لم يتضح إلى الآن فيما إذا كانت الأردن والسلطة الفلسطينية تنويان المشاركة في منتدى “النقب” الثاني المتوقع عقده في المغرب في آذار/مارس الحالي، بعد تغيبهما عن قمة “النقب” الأولى التي عقدت يومي 27 و28 آذار/مارس 2022 في صحراء النقب، حيث استضاف وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لبيد وزراء خارجية البحرين ومصر والمغرب والإمارات، وكذلك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

الأردن لم يستجب للمشاركة في القمة الأولى رغم توجيه دعوة، إذ نقل موقع “مدار الساعة” الأردني في ذلك الوقت، عن مصدر لم يسمه أن “نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، لن يشارك في الاجتماع، إذ يتواجد الوزير الصفدي حاليا في العاصمة القطرية، حيث يشارك في منتدى الدوحة”.

في ذلك الوقت اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أمام مجلس الوزراء أن “لقاءات التطبيع العربي دون إنهاء الاحتلال ما هي إلا وهم وسراب ومكافأة مجانية لإسرائيل”.

تغيب عن الاجتماعات التحضيرية

اجتماعات تحضيرية لـ “النقب2” عقدت يومي 9 و10 كانون ثاني/ يناير الماضي في العاصمة الإماراتية أبو ظبي لكن الأردن والسلطة الفلسطينية تغيبتا عنها، بينما حث مستشار وزارة الخارجية الأميركية ديريك شوليه في بيان، الأردنيين والفلسطينيين على الانضمام إلى منتدى “النقب” في المغرب.

رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات قال في حديث لـ “الحل نت”، إن “الأردن كان قد وضع شرط مشاركة السلطة الوطنية الفلسطينية لأنه يوجد مشاريع عابرة للإقليم تهم فلسطين بشكل كبير، والمنتدى كما هو معروف يتناول عدة موضوعات من ضمنها الأمن، وإسرائيل تريد أن تكون قائدة في هذا الموضوع، تحتل الصدارة في إدارة الأمن الإقليمي وإدارته بشكل كامل”.

لم يشارك الأردن في قمة “النقب” الأولى، وبدلاً من ذلك التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، والتي كانت بمثابة رد سياسي على القمة آنذاك وللتأكيد على الترابط الجيوسياسي والديموغرافي الأردني مع الضفة الغربية.

رئيس مركز “دراسات الشرق الأوسط” جواد الحمد، استبعد مشاركة الأردن بمنتدى “النقب” الثاني، إذ يرى أنه “من غير الممكن تجاوز مصالحه الذاتية والمتحققة له من القضية الفلسطينية والمنطقة العربية مقابل حضور اجتماع لن يأتي بأية مصالح لا على الصعيد الاقتصادي أو السياسي”.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية وقبيل الاجتماعات التحضيرية للمنتدى في أبو ظبي قال إن الأردن لا يزال مدعواً لحضور القمة في المغرب وأن “أي دولة أخرى تنضم إلى اتفاقيات آبراهام مدعوة للحضور”، لقاء أبو ظبي كان أول مرة تلتقي فيه مجموعات العمل التي تم تأسيسها في القمة الأولى شخصيا، حيث درست مجموعات العمل مشاريع متعددة الأطراف في مجالات الصحة والأمن الإقليمي والتعليم والتسامح والأمن المائي والغذائي والسياحة والطاقة.

خطوة استباقية

العديد من الشخصيات السياسية والوطنية الأردنية تترقب قرار إعلان الحكومة عدم المشاركة في منتدى “النقب” الثاني، بينما يدور حديث عن ضغوط خارجية تمارس على الدولة الأردنية للالتحاق بالمنتدى.

 212شخصية وطنية أردنية وقعت على بيان في 21 شباط/ فبراير الفائت تدعو فيه إلى الصمود في مواجهة الضغوط الخارجية التي تمارس على الأردن والسلطة الفلسطينية لحضور منتدى “النقب” الثاني، و”رفضا لتمرير أي مشاريع سياسية أو اقتصادية تهدد وجود الأردن ومصالحه وتنتهك سيادته الوطنية وتسعى إلى تفتيت جبهته الداخلية”.

الموقعون على البيان، بينهم نائب رئيس وزراء سابق ووزراء سابقون ونواب حاليون وسابقون وشيوخ عشائر ومتقاعدون عسكريون وأساتذة جامعيون وناشطون قانونيون وسياسيون، قالوا إنهم يتابعون “بقلق بالغ ما يتعرّض له الأردن في الآونة الأخيرة من تحديات وضغوط عربية وإقليمية ودولية تهدف إلى إلحاقه بمسار التطبيع والاتفاقيات الإبراهيمية تحت غطاء مشاريع التعاون الإقليمي والسلام الاقتصادي، من خلال إطلاق وعود زائفة بتحقيق الانتعاش والرخاء الاقتصادي”.

المشاركة الأردنية في هذا المؤتمر، وفق جواد الحمد، تضر بمصالحه وتضعف المشروع الفلسطيني، كما أنها تتعرض باستمرار من خلال تهديدات الإدارة الأميركية بوقف المساعدات المالية كنوع من الضغوطات، علما أن المملكة غير مستفيدة من الجوانب الاقتصادية، وما يدلل على ذلك تراجع الوضع الاقتصادي باستمرار.

بحسب حديث الحمد لـ “الحل نت”، فإن “الأردن يسعى في مختلف سياساته إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف عملية الاستيطان وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس، في وقت يواجه فيه الأردن العديد من الضغوطات السياسية من اليمين الإسرائيلي المتطرف وذلك من خلال ضغطه بما يسمى الوطن البديل الذي يعلنه بشكل مستمر”.

فحص مشاركة الأردنيين في منتدى “النقب”

في ظل مشاركة الولايات المتحدة، التي تخشى التصعيد في الضفة الغربية والقدس تحديدا، فإن المشاركة ستكون بعد الحصول على ضمانات أميركية للوصول إلى تهدئة في الأراضي الفلسطينية، خاصة في ظل التوترات الحالية وعدم التزام حكومة نتنياهو بمخرجات قمة العقبة، التي عقدت في شباط/فبراير الفائت، والتي قوبلت برفض من الحكومة اليمينية المتشددة.

المعطيات الحالية على الأقل إذا نظرنا إلى هذا الموضوع بأبعاد متعددة نرى أن “الأردن منخرط مع الفلسطينيين في كثير من الأمور بما فيها اجتماع العقبة الأخير وهذا الانخراط موجود فيه طرف ثالث وهي الولايات المتحدة وإسرائيل طبعا يجب أن تتواجد بحكم أن الحوار ويتم معها حول القضايا المختلفة وعليها والتهدئة وغير ذلك”، وفق الدكتور خالد شنيكات.

شنيكات أضاف أنه “الآن نلاحظ مثل اجتماع العقبة الأخير، إسرائيل تنصلت منه ومن مقرراته على لسان أكثر من وزير في حكومة نتنياهو، رغم أن الحضور كان على مستويات عالية”.

الأردن، وفق شنيكات، سيوازن المطلوب منه أو ما يجب أن يقوم فيه، وأن يوازن بين فوائد المشاركة وفوائد عدم المشاركة، لأن منح الشرعية لسلوكيات إسرائيل أيضا له عواقب والانعزال أيضا. “يجب أن نحسب التكلفة لذلك وأن نقيس من زاوية المصلحة الوطنية الأردنية ومصلحة الفلسطينيين لأن الأردن يتبنى الموضوعان معا”.

الغوص في تعقيدات التعاون

على الرغم من عدم تأكيد عقد المنتدى في المغرب، حيث لاقى رفضا غير رسمي في كانون ثاني/يناير الماضي، إلا أن الواقعية السياسية ربما تفرض على الأردن المشاركة في منتدى “النقب” الثاني.

المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات، يرى في حديث لـ الحل نت”، أن مشاركة الأردن في منتدى “النقب” الثاني، ستكون نتيجة الضغوطات التي تمارسها الإدارة الأميركية بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، في وقت يعتمد فيه الأردن اعتمادا كبيرا على المساعدات الخارجية من أبرزها أميركا.

“الأردن من خلال لقاءاته المتكررة مع الإدارة الأميركية ربما وجد غطاء فلسطينيا يدفعه باتجاه هذه المشاركة، حيث كانت من أبرز مخاوفه هي عدم حضور الفلسطينيين، والخوف من عودة الحديث عن صفقة القرن، إلا أن دعم إدارة بايدن لحل الدولتين، خفف من وطأة هذا القلق”، بحسب الحوارات.

“الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن الأردني”، أعلن في 21 شباط/فبراير الفائت، “رفضه المطلق لأي تدخلات خصوصا الأميركية في الشأن المحلي الأردني، لاسيما فيما يتعلق بالضغوط لدفع الأردن بإلحاقه بمنتدى النقب التطبيعي”.

“أمام الضغوط التي تمارس على صانع القرار الأردني لينضم إلى هذا المسار التصفوي، فإننا نؤكد أنّ هذا المسار يشكل تهديدًا على الأردن وحاضره ومستقبله، وأنّ الانجرار إلى المشاركة فيه هو فعل انتحاري، ولا يمكن لعاقل أن يبرر الانتحار تحت الضغط، فمهما كانت الضغوط لا يمكن أن يقبل أن نخنق أنفسنا بأيدينا”، وفق عبد الفتاح الكيلاني الذي ألقى كلمة الملتقى.

إلى الآن لم يتخذ الأردن موقفا واضحا تجاه منتدى “النقب” الثاني، لكن الولايات المتحدة والدول المشاركة تطمح لمشاركة الأردن، حتى وإن كانت المشاركة محدودة وعلى أي مستوى تمثيل، لكن هذا يبقى مرهونا بارتباطه بجني مصالح سياسية واقتصادية أيضا، والتزام المشاركين على رأسهم إسرائيل، خاصة بعد ما حدث عقب قمة العقبة من الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفا، وتصاعد التوتر في الضفة الغربية المحتلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة