على الساحل الجنوبي الغربي لغرب إفريقيا، وفي محاولة لتحسين أوضاع البلاد، وخلقة نهضة للبناء، تجري سيراليون إحدى أفقر بلدان أفريقيا، والتي يعاني حوالي نصف البالغين فيها من عدم استكمال دراستهم، وهو ما انعكس على وضع البلاد بشكل جليا في التأخر بمجالات التطور من حيث؛ تفاقم حالة الفقر وتردي البنى التحتية، تجربة تعليمية واسعة في أمل على تدارك الأمور.

يعاني قطاع التعليم في سيراليون بكونه واحد من الأسوأ في العالم، حيث يتفقد للبنى التحتية والخدمات مثل عدم توفر الكهرباء في كثير معظم المدارس، فضلا عن عدم توفر الكوادر التدريسية الكافية التي تحتاجها البلاد، إذ لا يمكن في الغالب توفر خمسة معلمين في فصل دراسيا واحد.

لكن في محاولة للنهوض بالواقع المأساوي، زادت حكومة سيراليون الإنفاق العام على التعليم في العام 2018، ليصل الآن ضعف ما كان عليه قبل خمس سنوات، وهو ما اعتبرته صحيفة صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية في تقرير لها، أنه سيمكن البلاد من كتابة خريطة طريق تجعل من سيراليون الأكثر ثراء إذا ما نجحت.

سيراليون تضاعف الانفاق العام للنهوض بالتعليم

زيادة الانفاق الحكومي على قطاع التعليم، ساعد بارتفاع عدد الأطفال المسجلين في المدراس في سيراليون بأكثر من النصف عن ما كان عليه سابقا، لكنه على الرغم من ذلك لا يزال ذلك العدد قليلا قياسا بارتفاع معدلات الالتحاق بالمدارس في جميع أنحاء جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، ودول مثل أميركا وبريطانيا التي باتت تخرج مدارسها نحو 90 بالمئة من الأطفال. 

حاليا، تخصص سيراليون 21 بالمئة من ميزانيتها للمدارس، وهي واحدة من أعلى معدلات تخصيصات الدراسة في العالم، وهو ما بدأ تأثيره جليا على الواقع، كما قدمت الحكومة حزمة تسهيلات للطلاب، مثل؛ إلغاء الرسوم الدراسية والامتحانات والكتب المدرسية التي كانت تفرضها العديد من المدارس الحكومية في السابق، وهو ما نعكس جليا على الواقع، حيث ارتفع معدل الشباب الذين يصلون إلى المدرسة الثانوية العليا، من الثلثي إلى الثلث.

اقرأ/ي أيضا: التضليل المضاد.. مسار الفلبين السياسي والاقتصادي من شرق آسيا إلى الغرب

عملية إصلاح التعليم في سيراليون تمضي بالتعاون مع المجتمع الدولي، والمنظمات المدنية، حيث خصص المانحون بقيادة بريطانيا 18 مليون دولار للمحاكمة، فيما ستتنافس خمس منظمات لتحسين مستويات الأطفال العلمية، إذ سينفق ما يصل إلى 36 دولارا لكل طفل على أشياء مثل التدريب للمعلمين أو دروس اللحاق بالركب للأطفال الذين تخلفوا عن الركب، غير أنه لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه عملية الإصلاح التعليمي في سيراليون.

ما علاقة الغزو الروسي لأوكرانيا بالتعليم في سيراليون؟

إذ أن الغزو الروسي لأوكرانيا جعل من سير عملية الإصلاح التعليمي في سيراليون بخطر، وذلك نتيجة لارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود في جميع أنحاء العالم، وهو ما انعكس على مستوى استقرار العملة المحلية لسيراليون، الليون، بأكثر من 50 بالمئة خلال العام الجاري، ما دفع إلى اندلاع احتجاجات شعبية في آب/أغسطس الماضي.

بالتالي أن ما أثارته تجربة سيراليون من اهتمام ولفت للأنظار، لاسيما مع انعكاسات غزو أوكرانيا التي لم تكن بالحسبان، ما أثار التكهنات حول مآلاتها (التجربة) وإذا ما كانت ستنجح في دفع عجلة البلاد إلى الأمام في ظل تحديات أزمة الغذاء الناتجة عن الغزو الروسي، لاسيما وأن  26بالمئة من السكان في سيراليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي ولا يستطيعون تحمل تكلفة الحصول على الغذاء الأساسي، بينما يعيش 75  بالمئة منهم في حالة من الفقر.

وفي هذا الشأن، يقول المحلل السياسي باسم الخزرجي، في حديث لموقع “الحل نت“، إن التعليم له دور كبير وأساسي في بناء الدول والمجتمعات، وأن ذلك لا يحتاج إلى تنظير مترف أو نظريات، فأن الأمر واضح مدى تأثيره في البلدان التي تمكن من خلق الثورة الصناعية وقطع شوط كبير أمام العالم، من حيث التقدم المجتمعي والمتمثل بتكريس وترسيخ القين والأطر الأخلاقية وضمان الحريات، إضافة إلى التقدم العمراني والعسكري، وذلك كله لم يكن يصحل لما كان هناك تركيز واهتمام أساسي في عملية التعليم والتربية.

تقرأ/ي أيضا: زخم غير مسبوق على الطاقة النظيفة.. الأزمة العالمية حافز للتوجه نحو البدائل؟

بالتالي أن، صناعة الدول، تعتمد على صناعة المجتمعات والتي تعتمد علي الطريقة التي يتم تعليم الأطفال بها وتنشئتهم، وهو ما يجعل من فرص سيراليون كدولة إذا ما استمرت في اهتمامها في التعليم بهذا الشكل قطع شوط كبير بين بلدان إفريقا حتى وإن كانت في الوقت الحالي تحل بمراتب متأخرة، لافتا إلى أن تجربة سيراليون في تطوير التعليم تحتاج إلى اهتمام ورعاية من قبل المحيط الإقليمي والدول المتقدمة، لأنها لا تمتلك الخبرة السابقة في هذا المجال.

الدعم الدولي وتحدي سيراليون

الخزرجي شدد على أن، نجاح التجربة التعليمة في سيراليون يعتمد على الدول المساندة، إذا أن تجربة بهذا الحجم البدائي وفي بلد يعاني من فقر مدقع وانعدام للكوادر التعليمية وضمن محيط لا يمكن اعتباره متقدما قياسيا في باقي البلدان، ستكون بأمس الحاجة إلى متابعة من جهات تمتلك الخبرات، والتي يمكنها وضع خطة سيراليون في المسار الصحيح ومأسست نظام تعليم رصين، لاسيما في ظل الاهتمام الدولي، والتركيز الحكومي من قبل سيراليون.

ولسؤال حول إذا ما كان الغزو الروسي لأوكرانيا سيؤثر على مسار عملية التعليم في سيراليون التي تعاني من أزمة غذاء كبيرة، لفت الخزرجي إلى أن الغزو ومع تأثيره على أسعار الغذاء عالميا، قد لا يكون له تأثير كبير على تطوير التعليم في سيراليون“، مبينا أنه لذلك أشرت مسبقا إلى أن سيراليون في كل الأحوال لا يمكنها تطوير عملية تعليمية بهذا الحجم، وهنا الأمر ليس قطعي، لكن لا يمكنها تقديم نموذج فريد إذا ما لم يكن هناك دعم دولي، بالتالي أن الدعم الدولي من حيث الخبرات والمنح المالية التي يمكن أن تخفف من أزمة الغذاء ستساعد في استمرار الإصلاح التعليمي، ورغبة الانخراط في المدارس.

وسط ذلك، وعد رئيس البلاد جوليوس مادا بيو، بإبقاء الإنفاق على التعليم مرتفعا، فيما إذا استمر في موقعه خلال الانتخابات القادمة، مشيرا إلى أنه قدوم حكومة جديدة قد تقرر أن لديها أولويات أكثر إلحاحا، خاصة وأن خدمة الديون الخارجية للبلاد تمضغ بالفعل حوالي 22 بالمئة من إيرادات الدولة، ولاسيما مع تقليل السياسيون من حجم أزمة التعليم، أو يهدرون الأموال في مشاريع لا تخدم مستقبل البلاد.

بالمقابل، وحتى المرحلة الحالية من عملية الإصلاح التعليمي في سيراليون، اجتاز حوالي 100000 مراهق هذا العام امتحانات تؤهلهم للتعليم العالي، غير أنه قد لا يمكن للجامعات والكليات استيعاب هذا العدد في الوقت الحاضر، وهو ما يفرض على الحكومة حل هذه المشكلة التالية التي تمثل تحديا آخر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.