الرئيس الأميركي جو بايدن، قال يوم الاثنين الفائت، إن بلاده لن تزوّد أوكرانيا بمقاتلات “إف 16” لمساعدتها في التصدي للغزو الروسي، مشيرا إلى أنه سيزور بولندا الحليف الرئيسي، وردا على سؤال لصحفيين في “البيت الأبيض” عما إذا كان يؤيد إرسال هذه المقاتلات إلى كييف كما طلب منه ذلك عدد من القادة الأوكرانيين أجاب بايدن “كلا”.

من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الاثنين الفائت، بعد محادثات أجراها في لاهاي مع رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، أن تزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة لتعزيز قدرتها على التصدّي للغزو الروسي أمر غير مستبعد، محذّرا في الوقت نفسه من خطر تصعيد النزاع.

مواقف متضاربة بين الولايات المتحدة وفرنسا، إذ يبدو الموقف الأميركي حتى الآن حاسما بعدم تزويد أوكرانيا بالمقاتلات، فيما يبدو الموقف الفرنسي أقرب لتلبية طلب كييف، فيما لم تصرّح بقية الدول الأوروبية عن موقفها، حيث تمتلك عدد من هذه الدول مقاتلات “إف 16”.

هذه المواقف تدعو للتساؤل حول أسباب التضارب في موضوع تسليح أوكرانيا بالطائرات، وأسباب الرفض الأميركي لهذه الخطوة، وما دلالات كلا الموقفين الأميركي والفرنسي، وما احتمالات تزويد كييف بطائرات فرنسية أو من دول أوروبية أخرى، والنتائج المتوقعة من ذلك، ومدى تأثيره على روسيا.

أسباب التضارب في تسليح أوكرانيا بالطائرات

تباين المواقف الأوروبية بشأن تزويد أوكرانيا بالطائرات المقاتلة؛ يأتي تزامنا مع زيارة وزير الدفاع الأوكراني المرتقبة الثلاثاء إلى باريس، للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسط نقاش بين حلفاء كييف حول ما إذا كانوا سيقدمون طائرات مُقاتلة لحربها ضد روسيا.

طائرة إف 16

الرئيس الأميركي جوبايدن، أعلن عدم إرسال طائرات “إف 16” للجيش الأوكراني للمشاركة في حربها ضد روسيا، في حين قال مستشار وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، إن كييف تخطط للضغط من أجل شراء مقاتلات غربية من الجيل الرابع مثل “إف 16” بعد تأمين إمدادات من دبابات القتال الرئيسية الأسبوع الماضي.

فرنسا وبولندا، أكّدتا إمكانية تزويد كل منهما أوكرانيا بالطائرات، بعدما أعربا عن استعدادهما قبول أي طلب من أوكرانيا، إذ لم يستبعد رئيس الوزراء البولندي، ماتيوز موراويكي، إمكانية توريد طائرات “إف 16” لأوكرانيا لكن بالتنسيق الكامل مع دول “الناتو”.

الخبير في الشؤون الروسية، ديمتري بريجع، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الحرب في أوكرانيا تُدار في جغرافيا واحدة وهي الأراضي الأوكرانية، وإن تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى، وطائرات مقاتلة مثل “إف 16” قد يسبب نشوب حرب كبيرة بين أطراف كثيرة.

إقرأ:القضاء على أحلام بوتين في أوكرانيا.. متى تكون معركة الخسارة الأخيرة؟

بريجع أضاف أن الدول الغربية لا ترغب بتصعيد العمليات القتالية من خلال استخدام أوكرانيا لطائرات قادرة على ضرب العمق الروسي، فهذا سيؤجج القتال بشكل كبير إلى حدّ لا يمكن توقع نتائجه، لذلك يُلاحظ هذا التباين في المواقف الغربية بهذا الشأن.

دلالات الموقفين الأميركي والفرنسي

في الوقت الذي جاء فيه تصريح الرئيس الأميركي جوبايدن، واضحا بعدم تزويد أوكرانيا بالطائرات، أشار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى أن ذلك غير مستبعد ولكن ضمن معايير محددة، وهي أن يكون هناك طلب بهذا المعنى قد صاغته أوكرانيا، وألا يكون هذا الأمر تصعيديا، وألّا يطال الأراضي الروسية بل أن يساعد جهود مقاومة الهجوم، وألّا يضعف قدرة الجيش الفرنسي.

من جهته، شدد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، على أنه “لا محظورات، لكنها ستكون خطوة كبيرة” إذا تم تسليم كييف طائرات مقاتلة، حسب تعبيره.

أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني، قال إن كييف حصلت على إشارات إيجابية من بولندا بشأن مقاتلات من طراز “إف-16 جي إف إكس”، وهي مستعدة لنقلها إلى أوكرانيا بالتنسيق مع حلف “الناتو”.

في هذا السياق، يشير بريجع، إلى أن دلالات المواقف، أن الدول الأوروبية لديها موقف موحد تجاه أوكرانيا وهو داعم للطرف الأوكراني، الغرب يريد من أوكرانيا أن تنتصر أو تتقدم في هذه الأشهر فالغرب لديهم قلق من أن تسيطر روسيا على أوكرانيا ما قد يهدد دول أوروبا بشكل مباشر.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فيرى بريجع أن الموقف الأميركي يميل أكثر إلى التوازن على أرض المعركة، فهو يريد أن تستعيد أوكرانيا أراضيها التي سيطرت عليها روسيا، ولا يريد أن تخسر روسيا الحرب أو أن تربحها أوكرانيا بشكل كامل كي لا تأخذ الحرب اتجاها تصعيديا يمكن لروسيا خلاله استخدام أسلحة محظورة في مقدمتها الأسلحة النووية التكتيكية.

من هنا يعتقد بريجع، أن الدول الأوروبية من الممكن أيضا أن تتخذ في النهاية موقفا مماثلا للموقف الأميركي بعدم تزويد أوكرانيا بالطائرات، لأن هذه الحرب تحتاج إلى إدارة ذكية بحيث لا تخرج خارج الحدود الأوكرانية وهو ما يؤدي لصدام مباشر مع روسيا وهو ما يوفر أرضية لتصعيد كبير قد يصل إلى مستوى حرب عالمية تُستخدم فيها أسلحة قادرة على تدمير مدن كبرى.

النتائج المتوقعة لتزويد أوكرانيا بالطائرات

مع اشتداد القتال بين القوات الروسية والأوكرانية، لا يزال زيلينسكي يحث حلفاء أوكرانيا الغربيين على تزويدها بالسلاح النوعي، وتريد كييف طائرات مقاتلة تُمكنها من تحقيق تفوّق على القوات الروسية، وجاء كلام زيلينسكي الاثنين الفائت، عندما قال إن روسيا بدأت انتقامها الكبير من المقاومة الأوكرانية، في الوقت الذي أعلنت فيه القوات الروسية تحقيق سلسلة من المكاسب الإضافية في الشرق الأوكراني.

دبابة إبرامز

زيلينسكي بيّن أن روسيا تشن هجمات في الشرق لا هوادة فيها، رغم الخسائر الفادحة التي مُنيت بها، معلقا على ذلك بأن موسكو تثأر من نجاح أوكرانيا في طرد القوات الروسية من العاصمة والجنوب الشرقي والجنوب في مرحلة سابقة من الحرب.

أيضا فقد أرسلت مجموعة “فاغنر” الروسية آلاف المدانين المجندين من السجون الروسية إلى المعركة في أنحاء باخموت، ما يوفر الوقت لجيش روسيا النظامي لإعادة تشكيل الوحدات بمئات الآلاف من قوات الاحتياط.

من هنا بدأ الإلحاح الأوكراني على تزويد كييف بأسلحة متطورة، تمت الموافقة منها على إرسال دبابات حديثة لكنها لن تصل قبل نهاية آذار/مارس المقبل، لكن كييف تلح على التزوّد بالطائرات لوضع حدٍّ للجانب الروسي.

ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم “الكرملين”، لفت إلى أن إمداد دول الغرب أوكرانيا بالأسلحة يؤدي إلى اشتراك الدول الأعضاء بـ “حلف شمال الأطلسي” (الناتو) أكثر فأكثر بشكل مباشر في الصراع، في إشارة منه على أن الاستمرار بهذا النهج من الممكن أن يؤدي إلى صدام مباشر مع الأوروبيين.

بريجع يشير إلى أن الهدف الأساسي من تزويد أوروبا أوكرانيا بالطائرات، في حال تم ذلك سيكون من أجل مساعدة أوكرانيا في تصدي للطائرات الروسية وخصوصا بعد الأنباء التي تحدثت أن روسيا أدخلت طائرات من الجيل الخامس في الحرب، لافتا إلى أنه ربما لن يكون هناك تأثير على روسيا ولكن في الوقت نفسه فإنه ليس لدى روسيا الميزانية لخوض معركة جديدة ضد أوكرانيا بالأخص بعد إدخال مقاتلي “فاغنر” في المعارك.

لا تزال مسألة تزويد أوكرانيا بالطائرات غير واضحة حتى الآن، فهناك زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي جوبايدن، إلى بولندا لم تُحدد بعد، كما أن أي قرار من أي دولة أوروبية بإرسال طائرات لكييف لا بد أن تتم دراسته في إطار حلف “الناتو”، كل ذلك في الوقت الذي تتجه فيه المعركة بين الطرفين إلى تصعيد كبير مع اقتراب الربيع.

قد يهمك:المشروع الإيراني الروسي في أوكرانيا.. ضعف موسكو في غزوها؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة