الراتب بالحد الأدنى 500 ألف ليرة، فإنه لا يكفي لإطعامه أكثر من خبزة وبصلة“.
مناسبة هذا الكلام، أن بعض التجار في سوريا، يستغلون أي أزمة لرفع المواد التي يبيعونها، حيث أرجع أمين سر جمعية حماية المستهلك، ذلك إلى التعقيدات الواردة بالقرار 71 الخاص بالاستيراد والمتضمن وضع قيمة المستوردات بشركات الصرافة لمدة 3 أشهر، والشركة المورّدة ترفض التمويل إلا إذا أخذت ثمن البضاعة الأمر الذي يخلق نوعا من التشابكات في عمليات الاستيراد، مع وجود نوع من الحذر لدى التجار لارتفاع سعر الصرف، الحال ذاته ينطبق على الصناعة وتوريدات المواد الأولية المستوردة.
في سياق تدخل الحكومة لوضع حدّا لارتفاع الأسعار، يرى حبزه، أن سياسة التدخل الإيجابي غير صحيحة ولابد من وضع خطة مستقبلية أو إنقاذية للمواسم تقوم الجهات المعنية بوضعها، لأن ثقافة الاستهلاك لدى المواطن معروفة للجميع من موسم الأعياد وموسم للمدارس وموسم المونة وغيرها، مضيفا:”نحن للأسف ليس لدينا خطة صحيحة للحد من ارتفاع الأسعار وتدخّل الجهات المعنية لا يتجاوز الجولات التموينية على الأسواق، كما حدث في موضوع الفروج وضبط كميات منها وإغلاق بعض المحال فقط”.
وأضاف حبزه، “هناك خلل بالتخطيط الاقتصادي لذلك نحن نطالب من الفريق الاقتصادي، وضع خطة مستقبلية على الأقل كل 6 أشهر حتى نعرف ماذا يحدث بالأسواق”.
قد يهمك: رفع الأسعار في سوريا.. “لا حسيب ولا رقيب”!
دمشق مسؤولة عن الأزمات
ضمن سياق ضعف الإنتاجية في القطاع الزراعي في سوريا، قال الخبير التنموي والزراعي، أكرم عفيف، إن سوريا تعاني من أسوأ إدارة موارد في تاريخ البشرية، إذ لا يوجد بلد مكتفٍ من كل شيء مثل سوريا لكن دون جدوى.
عفيف، تساءل خلال برنامج “مين المسؤول”، عبر إذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، مؤخرا: “كيف يجوع السوريون في أغنى بلد في العالم من حيث الموارد الزراعية”.
عفيف، قال أن كل المواسم الزراعية خاسرة فأقل دونم يكلف 700 ألف ليرة سورية، وبالتالي الفلاح يحتاج إلى 28 مليون ليرة، والعملية الإنتاجية تُدار بشكل فاشل، فمثلا ليتر المازوت يُباع للجميع بـ2500 ليرة، إلا للفلاح الذي يشتريه بـ 8000 ليرة من السوق السوداء بسبب عدم وجود مخصصات للزراعة.
عفيف، نوّه إلى أنه لم يعد هناك أراض زراعية في منطقة الغاب، لأن تكاليف العملية الإنتاجية فاقت قدرة الفلاح، والمصارف الزراعية لا تموّل، بالتالي كيف سيتدبر الفلاح أموره، خاصة وأن طن السماد قبل رفع سعره كان بـ75 ألفا وبالواقع كان يُباع بـ200 ألف، وبعد الرفع الأخير وصل سعره إلى 300 ألف.
منذ بداية العام الجاري، تفاقمت الأزمة الاقتصادية في سوريا، مع وصول معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها، تزامنا مع فشل وعجز الحكومة السورية، عن ضبط أسعار السلع والمواد الأساسية في الأسواق. ولا يبدو أن حكومة دمشق قادرة على ضبط الأسعار، وتأمين المواد الأساسية والغذائية بشكل يكفي حاجة الأسواق السورية، وذلك على الرغم من الوعود الكثيرة التي أطلقتها مؤخرا بهذا الصدد.
المزارع حنّا الجنيدي، مثله كباقي المزارعين في سوريا يعانون منذ مطلع العام الحالي من ارتفاعات متتالية لأسعار تكاليف الزراعة لمختلف المحاصيل، ما جعلهم إما العزوف عن الزراعة أو تخفيض مساحة الزراعة، فضلا عن اللجوء إلى تسويق محاصيلهم عبر التّجار والشركات المستقلة بعيدا عن الجهات الحكومية، التي تمّ تحييدها في ظل فشلها في إيجاد آلية ترضي المزارع وتراعي التكاليف.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.