مصافحة السيسي وأردوغان.. مقدمة لعودة العلاقات المصرية التركية؟

للمرة الأولى، وعلى هامش افتتاح بطولة “كأس العالم” في قطر يوم أمس الأحد، أكد مسؤول في الرئاسة التركية لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” مساء الأحد، أنه “التواصل الثنائي الأول” بين الرئيسين أثناء حفل افتتاح البطولة، وأظهرت الصورة التي نُشرت على الموقع الرسمي للرئاسة التركية، الرئيسين اللذين ساد الفتور علاقتهما منذ تولي السيسي الرئاسة في مصر، يتصافحان مبتسمَين.

اللقاء الذي جرى بين الرئيسين، يثير عددا من التساؤلات، حول ما إذا كان هذا اللقاء بداية لعودة العلاقات والتطبيع بين البلدين، والخطوات اللاحقة له، ودور الوساطات العربية فيه، ومستقبل العلاقات بين البلدين.

خطوة أولى نحو التطبيع

الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قال خلال عودته من قطر، إن المصافحة التي جرت بينه وبين نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في قطر، يوم الأحد، كانت خطوة أولى نحو مزيد من التطبيع في العلاقات بين البلدين، مضيفا أن تحركات أخرى ستلي تلك الخطوة الأولى من أجل تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة.

الباحث والصحفي المصري، عمرو عبد المنعم، يؤكد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن لقاء الرئيسين أمس في قطر بداية صحيحة وبداية للعلاقات بين البلدين، ويجب أن تستمر وأن تعي الدولة التركية خطورة ما تقوم به من الوقوف خلف مجموعة صغيرة تدعو إلى الفوضى وعدم احترام القانون.

لقاء جانبي بين وزيري خارجية مصر وتركيا “وكالات”

عبد المنعم، يضيف أن العلاقات بين البلدين منفتحة منذ نحو عام ونصف، لكن هناك بعض الملفات التي كانت عالقة بين الطرفين، أهمها حالة الاحتقان التي يردّدها ويروّج لها إعلام “الإخوان المسلمين” وحالة الفوضى التي يريدون إشاعتها في مصر وبعض الدول العربية، إضافة إلى الملف الليبي الأكثر حضورا والأكثر تعقيدا بين البلدين، ولكن ما حصل أمس في قطر هو تتويج للجهود الدبلوماسية بين البلدين على مدار العام والنصف الماضيين.

الكاتب السياسي، طه عودة أوغلو، يشير خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن اللقاء بين الرئيسين خطوة إيجابية وخاصة أن التصريحات التركية في الفترة الأخيرة كانت تؤكد على ضرورة إعادة العلاقات مع مصر، لأن مصر دولة مهمة في المنطقة ولها تأثيرها في ملفاتها.

لقاء جاء بعد كسر الجمود

مصر وتركيا، كانتا قد عقدتا عدة جولات رسمية لأجل استئناف العلاقات بشكل طبيعي، بعد سنوات من التوتر، لكن المباحثات التي جرت بين مصر وتركيا، لم تتكلل بتسوية لنقاط الخلاف القائمة بين البلدين، إلا أنها وبحسب مراقبين استطاعت كسر الجمود الذي استمر بين البلدين منذ عدة سنوات.

عمرو عبد المنعم، يرى أن الدولة المصرية عبر دبلوماسيتها الخارجية تسعى لأن تكون العلاقة مع تركيا سوية ومبنية على الاحترام، لافتا إلى أن العلاقات الاقتصادية التركية المصرية ممتدة حتى في المراحل التي كانت تعصف بها أشد الخلافات والصخب بين البلدين، كما أن البعثات التعليمية والدراسية موجودة بكثرة ولا يوجد عليها أي قيود من الجانب المصري.

عبد المنعم يشير إلى أن المشكلة، أن هناك مجموعة أي “الإخوان المسلمين” تسعى لخلق حالة من العداء بين البلدين وحالة من الفوضى من خلال اتخاذ بعض الأوقات في كل فترة وبعض المناسبات لضرب العلاقات بين البلدين.

طه أوغلو، يوضح أنه كان هناك لقاءات قبل أشهر بين الطرفين، وهذه اللقاءات انتقلت من القنوات الاستخباراتية إلى الدبلوماسية التي جرت في أنقرة والقاهرة، لكن في الفترة الأخيرة كان هناك بعض الملفات وخاصة الملف الليبي والتي كانت عائقا في تفعيل مسار تطبيع العلاقات بين البلدين.

دفع من الطرفين لتطبيع العلاقات

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أكد خلال تصريحاته، أنه يريد أن تكون الاجتماعات مع مصر على مستوى أعلى، في سياق الاتجاه نحو تطبيع العلاقات.

أيضا الرئاسة المصرية، قالت اليوم الإثنين، إنه تم التوافق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، على أن يكون لقاءهما في الدوحة بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وذلك وفق بيان نشره المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي.

البيان المصري أفاد أن “الرئيس السيسي تصافح مع الرئيس أردوغان بالدوحة، حيث تم التأكيد المتبادل على عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبَين المصري والتركي”، وأضاف “كما تم التوافق على أن تكون تلك بداية لتطوير العلاقات الثنائية بين الجانبين”.

أيضا أشارت بعض المعلومات، إلى أن الوساطات العربية وخاصة السعودية والقطرية لعبت دورا إيجابيا في لقاء أردوغان السيسي، يوم أمس في الدوحة، إضافة لرغبة الطرفين في الأصل بتطبيع العلاقات.

عبد المنعم، يشير إلى أن الوساطات السعودية والقطرية مهمة وهذه الدول لها مكانتها الدبلوماسية ومصر تقدر جهودهما، ولكن العلاقات بين البلدين لا تحتاج إلى وساطة، فهناك اتصالات وهناك أجهزة تتعامل بعمق كبير، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني.

الرئيس أردوغان يعي جيدا دور مصر الإقليمي، وأن مصر دولة كبيرة وتتسع علاقاتها للجميع، ولكن المشكلة التي كانت في السابق أن حزب “العدالة والتنمية” الذي ينتمي إليه أردوغان، حزب له إيديولوجية محددة وكان يتصور في لحظة ما أن النخبة في مصر هي “الإخوان المسلمين”، لكن في الحقيقة فإن النخب المصرية الفكرية والسياسية والثقافية أعمق بكثير من جماعة ارتأت لنفسها طريقا محددا، خرج عليها الشعب المصري بثورة واحتجاج، والآن اتضح كل شيء من خلال إعلامهم الفاشل ومحاولاتهم لإثارة الفتن، بحسب عبد المنعم.

عبد المنعم ختم، أن مستقبل العلاقات بين البلدين حددته مصر قبل عام ونصف من خلال اللقاءات التي بدأت بين البلدين، والعلاقات الاقتصادية المصرية التركية تسير على ما يرام، والعلاقات السياسية يحددها سياسيو البلدين.

من جهته، أكد طه أوغلو، أن لقاء أردوغان السيسي، سيسرّع من عملية التطبيع خلال المرحلة المقبلة، والملفات في المنطقة كثيرة للغاية ومعقدة، وهناك ضرورة للتنسيق بين مصر وتركيا بشأن هذه الملفات في المرحلة المقبلة، والعمل من أجل مصلحة شعبي البلدين.

تحجيم للإخوان سبق اللقاء

في عام 2013، توترت العلاقات بيم مصر وتركيا، وتبادلا سحب السفراء، إلا أن سفارتي البلدين لم تغلقا أبوابهما، واستمرت بالعمل على مستوى القائم بالأعمال، وبمستوى تمثيل منخفض طوال الأعوام الماضية، وذلك بسبب الموقف التركي من سقوط حكم تنظيم “الإخوان” في مصر، ودعم أنقرة لـ “الجماعة” التي أعلنتها السلطات المصرية “تنظيما إرهابيا”.

أحد اللقاءات المصرية التركية الأخيرة “وكالات”

لاحقا خلال المضي في مسار الجولات الاستكشافية للعلاقات بين الطرفين، قيدت تركيا بعض القنوات الداعمة لـ”الإخوان” التي تُبث من إسطنبول، ومنعت بعض برامجها الرئيسية من الاستمرار، وعدت القاهرة ذلك إيجابيا.

الخبير في الشؤون التركية والإيرانية، هاني سليمان، أوضح في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن العلاقات بين مصر وتركيا أصيبت بحالة توتر شديدة خلال الفترة السابقة قبيل كسر هذه الحدة بين الجانبين، حتى على الرغم من كسر العزلة ومحاولة وجود وفود ومباحثات، ولكن كان هناك علامة استفهام حول تغيير تركيا لسلوكها مع مصر، هل هو استراتيجي أم تكتيكي، وكانت مصر تريد معرفة هذه النقطة ومع تطور الأحداث وجدت مصر أن تركيا أبدت بعض التعاون معها بملف “الإخوان المسلمين” والمعارضة المصرية الموجودة بتركيا، ومن هنا كان هناك بعض المؤشرات الإيجابية، وكان هناك أيضا رفض تركي لتسليم بعض الشخصيات لكن تركيا قامت بالنهاية بتقليل حدة الهجوم وحدة الخطاب، وتوقفت عن شن الهجوم ضد النظام المصري، فهذه المسألة كان فيها تقدم ملحوظ لكنه ليس شاملا وكاملا.

أيضا لفت مصدر خاص لـ”الحل نت”، إلى أن الحكومة التركية في سبيل تقريب وجهات النظر مع مصر قامت بتقييد عدد من الوسائل الإعلامية الداعمة والتابعة لـ”الإخوان المسلمين”، كما قامت باعتقال عدد منهم، وعلى الرغم من ذلك فإن مسار العلاقات بين البلدين خلال الفترة السابقة كان يسير ببطء وتعثر.

لقاء ربما كان مفاجئا لكنه شكّل تحولا مهما في العلاقة بين مصر وتركيا، في انتظار الخطوات القادمة من التطبيع بين البلدين والتي قد تسفر عن اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية تمهيدا لقمة تجمع رئيسي البلدين لتتويج عودة العلاقات إلى طبيعتها.

إقرأ أيضا:إعادة العلاقات مع دمشق.. دعاية انتخابية لأردوغان أم تصريحات جدية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.