بعد سنوات من تعطّل القطاع الصناعي في العراق لنحو عقدين، أكدت وزارة الصناعة والمعادن، أمس الثلاثاء، التوجه نحو إعادة العمل بالصناعات الاستراتيجية بخطوط إنتاج جديدة، وحددت موعد الإعلان عن الفرص الاستثمارية لتلك الصناعات، مشيرة في الوقت ذاته إلى موعد افتتاح معمل الحديد والصلب.

فالتوجه الحالي لوزارة الصناعة العراقية، هو إعادة العمل بالصناعات الاستراتيجية بخطوط إنتاجية جديدة، وتتمثّل هذه الصناعات بالكبريت والفوسفات والأدوية والأسمنت، بالإضافة إلى البتروكيمياويات والحديد والصلب والصناعات الكهربائية، كما أكدت المتحدثة باسم الوزارة ضحى الجبوري، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”.

الجبوري بيّنت أن، معمل الحديد والصلب في طور نصب المعدات، وسيتم افتتاحه نهاية العام الجاري، في حين أن مصانع الفوسفات والزجاج والكبريت متوقفة ومهدّمة بشكل كامل، بسبب أحداث عصابات “داعش”، لافتة إلى أنه سيتم طرحها كفُرص للشراكة مع القطاع الخاص سواء محلي أو عربي أو أجنبي.

العراق ودور الصناعة 

هذا وستطرح الفُرص الاستثمارية للصناعات الاستراتيجية جميعها خلال المؤتمر الأول الذي سيعقد ليومين، بتاريخ 3 و4 أيار/مايو القادم، برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وبإشراف وزير الصناعة والمعادن خالد بتال النجم، بحسب الجبوري.

اقرأ/ي أيضا: عمّان توقف استيراد النفط من بغداد.. ما علاقة وكلاء إيران؟

فيما أوضحت، أن الصناعات الاستراتيجية كصناعة التعدين والثروات المعدنية، تُعد من الصناعات المهمة، كون العراق يمتلك المواد الأولية لهذه الصناعات، لافتة إلى أن، الوزارة لديها شراكات مع قطاع خاص عربي وأجنبي ومحلي في أغلب شركات الوزارة، والعمل يجري حاليا على الدخول بشراكات إضافية لنصب خطوط إنتاج جديدة.

عمليا، كان قطاع الصناعة في العراق يمثل 23 بالمئة من الناتج الإجمالي قبل عام 2003، وكانت معامل الأدوية، والغزل والنسيج والألبسة، والأسمدة والفوسفات، ومصانع السكر، ومصانع الإسمنت والحديد الصلب، والصناعات الدقيقة، وأخرى للمواد الغذائية والألبان، قد حققت الاكتفاء الذاتي، بحسب تصريحات رسمية، لكنها اليوم باتت عالة على الدولة التي تدفع مرتبات الآلاف من موظفيها والعاملين فيها من دون أن يقوموا بأي عمل. 

مساهمة الصناعة بالناتج الإجمالي العراقي

على مدى سنوات، ووفق أرقام كشفت عنها مصادر في وزارة الصناعة لوسائل إعلام، إن الصناعة قد ساهمت في حجم الناتج الإجمالي للعراق وبلغت 6 بالمئة عام 1979 و10 بالمئة عام 1985.

عمال عراقيون في معمل سابق للغاز/ إنترنت + وكالات

أما في عام 1988 فبلغت 13.9 بالمئة، وفي الأعوام ما بعد حرب الخليج الثانية عام 1990 بلغت 3.8 بالمئة، حتى 2001 بلغت 1.5 بالمئة، ووصلت إلى 2.7 بالمئة عام 2011، في حين انتكست عام 2018 إلى نحو 0.9 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي للعراق.

قبل عام 2003، كان عدد المصانع العراقية التي تعمل بكل طاقاتها الإنتاجية، نحو 17 ألف مصنع، بين حكومي تابع لوزارة الصناعة والمعادن، وآخر تابع للقطاعين المختلط والخاص، وعلى الرغم من أن ذلك الرقم قد ارتفع إلى 20144، إلا أن هناك 72093 مشروعا صناعيا خاصا، جميعها متوقف عن العمل. 

بعد ذلك انخفضت الأرقام بشكل كبير بسبب عدة عوامل؛ أهمها عدم توفر الكهرباء وتفشي الفساد وفتح الباب أمام الاستيراد، ووفقا لبيانات رسمية، فإن نحو 18 ألفا و167 مشروعا صناعيا متوقفا عن العمل لأسباب مختلفة، وذلك في الوقت الذي بات يبلغ فيه العدد الكلي للمعامل التابعة لشركات الصناعة العامة 295 معملا، والمعامل العاملة هي 191 ويبلغ عدد المعامل المتوقفة 104 معامل، بحسب وزارة الصناعة.

ركام يثقل كاهل الدولة

في الوقت الذي بلغ فيه عدد المنشآت الصناعية الكبيرة 1161 منشأة في سنة 2018، وهي آخر السنوات التي تتوفر لها إحصاءات، منها 600 منشأة عاملة و591 منشأة متوقفة، وفي ظل سياسة الاستيراد العشوائي لمختلف السلع إلى حد إغراق الأسواق بمختلف البضائع بما فيها الرديئة، أصبحت المواقع الصناعية صغيرة كانت أم كبيرة، مباني ومساحات مهجورة، ثم تحولت شيئا فشيئا بفعل تضاعف الاستيراد إلى مخازن للسلع المصنوعة في كل بقاع الأرض إلا العراق، وهو ما تسبب بفقدان العاملين المهرة في مختلف الصناعات.

تعطل المصانع أدى إلى خلق بطالة مقنعة وضرر بالغ للاقتصاد العراقي، إذ باتت المصانع العراقية، بحسب تقارير، تكلّف خزينة الدولة أكثر من 500 مليون دولار سنويا، تُدفع على شكل رواتب للموظفين العاملين في المصانع، والذين باتوا لا يؤدون أي دور يُذكر بعد تعطل عمل المصانع، ليس ذلك فحسب بل أن الأمر بات يشكل إحدى مشكلات الدولة العراقية التي عجزت في مراحل معينة عن دفع رواتب آلاف العاملين، والذي يمتلك الكثيرون منهم سنوات طويلة من الخدمة.

في سياق ذا صلة، لا يتعدى عدد المشاريع الصناعية المسجلة في “اتحاد الصناعات العراقية” في الوقت الحالي، سواء كانت كبيرة أم صغيرة عن 54 ألفا. 90 بالمئة من المشاريع المسجلة متوقف، و10 بالمئة فقط هي التي تعمل وتنتج، بحسب تصريح سابق لرئيس الاتحاد علي الساعدي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة