هناك العديد من الطرق التي يمكن للدور العربي المساهمة في حل الأزمات المحدثة ولا سيما في سوريا. التعاون الدولي والدور العربي يمكن أن يساهمان من خلال المشاركة في المنتديات واللقاءات الدولية المتعلقة بالأزمة، وبمشاركة معلومات وخبرات وخطط للتعامل معها.

خياران حتى اللحظة بحسب التصريحات الرسمية للمسؤولين العرب والغربيين مستبعدان في سوريا، هما المساعدة الاقتصادية، حيث  يمكن للدور العربي المساهمة في حل الأزمات المحدثة من خلال المساعدة الاقتصادية، وذلك عن طريق التبرعات الاقتصادية، والدعم المالي، وتقديم القروض الاقتصادية على أساس منخفض الفائدة.

أما الآخر فهو التدخل العسكري، إذ في بعض الأحيان، قد يكون التدخل العسكري هو الحل الوحيد للأزمة التي تعاني منها الدولة. خصوصا وأنه في السابق كان ينظر إلى الدور العربي بالمساهمة في حل الأزمة السورية من خلال مقدمة الدعم العسكري.

حاليا، وبحسب ما حصل عليه “الحل نت” من تأكيدات، فإن التدخل الدبلوماسي الدور الذي بات مطروحا وهو ما تفضله دمشق، وهذا ظهر جليا في تصريحات القيادة التركية وإعلانها عن أول لقاء بين الطرفين في موسكو، إلا أن الدور الآخر لبقية المنظومة العربية كان سريا بعض الشيء.

تعديل وزاري للحكومة السورية

مع مرور الصراع السوري عامه الحادي عشر، ووصول الاحتياجات الإنسانية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، والانهيار الاقتصادي فضلا عن تفشي الفيروسات بشكل كبير وأثرها على الظروف المعيشية لأكثر من 6.7 مليون نازح داخل سوريا و5.6 مليون لاجئ في البلدان المجاورة، فضلا عن عدد لا يحصى من المجتمعات المضيفة، يبدو أن الاعتراف بالسياق الديناميكي داخل سوريا بات هو الحل.

لقاء ثلاثي في موسكو يجمع وزيري دفاع تركيا والحكومة السورية لأول مرة منذ عام 2011

من خلال مسارين أولهما ملف التطبيع بين إسرائيل وتركيا والدول الخليجية الذي أخذ اتجاها تصاعديا، ذلك بعد أن وجدت تركيا نفسها في مواجهة مباشرة مع العديد من الدول الإقليمية، ما أجبر أنقرة على العودة إلى التفكير في سياسة “صفر مشاكل” وخصوصا مع دمشق، وأيضا دخول الدور العربي الذي بدأت به عمّان في اقتراح الحلول أمام دمشق، حيث بدأت تتبلور الصورة حول مستقبل الحل السوري.

مصادر دبلوماسية أكدت لـ”الحل نت”، أن تعديلا وزاريا قادما في الحكومة السورية يطغى عليه طابع التوافق الدولي من أجل التمهيد لمقدمة حوار سوري – سوري يشترك فيه أطرافا معينة لإنهاء ملف الأزمة خلال العام القادم على أبعد تقدير، بدايته تغيير رئيس الحكومة الحالي، حسين عرنوس، بشخص له طابع سياسي.

أما التعديل الثاني المطلوب عربيا، فهو عزل وزير الدفاع الحالي، علي محمود عباس، ليكون مقدمة لإعادة هيكلة الجيش السوري بما يتوافق مع الرؤية العربية والروسية في ذات الوقت، إذ بات السياق الديناميكي الحالي في البلاد مفروضا، لذا يرى المطلعون على الملف أن دمج قوات المعارضة التي تدعمها أنقرة بالإضافة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ضمن الجيش السوري أمرا ضروريا.

الجدير ذكره، أن مصادر صحفية أفادت بداية كانون الأول/ديسمبر، باجتماع قائد القوات الروسية في سوريا ألكسندر تشايكو في مطار مدينة القامشلي قادما من قاعدة “حميميم” السورية مع قيادات من “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث أعاد تشايكو “طرح فكرة انتشار الجيش السوري على امتداد الشريط الحدودي وبعمق 30 كلم، ودمج قسد مع الجيش السوري”.

لقاءات سرية علنية

الدور العربي الذي تتصدره السعودية، جاء بعد لقاء اللواء حسام لوقا، مدير الإدارة العامة في المخابرات السورية، والذي لعب دورا بارزا مؤخرا في الملف الأمني للبلاد، خلال زيارته إلى السعودية بطائرة خاصة انتقلت بين دمشق وبيروت والرياض الشهر الحالي، وفق ما أكدته المصادر الدبلوماسية.

التحرك التركي كان أيضا موازيا للمبادرة السعودية، إذ صرح مدير “معهد إسطنبول للدراسات والفكر”، وعضو حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، أن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، التقى الرئيس السوري بشار الأسد في اللاذقية قبل 10 أيام.

لقاء  تشاووش أوغلو، جاء بعد أيام من لقاء منذر سراس ممثل “فيلق الشام” التابع لـ”الجيش الوطني” المعارض والمدعوم من أنقرة لدى “الائتلاف السوري” مع مسؤولين من المخابرات السورية في معبر كسب، حيث تم اللقاء بترتيب ومرافقة المخابرات التركية، كما بحث فيه الطرفان الترتيبات الأمنية الخاصة بفتح المعابر بين مناطق المعارضة ومناطق دمشق.

أيضا بحسب ما تحدث به الصحفي عقيل حسين، فإن سراس لم يكن الوحيد الذي حصل اللقاء معه، بل هنالك لقاءات خلال الشهر الجاري جمعت بعض ممثلي المعارضة السورية ودمشق مؤخرا برعاية وترتيب تركي، والحديث وفق وصفه، “عن مشروع متكامل وهيئة تحرير الشام جزء منه”.

أيضا على مستوى الروسي التركي، أفاد حسين، أن مجيء قائد الفيلق الخامس في جنوب سوريا والمدعوم من روسيا، أحمد العودة، لتركيا كان بهدف “التعرف عليه شخصيا من قبل الأتراك واستكشاف إمكانية تطبيق تجربة الفيلق في الشمال والأمر تم بترتيب روسي”.

حشد العرب خوفا من “الأسوأ” في سوريا

كانت عروض الدول العربية سابقا تتمحور حول دعم اقتصادي واستثناءات من عقوبات “قانون قيصر” الأميركي، وعودة إلى الجامعة العربية والحضن العربي، ومساعدات وإعادة إعمار. إلا أن التوجه الحالي إضفاء طابع الحل السياسي والدبلوماسية في الحوار مع دمشق.

المحلل السياسي محمد عبيد، أوضح لـ”الحل نت”، أن الدبلوماسية هي وسيلة للتفاوض والتعاون مع الأزمات التي يواجهها المجتمع. في العديد من الأحيان، يمكن أن يكون التفاوض مع الجهات المعنية والأطراف المتنازعة هو الطريقة الأكثر فعالية للحل المشكلات والأزمات، وهذا ما يحدث مع دمشق في الوقت الحالي بناء على المعطيات المذكورة سابقا.

للحصول على النتائج المرغوبة من الدبلوماسية، يجب أن يتم تعيين ممثلين متخصصين في الدبلوماسية للعمل مع الأطراف المتنازعة وتحديد الأهداف والأماني التي يرغب كل منهم في تحقيقها. ويجب أن يتم استخدام التعاون والإجراءات الدبلوماسية المناسبة للحل المشكلات والتوصل إلى اتفاقية ملائمة، وفق حديث عبيد.

بالتالي فإنه في العلاقات الدولية، يتم استخدام الدبلوماسية للتعاون مع الأزمات الدولية مثل الاختلافات السياسية والعسكرية والاقتصادية والبيئية. ويمكن استخدام الدبلوماسية في العلاقات الدولية للتعاون في مجالات مثل التجارة والتنمية والإنسانية والعدالة.

هناك العديد من الأساليب الدبلوماسية المختلفة التي يمكن استخدامها للتعاون مع الأزمة، أحد هذه الأساليب هو التفاوض، وفقا لعبيد. حيث يتم في هذه الطريقة التعاون من خلال التفاوض مع الأطراف المتنازعة للعثور على وسيلة للتوصل إلى اتفاقية ملائمة. ويمكن استخدام نظام التفاوض الدبلوماسي أو ما يسمى بـ “العلامة الخضراء” الذي يسمح للأطراف المتنازعة بالتعاون والتفاوض مع بعضها البعض دون أن يتم تفعيل العنف.

من الأساليب الدبلوماسية المتداولة والتي تجري الآن بالملف السوري بحسب عبيد، هي الإجراءات الدبلوماسية العلنية والخاصة، مثل اللقاءات والمؤتمرات والجلسات الدبلوماسية واللقاءات الخاصة. يمكن استخدام هذه الأساليب للتعاون والتفاوض مع الأطراف المتنازعة للعثور على وسيلة للتوصل إلى اتفاقية ملائمة.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام التدخل الدبلوماسي من قبل الممثلين الدبلوماسيين المعنيين للمساعدة في التعاون والتفاوض مع الأطراف المتنازعة. ويمكن استخدام التدخل الدبلوماسي الإجرائي للمساعدة في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها من خلال الدبلوماسية.

الحقيقة المرة هي أن دمشق اختارت تسليم البلاد إلى دول أخرى، بما في ذلك إيران وتركيا وروسيا. لذلك فإن مسؤولية الوضع الراهن تقع على عاتقها والدول التي استولت على سوريا عسكريًا. تسيطر الجيوش الإيرانية والروسية والتركية على مستقبل سوريا أكثر من الحكومة السورية نفسها، وبالتأكيد أكثر من جامعة الدول العربية.

الحرب في سوريا بدأت عندما كانت الحكومة لا تزال تتمتع بالعضوية الكاملة في جامعة الدول العربية ولم تتمكن الجامعة لاحقا من إقناع دمشق بتغيير سلوكها. كما لم تسمح الحكومة السورية لأي ممثل عربي بالمساعدة في إيجاد حل لسوريا، أغلقت الباب ورفضت أي مبادرات عربية تحت مظلة الجامعة، إلا أن الاستجابة اليوم لهذا التحرك يشير إلى أن دمشق عدلت عن هذا السلوك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.