بعد عرض حلقاته الأولى أثار مسلسل “دفعة لندن”، الذي تبثه قناة “إم بي سي” السعودية، جدلا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت والعراق، إذ اعتبر العراقيون أن المسلسل يشوّه صورتهم ويتعمد الإساءة إليهم في محاولة لتكريس النظرة الدونية إلى شخصية الفرد العراقي.

المسلسل يروي قصة مجموعة من الطلاب العرب المغتربين الذين يدرسون الطب بإحدى جامعات لندن في فترة الثمانينيات، ويحمل كل منهم أفكارا وقناعات ومبادئ مختلفة عن الآخرين، ويحتك هؤلاء الطلاب بمجموعة مختلفة من الجيران والأصدقاء المنتمين إلى جنسيات مختلفة منها الإيرانية والهندية والعراقية، فينفتحون على أفكار جديدة. 

بمجرد عرض الحلقات الأولى من المسلسل أُثيرت ضجة كبيرة إذ اعتبر عراقيون أن أحداث المسلسل تسيء إليهم، حيث تصور أحداث المسلسل العراقيات وهنّ يعملن كخادمات ويتم اتهامهن بالسرقة، كما أظهر المسلسل رجلا عراقيا يرفض مساعدة الفتيات الكويتيات بعد أن سُرقت نقودهن ويبصق عليهنّ بدلا من نجدتهن، ما اعتبره عراقيون تشويها لصورتهم.

ما علاقة السعودية؟

بمقابل ذلك، سارع الكويتيون لتبرير ذلك، بأن العمل ليس كويتيا، بل من إنتاج سعودي جرى تصويره خارج الكويت وشاركت به مجموعة من الممثلين العرب من مختلف الجنسيات من بينهم عراقيين، وعلى إثر ذلك اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتبادل العراقيين والكويتيين الاتهامات، إذ ألقى كل منهم التهمة على الآخر في تشويه صورة الآخر في الأعمال الدرامية.

اقرأ/ي أيضا: العراق على فوهة انفجار.. البرلمان يكسر إرادة الشارع بإقرار “سانت ليغو“

العمل من إنتاج سعودي وتأليف الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة وإخراج المخرج المصري محمد بكير، ومشاري من مواليد عام 1978، تحمل درجة الماجستير في الأدب والنقد، وكانت قد اتجهت لكتابة الدراما التلفزيونية منذ مطلع الألفية الثالثة، ومن أعمالها أبلة نورة، أميمة في دار الأيتام، زوارة خميس، أحبك أمس، وفضة قلبها أبيض، ودفعة القاهرة.

لم يكن عمل “دفعة لندن” أول ما أثار الجدل بين الجنسيات العرب والكويتيين، فالعام الماضي أثار عمل “دفعة القاهرة”، جدلا كبيرا بين الكويتيين والمصريين، في حين كان هناك بعض المدافعين عن مؤلفة العمل، مؤكدين أنها ممنوعة من الكتابة في الكويت، وأن الأخيرة ليس لها علاقة بهذا العمل.

انتقادات لاذعة تعرض لها العمل من مدوّنين عراقيين، بسبب ما جاء في الحلقة من أحداث اعتبروها أحداثا غير حقيقية وتزوير للواقع وتتضمن إساءة مباشرة للعراقيين، حيث احتج العراقيون على بعض المشاهد واتهموا القائمين على العمل بالإساءة لهم من خلال هذه المشاهد، وشنّ المدونون هجوما ضد كاتبة المسلسل الكويتية، في حين انتقد البعض مشاركة ممثلين عراقيين في هذا العمل، الذي ضمّ ممثلين من جنسيات عربية متعددة.

مصادر مطلعة على الوسط الفني العراقي، تحدثت لموقع “الحل نت”، بأن العمل عُرض على عدد من الممثلات والممثلين العراقيين، لكن سرعان ما رفضوه وطالبوا في تتبع من يقف ورائه، لكن القائمين على العمل نجحوا في استمالة ممثلين مغمورين عبر المال لتأدية الأدوار التي وصفوها بالـ “المخزية”.

موقف كويتي

نتيجة لهذه الضجة، أعلنت وزارة الإعلام بدولة الكويت، الاثنين الفائت، أن مسلسل “دفعة لندن” الذي أثار جدلا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في العراق والخليج، لا يمت للواقع بصلة.

حساب “المجلس” الكويتي نقل عن مصادر مطلعة بوزارة الإعلام في الكويت قولها، إن مسلسل “دفعة لندن” الذي شارك فيه عددٌ من الفنانين من مختلف الجنسيات الخليجية والعربية والآسيوية لا يمت للكويت بصلة ولم يحصل على أي موافقات من الجهات الرسمية في الكويت، كما أنه لم يعرض المسلسل في أي منصة إعلامية في الكويت مؤكدة رفضها لأي عمل من شأنه المساس بأي دولة أو شعب عربي أو صديق.

اقرأ/ي أيضا: جولة أميركية ملحمية في إفريقيا.. هل تكبح الأجندة التوسعية لروسيا والصين؟

إعلاميون ومدوّنون كويتيون، وصفوا العمل بمحاولة من قبل بعض الجهات، بإشارة إلى السعودية، للمتاجرة بجروح الكويت، والانتفاع على حساب قضيتهم، لاسيما وأن هناك خلاف قديم بين العراق والكويت، عندما احتل نظام صدام حسين بلادهم.

إلى ذلك، قال عضو “مجلس النواب” العراقي مصطفى جبار سند، أمس الثلاثاء، أن الجانب الكويتي اتصل بالجانب العراقي وأبلغه أن مسلسل “دفعة لندن” المثير للجدل لم يكن بموافقة الجهات المعنية في الكويت.

سند ذكر في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي وتابعه موقع “الحل نت”، أنه على إثر الكتاب المقدم من قِبَله والذي طلب فيه استدعاء السفير الكويتي لدى بغداد بسبب الاساءة للعراقيين في مسلسل “دفعة لندن”، اتصل الجانب الكويتي بالجانب العراقي، وأوضح أن المسلسل لم يكن بموافقة الكويت وكان خارج الكويت وهو من إنتاج مؤسسة إعلامية غير حكومية ولدولة أخرى.

كما أن كاتبة المسلسل عليها “أمر قبض” من النيابة الكويتية، وأن المسلسل شاركت فيه ممثلة عراقية وممثلات عرب وإيرانيون وغيرهم وبإمكان العراق أن يمنع ممثليه من التمثيل في العراق في حال كان لديه اعتراض على محتوى المسلسل.

“دفعة لندن” والموقف العراقي

بحسب سند، أكد الجانب الكويتي على دعمه وحبه للشعب العراقي، وأن أغلب مواطني الكويت غير راضين على الإساءة التي تظهر سواء في المسلسلات أو من شخصيات نشاز في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أنه تم اطلاعه على تفاصيل الموضوع ليتسنى له سحب الطلب من عدمه. هذا وكان سند قد طالب يوم الأحد الماضي، وزارة الخارجية باستدعاء السفير الكويتي لدى العراق على خلفية مسلسل “دفعة لندن”.

البعض يرى بأن كاتبة العمل الكويتية هبة مشاري حمادة تتحمل مسؤولية الإساءة التي صدرت ضد العراقيين، ووجد البعض أنها متعمّدة حيث أن الكاتبة ممنوعة من الكتابة في الكويت والعمل، فيما وجد مغردون آخرون بأن العمل ليس كويتيا، ليجري اتهام الكويت به، فهو إنتاج سعودي، وجرى تصويره خارج الكويت، وفيه ممثلين عرب.

في السياق، حذر البعض من استغلال أطراف ثالثة، لتوريط الكويت أو العراق للإساءة لبعضهما، وإعادة إشعال نار الأزمة بين البلدين، وإثارة فتنة يكون الشعبين العراقي والكويتي في غنى عنها، في حين دخلت على خط الأزمة هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، حيث قال محمود الربيعي عضو مجلس المفوضين في الهيئة، في بيان صحفي، سنتصدى في هيئة الإعلام والاتصالات بشكل رسمي وقانوني للتجاوزات المشينة بحق العراقيين والتي صدرت عبر حلقات مسلسل “دفعة لندن” الذي تبثه قناة “إم بي سي” السعودية، والسعي لمنعه ومحاسبة المسؤولين عنه.

وسط ذلك، تعالت الأصوات بضرورة وقف العمل، حيث أوقفت مجموعة قنوات “إم بي سي” عرض مسلسل “معاوية بن أبي سفيان” لما أثاره من جدل سنّي شيعي، فيما ربط البعض بين وقفه، والمصالحة بين إيران والسعودية برعاية صينية.

بالمحصلة، فإن العراق وما بعد 2003، بات يبدو واضحا  الضعف الذي يحيطه لعدم امتلاكه قرار سياسي يمكن أن يحمي مصالحه ويدافع عن كرامته، في الوقت الذي تنشغل فيه القوى السياسية الموالية لدول خارجية في نهب ثروات البلاد، واستغلال السلطة لصالح أجنداتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة