3 أيام فقط هي عمر الحكومة العراقية الجديدة بقيادة محمد شياع السوداني، ولم يمر يوم دون وقوع أحداث أمنية، فهل هذا يؤشر إلى تدهور الوضع الأمني في العراق خلال الفترة المقبلة.

نصف ساعة فقط مرت على منح الثقة لحكومة شياع السوداني الخميس الماضي، ليتم بعدها الاعتداء بالضرب على النائب في البرلمان العراقي علاء الركابي، أمام قبة مجلس النواب، ليسجّل أول حادث بعمر الحكومة الجديدة.

الركابي هو الأمين العام لـ “حركة امتداد” المنبثقة من رحم “انتفاضة تشرين”، وتم الاعتداء عليه من قبل نواب “الإطار التنسيقي” بالضرب المبرح أمام عدسات الكاميرا، قبل أن يتم احتجازه في غرفة مظلمة.

هذا الاعتداء على نائب في البرلمان من قبل نواب آخرين، مر مرور الكرام دون أن تشرع الحكومة الجديدة بفتح تحقيق لملابسات الحادث، لكن ما تلاه حوادث أمنية أخرى أوقعت قتلى وجرحى.

حكومات “الإطار” والوضع الأمني

الركابي وقبل الاعتداء عليه، قاطع جلسة التصويت على حكومة السوداني، وقال في مؤتمر صحفي، “إن الذين يجلسون في الصف الأول من البرلمان هم من اغتالوا شهداء تشرين”، ليحصل بعدها ما حصل من اعتداء عليه من نواب “الإطار”.

أول أمس السبت، انفجر “صهريج” محمّل بالغاز في منطقة البنوك شرقي بغداد، ولا أحد يعرف بعد ما إذا كان الحادث عرضيا من عدمه، لكنه أسفر عن وقوع 30 مدنيا بين قتيل وجريح.

التفاعل الحكومي والسياسي والأمني كان كبيرا مع انفجار/تفجير “الصهريج”، فيما وجّه رئيس الحكومة شياع السوداني، بفتح تحقيق فوري لمعرفة ملابسات الحادث.

ليلة أمس الأحد، انفجرت عبوة ناسفة في محافظة كركوك شمالي العراق، أوقعت 10 قتلى وجرحى بينهم أطفال، ليكون هو الحادث الأمني الثالث خلال 3 أيام من عمر حكومة السوداني، فهل سيتدهور الأمن بالفترة المقبلة.

على مدى حكومات عراق ما بعد 2003، كان التدهور الآمني يحصل بشكل واضح في عهد حكومات “الإطار” ويقل بشكل كبير في الحكومات الأخرى التي لم تكن قيادتها من قبل قوى “الإطار”، بحسب الخبير الأمني هاوكار الجاف.

الجاف يعتقد في حديث مع “الحل نت”، أن التدهور الأمني سيكون أمرا واقعا في حكومة شياع السوداني، لكن ليس بالشكل المعتاد عليه في حكومات “الإطار” السابقة، على حد تعبيره.

أدارَ “الإطار” 4 حكومات عراقية بعد 2003، حكومتان بقيادة نوري المالكي، وواحدة بقيادة إبراهيم الجعفري، وأخرى بقيادة عادل عبد المهدي، قبل أن يدير اليوم الحكومة الخامسة منذ سقوط نظام صدام حسين، بقيادة السوداني.

شكل المرحلة المقبلة

في كل حكومات “الإطار” الأربعة، كان التدهور الأمني كبيرا، فالحرب الطائفية اندلعت في حكومة الجعفري، والتفجيرات “الانتحارية والإرهابية” اليومية باتت ملاصقة لحكومة المالكي الأولى.

في حكومة المالكي الثانية، سيطر تنظيم “داعش” على ثلث مساحة العراق، أما في حكومة عبد المهدي، فكانت هناك تفجيرات “إرهابية” إضافة إلى قمع “انتفاضة تشرين” بالقوة، وانتشار السلاح المنفلت بشكل غير مألوف في تلك الحقبة.

يقول الجاف، إن الحوادث الأمنية سواء تفجيرات أو تعرضات أمنية بأشكال متعددة ستكون حاضرة في الفترة المقبلة، لكنها قليلة ولن تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة؛ لأن حكومة السوداني لا تريد زيادة النقمة الشعبية تجاهها.

السوداني سيعمل جاهدا لتحقيق الاستقرار الأمني؛ لأنه لا يمت للتطرف بصلة، خصوصا وأن ملفه السياسي لا تشوبه أي شائبة، ولا وجود لملف فساد بحقه رغم تسلمه لـ 6 وزارات منذ 2003، بحسب الجاف.

رئيس الوزراء الحالي هو مرشّح “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، وواجه ترشيحه لقيادة الحكومة الجديدة، رفضا شعبيا من قبل جمهور “تشرين” ومن جمهور “التيار الصدري”، لكن الرفض لم يكن لشخص السوداني، إنما لوصول “الإطار” إلى قيادة البلاد مجدّدا.

ما سيحصل في الفترة المقبلة، ليس كما كان يُعتاد عليه في الحكومات السابقة من تفجيرات وغيرها؛ لأن هذا الأمر سيضبطه السوداني، إنما القادم هو تدهور الوضع الأمني عبر الاغتيالات والتصفية السياسية، وفق هاوكار الجاف.

تصفية قيادات “تشرين”؟

الجاف يردف، أن “الإطار” وبعد وصوله لقيادة المرحلة الجديدة، سيحاول الحفاظ على قيادته بكل الطرق، ومن أهمها تصفية من يهدّدون استمرار تحكمه بالمشهد السياسي العراقي، وذلك عبر الاغتيالات من قبل ميليشياته.

الاغتيالات غالبا ما ستطال نشطاء وقيادات “انتفاضة تشرين”، ومعهم من أسّسوا قوى سياسية من قلب “تشرين”؛ لأن الشارع التشريني هو من أبعد الحكم عن “الإطار” سابقا، ووجود قياداته يعني تهديد تحكم “الإطار” بالمشهد السياسي بشكل مستمر، كما يقول الجاف.

“انتفاضة تشرين” خرجت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 ضد الفساد والبطالة ونقص الخدمات، وضد التدخل الإيراني في الشأن العراقي، واستمرت 5 أشهر ونصف حتى 15 آذار/مارس 2020، لتنتهي جراء اجتياح وباء “كورونا” للبلاد، إضافة إلى قمع الميليشيات لها.

قُتل في الانتفاضة 750 متظاهرا، وأصيب 25 ألفا بينهم 5 آلاف بإعاقة دائمة، وغُيّب واغتيل نحو 50 قياديا وناشطا في “تشرين”، وتُتهم الميليشيات العراقية الموالية إلى إيران، إضافة إلى “قوات الشغب” في حكومة عادل عبد المهدي آنذاك بقتل المتظاهرين والناشطين.

شياع السوداني هو المسؤول الأول عن استقرار الأمن في البلاد، كونه القائد العام للقوات المسلحة، لكن تصفية واغتيال قيادات ونشطاء “تشرين” أمر أكبر منه، هو أمر يخص مسألة وجود “الإطار”، ولا يمكنه الوقوف بوجه من جاء به إلى المنصب، بحسب هاوكار الجاف.

عدا الاغتيالات وتصفية قيادات ونشطاء “تشرين”، سيكون الأمن مستقرا، وهذا لا يعني عدم وقوع بعض الحوادث الأمنية من هنا وهناك، لكنها ستكون شحيحة، على حد تعبير الخبير الأمني، هاوكار الجاف.

بالنتيجة، المرحلة المقبلة ستشهد استقرار أمنيا من ناحية منع التفجيرات والاعتداءات التي تطال المواطنين، لكنها ستشهد تهديدا أمنيا خطيرا لقيادات “تشرين”، وهذا ما يعبّر عنه جمهور “تشرين” بقلق واضح في منصات “التواصل الاجتماعي” منذ تسلم “الإطار” قيادة المرحلة الجديدة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.