بعد سنوات من المطالبة، أعلن “مجلس النواب” العراقي أمس الأحد، إنهاء قراءة مشروع قانون تحويل مدينة حلبجة في إقليم كردستان إلى محافظة، حيث ستكون بذلك المحافظة الرابعة على مستوى الإقليم، والـ 19 على مستوى العراق، فيما رفع المجلس جلسته إلى يوم غدا الثلاثاء.

ذلك يأتي بعد أن كان رئيس “مجلس الوزراء” محمد شياع السوداني، قد أعلن في 13 آذار/مارس الماضي، الموافقة على تحويل مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة، إلى “مجلس النواب” للتصويت عليه.

على غرار حلبجة، قدم عضو “مجلس النواب” عن المكون التركماني غريب عسكر، اليوم الإثنين، طلبا لرئيس المجلس يتضمن استحداث محافظة عراقية جديدة، في حين كشف النائب عن كتلة “حقوق” البرلمانية حسين العامري، أمس الأحد، عن اتفاق بإدراج مشروع قانون تحويل قضاء تلعفر إلى محافظة على جدول أعمال “مجلس النواب”، مبينا أن إدراج مشروع القانون سيكون في الجلسة المقبلة.

محافظات جديدة على غرار حلبجة

في هذا السياق، قدم النائب التركماني بحسب وثيقة أطلع عليها موقع “الحل نت”، طلبا نيابيا مشفوعا بتواقيع أكثر من 30 نائبا تضمن مخاطبة رئيس “مجلس النواب” برفع الفقرة الثانية من جدول أعمال الجلسة رقم 17 المصادف الأحد 2 نيسان/أبريل 2023 وتعديلها لغرض إضافة معها تحويل قضائي طوزخورماتو وتلعفر إلى محافظتين نظرا للتضحيات الكبيرة التي قدموها وتجاوز نفوسهم مئات الآلاف والمساحة الكبيرة التي تضم العديد من النواحي والقرى والأرياف.

اقرأ/ي أيضا: مسلسل “دفعة لندن“.. يثير غضب العراقيين ويشعل جدلا مع الكويتيين

تحويل مدينة حلبجة إلى محافظة؛ شكّل منذ سنوات مطلبا شعبيا لأهالي حلبجة التي تعرضت إلى إحدى أكبر الجرائم في تاريخ العراق إبان عهد صدام حسين، والتي عانت على مدى عقود طويلة من التهميش ومن عدم الإنصاف.

هذا وإن تحويل حلبجة إلى محافظة، بحسب خبراء، من شأنه أن يسرع في وتيرة إعمارها وتطوير بناها التحتية والخدمية، التي ما تزال تعاني من تبعات ما حصل قبل خمسة وثلاثين عاما، بيد أنه في العام 2013، كانت حكومة إقليم كوردستان قد أعلنت إنشاء محافظة مقرها مدينة حلبجة، وتلحق بها أقضية: حلبجة وشاربازير وبينجوين وسيد صادق، وهي أقضية كانت مرتبطة إداريا بمحافظة السليمانية.

يشار إلى أنه بتاريخ 6/3/1988، قامت أربع طائرات حربية عراقية بقصف مدينة حلبجة بغاز الخردل والسيانيد، المحرّمين دوليا والذي تسبب بزهق أرواح المدنيين بالآلاف وارتكاب أفظع كارثة إنسانية.

تقارير ووثائق رسمية أكدت أن الهجوم نُفّذ بأمر مباشر من رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين وأشرف عليه وزير الدفاع الأسبق علي حسن المجيد الذي صار يعرف باسم “علي الكيماوي” او “علي حسن المبيد” نسبة الى جريمته التي شكلت “ابادة” موصوفة بحسب القانون الدولي.

الهجوم الكيميائي اعتُبر بأنه الأكبر الذي وجّه ضد سكان مدنيين من عرق واحد حتى اليوم، وهو أمر يتفق مع وصف الإبادة الجماعية في القانون الدولي والتي يجب أن تكون موجهة ضد جماعة أو عرق بعينه بقصد الانتقام أو العقوبة.

مفارقات قضائية

على إثر ذلك، حكمت محكمة هولندية في 23 كانون الأول/ديسمبر عام 2005 على فرانس فان رجل الأعمال الذي اشترى المواد الكيميائية من السوق العالمية وقام ببيعها لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالسجن 15 عاما.

أما المحكمة العراقية الخاصة فوجهت اتهامات لصدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد الذي قاد قوات الجيش العراقي في كردستان في تلك الفترة بتهمة جرائم ضد الإنسانية المتصلة بالأحداث التي وقعت في حلبجة، غير أنه من الملفت، لم يتم إعدام صدام حسين بسبب ارتكابه جريمة الأنفال أو مجزرة حلبجة، بل حكم عليه في قضية الدجيل.

اقرأ/ي أيضا: ضرائب جديدة بموازنة العراق الثلاثية.. ما تأثيرها على المواطنين؟

الهجوم أدى بحسب تقارير إلى مقتل حوالي خمسة آلاف شخص في اليوم ذاته غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة حوالي 10 آلاف بجروح، فيما لقي الآلاف بعد ذلك مصرعهم بسبب المضاعفات الناجمة عن استخدام السلاح الكيميائي.

في 2010 قضت محكمة عراقية بإعدام علي حسن المجيد الذي حصل على لقب “علي الكيماوي” نظرا لضلوعه في تنفيذ المجزرة، في حين نقلت منظمة “هيومن رايتس ووتش” روايات شهود عيان عاصروا هذا الهجوم، من بينهم طالب قال إنه كان يجد صعوبة في التنفس وكان يتقيأ مادة لونها خضراء.

البعض كان يموت على الفور جراء استنشاق الغازات السامة، والبعض كان يعاني من أعراض خطيرة قبل أن يموت، حسب رويات شهود عيان، ولذلك شكل هجوم حلبجة حادثا من الأحداث التاريخية التي لا ينساها الأكراد.

قرار تحويل حلبجة إلى محافظة جديدة، لاقى ترحيبا واسعا في مختلف الأوساط السياسية والشعبية العراقية ولا سيما في إقليم كردستان العراق، ورغم أن الخطوة أتت متأخرة وفق البعض لكن ذلك لا يقلل من أهميتها التاريخية .

قبول نيابي عراقي

“مجلس النواب” العراقي، كان قد قرر وبالإجماع، في مارس 2021 على قرار يلزم الحكومة العراقية، باعتماد حلبجة كمحافظة عراقية جديدة، وذلك تزامنا مع حلول الذكرى الـ 33، لمأساة حلبجة ، ووفق بيان صدر حينها عن الدائرة الإعلامية لـ “مجلس النواب” العراقي، فإن “مجلس النواب صوت بالإجماع بإلزام الحكومة، بإكمال الإجراءات المتعلقة، بإعلان حلبجة محافظة”.

حكومة إقليم كردستان العراق ومنذ أعوام كانت قد قررت تحويل حلبجة من قضاء تابع لمحافظة السليمانية لمحافظة قائمة بذاتها، وذلك من باب إيلاء المزيد من الاهتمام بها، وتقديرا لرمزيتها وخصوصيتها، نظرا لما قدمته من تضحيات جسام، وما تعرّض له سكانها من جريمة إبادة جماعية.


محافظة حلبجة، وهي محافظة كردية عراقية في الجزء الشمالي الشرقي من جمهورية العراق، في إقليم كردستان العراق، مساحتها 930.8 كيلومترا مربعا، تعادل تقريبا 372320 دونما عراقيا.

الهجوم جاء في إطار حملة الأنفال بإقليم كردستان، وكمحاولة للجيش العراقي لصد عملية “ظفر 7” الإيرانية في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 أعوام بين 1980-1988، حيث وقع الهجوم بعد 48 ساعة من سيطرة الجيش الإيراني على المدين، وخلصت التحقيقات التي أجرتها وكالات “الأمم المتحدة”، إلى استخدام القوات العراقية غاز الخردل لإنهاء المعركة. 

انتهت الحرب العراقية الإيرانية التي امتدت 8 سنوات بين عامي 1980-1988، وبقت صور المآسي شاخصة في ذاكرة الكرد من سكان منطقة حلبجة، وأبرزها تلك الصورة للمواطن الكردي “عمر خاور” وهو يحضن طفله الرضيع بعد أن قصفت الصواريخ بيتهما وأودت بحياتهما. ومنذ ذلك الحين بقيت الفاجعة مثيرة للجدل، بسبب اختلاط أوراقها بين نظام حزب “البعث” السابق، وتدخلات الجيش الإيراني.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات