بعد أن قدمت إيران الدعم العسكري لروسيا، هناك مخاوف غربية من أن تسعى روسيا للحصول على المزيد من الأسلحة، مثل صواريخ أرض-أرض لاستخدامها في أوكرانيا، وهذا الكلام أكده بات رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”. من هنا تثار تساؤلات حول إمكانية تغيير السياسة الأميركية تجاه طهران، وما إذا كان الخيار العسكري سيحل محل الخيار الدبلوماسي في تعامل واشنطن مع طهران، أو ما إذا كانت أميركا ستتجه نحو مزيد من الضغط بفرض عقوبات أشد على إيران، بالإضافة إلى تساؤلات حول احتمال انتهاء الاتفاق النووي ومعها الدبلوماسية بين إيران والغرب، وأخيرا، إذا كان الترابط العسكري المتزايد بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية سيعيد إحياء “محور الشر”.

الخيار الديبلوماسي “الأفضل

نيد برايس، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أردف مؤخرا أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، “ستستمر في فرض جميع العقوبات الأميركية بقوة على تجارة الأسلحة الروسية والإيرانية، لنجعل من الصعب على إيران بيع هذه الأسلحة لروسيا. وسنستمر بمساعدة الأوكرانيين في الحصول على ما يحتاجون إليه للدفاع عن أنفسهم ضد هذه التهديدات”.

من جانبه لفت روبرت مالي، إلى أن “الإدارة الأميركية ملتزمة بالدبلوماسية كطريقة مُثلى لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وإذا فشلت كل الوسائل والأدوات فإن الملاذ الأخير، هو الخيار العسكري، الذي سيكون مطروحا بوضوح شديد على الطاولة إذا كان هذا هو ما يتطلبه الأمر لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وليس صحيحا أننا تركنا الخيار العسكري بعيدا في سعينا للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي. لقد قرر الرئيس بايدن، استخدام القوة العسكرية مرتين على الأقل ضد الميليشيات التابعة لإيران في سوريا، وستعمل القوات الأميركية على الدفاع عن مصالحنا وعن استقرار المنطقة بغض النظر عن مصير الاتفاق النووي”، وفق تعبير روبرت مالي، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران.

ويجب الوضع في الاعتبار أيضا أن تزويد إيران لروسيا بأسلحة هو “انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، الذي يحظر على إيران نقل المواد والتكنولوجيا والمعدات المتعلقة بالصواريخ إلى الخارج”، كما قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي.

في هذا السياق يرى المحلل السياسي ميّار شحادة، أن الدعم الذي زودته إيران لروسيا جاء نتيجة عدم توقّع روسيا لما حدث في أوكرانيا، حيث كانت موسكو تتوقع أن تنهي العملية العسكرية في أوكرانيا خلال ثلاثة أيام أو أسبوع، خاصة أنها دخلت مناطق محددة ولم تتوقع إطالة العملية العسكرية وخسرت الكثير من الأسلحة التقليدية الصغيرة والمتوسطة المدى.

لذلك جاءت إيران لمساعدة روسيا، بالنظر إلى أن روسيا وقفت في الماضي مع إيران في عدة قضايا وهناك علاقة إستراتيجية وتاريخية بين روسيا وإيران، ويؤمن الطرفان بمشروع الطرف الآخر، خاصة وأن مشكلة الإثنين مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة.

شحادة أثناء حديثه لموقع “الحل نت”، يستبعد الخيار العسكري الأميركي ضد إيران، ويدل على ذلك بقوله “واشنطن اليوم في منطقة الشرق الأوسط لن تستخدم القوة العسكرية إطلاقا، لكنها تحذر عسكريا، وقد تكون هناك عقوبات متدرجة وشديدة لأن هناك تهديدات إيرانية للعديد من المصالح الأميركية في المنطقة”.

قد يهمك: اجتماع فصائل المعارضة في عنتاب.. تشكيل جسم عسكري جديد أم خطوة تركية نحو دمشق؟

اتفاقية نووية جديدة؟

إيران تقف في الجانب الخطأ من التاريخ عبر تقديمها أسلحة لروسيا التي تشن حربا عدوانية على أوكرانيا. لكن “القرار 2231، لا يغطي المسيّرات التي تنقلها إيران إلى روسيا. فالقرار يشمل المسيرات القادرة على توصيل 50 كيلوغراماً على الأقل من الرؤوس بمدى 300 كيلومترا. ولكن إيران قدمت لروسيا مسيّرات لا تقع ضمن هذه الفئة”، وفق تقرير لقناة “الحرة”.

لكن وعلى الرغم من أن القرار 2231، لا يشمل كل الأسلحة، لكن ذلك لا يمنع الولايات المتحدة من إعادة تفعيل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحظر تصدير السلاح الإيراني وجعل تلك القرارات دائمة، طبقا لـ”الحرة”.

غير أن “الولايات المتحدة خالفت القرار 2231، عندما انسحبت عام 2018 من الاتفاق النووي مع إيران. وعليه فأميركا لم تعد دولة مشاركة في هذا الاتفاق، وليست في وضع يسمح لها باستعادة العقوبات، وقد فشلت الإدارة السابقة مرتين عام 2020 في إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران”.

كذلك، وفق مراقبين، فإن الأوروبيين عزفوا عن الإصرار والمتابعة مع إيران بشأن عودتها إلى الاتفاق النووي بسبب مماطلة طهران في ذلك. كذلك فقد أصيب الأوروبيون بخيبة أمل من إيران بعد اصطفافها مع روسيا في الحرب على أوكرانيا، ويبدو أن إيران تتقرب من روسيا والصين، ولا تريد التقرّب من الغرب رغم كل الحوافز التي قدمتها الولايات المتحدة وأوروبا لطهران.

من جهتها، تدعو افتتاحية صحيفة “ناشيونال ريفيو” الأميركية الرئيس بايدن، إلى “قطع المفاوضات الإيرانية المتوقفة”. وتصف تمسك الإدارة الحالية بالمحادثات مع إيران بـ” العبثي”، خاصة بعد تزويد إيران لروسيا بأسلحة لقتل الأوكرانيين.

الصحيفة الأميركية أردفت، ” مساعدة النظام الإيراني لروسيا هي جزء من حملته الطويلة لنشر الفوضى في الشرق الأوسط وحول العالم. وسيستعمل نظام الملالي الأموال التي ستأتيه من العودة إلى الاتفاق النووي لقتل شعبه الثائر ضده ولتصنيع المزيد من السلاح. لذلك على إدارة بايدن الاعلان عن قطع المفاوضات المتوقفة حول اتفاق لا قيمة له”.

بالعودة إلى المحل السياسي، ميّار شحادة، فيما إذا انتهى الاتفاقية النووية مع الانتخابات النصفية الأميركية، فهو يعتقد أن الاتفاق النووي الإيراني في الأساس ليس خلافا جوهريا بين الحزبين الأميركيين، بمعنى أن الخلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين ليس حول طبيعة المفاوضات مع إيران. يدعم الطرفان الاتفاق مع إيران، لكن الديمقراطيين يؤمنون بمبدأ إجراء حوار طويل للغاية وإغراق الطرف الآخر في المؤسسات المدنية، بينما يريد الجمهوريون صفقات سريعة وغير مكلفة للجانب الأميركي.

وفق تقدير شحادة، لم يتوصل الرئيس بايدن، بعد مع إيران إلى اتفاقية ما بشأن الاتفاق النووي، ومن المتوقع ألا يكون هناك اتفاق في ظل رئاسة بايدن، ولكن قد يأتي رئيس جديد في عام 2024 ويلغي كل الاتفاق من أصله ويطالب باتفاق جديد. ومن هنا يمكن القول إن الاتفاقية النووية في عام 2015 ماتت فعليا، لكن هل من الممكن إبرام اتفاقية نووية جديدة، وبطبيعة الحال كانت الاتفاقية القديمة بمشاركة روسيا والصين، وبما أن الغرب يرى أن كلا من بكين وموسكو عوامل سلبية في الاتفاق، وبالتالي لن يكون اتفاق بشكله القديم، في حال تم إبرام اتفاقية جديدة مع طهران.

 الصين حثت أكثر من مرة على مصطلح “محور الشر”، وطلبت الجزائر الآن الانضمام إلى تحالف “البريكس”، وهناك أخبار تفيد بأن الصين تريد انضمام عدد من الدول إلى مجموعة “البريكس”، على غرار مجموعة “أوبك بلس”، وأيضا على الرغم من أن المملكة العربية السعودية لم تصرّح رسميا بنيتها الانضمام إلى “البريكس”، إلا أن هناك حديثا إعلاميا عن رغبة السعودية في الانضمام إلى “البريكس”، على تعبير شحادة.

بما أن الحروب تتطلب تكتلات ومجموعة من القوات والجيوش والخرائط الاستراتيجية، بالتالي فإن عودة “محور الشر” إذا أرادت الولايات المتحدة، سيكون هناك عدة “محاور للشر” وليس محور واحد فقط. ويستبعد أن يكون هناك تطورات عسكرية في الوقت الراهن، لكن قد تنقلب في المستقبل، لكن حتى الآن تتخذ الولايات المتحدة موقف “الحذر”.

قد يهمك: حشد ومواجهات عنيفة في خيرسون.. المعركة الحاسمة بين روسيا وأوكرانيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة