قلق لا ينضب في الجانب الشرقي لـ “حلف الشمال الأطلسي” (الناتو)، يوازيه انتشار عسكري مشترك لروسيا وبيلاروسيا عند حدود أوكرانيا، فهل من تلاقي بين الحدثين.

التلاقي موجود بالتأكيد؛ لأنه على الحدود مع روسيا على طرف الجانب الشرقي لـ حلف “الناتو”، تترقب ليتوانيا تطورات أحداث أوكرانيا بتوتر، وتنشد الدعم وهو ما حصل فعلا من قبل ألمانيا.

اليوم الثلاثاء أكد الجيش الألماني، دعم الدفاع عن ليتوانيا بلواء من وحداته القتالية من أجل حماية أفضل للجناح الشرقي، لحلف “الناتو”.

ما تكليف اللواء الألماني؟

قائد “لواء المشاة الميكانيكي” في قاعدة “روكلا” العسكرية بليتوانيا، الجنرال الألماني كريستيان نافرات، قال لوكالة الأنباء الألمانية “د ب أ”، إن انتشار اللواء الألماني يأتي بالنظر إلى متطلبات الأمن والحماية لشركاء “الناتو” الشرقيين.

الإجراء الألماني يأتي لطمأنة حلفاء “الناتو” في دول البلطيق، والعمل على ردع روسيا وإنهاء حالة القلق لدى ليتوانيا، بحسب نافرات، الذي أشار إلى أن ألمانيا تقف بوضوح إلى جانب حلفائها.

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، قرر “الناتو” تعزيز حماية جناحه الشرقي. وستقود ألمانيا لواء من قوات قتالية، يضم ما يتراوح بين 3 آلاف و5 آلاف جندي في ليتوانيا.

تقود ألمانيا في “روكلا” منذ عام 2017 كتيبة تابعة لحلف “الناتو”، قوامها نحو 1600 جندي، ويشكل الألمان أكثر من نصفهم، فيما يتولى نافرات، وهيئة قيادته تنظيم وتنسيق مشاريع التدريب والتمرين.

الهيئة القيادية للواء الألماني وصلت إلى “روكلا” مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، وسيكون لها وجود دائم في الدولة البلطيقية المنتمية للاتحاد الأوروبي و”حلف شمال الأطلسي”، والتي تقع على حدود منطقة كالينينغراد الروسية وبيلاروسيا، حليفة موسكو.

وازداد شعور الذعر حين استخدمت موسكو، بيلاروسيا في أول أيام غزوها لأوكرانيا، كنقطة انطلاق لقصف كييف، ولإرسال رتل مدرعات ظهر لبعض الوقت على صور الأقمار الاصطناعية وهو يزحف باتجاه أوكرانيا.

تكليف اللواء الألماني ينص على الاحتفاظ بالأسلحة والذخيرة في قاعدة “روكلا”، على أن تظل غالبية الجنود في وضع الجاهزية في ألمانيا، ويمكن نقلهم بسرعة إلى ليتوانيا في حالة حدوث توتر، مع ضمان جاهزية اللواء في غضون 10 أيام.

بحسب نافرات، فإن اللواء الألماني يظهر حضوره من خلال التدريبات والتمارين، وسيقوم اللواء بالمناورة الأولى في منتصف هذا الشهر بمشاركة نحو 200 جندي ألماني، ونحو 50 مركبة نقل ومركبة قتالية.

زيادة نسبة الالتحاق بالمعسكرات

سكان بلدة دروسكينينكاي، في جنوب ليتوانيا، باتوا يعتادون على أزيز طلقات البنادق الروسية، ودوي نيران المدفعية البعيد خلال التدريبات العسكرية في بيلاروسيا المجاورة، إذ لا تبعد بلدتهم سوى 5 أميال عن الحدود و12 ميلا عن قاعدة عسكرية رئيسة، وفق تقرير لـ “إندبندنت عربية“.

الأصوات العسكرية تذكّر سكان البلدة باستمرار بما قد يحل بهم، وأسهم هذا الوضع في ارتفاع معدل الالتحاق برابطة حملة البنادق الليتوانية بنسبة 70 بالمئة، بحسب راموناس سيرباتوسكاس، قائد الكتيبة في قوات الدفاع التطوعية الليتوانية.

تُعد الرابطة مجموعة شبه عسكرية تدعمها الدولة، ومن مهامها المتعددة تدريب المواطنين على إطلاق النار والقتال، وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا بقليل، كانت الرابطة تضم نحو 12 ألف عضو، ينتمي نصفهم إلى الجناح الشبابي.

منذ 24 شباط/ فبراير -تاريخ بدء غزو روسيا لأوكرانيا-، كبر الاهتمام بالرابطة كثيرا، حتى إن الناس يصطفون في المدن الكبيرة للانضمام إليها، وفق تصريح صحفي لسيرباتوسكاس.

وأعلنت ألمانيا عن المزيد من عمليات تسليم الأسلحة لأوكرانيا، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي “آي آر آي إس تي”، وما مجموعه 100 دبابة من اليونان وسلوفاكيا، حسب قناة “سي إن إن” الأميركية.

انشاء اللواء الألماني، جاء بعد أن قالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت، مؤخرا إن “حلف الناتو بحاجة إلى العمل على تعزيز دفاع نفسه من روسيا وخاصة في جانبه الشرقي”.

لامبرخت أشارت إلى أنه، استعدادا لمواجهة تهديد أمني متزايد، ستنشئ ألمانيا لواء مشاة مدرع جديد يمكن نشره بسرعة في ليتوانيا في أوقات الحاجة، وهو ما حدث بالفعل اليوم الثلاثاء.

يتراوح قوام اللواء الألماني بين 3500 و5000 جندي يمكن نقله إلى ليتوانيا، في غضون 10 أيام إذا لزم الأمر، حسب تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

في تموز/يوليو الماضي، قال نائب مدير الدائرة الصحافية في وزارة الخارجية الروسية، إيفان نيتشايف، إنه من السابق لأوانه تقييم قرار ليتوانيا بشأن استئناف العبور على محور كالينينغراد.

حسب نائب وزير الدفاع الليتواني مارغيريس أبوكيفيسيوس، فإن تهديد بيلاروسيا بات واضحا ولا لبس فيه. “أصبحت الآن مندمجة عسكريا مع روسيا. لا فرق بين مجاورة بيلاروسيا ومجاورة روسيا هذا التطور الجديد زاد من تعقيد الوضع الأمني الإقليمي وخطورته.

لطالما شكلت روسيا خطرا على ليتوانيا وجيرانها، بحسب أبوكيفيسيوس الذي أردف أن الوضع بلغ مستوى جديدا مع اجتياح روسيا لأوكرانيا، والهدف من الغزو الروسي لكييف، هو إعادة تأسيس الاتحاد السوفيتي بنسخة جديدة.

تصعيد مينسك وموسكو

رئيس بلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، أعلن أن بلاده اتفقت مع روسيا على نشر قوة عمل عسكرية مشتركة، ردا على ما وصفه بتفاقم التوتر على الحدود الغربية للبلاد.

بحسب تصريح لـ وكاشينكو، وهو الحليف الأقرب إلى موسكو، أمس الإثنين، فإن موسكو ومينسك، ستنشران مجموعة عسكرية إقليمية، وبدأتا في جمع القوات قبل يومين، كما نقلت عنه وكالة أنباء “بيلتا” الحكومية.

رئيس بيلاروسيا كشف في تصريحه، عن وصول تحذير له أول أمس الأحد عبر قنوات غير رسمية، من إمكانية شن هجوم بوقت قريب قد يستهدف بلاده من الأراضي الأوكرانية.

عقِب ذلك وجّه لوكاشينكو، رسالة إلى الرئيس الأوكراني مهددا من مغبة مثل تلك الخطوة، بقوله إن “جسر القرم سيكون بمثابة ثمرة صغيرة بالنسبة لهم، إذا مسوا شبرا من أراضينا بأياديهم”.

تصريح لوكاشينكو، أتى بعد يومين من التفجير الذي طال جسر “كيرتش” الاستراتيجي، الواصل بين شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو والبر الروسي.

أمس وفي آخر تطورات الغزو الروسي لأوكرانيا، ازدادت الأوضاع تعقيدا، بعدما قررت روسيا الرد على تفجير جسر “كيرتش”، بشن حملة قصف منظمة ومكثّفة على كييف ومدن أوكرانية أخرى.

وزارة الدفاع الأوكرانية لم تصمت، بل توعدت بالانتقام من الضربات الصاروخية الروسية، في حين وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ما يجري على أنه “محاولة روسيا لإنهاء وجود بلاده من وجه الأرض”.

حتى اليوم لا تزال موسكو تستخدم مينسك، في غزوها لأوكرانيا، حيث ترسل القوات والمعدات إلى شمال أوكرانيا من قواعد في بيلاروسيا، ونشرت قرابة 20 ألف جندي على حدود بيلاروسيا، الأمر الذي يقلق ليتوانيا، جارة مينسك وموسكو، من احتمالية استهدافها مستقبلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.