بالرغم من تجديد العمل بمذكرة التفاهم بين البلدين والتي تقضي بقيام العراق بتزويد الأردن بما يعادل 10 آلاف برميل من النفط يوميا، أوقفت عمّان وارداتها من النفط العراقي، الأمر الذي أثار الكثير من التكهنات، خصوصا في ضوء حصول الأردن على النفط بأسعار تفرق عن أسعار السوق الرسمية.

مبدئيا، أفاد مدير الشركة الناقلة للنفط العراقي إلى الأردن نائل ذيابات، إن الشركة أوقفت استيراد النفط حتى يتم توقيع المذكرة من البلدين، وأوضح ذيابات بحسب تقرير أوردته صحيفة “العرب اللندنية”، أن الحكومة يجب أن توقّع على اتفاقية حتى يتم توريد النفط إلى الأردن، مشيرا إلى أن التأخير قد يكون من الجانب العراقي.

ذلك جاء، بعد أن وافق العراق على تجديد العمل بمذكرة التفاهم التي تزود الأردن بالنفط الخام وذلك لمدة سنة واحدة، بعدما أقر “مجلس الوزراء” العراقي توصية “المجلس الوزاري للطاقة”.

قرار عراقي لا يلبي طموحات الأردن

إذ أقر “مجلس الوزراء” العراقي، توصية “المجلس الوزاري للطاقة”، بشأن الموافقة على توقيع مذكرة تفاهم تجهيز النفط الخام بين وزارة النفط في جمهورية العراق، ووزارة الطاقة والثروة المعدنية في المملكة الأردنية الهاشمية ولمدة سنة واحدة، بدءا من تاريخ دخولها حيز التنفيذ، مع الأخذ بعين الاهتمام ملحوظات وزارة النفط.

اقرأ/ي أيضا: تقارب الرياض وطهران.. إذعان سعودي لواقع حال النفوذ الإيراني؟

الأردن يستورد النفط الخام العراقي بموجب مذكرة تفاهم تجهيز النفط الخام الموقّعة بين الحكومتين الأردنية والعراقية، والمعمول بها منذ مطلع شهر سبتمبر/أيلول عام 2021.

مع ذلك، يبدو أن المذكرة التي صادقت عليها الحكومة العراقية مجرد تجديد للاتفاق الجاري منذ أيلول/سبتمبر 2021، لم تلبِ تطلعات الجانب الأردني، حيث يريد الأردن تجديد المذكرة بما يسمح له بالحصول على كميات أكبر، بناء على الخصم السعري نفسه، والذي يبلغ 16 دولارا أقل من سعر خام برنت، لتغطية تكاليف النقل والتأمين والمناولة.

بموجب المذكرة، يقوم الأردن بتوفير الصهاريج الحوضية لنقل النفط الخام العراقي من مستودع كركوك الحديث في العراق إلى مصفاة البترول الأردنية في الزرقاء، في حين يمكن للأردن أن يحصل على بدائل للنفط العراقي من السعودية، إلا أن ذلك سوف يقضي على الكثير من المشاريع المشتركة.

وسط ذلك، يقول خبراء اقتصاد، إن احتياجات الأردن من النفط تصل إلى نحو 140 ألف برميل يوميا، وأن ما يتم استيراده من العراق ليس كافيا، وتشكل واردات النفط العراقية إلى الأردن جزءا من تعهدات تمت المصادقة عليها في عدة مناسبات في إطار علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتم تأكيدها في عدة لقاءات قمة شارك فيها رؤساء وزراء سابقون مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

رفض عراقي مبطن للتعامل مع الأردن؟

الاكتفاء بتجديد المذكرة، وفقا للكميات السابقة نفسها، من جانب حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، يشكل رفضا عمليا أو تجاهلا مقصودا لمطلب الأردن بمضاعفة الكمية المستوردة، وذلك بينما يمضي الحديث المتداول عن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في اتجاه آخر.

آليات نقل النفط ومشتقاته/ إنترنت + وكالات

حول ذلك، يشير التقرير إلى أن مصادر مقربة من تحالف “الإطار التنسيقي” الذي يضم جميع القوى الشيعة الموالية لإيران، باستثناء “التيار الصدري”، هي التي رفضت توسيع نطاق المذكرة، ودفعت حكومة السوداني إلى الاكتفاء بتجديدها على الكميات السابقة.

اقرأ/ي أيضا: يغلبها الحُب.. دراما رمضان العراق تسرق الأضواء

الأمر الذي دفع الأردن إلى التوقف عن الاستيراد، ريثما تعلن حكومة السوداني موقفا واضحا من مطلب الأردن، بيد أنه يمكن لموقف معلن يرفض زيادة الصادرات إلى الأردن أن يدفع إلى تدخل واشنطن من جديد، لاسيما وأن السوداني سبق وأن تعهد للرئيس الأميركي جو بايدن، في مطلع شباط/فبراير الماضي بالعمل على توطيد الشراكة مع الأردن.

في حينها قال بيان صدر عن “البيت الأبيض”، إن الرئيس بايدن اغتنم فرصة زيارة العاهل الأردني إلى “البيت الأبيض” لدعوة السوداني للانضمام إلى الاتصال، وأكد الملك عبدالله الثاني دعم الأردن للعراق بما في ذلك من خلال مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية المشتركة.

هذا ويمكن للأردن أن يحصل على بدائل للنفط العراقي من السعودية، بشروط ميسرة أيضا، إلا أن ذلك سيقضي على الكثير من المشاريع التي سبق للبلدين أن وافقا على تنفيذها، ومن بينها المشاريع التي شملت التعاون الثلاثي بين العراق والأردن ومصر، والتي كانت محور أربعة لقاءات قمة بين قادتها.

عقبة أداء تعرقل أهداف العراق والأردن

عشية لقاء القمة الأخير بين البلدان الثلاثة مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي، كان وزيرا خارجية العراق فؤاد حسين، والأردن أيمن الصفدي، توافقا على أن المملكة والعراق ماضيان في مشاريع وبرامج توسعة التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وفي جهود مكافحة الإرهاب، وتكريس الأمن والاستقرار وتعزيز التنسيق إزاء القضايا العربية والإقليمية ومواجهة التحديات المشتركة.

لكن ضغوط الجماعات الموالية لإيران على حكومة السوداني تبدو الآن وكأنها قد أصبحت عقبة كأداء تقف في طريق تحقيق الأهداف المعلنة، بحسب التقرير.

أرقام وزارة النفط العراقية وشركة “سومو” تشير إلى أن قيمة صادرات النفط إلى الأردن بلغت خلال أول شهرين من العام الحالي 590 ألف برميل، قيمتها نحو 40 مليون دولار.

أما خلال العام الماضي، فبلغت الكميات الموردة من الجانب العراقي نحو 2.135 مليون برميل قيمتها نحو 203 ملايين دولار، ولكن إجمالي فوائد الأردن منها لا يتجاوز 28 مليون دولار، وهو مبلغ زهيد أمام الطموحات الكبيرة المتعلقة بتوثيق العلاقات التجارية والإستراتيجية بين البلدين.

الجدير بالذكر، أن العمل بالاتفاقية السابقة انتهى بنهاية العام الماضي، غير أنه جرى تمديدها حتى نهاية آذار/مارس الماضي، إذ تم استئناف دخول النفط إلى المملكة اعتبارا من الثامن عشر كانون الثاني/يناير الماضي، بعد إنهاء جميع الإجراءات المتعلقة بالجانب العراقي والموافقات المرتبطة بذلك وتحديد المسار الأمني للشحنات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات