بعد تكليف مرشح تحالف “الإطار التنسيقي” محمد شياع السوداني، بتشكيل حكومة عراقية جديدة، على إثر أزمة سياسية استمرت لأكثر من عام على انتهاء الانتخابات التشريعية الأخيرة، ليتم تجاوز الحديث عنها، وينتقل المشهد إلى مدى إمكانية السوداني في تشكيل الحكومة خلال المدة القانونية وهي ثلاثون يوما.

المخاوف التي ترافق جهود المكلف الجديد بتشكيل الحكومة، نتيجة إلى احتمالية تحول التدافع السياسي حول المناصب والوزارات، ما يعطل مساعي السوداني الساعي إلى إعلان كابينته الوزارية يوم السبت القادم، وهو ما يضعه أمام تحدّ كبير إلى جانب ما يواجهه من احتمالية تجديد الاحتجاجات بالتزامن مع الذكرى الثالثة لها، والتي تصادف يوم 25 من الشهر الجاري.

وكان ترشيح “الإطار التنسيقي” لشياع السوداني، قد أثار غضب المحتجين العراقيين الذين كانوا قد عبّروا عن رفضهم للقوى التي تبنته في مناسبات عدة أخرها في احتجاجات العام 2019، وهو ما قد يعيد اشعال الشارع العراقي بالتزامن مع إحياء ذكرى الاحتجاجات الثالثة، بخاصة وأن هناك احتمالية لعودة “التيار الصدري” للنزول إلى الشارع، وهو ما يضع السوداني أمام تحدي الوقت، بحسب مراقبين.

لكن المحلل السياسي علاء مصطفى يعتقد أن الشياع السوداني قادر على تشكيل الحكومة دون حرج، لسبب أنه مرشح توافقي من قبل قوى سياسية تعني حجم المرحلة وتحدياتها، بالتالي لن تؤخر تشكيل الحكومة إلى مدى أبعد من ذلك، تفاديا لأي سيناريوهات محتملة.

مصطفى وفي حديث لموقع “الحل نت“، قال إن القوى السياسية لا تريد تأخير طي صفحة رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية مصطفى الكاظمي، وهذا ما قد يساعد في تسريع تفاهماتها وتجاوز الخلافات على المناصب، وهو ما قد يبقي عدد من المواقع شاغرة في المرحلة الأولى، ما يعني يتم تمرير الحكومة في العدد المطلوب، ومن ثم يؤجل حسم المواقع المهمة التي قد تشعل خلافا بين القوى.

اقرأ/ي أيضا: ما هي أبرز التحديات التي تنتظر الحكومة العراقية الجديدة؟

السوداني ومحاولات استباق سيناريوهات مفاجئة

بالمقابل، يذهب الصحفي المهتم بالشأن السياسي فقار فاضل، بالرأي مع ذلك، القوى التي كلفت السوداني بتشكيل الحكومة ستجتمع على اثبات وجودها أمام خصمها المنسحب من العملية السياسية التيار الصدري، ما يعني أنها ستسعى بكل قوتها إلى تمرير حكومة السوداني لتفادي أي سيناريو محتمل، ولإيصال رسالة سياسية بأنها على قدر المسؤولية.

فاضل يقول في حدث لموقع “الحل نت“، إن السوادني والقوى السياسية ستعجل من عملية تشكيل الحكومة لتجاوز مرحلة الحرج التي يمكن أن تتسبب بها الحركة الاحتجاجية، إذا ما عادت إلى الشارع بالتزامن مع الذكرى السنوية الثالثة، خصوصا وأن هناك مثالا حيا لذلك بفشل عدد من المكلفين في تشكيل الحكومة خلال الاحتجاجات عام 2019.

وفق الدستور العراقي، فإنه يجب على المكلف بتشكيل حكومة جديدة، أن يختار كابينته الوزارية وينال ثقة البرلمان خلال 30 يوما من تاريخ تكليفه، وإن لم ينجح بذلك، يتم استبداله بتكليف شخصية أخرى لتشكيل حكومة جديدة، فهل سيتمكن السوداني من تشكيل حكومته وكيف سيكون شكلها في المرحلة المقبلة.

والخميس الماضي، وبعد أداء الرئيس العراقي الجديد عبد اللطيف رشيد اليمين الدستورية، جرى تكليف مرشح تحالف “الإطار التنسيقي” محمد شياع السوداني، بتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد بنسختها التاسعة.

تكليف السوداني جاء بعد صراع محتد بين تحالف “الإطار التنسيقي” الذي يضم قوى شيعية مقربة من إيران، و“التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، وسط تطلعات العراقيين إلى مرحلة جديدة يمكنها تجاوز التحديات والملفات، التي بقيت عالقة على إثر التدافع ما بين القوى السياسية، وغضب المواطنين من تردي الأوضاع.

اقرأ/ي أيضا: رئيس العراق الجديد يتسلم مهامه.. ماذا عن تشكيل الحكومة؟

تكليف السوداني بعد أزمة بين القوى السياسية

تأتي هذه التطورات بعد أن اشتدّت وتيرة الأزمة السياسية العراقية، في 30 تموز/ يوليو الماضي، عندما اقتحم جمهور “التيار الصدري“، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

العاصمة العراقية بغداد، شهدت في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام أنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الصراع سببه مهاجمة القوات الأمنية المكلفة بحماية الخضراء والتي من ضمنها فصائل موالية لـ“لإطار“، ومنضوية تحت راية “الحشد الشعبي“، لأنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” الجناح المسلح التابع للصدر للدفاع عن أنصاره من المتظاهرين، لتندلع مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل 29 آب/ أغسطس، وحتى ظهر 30 آب/ أغسطس، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

جراء العنف المسلح، سقط 40 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الجمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

الأزمة السياسية العراقية، تأتي نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيران، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية“.

فشل مشروع حكومة الأغلبية

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

 “إنقاذ وطن“، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الأخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار“، بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

اقرأ/ي أيضا: ماذا يعني سيطرة قوى إيران على القرار السياسي العراقي؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.