العلاقات الإسرائيلية الأردنية، أخذت منحى تصاعديا خلال الفترة الماضية، وذلك بعد الإعلان عن اتفاقات متعلقة بالمياه والكهرباء، إذ يؤكد محللون أن غياب نتنياهو عن السلطة، شكل سببا في التقارب الاقتصادي، فهل تكون عودته عائقا في إتمام العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.

قطاع الطاقة، وتحديدا المياه والكهرباء، هي أبرز ما تم الاتفاق عليه بين الجانبين مؤخرا، حيث أعلنت الأردن عن توقيع مذكرة تفاهم وإعلان نوايا مع إسرائيل في قطاع المياه، فهل أصبح الاقتصاد هو المتحكم الرئيسي في علاقات عمّان وتل أبيب.

اتفاقيات اقتصادية

“إعلان النوايا” هي مذكرة ثلاثية، تم توقيعها على هامش قمة المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية، بين الأردن والإمارات وإسرائيل، وذك للدخول في دراسات الجدوى الخاصة بمشروع مقايضة الماء بالكهرباء.

الاتفاق ينص على عمل الأردن، باتجاه توليد الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية لمصلحة إسرائيل، على أن تكون معدات الطاقة في الأراضي الأردنية، بينما تعمل تل أبيب على تحلية المياه لمصلحة الأردن الذي يعاني من الجفاف ويحصل بالفعل على مياه من إسرائيل.

الصحفي الأردني والمحلل السياسي إياد خليفة، رأى أن عودة نتنياهو إلى الحكومة الإسرائيلية، ستؤثر بشكل سلبي على العلاقات الأردنية الإسرائيلية في مختلف القضايا، مشيرا إلى أن الاتفاقيات الاقتصادية هي المؤثر الأكبر على تلك العلاقات، على خلاف الجانب الأمني المستمر منذ سنوات طويلة.

خليفة قال في حديث خاص مع “الحل نت“، “في السابق عندما كان نتنياهو في السلطة، كانت العلاقة مع الأردن غير سوية بسبب التجاوزات من قِبله ضد الأردن. كان هناك تصرفات استفزازية وواضحة، لا سيما من الجانب السياسي والأمني، بالأخص حادثة قتل حارس في السفارة الإسرائيلية لعاملين اثنين في الأردن، ولم يتم التعامل مع الأمر بشكل عادل، هذا الأمر سبّب إحراج للأردن“.

قد يهمك: اشتعال التوترات بين إيران وأذربيجان.. ما علاقة المكاسب الجيوسياسية الأذربيجانية والتركية؟

الماء مقابل الكهرباء

خليفة أوضح، أن الأردن كان يسعى لاتفاق يتعلق بالمياه في مقابل مالي، ما يعني شراء الأردن المياه من إسرائيل، الأمر الذي رفضته الحكومة الإسرائيلية، بالتالي تم طرح اتفاق المياه في مقابل كهرباء الطاقة المتجددة.

وأضاف، “الاتفاق حاليا هو حصول الأردن على المياه، مقابل وضع معدات الطاقة المتجددة وتصدير الكهرباء إلى إسرائيل. إسرائيل كانت ترغب في فصل هاتين الاتفاقيتين، وجعل كل منهما اتفاق لوحده، لكن الأردن أصرّ على أن يكون الأمرين في اتفاق واحد شامل، ويبدو أنه نجح في ذلك“.

تطوير العلاقات بين الأردن وإسرائيل على الصعيد الاقتصادي، يرتبط بمدى قدرة نتنياهو على التفاهم مع الحكومة الأردنية، وقبول الأخيرة بذلك، وهنا أشار خليفة إلى احتمالية توقيع المزيد من الاتفاقيات المتعلقة بالاقتصاد، فيما إذا أقدم نتنياهو على “تنظيف سجله أمام الأردن“.

حول ذلك أضاف، “استمرار نتنياهو في سياساته المتطرفة السابقة، سيؤثر بالتأكيد على علاقة تل أبيب بعمان، الأردن يراقب الآن ما سيفعله نتنياهو إزاء العديد من الملفات، وبالتالي مدى تأثيرها على التفاهمات بين الجانبين خلال الفترة القادمة، عودة نتنياهو لا تؤثر فقط على الجانب السياسي، بل على جميع الأصعدة بما فيها التفاهمات الثنائية“.

مستقبل العلاقات؟

العلاقات بين الأردن وإسرائيل شهدت العديد من المناكفات خلال السنوات الماضية، لا سيما في أوقات تولي نتنياهو لرئاسة حكومة تل أبيب، حيث وصف الملك الأردني عبد الله الثاني علاقة المملكة مع إسرائيل بأنها “في أسوأ حالاتها” في جلسة حوارية بالولايات المتحدة جرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2019.

ما يعني أن عامل تأزيم العلاقة عاد حاليا إلى الواجهة، مع نجاح نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية ووصوله إلى الحكومة مجددا، إذ يترقب محللون تأثير هذه العودة على الاتفاقيات والعلاقات التي تطورت على الصعيد الاقتصادي في غياب نتنياهو مؤخرا.

بحكم السلام والجغرافيا والمصالح الاقتصادية، من المرجّح ألا تؤثر هذه العودة بشكل كبير، لا سيما فيما إذا نجح الجانبان على تطوير العلاقات من باب الاقتصاد لا السياسة، عبر إنجاح مشروع المياه مقابل الكهرباء، وهو مشروع فيه مصلحة كبيرة للجانبين، ولا يُرجّح أن طرفا على استعداد للتخلي عن هذا الاتفاق في مقابل خلافات سياسية مبنية على أشخاص عادوا للسلطة مجددا.

بالتالي سيكون الأردن مطالبا ربما بغض الطرف عن شخص رئيس الحكومة الإسرائيلية، في سبيل نجاح التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، لكن ذلك مرهون أيضا بتوقف الاستفزازات من جانب نتنياهو، التي ستكون سببا في إحراج الأردن حال حدوثها مجددا.

ومن الملفات التي قد تشترك فيها كل من عمان وتل أبيب، الملف الإيراني، إذ يتشارك الجانبان المخاوف بشأن التهديد الإيراني في المنطقة، ما يمهد الطريق إلى مزيد من التعاون على المستوى الأمني.

عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، كان قد دعا إسرائيل مطلع الشهر الجاري، إلى تجنب الإجراءات الأحادية التي من شأنها تقويض فُرص تحقيق السلام.

ذلك جاء خلال لقائه، مع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ “كوب 27″ بمدينة شرم الشيخ المصرية، وفق بيان للديوان الملكي.

وشدد على ضرورة، أن “تتجنب إسرائيل أية إجراءات أحادية من شأنها تقويض فرص تحقيق السلام، مجددا التأكيد على أهمية أن تشمل فرص التعاون الاقتصادي في المنطقة الفلسطينيين“.

معظم التحليلات تذهب للقول إن العلاقات الثنائية ستشهد حالة من المد والجزر خلال الفترة القادمة، إلا أن المصلحة الاقتصادية سيكون لها كلمة مهمة، في الحفاظ على مستوى جيد لتحقيق المصالح المشتركة، بصرف النظر عن احتمالية التوتر المرتبطة بعودة نتنياهو إلى السلطة.

اقرأ أيضا: باتريوت ألمانية في أوكرانيا.. هل تحل نقطة الضعف العسكرية لكييف أمام روسيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة